بعد 8 أشهر ستدخل المحطة الشمسية الإماراتية الخدمة    مطار بن غوريون تحت القصف الحوثي.. ماذا يعني لليمن والسعودية وحلفائها؟    توقعات باستمرار الهطول المطري على اغلب المحافظات وتحذيرات من البرد والرياح الهابطة والصواعق    تسجيل اربع هزات ارضية خلال يومين من خليج عدن    ريال مدريد يقدم عرضا رمزيا لضم نجم ليفربول    أكاديميي جامعات جنوب يطالبون التحالف بالضغط لصرف رواتبهم وتحسين معيشتهم    الإعلان عن حصيلة ضحايا العدوان على الحديدة وباجل    تحديد موعد نهاية مدرب الريال    أكسيوس: ترامب غير مهتم بغزة خلال زيارته الخليجية    ماسك يعد المكفوفين باستعادة بصرهم خلال عام واحد!    الامارات العربية تضمّد جراح عدن وتنير ظلامها    ودافة يا بن بريك    تغيير رئيس الحكومة دون تغيير الوزراء: هل هو حل أم استمرارية للفشل؟    برشلونة يواجه إنتر وسان جيرمان مع أرسنال والهدف نهائي أبطال أوروبا    إيران تكشف عن حجم الخسائر الأولية لانفجار ميناء رجائي    انقطاع الكهرباء يتسبب بوفاة زوجين في عدن    لوحة بيتا اليمن للفنان الأمريكي براين كارلسون… محاولة زرع وخزة ضمير في صدر العالم    لوحة بيتا اليمن للفنان الأمريكي براين كارلسون… محاولة زرع وخزة ضمير في صدر العالم    إسرائيل لا تخفي أهدافها: تفكيك سوريا شرط لنهاية الحرب    طيران العدوان الأمريكي يجدد استهداف صنعاء ورأس عيسى    أعنف هجوم إسرائيلي على اليمن يدمر ميناء الحديدة    قرار رقم 1 للعولقي بإيقاف فروع مصلحة الأراضي (وثيقة)    الحذر من استغلال العليمي مبررات (إصلاح الخدمات) في ضرب خصومه وأبرزهم الانتقالي    بعد فشل إطلاقه.. صاروخ حوثي يسقط بالقرب من مناطق سكنية في إب    "مسام" ينتزع أكثر من 1800 لغم حوثي خلال أسبوع    عشرات الغارات استهدفت ثلاث محافظات    شركة النفط توضح حول تفعيل خطة الطوارئ وطريقة توزيع البنزين    وقفة نسائية في حجة بذكرى الصرخة    برعاية من الشيخ راجح باكريت .. مهرجان حات السنوي للمحالبة ينطلق في نسخته السادسة    رسالة من الظلام إلى رئيس الوزراء الجديد    الثقافة توقع اتفاقية تنفيذ مشروع ترميم مباني أثرية ومعالم تاريخية بصنعاء    من أسبرطة إلى صنعاء: درس لم نتعلمه بعد    وزير الصحة يدشن حملات الرش والتوعية لمكافحة حمى الضنك في عدن    الخليفي والمنتصر يباركان للفريق الكروي الأول تحقيق كأس 4 مايو    الزعوري يبحث مع الأمم المتحدة تعزيز حماية وتمكين المرأة في اليمن    وزارة الشباب والرياضة تكرم موظفي الديوان العام ومكتب عدن بمناسبة عيد العمال    أرواحهم في رقبة رشاد العليمي.. وفاة رجل وزوجته في سيارتهما اختناقا هربا من الحر    مليون لكل لاعب.. مكافأة "خيالية" للأهلي السعودي بعد الفوز بأبطال آسيا    بيع شهادات في جامعة عدن: الفاسد يُكافأ بمنصب رفيع (وثيقة)    بدء تنفيذ قرار فرض حظر على الملاحة الجوية لمطارات الكيان    يادوب مرت علي 24 ساعة"... لكن بلا كهرباء!    قدسية نصوص الشريعة    صرخةُ البراءة.. المسار والمسير    متى نعثر على وطن لا نحلم بمغادرته؟    الاجتماع ال 19 للجمعية العامة يستعرض انجازات العام 2024م ومسيرة العطاء والتطور النوعي للشركة: «يمن موبايل» تحافظ على مركزها المالي وتوزع أعلى الارباح على المساهمين بنسبة 40 بالمائة    المصلحة الحقيقية    أول النصر صرخة    أمريكا بين صناعة الأساطير في هوليود وواقع الهشاشة    ملفات على طاولة بن بريك.. "الاقتصاد والخدمات واستعادة الدولة" هل يخترق جدار الأزمات؟    مرض الفشل الكلوي (3)    وسط إغلاق شامل للمحطات.. الحوثيون يفرضون تقنينًا جديدًا للوقود    إلى متى سيظل العبر طريق الموت ؟!!    قيادي حوثي يفتتح صيدلية خاصة داخل حرم مستشفى العدين بإب    ريال مدريد يحقق فوزًا ثمينًا على سيلتا فيغو    أطباء تعز يسرقون "كُعال" مرضاهم (وثيقة)    الأهلي السعودي يتوج بطلاً لكأس النخبة الآسيوية الأولى    مقاومة الحوثي انتصار للحق و الحرية    مقاومة الحوثي انتصار للحق و الحرية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أمة العليم السوسوة ل «الجمهورية»:
على الدولة تقديم اعتذار للشعب عن كافة الانتهاكات التاريخية
نشر في الجمهورية يوم 31 - 03 - 2013

أكدت السفيرة أمة العليم السوسوة أنه لابد للدولة في هذه المرحلة الحسّاسة أن تقدّم اعتذاراً إلى كافة أبناء الشعب اليمني؛ وذلك عن جميع الانتهاكات التاريخية التي حدثت في الماضي، وأن يكون هذا الاعتذار من الدولة؛ لأنها صاحبة الصوت الشرعي الذي يمثّل إجماع اليمنيين حولها، والتي يجب أن تكون دائماً في منأى عن مرتكبي أي صراعات أو مخالفات حتى يتلقىّ المواطن الأمر وهو مطمئن أن الدولة بهيكلها السياسي معه، وأنها فعلاً قرّرت أن تفتح صفحة جديدة بيضاء ونقية.
وأضافت في الحوار التالي أن الصراعات السياسية هي سبب الإشكالات التي يعانيها اليمن اليوم خاصة أن رأس الدولة كان لا ينظر إلا من خلال منظاره هو فقط، كما كانت المعارضة شريكاً سلبياً فيما حدث من إشكالات لأنها تساهلت ولم تبدِ امتعاضاً حقيقياً..
مؤتمر الحوار
.. بداية أستاذة أمة العليم.. بماذا تتوقعين أن يخرج مؤتمر الحوار الوطني الشامل من قرارات؟.
- أولاً أشكر لكم في صحيفة «الجمهورية» على هذا اللقاء، وبالنسبة للسؤال أتوقع أن يخرج مؤتمر الحوار بالأهداف المنصوص عليها في قرار تشكيل هيئة وأعضاء مؤتمر الحوار الذين يجب أن تتعاظم أفكارهم ورؤاهم كي تستطيع اليمن الولوج عبر الباب الآمن للانتقال من حالتها الراهنة إلى الحالة التي يطمح كل مواطن الوصول إليها في ظل وجود الأمن والاستقرار.
تهدئة النفوس
.. صرّحتي سابقاً أنه يجب أولاً تهيئة وتهدئة النفوس من خلال اتخاذ بعض الإجراءات؛ مثل ماذا بالضبط؟!.
- أولاً لا ننسى حتى ونحن نتحدّث في هذه اللحظة أن ثمة مظاهرات واعتصامات وانفلاتاً أمنياً موجوداً في أكثر من منطقة، وأن هناك مشاكل وخلافات في المحافظات، باختصار المناخ الذي يجب أن يهيئ وييسّر لأن يكون الحوار حواراً تاماً ومتكاملاً ليس موجوداً، لأن الحوار يجب أن يسير في إطار مناخ آمن ومستقر، وللأسف حدثت حوادث مؤسفة في ظل انتشار حوالي ستين ألف جندي وضابط، كذلك هناك اعتصامات حتى في صفوف ضباط الشرطة وكما يبدو أنه حتى التعامل مع هذا الاعتصام لم يكن سلمياً، كذلك نسمع عن بعض التفجيرات في أماكن مختلفة من العاصمة، مع الأخذ في النظر المساحة الجغرافية القريبة من مكان انعقاد مؤتمر الحوار، وفي تصوّري أن التهيئة الرئيسة هو أن يبدأ هذا الحوار بتقديم اعتذار من الدولة بالإنابة عن كل ما حصل من انتهاكات تاريخية لكافة أبناء الشعب اليمني وبناته في مختلف المحافظات، لأنه كما نعلم الانتهاكات لحقت بالجميع للأسف الشديد، ولا مفر من تقديم هذا الاعتذار من الدولة للمواطنين حتى نرسل لهم رسالة حقيقية سلمية وسليمة من نتائجه، المسألة الأخرى هي قضية أن تتم تهيئة المحافظات لأن تكون هناك حوارات مجتمعية فيها، لأنه حتى وإن تم الاتفاق من قبل كافة القوى المشاركة في المؤتمر على الكثير من النقاط لن يكون بإمكانهم أن ينقلوا هذا الاتفاق إلى مناطقهم؛ لأننا نعلم تعقيدات واقعنا اليمني والمحلي في أكثر من محافظة، كذلك هنالك النقاط العشرون التي تكرّر الحديث حولها كثيراً ولا أريد أن أضيف حول ذلك؛ إلا أنه لابد من اتخاذ إجراءات رئيسة خاصة فيما يتعلق بالحقوق المنتهكة لأصحابها في أكثر من محافظة بإصدار قرارات إلزامية تنفيذية، وهذه في تصوري إجراءات ضرورية تهيئ وتمهّد لتهدئة النفوس، وإن كان قد تم إصدار بعض القرارات كتشكيل اللجان للنظر في بعض التظلمات إلا أني أتصور أن ثمة قرارات يجب أن تأخذ طريقها إلى التنفيذ دون لجان حتى يشعر الناس فعلاً أنه فعلاً هناك خطوات جادة في التعاطي مع هذه الإشكالات، ثم إن غياب مفهوم الأمن الاقتصادي لبلد مثل اليمن الذي طحنته الصراعات والأزمات وتؤثر عليه كذلك بيئته المالية الفقيرة؛ ولا أقول بيئته البشرية؛ لأن اليمن والحمد لله غني بكوادره وبتنوعه البشري، هذه أيضاً تحديات خطيرة ومهمة، وفي رأيي أنها تستلزم منا جميعاً قبل أن نتحدّث أو نبالغ في الحديث عن القضايا السياسية أن نؤكدها كقضايا ضرورية وضامنة لسلمية واستمرار الحوار وخروجه بنتائج طبية.
الاعتذار للشعب اليمني
.. هل تقصدين أن يكون الاعتذار من رأس الدولة أو من الحكومة؟!.
- نعم من رأس الدولة؛ لأنها صاحبة الصوت الشرعي الذي يمثل إجماع اليمنيين حولها، والتي يجب أن تكون دائماً في منأى عن مرتكبي أي صراعات أو مخالفات حتى يتلقّى المواطن الأمر وهو مطمئن أن الدولة بهيكلها السياسي معه، وأنها فعلاً قرّرت أن تفتح صفحة جديدة بيضاء ونقية.
.. تقريباً هناك من يطالب أن يكون الاعتذار من المؤتمر الشعبي العام ومن التجمع اليمني للإصلاح؟.
- أيضاً على جميع الأطراف التي كانت تمارس العمل السياسي والتي كانت أطرافاً إما متحالفة أو معارضة للحكم خلال العامين المنصرمين أن تبادر كذلك بالاعتذار، وأرى أن هذه مسألة تالية؛ لأن الصوت السيادي الأول في هذه الفترة هو رأس الدولة الحالية الذي يتمتع بمشروعية سياسية كاملة ارتضاها اليمانيون جميعاً بمختلف أطيافهم وتوجهاتهم، لذلك المرجو من الدولة اليوم أن تكون هي المنفذ الرئيس لهذا الاعتذار، أيضاً الأحزاب السياسية عليها مسؤولية أخلاقية - الحاكمة والمعارضة - ولسنا اليوم في مجال الخوض في واجب من أكبر من الآخر، لكن أقول أن تبدأ الدولة ومن ثم الأحزاب السياسية.
النقاط العشرون
.. بالنسبة للنقاط العشرين التي كثر الحديث حولها، هل سيضغط مؤتمر الحوار على الحكومة لتنفيذها؟.
- أتصوّر أن بعض أو شذرات من هذه النقاط متضمنة في المحاور التسع التي سيناقشها الأعضاء، لكن كما أسلفت لا يمكن على الإطلاق أن يسير الحوار بخطى متسارعة وجيدة إلا إذا تم اتخاذ إجراءات تتعلق بهذه النقاط.
.. معنى ذلك أنه سيكون هناك حوار حول هذه النقاط من أجل تنفيذها؟!.
- النقاط العشرون ممزوجة التوجهات؛ بعضها لا يحتاج سوى إلى إصدار قرارات تنفيذية، وبعضها يحتاج فعلاً إلى مُدد زمنية، المهم هو أن نبدأ وأن نباشر في تنفيذ بعضها حتى نسوق الناس معنا إلى الأمل، لكن أن الحوار سيناقش النقاط العشرين؛ لا أتصوّر ذلك، ولا يمكن أن يسير الحوار سيراً جيداً إلا إذا تم تنفيذ ما يمكن تنفيذه من هذه النقاط خاصة تلك التي لا تحتاج سوى إلى إجراءات تنفيذية.
سبب وجود الإشكالات
.. الإشكالات التي يعانيها البلد عديدة ومعقّدة، ما سبب كل ذلك ومن المسؤول عنها؟.
- السبب الرئيس عن كل هذه الإشكالات هو كل الصراعات السياسية السابقة، وهي المسؤولة عما حصل ووصل إليه البلد، وقد لخّص كل ذلك في خروج الشباب إلى الساحات والميادين العامة بدرجة رئيسة ومن ثم الأحزاب التي لحقت بالشباب للاعتراض عليها، وهذه المرة دون تسويف ودون تملق أو لجوء إلى الأساليب السابقة في أن تبدأ شيئاً ثم تنهيه في نصفه حتى أصبح من المتأخر لأوانه أن نحمّل طرفاً بعينه، لهذا أتصوّر أن كل الحكومات السابقة وكل الأحزاب والسياسيين بدرجة متفاوتة هي جميعاً المسؤولة عن كل ما حدث من إشكالات، ولا أغفر هنا للحكومات التي انتهكت حياة المواطنين والتي تسبّبت في قتل وإخفاء واعتقال الكثيرين من المواطنين، ولكن أتصوّر أن الإشكالية مركبة، وقد تعاقبت على اليمن صراعات شنيعة وعنيفة جداً عسكرية وأخرى غير عسكرية؛ لأن أحياناً الأثر المباشر للصراع قد يكون أحياناً تجاه الأثر للصراعات غير العسكرية ومنها السياسية مثل التخوين والإقصاء والعزل وغير ذلك كله ساعد للأسف في كل ما هو موجود اليوم، والسبب هو أن ثقافاتنا المختلفة كانت ثقافات مبتورة، لأن من كان يجلس على كرسي الحكم كان لا ينظر إلا من خلال منظاره هو فقط بينما حتى المعارضة للأسف كانت أحياناً شريكاً سلبياً من حيث لا تدري، لأنها كانت في فترات كثيرة جزءاً من الحكومة، وأيضاً تساهلت ولم تبدِ امتعاضاً حقيقياً أو تتبرّم تبرماً واضحاً يرسل رسالة إلى المواطن؛ لأنها بشكل أو بآخر كانت موجودة، ولا نحمّل المعارضة نفس المسؤولية؛ ولكن بدرجات متفاوتة، وجميعنا في حقيقة الأمر مسؤول عما حدث وعما وصلت إليه اليمن.
قوى خارج الحوار
.. البعض يرى أن من صاغ ماضينا هو حالياً من يحاول صياغة حاضرنا ومستقبلنا.. كيف تنظر الأستاذة أمة العليم إلى ذلك؟!.
- هناك معضلتان في مسألة الحوار؛ أنت تريد من ناحية أن تشارك جميع القوى والفئات، وفي تصوّري أنه حتى تركيبة المؤتمر لاتزال هناك قوى لابد من استيعابها في مؤتمر الحوار، وقد يختلف معي الكثيرون حول ذلك، لكن من الضرورة أن يشارك الجميع وأن يكون الفرقاء كلهم موجودين؛ الذين نحبهم أو الذين لا نحبهم، يجب أن يكون الجميع موجوداً لنضمن عدم تكرار أي اعتداءات، وخاصة عندما لا يكونون جالسين على طاولة واحدة للحوار، قد يختلف معي البعض ويقولون هؤلاء هم المسؤولون عن كذا وكذا وما إلى ذلك.
.. منْ بالتحديد الذين يجب أن يكونوا موجودين في الحوار؟.
- الجميع وخاصة الجانب الذي يتعلّق بالرئيس السابق، أو بعض المشايخ وكذلك القوى العسكرية التي ساندت ثورة الشباب، في تصوّري الجميع يجب أن يتواجد في المؤتمر.
.. تقريباً كل هؤلاء موجودون أو هناك من يمثّلهم؟.
- ليسوا موجودين، وعلينا أن نتحدّث بشكل واضح، والمشكلة أنه قد يحدث شقاق آني ومباشر بين بعض القوى خاصة تلك التي دفعت أثماناً كبيرة من دماء أبنائها، من شهداء أو جرحى أو معتقلين، ولكن لا يمكن على الإطلاق أن نتجاهلهم؛ ولذلك تحدثت أنه لابد من التهيئة وأيضاً لابد أن يرافق ذلك تحقيق بعض أوجه العدالة الانتقالية التي ستخوّل لنا جميعاً تأسيس السلام، لأنه لا سلام دون عدالة، بمعنى أن أهالي الضحايا وأهالي جميع المواطنين الذين انتهكت حقوقهم مباشرة هم وحدهم المخوّلون الحصول على حق الاعتراف والاعتذار عما بدر من انتهاكات تجاه أبنائهم وبناتهم، وفي ذات الوقت هم أصحاب الحق الأول والأخير في أن يغفروا أو يتناسوا بعد أن يعتذر الطرف المنتهك لهذه الحقوق حتى نتمكّن من غلق صفحات الماضي السوداء، ونبدأ بفتح صفحة جديدة تقوم على القبول بالآخر إذا ما قرّر أهالي الضحايا والمنتهكة حقوقهم أن يقبلوا هذا الاعتذار والغفران من أجل النسيان.
القضية الجنوبية
.. لو تحدّثنا عن القضية الجنوبية؛ ما سبب ظهور هذه القضية من وجهة نظرك؟.
- هذا السؤال سيعود بنا إلى العام 1990م، وهو بلا شك أولاً غياب الدولة ممثلة في سلطاتها غير القانعة؛ بمعنى غير سلطة الأمن والاعتقال، غياب الدولة الإنسانية الأمينة على حقوق المواطنين في جميع المحافظات أثروا تأثيراً كبيراً على إخواننا في الجنوب، كما تأثر أيضاً إخواننا في الشمال، لكن الأمر الذي أضاف إلى صعوبة وتعقيد المشكلة أنه بعد حرب صيف 94م لم تتم أية عملية لمسح آثار هذه الحرب؛ لذلك نقول لابد أن يتحمّل المسؤولون عن أي انتهاكات مسؤوليتهم التاريخية، وأن تحرص الدولة على تعزيز وجودها عن طريق سيادة القانون لا عن طريق الفيد والنهب وغيرها من التعبيرات التي لا أريد قولها، وهذا لا شك كله أضاف إلى الجراح التي كانت نكئة والتي لم تكن قد التأمت بعد، لأنه أيضاً الكثيرون اعتقدوا أن الوحدة لم تتم باتفاق واسع وإنما كان قراراً سياسياً أرادت الأطراف السياسية من خلاله أن تهرب إلى واقع جديد، وهذا لا يعني أن الوحدة لم تكن شعوراً وطنياً من قبل الجميع، وللأسف بعد ذلك مباشرة؛ أي بعد قيام الوحدة اليمنية في العام 90م، ومع بوادر ظهور الخلافات الكبيرة والمشكلات التي واجهت البلد بوجه عام والتأثيرات الإقليمية بعد احتلال العراق للكويت ومن ثم موقف اليمن من كل تلك القضايا وكذلك عدم الالتفاف إلى المتطلبات الرئيسة للشعب في الشمال والجنوب؛ كل ذلك ساعد على نمو هذا الشعور الكبير الذي نسف مسار الوحدة، وفي تصوّري أن مسار الوحدة شمالاً وجنوباً بعد ذلك كان يسير باعوجاج للأسف الشديد ،وكان تأثيره على إخواننا في الجنوب بالغ الأهمية، ولم يحدث أن صدرت أي نوايا سياسية حقيقية لمعالجة هذه الإشكالات ومنها على سبيل المثال قضيتان شائكتان وهما قضية الأراضي التي نُهبت وسُلبت مع تعقيدات الوضع القانوني للأراضي في الجنوب، وأيضاً قضية المسرّحين من وظائفهم العامة بسبب المشاركة في حرب 94م، ولذلك نقول إنه بعد أية أزمة من هذا النوع لابد من إجراء عدالة تؤمّن السلام المستمر، لكن للأسف لم يتم ذلك.
معالجة القضية
.. بعد هذا الشرح لهذه القضية، ما هي الحلول العادلة لمعالجتها؟.
- أولاً أنا مازلت حزينة؛ لأنه لم يحضر للمؤتمر قطاع لا بأس به من إخواننا في الحراك الجنوبي؛ لأنه دون وجود هذا القطاع سنظل ندور حول نفس الحلقات المفرغة مع تلفيق هنا وتلفيق هناك، وقد يقول البعض إن الأعداد كبيرة وأن هناك 50 % للجنوب ومثلها للشمال وما إلى ذلك؛ لكن أرجع وأقول إن الاختيار في اعتقادي لم يكن اختياراً حقيقياً ولا تمثيلاً حقيقياً للحراك الجنوبي بالرغم من احترامي الشديد لجميع المشاركين والمشاركات.
.. لكن الملاحظ أن الممثلين من الحراك يطرحون القضية الجنوبية بقوة وسقفهم عالٍ جداً، فكيف ليس تمثيلاً حقيقياً؟!.
- من حقهم أن يطرحوا القضية كما يرونها، ولو كان تنوعهم السياسي قليلاً لكن لديهم قضية ومرتّبين أمورهم على أن يطرحوها بالشكل الذي يرونه، وكما تلاحظ أنه تقريباً يتم طرح القضية بشكل متناسق خاصة من القوى التي صنفت نفسها تحت مسمى «مؤتمر الجنوب» وبعض القوى الأخرى، لكني أتصوّر أن مشكلة المشاكل في اليمن وخاصة منذ العام 90م هي أننا أخفقنا جميعاً في تأسيس الدولة العادلة.
الدولة العادلة
.. ما هو تصوّرك لمعالجة هذه الإشكالية؟.
- تصوّري هو أن علينا أولاً إيجاد الدولة العادلة التي تقوم على مبدأ حق المواطن في المشاركة ودستور يتسع لكل مكوّنات المجتمع اليمني، وأن يكون النظام السياسي واضحاً، بحيث لا يكون نظام وراثياً أو مناطقياً أو قبلياً أو عسكرياً أو غير ذلك، بمعنى أن تكون هناك دولة ترتّب علاقتها مع المواطن، وأن يخضع الجميع لمبدأ سيادة القانون، هذه مبادئ أساسية تحتل فيها حقوق المواطنين موقع الصدارة.
.. بالنسبة للوحدة، كيف يمكن أن تستمر؟!.
- الوحدة ستستمر عندما تكون هناك ضمانات تؤسّس عليها الدولة اليمنية القادمة، دولة تعتمد مبدأ سيادة القانون كما ذكرت لك، دولة تحفظ حقوق مواطنيها في الجنوب والشمال، المواطن يبحث عن الدولة التي تحترم إنسانيته وتحفظ حقوقه، وتسمح له بالمشاركة في بنائها بحكم مؤهلاته لا بحكم قرابته أو صلته من مراكز صنّاع القرار أو من مراكز القوى، الوحدة لن تستمر بالشكل الذي هي عليه اليوم، وستظل مشاعر الوحدة موجودة بين مختلف المواطنين عندما تكون النية صادقة للبدء في هذه العلاقة القائمة على المساواة في المواطنة وفي احترام حرية الرأي وحفظ الحقوق العامة والخاصة.
قضية صعدة
.. ماذا عن قضية صعدة؟.
- قضية صعدة ينطبق عليها نفس الشيء، ولذلك الاعتذار الذي يجب أن تقدّمه الدولة لكافة المواطنين يجب أن يلتزم بالاعتذار لكافة المناطق التي خاضت فيها الدولة صراعات مع المواطنين لأسباب سياسية أو مذهبية؛ لأنه عندما تتوجّه الدولة إلى مواطنيها بالقوة العسكرية تكون قد فقدت أحد أركان مشروعيتها، ومن أجل ألا تصل علاقة الدولة بالمواطن إلى هذا المستوى يجب أن نتفهم ونتعرّف على وضع هذه المناطق وأن ننتقل من موضع المأزومين إلى الموضع الذي نريده جميعاً من حيث إعادة الاعتبار لهذه المناطق وليس الجنوب وصعدة فحسب، بل هناك مناطق أيضاً تضرّرت كثيراً كتهامة ومأرب والجوف وغيرها، لذلك يجب أن ننظر إلى المسألة على أنها مسألة مترتبة على تحديد هذه العلاقة، واعتراف المواطن بمشروعية هذه الدولة، لأن هذه هي الضمانة الحقيقية لاستمرار اليمن موحداً وقوياً.
انتشار السلاح
.. كما تعلمين أنه حصل خلال الأيام القليلة الماضية بعض الإشكالات مثل محاولات الاغتيال، ما مدى تأثير ذلك على مجريات الحوار الوطني من وجهة نظرك؟.
- أولاً يؤسفني القول إن هذه الحوادث ليست وليدة الحوار، ولكن المحزن فعلاً هو أن تحدث في ظل انتشار أمني غير مسبوق وفي ذات الوقت تحدث لناس مشاركين في مؤتمر الحوار، وهذه الاغتيالات كما نعلم جميعاً بدأت منذ فترة ونتذكّر الاغتيالات التي كانت تتم بواسطة الدراجات النارية التي راح ضحيتها مالا يقل عن حوالي 45 ضابطاً من كبار الضباط اليمنيين، هذه المسألة ينبغي أن نستدعيها عندما يحصل مثل هذا النوع من الاغتيالات؛ لأن معنى ذلك أن هذا السوق البائس والمخيف قد بدأ يتقوّى وينتشر خاصة أنه لم يتم القبض حتى الآن على أي شخص من مرتكبي هذه الحوادث، وهذا في حد ذاته أمر مقلق للغاية، وأعتقد أنه بإدانة هذه الحوادث في مؤتمر الحوار الوطني وإدانة الناس جميعاً لها يفتح أمامنا العديد من القضايا الأخرى؛ تأتي في صدارة هذه القضايا قضية حمل السلاح، وهل الدولة فقط هي من له الحق في امتلاك القوة والسلاح أو هناك أطراف أخرى يحق لها ذلك، وهل الدولة هي المسؤولة عن أمن مواطنيها أم لا؛ كل هذه الأسئلة والقضايا مرتبطة بقضية وجود الدولة التي نبحث اليوم عنها.
.. هل المؤتمر سيناقش قضية انتشار السلاح، ومن له الحق في امتلاكه، خاصة مع الكشف بشكل مستمر عن القبض على شحنات أسلحة تهرّب إلى اليمن من الخارج دون الكشف عن الجهات المستوردة لها؟.
التساهل مع شحنات الأسلحة
- أكيد ستتم مناقشة ذلك، وللأسف سمعنا أنه تم مؤخراً القبض على شحنة أسلحة جديدة قادمة من خارج الحدود، وقبل ذلك شحنات من بعض القوى الإقليمية في المنطقة وإن كانت إحداها قد حظيت باهتمام دولي حتى من قبل مجلس الأمن في المقابل لم تحظ الشحنات الأخرى على نفس الاهتمام حتى من قبل وسائل الإعلام، وأتصور أنه من الخطورة أن يتم التسامح حول ورود أية شحنة من جهة دون جهة، لا يجب أن تظل اليمن بلداً مفتوحاً لوصول كل هذه الأسلحة خاصة أن اليمن مدجج بمختلف أنواع الأسلحة، ولن يخسر فيها سوى المواطن البسيط الذي لا هم له سوى الحصول على قوت يومه بشرف وبكرامة.
ولهذا نتمنّى أن تكون الدولة قوية، وأن يتمتع الجميع بالأمن والأمان والاستقرار، وأن تحمي كافة مواطنيها، وأن تحفظ لهم حرياتهم وحقوقهم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.