قالت شفيقة مرشد أحمد - عضو اللجنة المركزية للحزب الاشتراكي اليمني إنه لا حل للمشاكل السياسة والاقتصادية والاجتماعية في أي بلد دون مشاركة المرأة موضحة أنها ذات الرؤية التي انتهجتها الدولة في الجنوب سابقاً الأمر الذي بوأها مناصب قيادية عليا وفي مختلف مجالات الحياة سبقت بذلك نظيرتها المرأة العربية بعشرات السنين ، مؤكدةً على أهمية الدور الكبير الذي تلعبه المرأة في بناء الدول وتطورها وتقدم شعوبها، واستعرضت عضو الأمانة العامة للحزب الاشتراكي دور المرأة اليمنية في النضال الوطني إبان التحرر من الاستعمار البريطاني ومشاركتها الفاعلة في صناعة سياسات البلاد منذ مطلع السبعينيات من القرن المنصرم ...حول ذلك وجوانب أخرى بالمرأة كان هذا اللقاء. هل لنا بسرد تاريخي لدور المرأة اليمنية في صناعة الحياة وفي شتى مجالاتها ؟ لم يكن الاستعمار البريطاني في الجنوب ولا نظام الأئمة في الشمال حريصين على نشر التعليم , وخاصة تعليم المرأة ، وبعد الحرب العالمية الثانية ظهرت الأصوات المنادية بحق تقرير المصير للشعوب في الوطن العربي والتي كانت ترزح تحت وطأة الاستعمار وتطالب بالاستقلال والسيادة على أراضيها , وفي الجنوب سمحت السلطات الاستعمارية بفتح مدارس للبنات وتوسيع مدارس البنين وبهامش حريات إنشاء نقابات وجمعيات تعنى بشؤون فئاتها كان نتيجته التحاق عدد كبير من الفتيات بالمدارس وتخرجهن وانضمامهن إلى سوق العمل الإداري البسيط , مما ساعدهن على المطالبة بمزيد من الحرية من القيود الاجتماعية والقانونية التي كانت تقيد تحركهن وساعد المد الثوري في الوطن العربي المنادي بالحرية والاستقلال في خلق أجواء حماسية دفعها إلى المشاركة مع الرجل في كل الأنشطة مما اكسبها وعيا سياسيا متقدما ولتمارس كل أشكال النضال السلمي ضد السياسات الاستعمارية المناهضة لحرية وتقدم الشعوب من إضرابات ومظاهرات واعتصامات .. وعندما اقتنعت القوى الوطنية ان النضال السلمي لم يعد يجدي ، انتهجت مسيرة الكفاح المسلح فكانت المرأة في أوائل الصفوف ومنهن من حملن السلاح كالفقيدة دعرة الاعضب والشهيدة خديجة الحوشبية التي ماتت في احدى المعارك , وفي مدينة عدن قمن بتأطير انفسهن في قطاعات نسوية تتبع جبهات التحرر الوطني وقامت بكل الواجبات اللوجستية الداعمة لنضال الفدائيين. وبعد الاستقلال ساهمت المرأة في بناء «اليمن الجنوبي» دولة ومؤسسات وتشريعات وتنامى دورها ليشمل كل محافظات الجنوب وفي كل المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية بعد أن حصلت على كافة الحقوق الإنسانية, كالتعليم والعمل والصحة والسكن والمشاركة السياسية دون تمييز , لأن الإدارة السياسية كانت تدرك انه لا حل لمعضلات البلاد الاقتصادية والسياسية والاجتماعية دون مشاركة المرأة. تراجع دور المرأة المرأة اليمنية استطاعت ان تتجاوز نظيراتها في الدول المجاورة لكن سرعان ما تراجع دورها حد العدم برأيك ما الأسباب؟ النظام السياسي لأي بلد قد يكون دافعا لتحسين وضع المرأة وتقدمها أو قد يكون محبطا لها، فكلما كان حرا يؤمن بحق المرأة في المساواة بإقرار ذلك دستوريا وقانونيا واكثر من ذلك يضع تدابير وإجراءات تساعد في تحقيق ذلك والعكس صحيح كلما كان النظام السياسي متخلفا , وضع العوائق أمام أي إجراءات تساعد في تضييق الهوة بين النصوص الدستورية وتطبيقاتها فعليا. و لقد أدت سياسية إفساح المجال أمام المرأة في الجنوب لتولي مناصب قيادية حزبية وحكومية وأمنية وعسكرية وفي مجال السلطة القضائية والادعاء العام حيث عملت كقاض منذ بداية السبعينيات من القرن الماضي وقد تكون بذلك أول من اشتغل في القضاء من نساء الوطن العربي وهي الفقيدة القاضي (حميدة زكريا ) وتوالى عددهن إلى أربعة وثلاثين قاضياً قبل الوحدة وبعد حرب 1994 جرى تحويل عدد كبير منهن إلى أعمال إدارية , كما شاركت المرأة في الجنوب لأول مرة في تاريخ اليمن في الانتخابات التي جرت في العام 1971 لمجلس الشعب المحلية حيث بلغت نسبة تواجدها( %15) من قوام الأعضاء , كما كان تواجدها في أول مجلس 1978 إلى 11 عضوا منتخبة في برلمان 1987 من أصل 111 عضواً , أي بنسبة تزيد عن 10 % . لقد شكلت اليمن حينها حالة متميزة بين البلدان النامية بفعل ما أحدثته من تغييرات جوهرية القضايا المتعلقة ، وبعد قيام وحدة الشطرين عام 90م كان الأمل يملأ صدور المناضلات والمناضلين اليمنيين بنيل كثير من الحقوق وتوسيعها على مستوى الوطن خاصة وان الوحدة أكدت على أهمية الديمقراطية والتعددية السياسية والحزبية كأدوات لحل المشكلات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية لليمن الموحد , غير ان الظروف والتطورات التي شهدتها الساحة اليمنية وحرب 1994 جاءت بغير ما حلم به اليمنيون وتمنوه , وحدثت انتكاسة حقيقية ليس على مستوى قضية المرأة فحسب بل وعلى مستوى القضية الوطنية اليمنية و إذ اختل التوازن الاجتماعي والسياسي والاقتصادي لصالح الفئات التقليدية ومراكز القوى القبلية التي حاولت وتحاول فرض أفكارها وقيمها قسرا على المجتمع , وهذا ما جسدته نتائج الانتخابات حيث تراجع نسبة تمثيل المرأة من 11 عضوا في أول برلمان للوحدة إلى امرأتين في انتخابات 93 و 97 , وخابت الآمال في انتخابات 2003 حيث كادت ان تصل النسبة إلى الصفر. معوقات ما أهم معوقات تطور المرأة وما الحلول ؟ المعوقات كثيرة منها :- المعوقات العائدة للموروث الثقافي ،فطبيعة المجتمعات العربية ومنها اليمن يسودها النظام الأبوي القائم على دونية المرأة , وتكرس المنظومة التربوية لهذا النظام عن طريق التعليم والإعلام وحتى يكتسي هذا النظام صفة مقدسة يعتمد على الموروث الديني لتبرير التمييز المسلط على النساء ولرفض أي نهوض للنساء وحقوقهن على أساس المساواة بين الجنسين في كل الأصعدة وهي أشد قسوة على المرأة من القانون ، وهناك المعوقات السياسية المتمثلة في غياب التقاليد الديمقراطية وفي تغييب حقوق الإنسان والحريات السياسية للنساء والرجال على حد سواء والذى نتج عنه عزوف النساء عن العمل السياسي , فعلى الرغم من الإقرار بالحقوق السياسية للرجال والنساء ، إلا أنها توضع حواجز أمام ممارسة هذه الحقوق تسببت بخلق قطيعة بين الشعوب وحكامها ، فنظام الأحزاب التي كانت سائدة , أما نظام الحزب الواحد أو نظام التعددية الحزبية الشكلية مع حزب واحد مهيمن أو قبائل تتقاسم أجهزة السلطة وتتدخل عند اختيار المرشحين عند الانتخابات ، كما أن هناك الأسباب الخاصة بالنساء والمتمثلة بقلة وعي النساء بأهمية دورهن السياسي وعبء المسئوليات العائلية التي غالبا ما تتحملها النساء دون الرجال كما وان النساء لا يثقن ببعضهن ولا يصوتن لصالح النساء المرشحات إضافة إلى ارتفاع نسبة الأمية بين أوساطهن وقلة إدراكهن بأهمية معرفة حقوقهن الأساسية والنهوض بأوضاعهن القانونية والاجتماعية. تراجع دور المرأة في إطار الاشتراكي يلاحظ تراجع دور المرأة في الحزب الاشتراكي كحزب سياسي كان رائدا في صناعة المرأة المجتمعية الفاعلة خلال السنوات الماضية ما السبب ؟ تعرض الحزب الاشتراكي لهجمة شرسة من أعداء التقدم والعدالة الاجتماعية ومورس عليه الحرب والإقصاء والتهميش ونهب ممتلكاته وأمواله بعد العام 94 م حيث صودرت حقوق أعضائه الأساسية في العمل والسكن والتعليم والعمل السياسي والنقابي ومؤسسات المجتمع المدني ، وكل ذلك يجسد هلع القوى التقليدية من رسالة الحزب الاشتراكي الهادفة إلى بناء دولة مدنية ديمقراطية حديثة تتضمن المواطنة المتساوية للجميع دون تمييز سواء بين الأفراد أو المحافظات أو المناطق ، فكل ذلك أثر ويؤثر على دور الحزب في أوساط المواطنين ويضعف تواصلهم لكن كل ذلك لم يستطع القضاء على الحزب وفكرته ومن الصعب جدا ان يكون ذلك. المرأة ومؤتمر الحوار هل عالج مؤتمر الحوار مشكلة المرأة اليمنية وأعطاها حقها ؟ جاءت أحداث ثورة الشباب السلمية ووجدت المرأة فرصتها في المشاركة الواعية لإظهار قدراتها ورفضها للخنوع وحطمت كل القيود المتمثلة في العادات والموروثات التقليدية , واختصرت الزمن لصالح قضيتها , وفرضت على المجتمع تغيير النظرة إلى أدوارها ومكانها ومكانتها في المجتمع , وأقنعت الجميع من أن أي تغيير حقيقي في المجتمع وبناء دولة ديمقراطية حديثة لن يكون إلا من خلال إشراكها في كافة جوانب الحياة دون تمييز. ولقد قدمت المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية وقرارا مجلس الأمن (2014 ) و(2051) آفاقا واسعة تتجاوز حالة الإقصاء والتهميش التي فرضت على المرأة اليمنية طويلا ورسخها انسداد أفق التحول الديمقراطي والإصلاح السياسي بعد الوحدة ، وشاركت المرأة ولأول مرة في تاريخ اليمن بنسبة( 30)% من عدد أعضاء مؤتمر الحوار في اتخاذ القرارات الوطنية بوجه عام والقرارات الخاصة بها والتي ستساعد على تأسيس دولة المؤسسات , دولة النظام والقانون , دولة الحقوق والحريات للجميع دون استثناء, الدولة المدنية المنشودة منذ مئات السنين ، ويشكل ارتفاع نسبة مشاركة المرأة في الحياة السياسية والشباب في الحياة السياسية اليوم بعد الثورة العربية , التحدي الرئيسي الذي سيواجه البلدان العربية ومنها اليمن في السنوات القادمة , وهذا يتطلب من الدولة والحكومة والأحزاب تطوير لغة الخطاب السياسي مع المرأة والشباب , وتطوير آليات المشاركة والتواصل معها وتبني أجندة تتوافق مع احتياجاتهن وتطلعاتهن للمستقبل. لقد حظيت نسبة تواجد المرأة ب(%30 ) والشباب( 20 % ) وفق آلية العمل في مؤتمر الحوار الوطني ولأول مرة في تاريخ اليمن بارتياح كبير من قبل النساء والشباب والقوى المدنية الفعالة في الساحة اليمنية , ما شكل كتلة حرجة ساهمت إلى حد كبير في الوصول إلى التوافق المجتمعي حول أهمية المشاركة السياسية للمرأة والشباب وصولا إلى تنمية حقيقية تفتقد لها اليمن وفق تقارير التنمية البشرية للأمم المتحدة ،وجاءت مخرجات الحوار الوطني ملبية لطموحات وآمال الشباب في بناء يمن جديد يساهم الجميع في بنائه وقد أكد المؤتمرون انه إلى جانب النصوص الدستورية والقانونية لابد من صياغة سياسية وطنية تعكس صورة إيجابية للمرأة وتعمل على إشاعة ثقافة خالية من التمييز ضدها وأؤكد أن مهمة تحقيق مشاركة فاعلة للمرأة وبلوغ الأهداف المنشودة لا تتأتى إلا نتيجة لتحولات شاملة وعميقة في المجتمع , وتغيير في منظومة المجتمع ومؤسساته وإزالة عوامل التخلف وتحقيق تطلعات الشعب اليمني.