يعد البطاطس من أكثر الخضراوات شهرة لدى جميع شعوب العالم، وذاع صيتها تاريخيا مع مطلع القرن العشرين، فعرفها الصغار قبل الكبار بتناولها على أشكال متعددة ومتنوعة كالمسلوقة والمقلية والمطبوخة.. ويمتاز البطاطس باحتوائه على نسبة عالية من النشويات وقلة المحتوى من السكر، وتذكر مصادر تاريخية أن البطاط أو البطاطا أو البطاطس ظهرت في أميركا الجنوبية، وقد قام الهنود الموجودون في تلك البلاد منذ أكثر من400 عام بزراعتها في أودية جبال الأنديز، أما أول من أكلها من الأوروبيين فهم المستكشفون الإسبان الذين اعتبروها غذاء الفقراء، وكانوا يستخدمونها في تغذية نزلاء المستشفيات، واستغرق الأمر حوالي ثلاثة عقود لكي تنتشر البطاطس في أرجاء أوروبا.. ويعود السبب كما يذكر التاريخ إلى سمعتها السيئة، فقد كانت طعام الفقراء إضافة إلى اعتقادهم بأن لها علاقة بالنباتات السامة وذلك لأنهم كانوا يغفلون عن طرق تخزينها، حيث كانت تتم بطريقة بدائية وينتج عن ذلك عفن البطاطس لتعرضها لفترة طويلة للضوء، فتتحول إلى اللون الأخضر وتسبب المرض للإنسان، ومن نوادرها الطريفة أن الأوروبيين أرجعوا قدرة الايرلنديين الكبيرة على العمل إلى تناولهم للبطاطس، وقد صنفت منظمة الغذاء العالمية البطاطس ثالث المحاصيل العالمية النقدية والأكثر غذاء واستخداما بعد القمح والأرز , فيما أعلنت الجمعية العامة للأمم المتحدة سنة 2008 السنة الدولية للبطاطس.. وفي اليمن لم تكن تتوقع شريحة كبيرة من المجتمع انه سيأتي يوما ويكون البطاط مصدر رزق هام لعدد من الأسر اليمنية في العاصمة صنعاء, فاليمن تزرع سنويا أكثر من 2012 ألف طن من البطاط, كما أنها تستورد 3.2 مليون طن، وتضاعف خلال العامين الماضيين استهلاك اليمنيون للبطاطس بحسب إحصائيات غير رسمية . - ومؤخراً أعلنت الشركة اليمنية لإنتاج بذور البطاطس أنها تدرس إمكانية تنفيذ مشروع استثماري جديد للشركة لإنتاج الشبس وذلك بعد الاتفاق مع بعثة البنك الدولي التي زارت اليمن على تنفيذ خطة إحلال زراعة بذور البطاطس بدلاً عن القات في منطقة واسطة بمديرية جهران محافظة ذمار. - وفي العاصمة صنعاء يلاحظ المار في شوارعها وجود مئات العربيات اللافتة للانتباه، والتي تباع بواسطتها البطاطس المسلوقة والمقلية التي انتشرت بشكل كبير خاصة في الشوارع الرئيسية والأسواق العامة.. فقراء وأغنياء يؤكد عدد من بائعي البطاطا المطبوخة بان زبائنهم من كافة طبقات المجتمع فقراء وأغنياء. محمد جابر 22 سنة متزوج ولديه أربعة أولاد يعمل بمعدل 10ساعات يوميا في بيع البطاطا المسلوقة بواسطة عربية متجولة يقول: أمارس مهنة بيع البطاطا منذ تسع سنوات في شارع هائل وقد تطورت منذ بدأت إلى اليوم.. والناس هنا يقبلون على شراء البطاطا المسلوقة والبيض المسلوق وخاصة أيام الشتاء أيام البرد القارس، ولله الحمد أقوم ببيع سلتين إلى ثلاث سلال يوميا وأقوم بتنويع البطاطا التي اقدمها حيث تطلب إما سادة أو سندويتش اقدم فيها البطاطا مع الجبنة والبهارات والفلفل حتى يكون طعمها مناسبا للناس، وعلى الرغم من ارتفاع أسعار البطاطا وأسطوانة الغاز إلا أن محمد يقول: لله الحمد استطيع أن أوفر جزء يسير من المال الذي أحصل عليه مقابل بيعي للبطاطا, فأسعار السندويتش الذي أبيعه تتراوح من 50 إلى 150 ريال، وقد قمت بتطوير عربيتي حيث قمت بتزيينها وعمل ديكورات خاصة لجذب انتباه الزبائن وإضاءة إنارة ملفتة خاصة في المساء، وادفع مقابل الإضاءة مبلغ ألفين ريال شهريا لصاحب المحل الذي اخذ منه التيار الكهربائي مقابل الاستخدام , وقد كلفني تطوير العربية أكثر من مائتان الف ريال , ولله الحمد زبائني من كل طبقات المجتمع فقراء وأغنياء.. للفقراء وبس..!! خالف يونس الشرعبي صاحب عربية بيع البطاطا كلام زميله محمد إذ يرى: أن البطاطا في اليمن هي أكل الفقراء؛ وأن أكثر زبائنه من الفقراء وذوي الدخل المحدود ويعتمدون على اكل البطاط المسلوقة فبعض العسكر يبيع لي الصرف المخصص له من الكدم مقابل مال ويطلب مني أن أعمل له سندويتشين كدم مع البطاطا غداء له , ومن زبائني طلاب المدارس والجامعات الذين يأتون لي أما وقت الصبوح أو الغداء أو العشاء، والأقبال على شراء البطاطا مستمر لكن غلا المعيشة يحد من توفير مبلغا معقولا من المال خصوصا انه يعول أخوته السبعة بعد وفاة والده. يقول يونس: كنا نعاني في عملنا هذا معاناة كبيرة منها ابتزاز موظفو البلدية لنا حيث أننا كنا ندفع لهم ما يعادل الألف وخمسمائة ريال بشكل يومي لكن الأزمة التي مرت بها اليمن طيلة العامين الماضيين خففت من تسلط البلدية علينا والان ندفع شيء بسيط, وعندما سأناه عن ما اذا قام بيع البطاط في محل خاص به قال الشرعبي أنا أفضل لي أبيع في العربية عن البيع داخل محل فالمحل لن يوفر لنا الزبائن.. صادق رامي 17 سنة طالب ثانوية عامه يقول: أدرس في الصباح وأبدأ عملي في بيع البطاطا المقلية (الشبس ) من بعد العصر وحتى التاسعة مساء، ولله الحمد استطاعت أسرتي أن تؤمن دخلا محترما لها، فأسرتي تشترك في تقطيع البطاطا طوال الليل حتى يتسنى لي بيعها جاهزة في اليوم الثاني عن طريق الآلة الكهربائية الخاصة بالقلي والتي توفر لي الزيت، واستخدام أسطوانة الغاز, وحالياً أفكر أن أوظف شخصا باليومية يجلس مكاني حتى أستطيع إكمال دراستي, وأنا مستعد أن أقدم له ألف ريال يوميا مقابل بيعه للبطاطا المقلية في السوق. إحصاءات وعن حجم استهلاك الأسر اليمنية للبطاط يقول المهندس فاروق محمد قاسم (مدير التسويق بوزارة الزراعة اليمنية): يتوفر البطاطس في الأسواق اليمنية طوال العام إلا أن ذروة الإنتاج القابلة للتصدير تكون خلال الأشهر من (مايو حتى أكتوبر) من كل عام وقد بلغ إنتاج البطاطس خلال عام 2001م حوالي 209 آلاف طن وبذلك يحتل المرتبة الثانية بعد محصول الطماطم وبنسبة 27.8 % من أجمالي إنتاج الخضار في اليمن وحوالي 2.9 % من إجمالي إنتاج الدول العربية. وأضاف: كما أن الصادرات اليمنية من البطاطس بلغت خلال عام 2000م عبر منفذ حرض البري حوالي 59.04% طن من إجمالي الإنتاج، وفي عام 2003 وجد أن المساحة المزروعة بمحصول البطاطس حوالى 18 الف هكتار وإنتاجها حوالى 200 الف طن بقيمة نقدية تقدر بحوالي 6 مليارات ريال، ويتم إنتاج هذه الكمية بواسطة 12 ألف أسرة زراعية، ويبلغ العائد لكل أسرة حوالى 530 الف ريال، وتجود زراعته في مناطق القيعان التي تزيد ارتفاعها عن 2000 متر فوق سطح البحر خلال فصلي الربيع والصيف، وفي بقية المناطق التي ترتفع عن سطح البحر بين 1000-1500م، يزرع خلال فصل الشتاء وأهم هذه المناطق هي: قاع جهران محافظة ذمار، و قاع البون عمران، و قاع الحقل محافظة إب، و مكيراس محافظة البيضاء، ومناطق أخرى يزرع فيها المحصول في صنعاء ومأرب وحضرموت وتعز، وفي عام 2006م بلغ ما صدر من البطاطس حوالي «106.700» طن إلا أن الواردات بلغت «3.2» ملايين طن أو ما يعادل«1 ٪» من الإنتاج وبالنسبة للقيمة فقد بلغت واردات البطاطس «131» مليون ريال بينما الصادرات كانت أقل من «2» مليون ريال وكانت المملكة العربية السعودية الدولة المورد الوحيد للبطاطس إلى اليمن.. وأردف: وتشير الإحصائيات إلى أن عدد كبير من الدول العربية المنتجة للبطاطس تستورده سنوياً بكميات كبيرة وخاصة دول الخليج العربي وبالتالي فإن البطاطس اليمنية تمتلك قدرة تنافسية وميزة تصديرية إلى أسواق السعودية ودول الخليج العربي والأردن ولبنان خلال الفترة يوليو –ديسمبر، والتي خلالها تعجز الزراعات العربية من توفير بطاطس الاستهلاك سواء للأسواق المحلية أو التصدير، وللأسف لا توجد إحصائيات دقيقه حول حجم استهلاك الفرد اليمني للبطاط. لا تضر الإنسان يثار جدل بين الأطباء في العالم حول فوائد وأضرار أكل البطاطا بشكل يومي.. وهنا يقول الدكتور احمد سامي أخصائي تغذية: للبطاطس فوائد عديدة لصحة القلب لاحتوائها على البوتاسيوم الذي يساعد على بناء عظام الجسم، ويقلل من مخاطر ضغط الدم المرتفع، كما أنها تحتوي على ثلاثة جرامات من الألياف في قشرتها التي تساعد على تقوية الجهاز الهضمي وتقلل من احتمالات الإصابة بالسرطان، وقد أثبتت الدراسات العلمية أن البطاطس لا تسبب السمنة بتناولها مسلوقة أو مشوية لاحتوائها على نحو 80 بالمائة ماء و20 بالمائة مواد صلبة، ويكوّن النشأ ما يعادل 85 بالمائة من المواد الصلبة، ويكوّن البروتين النسبة الباقية، لكن البطاطا تسبب السمنة في حالة تناولها مقلية أو مشوية مضافا إليها الزيوت والدهون بشكل عام, وعلى العكس فإن البطاطا بدون ملح يساعد على انقاص الوزن وذلك لأنها تحتوي على مواد تستطيع امتصاص الدهون من الجسم بطريقة لا تضر الإنسان. [email protected]