رغم أنه ينتمي إلى مجتمع بدوي بطبعه وحياته وثقافته وسلوكه اليومي والمعيشي فهو من أبناء محافظة مأرب إلاّ أنه مثقف بالفطرة واقتصادي من الدرجة الأولى يؤمن بالنظرية التي تقول : من يملك القرار الاقتصادي يملك القرار السياسي وأنه لا يمكن لأية دولة مهما كانت قوتها السياسية والعسكرية أن تنهض وتعايش التطور والواقع ما لم يكن الجانب الاقتصادي أحد أذرعها الأساسية.. ذلك هو القامة الاقتصادية المعروفة وصاحب مجموعة الشليف الدولية للتجارة والاستثمار ، الشيخ أحمد الشليف وفي حواره للجمهورية كان حصيفاً وديبلوماسياً حينما يتحدث عن القضايا الوطنية السياسية منها والاقتصادية، ينشد الأمن والاستقرار في البلد كونه لا يمكن لأيّ مستثمر العمل في أيّ بلد من بلدان العالم ما لم يكن آمناً مستقراً ويهوى المدنية والحداثة.. نترككم مع التفاصيل: كيف تنظرون إلى الواقع الاقتصادي في البلد؟ - البلد حافظ له الله تعالى.. لكن التفاؤل والأمل كبير.. وفي نفس الوقت من لنا غير الله تعالى .. يجب أن نحمل نوايا صادقة تجاه هذا البلد ونشد عزمنا وان نتناسى الماضي بكل مآسيه وأحزانه ومن يحاول العبث بأمن البلد وأمنه واستقراره ومقدراته الوطنية يجب أن نبدأ به ويكون عبرة للآخرين لأن الشعب اليمني قد تسامح كثيراً وتحمّل الكثير. إن البوابة الرئيسية لتحقيق التنمية والازدهار الاقتصادي هي في إصلاح النظام السياسي والتشريعي للبلد حيث يتحدد دور الدولة في ضمان الحرية السياسية والاقتصادية من خلال إيجاد اُطر قانونية تعزّز ذلك وترفع كفاءة الجهاز الإداري وتعمل على تنمية الموارد البشرية عبر الاهتمام بالمجالات التعليمية والصحية ومساواة الجميع أمام القانون. يعوّل على القطاع الخاص الريادة في الحياة الاقتصادية وتوليد فرص العمل والدخل العام في ظل اقتصاد تنافسي قائم على مبدأ الحرية الاقتصادية والمسؤولية الاجتماعية. ماذا عن علاقة القطاع الخاص بالحكومة والمجتمع؟ - الحكومة لا تستشير القطاع الخاص.. هم مستكفون بالجانب السياسي ولا ينظرون إلى القطاع الخاص ولا يعوّلون عليه، رغم أن القطاع الخاص هو الذي يعوّل عليه في أي بلد من بلدان العالم.. لذا يجب على رجال الأعمال أن يبتعدوا عن الحزبية. أما علاقة القطاع الخاص بالمجتمع غير جيدة ولا ترتقي إلى المستوى المطلوب، لأنك كرجل أعمال تستهدف كل شرائح المجتمع ولا تستهدف حزب بعينه ، فلا تقيم حرباً على نفسك وأنت في غنى عنها.. وكن شوكة ميزان بين الجميع وما يهمك هو أن تسلك الطريق وهي نصيحة .. لكن أن تنحاز فهذا خطأ كبير له تأثيراته وسلبياته، وهو ما حدث خلال السنوات الماضية عندما انقسم رجال الأعمال.. والحمد لله أنا ظللت مستقلاً في رأيي ووجهة نظري لأن حزبي وكما كنت أقول لهم وسأظل أقولها ما حييت : هو الوطن بأسره. بعض الناس من غباوتهم انفقوا من أموالهم مبالغ هائلة على حزب معين، طيب يا أخي أنت ما مصلحتك مع هذا الحزب أو ذاك، فأنت مثلاً صاحب مصنع ، فهل ما يشرب عصيرك إلا هذا الحزب الذي تسانده وتدعمه بأموالك. كيف تنظرون إلى ما تحقق حتى الآن في مؤتمر الحوار الوطني؟ - ما تحقق حتى الآن في الحوار الوطني شيء طيب ونباركه.. ولهذا أعتقد أن النموذج اليمني سيكون نموذجاً فريداً لكل دول العالم لحل قضاياهم عن طريق الحوار ، لأنهم خرجوا من المتارس إلى طاولة الحوار وهذا الأمر أثبت الحكمة اليمانية، وأنا أريد أن أقول لك شيئاً للأمانة : إن الأخ رئيس الجمهورية عبدربه منصور هادي لا أعرفه ولم أقابله نهائياً أنه يستطيع أن يخرج البلد إلى بر الأمان من الدوامة بحكمته وخبرته وهذا الكلام ليس فيه مدح للرجل الذي عاصر مشاكل في الجنوب والشمال سواء قبل الوحدة أو بعد الوحدة هو أيضاً قريب من الناس.. ولذا يجب علينا أن نقف إلى جانب هذا الرجل ولا نفتعل له العراقيل لأنه سيصعب بعد ذلك علينا أن نُخرج اليمن من الدوامة ولو بعد خمسين عاماً. يجب أن نقف إلى جانب الرجل ليقود السفينة ويخرجنا إلى بر الأمان واليمن واسع وفيه الخير للجميع وسوف يتسع للجميع وسيغني الجميع ويستوعب أيضاً أناساً من غير أبنائه ولديه القدرة على ذلك بدليل حديث الرسول صلى الله عليه وسلم حيث يقول :«إذا اشتدت عليكم الفتن فعليكم باليمن».. والصوماليون اشتدت عليهم الفتن فجاءوا إلى اليمن والعراق أيضاً اشتدت عندهم وجاءوا إلى اليمن وكذلك السوريين أتوا إلى اليمن ونحن ندعو الله تعالى أن يعم على البلدان العربية والإسلامية الأمن والاستقرار، لكن من ضاقت عليه فأهلاً وسهلاً به ، البلد بلد الإيمان وبلد مضياف وبإمكانه أن يستوعبهم. في اعتقادكم ما هي أسباب الأعمال التخريبية التي تطال أبراج الكهرباء وأنابيب النفط بين الفينة والأخرى؟ - يمكن أن نختصرها في عدم الأمن والاستقرار وغياب البنية التحتية .. الثورة الشبابية الشعبية السلمية لم تأتِ لتخرب شيئاً مبنياً.. البنية التحتية عندنا هشة من قبل.. هل الثورة دمرت منشآت؟.. وهل خرّبت طرقات؟.. هل دمّرت موانئ؟. بإمكانك أن ترجع إلى مقالاتي قبل عشر سنين .. لقد كنت صريحاً في هذا الموضوع .. البنية التحتية لم توجد .. حينها طالبت الحكومة بعمل لسان بحري “ميناء” مخصّص لتصدير الصخور وهذا الميناء سيخدم البلد .. هناك تقرير لأحد الخبراء المصريين جاء قبل رمضان الماضي عن ميناء الحديدة فلو استوعبناه سيكون دخل الميناء سنوياً 140 مليار دولار.. علينا تأسيس بنية تحتية، ولكن قبل أن تفكر في أن تبني مصانع وطرقات وتجلب المستثمرين يجب أن تفرض هيبة الدولة، فلا قدر لدولة يحس كل مواطن فيها انه غير محاسب.. لست أقول دولة ظالمة كما حصل عند إخوتنا في الجنوب قبل الوحدة. نريد دولة نظام وقانون يشملها السيف والعدل، وأي مظلوم يجب أن تنصفه، لكن المطالب التي تبرز اليوم ليس لها وجه حق، فالذين ليس عندهم ضمائر استغلوا ضعف الدولة وبالتالي الدولة ما شاء الله عليها من هدّدها فتحت البنك المركزي وصرفت له حتى أصبحت هذه الأعمال تجارة عند بعض الناس.. طيب أنا رجل أعمال احصل على خمسة أو عشرة ملايين بعد كد وتعب وهؤلاء يأخذونها في ليلة وضحاها. ما تقييمكم لفرص الاستثمار في اليمن؟ - أجمل فرص استثمار هي في اليمن.. من حيث؟ - من حيث الاستثمارات.. بلد خصب ومهيأ في كل المجالات (النفط والغاز، الزنك، الذهب، الفضة، النحاس، الحديد، كربونات الكالسيوم، الرخام، الجرانيت، الإسمنت، الأسماك، الزراعة، السياحة.. وغيرها) .. لكن السؤال هو : هل توجد بنية تحتية؟ ، وقد تكون البنية التحتية غير مهمة ، فأنا كرجل أعمال مستعد أن أوصل الإسفلت والكهرباء والمياه إلى المصنع، والمطلوب من الدولة فقط توفير الأمن والاستقرار. من خلال علاقتي مع رجال الأعمال يتمنون أن تكون لديهم فلل في صنعاء مثلاً كي يأتوا ليقضوا فيها وقتاً ممتعاً كون صنعاء مصيافة على مدار العام ولديه النية في الاستثمار.. عندنا جزر كسقطرى تقريباً بإمكان أثرياء العالم بناء قصور لهم فيها لو وجدوا الأمن والاستقرار.. كما انه لدينا شاطئ ساحلي مساحته تقريباً 2200ميل لا توجد فيه متنفسات سياحية أو متنزهات ومنتجعات .. أفهم من كلامك أنه ما ينقصنا حالياً في اليمن هو الإدارة؟ - نعم .. أنا في القطاع الخاص لو لخبطت إدارتي في شركتي لدمّرتها فما بالك بالدولة. إخلاص النوايا كيف تقرأون الواقع السياسي في اليمن؟ - لازال هناك كثيرون يحلمون بالعودة إلى الماضي .. وأنا أقول : الماضي لن يعود.. فما مضى قد مضى، ولا يمكن إعادة اليوم إلى الأمس أبداً .. وبالتالي يجب علينا أن نخلص النوايا ونبني للمستقبل. أقول للسياسيين : اليمن أمانة في أعناقكم والله تعالى سيسألكم عنها، انظروا إلى من هم دونكم وليس من هم أعلى منكم، واعملوا من أجل الناس الغلابى الذين لا حول لهم ولا قوة والذين في الأخير سينفجرون في نحوركم والذين يمكن أن يُقلقوا الأمن والاستقرار في حال انهم جاعوا، القوة لن تحكم فيما العقل والمنطق هو الذي سيحكم البلاد.. لأن النوايا الصادقة هي سفينة النجاة، وعندما يختلف السياسيون دائماً ما يكون أول الضحايا هو الشعب وهو من يدفع الثمن .. والقرار اليوم هو قرار شعب وما سيقرره مؤتمر الحوار هو الذي سيتم.. كيف تنظرون إلى مستقبل اليمن؟ - أنا أتفاءل في أن يكون مستقبل اليمن خيراً إذا اجتمعت كلمة اليمنيين على سواء واصبحوا أداة بناء لا معاول هدم .. وللأمانة اليمن ستكون نهضته من خلال الأقاليم والتنافس فيما بينهم.. وستعم الديمقراطية. كلمة أخيرة؟ أقول للسياسيين : اتقو الله في البلد، وللشباب عندنا مثل يقول «حسك نهار مذراك وبيعك وشراك» .. بمعنى كونوا صاحين وقفوا ضد كل من يحاول نسف ما ثرتم من أجله في 2011م وانسوا الماضي وانظروا إلى المستقبل الذي ينبغي أن تكون عليه اليمن .. ومن شكك في خيرات اليمن عليه أن يزور آثار سبأ وحمير وإرم ذات العماد وقوم ثمود.