منذ بداية سبعينيات القرن الماضي استطاع أن يحتل سمعة طيبة من خلال الخدمات الطبية الجيدة التي كان يقدمها... إلا أن السنوات الأخيرة شهدت تدهوراً كبيراً في مختلف الخدمات لتصل إلى الحد الأدنى من خدمات يقدمها مركز صحي. في بداية سبعينيات القرن الماضي تم إقامة مستشفى الراهدة كمستشفى مركزي للمدينة والتي تعتبر ذات موقع استراتيجي يتوسط عدداً من المديريات والمحافظات والطرق الرئيسية وخلال تلك الفترة استطاع المستشفى بفضل كوادره الطبية أن يحتل سمعة طيبة بين المواطنين من خلال الخدمات الطبية الجيدة التي كان يقدمها واستقباله لمختلف حوادث السير التي تحدث بين خطي تعز وعدن لاسيما بعد أن تم تأهيله في فترات سابقة بمختلف التجهيزات في العيادات الخارجية التي كانت تجري مختلف العمليات الجراحية ، إلا أن السنوات الأخيرة شهدت تدهوراً كبيراًَ في مختلف الخدمات الطبية لتصل إلى الحد الأدنى من خدمات يقدمها مركز صحي إضافة لغياب الكادر الطبي الجيد الذي غادر أسوار المستشفى إلى أماكن أخرى للكثير من الأسباب ليتحول اليوم إلى مستشفى شبه منهار يهتم بالجبايات المالية على كل خدمة صحية متدنية يقدمها.... هذا ما اتضح جلياً عندما اضطر الزميل سمير الصلوي لإسعاف زوجته بسبب عسر الولادة ونقلها من أعالي جبال الصلو إلى مستشفى الراهدة بسبب غياب الكادر الطبي في المراكز الصحية الموجودة في المديرية وهناك كانت المفاجأة في مستشفى الراهدة العام والتي كشفت عن أوضاع مأساوية يعيشها المستشفى وخدمات رديئة وإهمال متعمد يعاني منه الكثير من المرضى المترددين عليه سنحاول تسليط الضوء عليها. خدمات رديئة البداية كانت في قسم طوارئ الولادة فقد انتظرنا لأكثر من نصف ساعة ولم نجد طبيباً أو طبيبة كون الطبيبة الروسية الوحيدة المختصة الموجودة في المستشفى في غرفة العمليات وبعد الانتظار وخروج الطبيبة ومعاينة الحالة قررت إجراء العملية لزوجة الزميل سمير الصلوي وتقرر إجراء الفحوصات الطبية وجهاز الموجات فوق الصوتية وشراء بعض الأدوية وبأسعار لجميع الخدمات تفوق أسعار القطاع الخاص في أي مدينة يمنية، وكان الوقت يمر بطيئاً وزوجة الزميل سمير تتألم وتذرف الدموع ولم يجد الزوج أي مجال للتراجع بسبب نفاد كل ما بحوزته من مال في إجراء الفحوصات ليقرر نزع ما تملكه زوجته من حلقات ذهبية من أذنها والإسراع لبيعها في الخارج. رسوم باهظة بعد تسديد رسوم العملية الجراحية وإجراء الفحوصات الطبية وجهاز الموجات الفوق صوتية وشراء بعض الأدوية تم إدخال الزوجة إلى غرفة العملية وظللنا منتظرين وأنا أراقب زميلي سمير وهو في حالة توتر وقلق لتخرج إحدى الممرضات لتناديه وتعطيه ورقة مطالبةَ إياه بالذهاب بسرعة إلى الخارج لشراء إبرة مخدرة وذلك لعدم وجودها في غرفة العمليات وحيث لن يتم إجراء العملية إلا بوجودها ما اضطره للذهاب إلى مكتب المدير الذي بدوره أحاله إلى صيدلية المستشفى ولكن مندوبة الصيدلية رفضت إعطاءه الإبرة بسبب عدم دفع رسوم( البقشيش) حسب قول بعض زملائها رغم تأكدهم لاحقاً من وجود هذا النوع من الإبر في صيدلية المستشفى.. وبعد رحلات مضنية بين المدير والصيدلية لم يتمكن سمير من الحصول على الإبرة المخدرة في صيدليات مدينة الراهدة المجاورة للمستشفى وليذهب إلى أحد المراكز الطبية البعيدة بعد أن دله أحد الصيادلة عليه ليجدها هناك عائداًَ بها إلى المستشفى وهو يتصبب عرقاً وفي حالة توتر وقلق على حياة زوجته. بطانيات في المخازن بعد الانتهاء من العملية القيصرية وخروج المريضة وطفلها من غرفة العمليات كنا مع موعد مع مشكلة أخرى فالوقت تجاوز الظهيرة وحمل المريضة إلى الدور الثاني يتطلب مجموعة من الرجال، فالمصعد معطل منذ أكثر من عام .. ويقول الزميل سمير الصلوي: بعد أن غادرت المستشفى إثر نجاح العملية ذهبت للتوسل لرجال الأمن لمساعدتي لنقل زوجتي إلى الدور الثاني كما هو الحال مع كل مريض أجريت له عملية جراحية فتم نقلها إلى الدور الثاني بحمد الله ولعدم وجود بطانيات أو أغطية للمرضى تم تغطية زوجته ب«البالطو». وأضاف: في غرفة الرقود وعند الوصول إلى السرير الخالي من أي مخدة أو بطانية نزعت شالي الذي لم أتعود على لبسه ولكن ظروف البرد أجبرتني على لف الطفل بالشال وتغطية زوجتي بالبالطو فيما كانت الغرفة مليئة بالنساء وأنا في حالة قلق وتواصل دائم مع الأسرة في القرية أطالبهم بجلب بطانيات وملابس بعد أن بحثناً طويلاً ومراراً عن أي بطانيات أو أغطية في المستشفى ولكن دون جدوى. ازدواج الصلاحيات خلال عشرة أيام من فترة الرقود في المستشفى حاولت وضع صورة لما يعانيه المرضى في المستشفى ومعرفة أين يكمن الخلل القائم واكتشفنا مفاجآت وغرائب ومفارقات لا تحدث في أي مستشفى في العالم، فمدير المستشفى الدكتور محمد سالم أكد وجود كميات كبيرة من الأدوية والبطانيات وقال إن عدم صرف هذه الأدوية والبطانيات يعود لازدواج الصلاحيات بين إدارة المستشفى والمجلس المحلي كما أرجع تردي الخدمات الصحية إلى عدم صرف الميزانية التشغيلية ورواتب المتعاقدين كما انتقد تأخر المقاول في عملية الصيانة للمستشفى وغيرها من الاختلالات التي لا يمكن حلها كما قال إلا بتكاتف المجلس المحلي ومكتب الصحة بالمحافظة ووزارة الصحة العامة والسكان. هناك متابعة للإصلاح الأخ شائف الدكام مدير مديرية خدير و مدير مكتب الصحة بمحافظة تعز أكدا حين استفسرنا منهما عن أسباب تردي الأوضاع في هذه المستشفى أن هناك متابعة جدية لإصلاح وضعها والرقي بالخدمات الصحية لافتين إلى وجود عدد من المذكرات تم رفعها بخصوص تأخر المقاول في أعمال الصيانة داخل المستشفى وبناء قسم جديد للطوارئ إلى الجهات المعنية مؤكدين أن المستشفى يخدم أكثر من ست مديريات مجاورة إلى جانب استقباله حالات الحوادث المرورية كونه يقع على الخط الرئيسي الرابط بين المحافظات الجنوبية والشرقية و يتوسط أكثر الخطوط ازدهاراً في حركة الناقلات والمواطنين. تغذية رديئة وفيما يتعلق بالغذاء الرديء الذي يقدم للمرضى والأدوية والبطانيات المكدسة في المخازن أكدا أنه تم التوجيه إلى إدارة المستشفى بتوزيع البطانيات والأدوية على المرضى ورفع تقرير بمختلف المعوقات والاختلالات ليتم مناقشتها ووضع الحلول المناسبة لها بما يسهم في تحسين الوضع وتقديم الخدمات الطبية الجيدة لمرتادي المستشفى وبحث إمكانية افتتاح أقسام جديدة. فساد مزمن من جانبهم يرى عدد من المواطنين الزائرين والنازلين في المستشفى ومنهم الأخ أحمد سعيد ناصر وعبد الغني سفيان أن سبب الإهمال وتردي الخدمات يعود لضعف الإدارة والفساد المالي والإداري الذي مورس في المستشفى سابقاً وأيضاً تدخل بعض النافذين في إدارة المستشفى وتداخل الصلاحيات بين إدارته والمجلس المحلي ووقوف مكتب الصحة في المديرية ضد أي جهود وخطط تحاول إدارة المستشفى تنفيذها..أما من حيث الأسعار والخدمات والرعاية الصحية فالملاحظ أن الأسعار مرتفعة سواءً في قسم المختبر أو الأشعة أو من حيث رسوم العمليات الجراحية التي يتحمل المواطن كافة تكاليفها دون أي تخفيض كون المستشفى حكومياً والمبالغ المحصلة تذهب لمجموعة من المستفيدين كما قال بعض الموظفين في هذا المرفق الصحي وتعسفات بعض الموظفين وخاصة في قسم الجراحة. مسئولية مَنْ ؟ بعد هذه الجولة في هذا المرفق الصحي الذي يسير نحو الهبوط السريع مازلنا والمواطنين في مدينة الراهدة نتساءل عن دور وزارة الصحة العامة والسكان في الرقابة على المنشآت الطبية الحكومية والخاصة وعن مسئولية قيادة المحافظة والمجلس المحلي في انتشال هذه المستشفى من أوضاعه التي يعيشها ولماذا يتم التغاضي عن هذا التدهور في الخدمات ومن المستفيد من عدم تمكين إدارة المستشفى من مختلف الصلاحيات المطلوبة لتحسن مستوى الأداء و لماذا كذلك لا يتم فتح تحقيق في مسالة انتهاء الأدوية وتكدسها داخل المخازن بينما مئات المواطنين بحاجة إليها ولماذا لا يتم صرف البطانيات من داخل المخازن للمرضى؟.كما نتساءل أيضاً عن أسباب مماطلة المقاول في تنفيذ أعمال الصيانة المطلوبة لهذا المرفق الصحي في هذه المنطقة الحيوية؟ وعن أسباب عدم تعزيز الميزانية التشغيلية ليقدم هذا المستشفى خدماته بشكل لائق ومناسب للمواطنين ومن هو المستفيد الحقيقي من رسوم الدعم الشعبي التي يتحملها المواطنين ولماذا لا يتم تعزيز المستشفى بباص إضافي لإسعاف الحالات الحرجة و ضحايا الحوادث المرورية المختلفة؟. كل هذه التساؤلات نضعها أمام قيادة محافظة تعز ومكتب الصحة العامة والسكان بالمحافظة لتكون محل اهتمام وتحقيق جاد يحاسب المقصرين ويعالج مكامن الخلل خدمة للناس ولهذه المهنة الإنسانية النبيلة كما نتمنى أن يدرك الجميع في هذا المستشفى أن الطب مهنة إنسانية وأخلاقية سامية لإنقاذ حياة البشر والتخفيف من معاناتهم وآلامهم مع التأكيد بأن ما تم تناوله في هذه السطور لا يمثل معاناة حالة فردية بل هناك المئات من المواطنين الذين يتعرضون يومياً لأشكال مختلفة من المعاناة دون أن ينظر إليهم أحد.