كثيرون يرون أن الجامعات معنية بالدرجة الأولى دون غيرها باستيعاب خريجي الثانوية العامة، وتأهيلهم ومن ثم الدفع بهم لسوق العمل، إلا أن آراء أخرى لا تؤيد ذلك، وينطلق أصحابها من قاعدة أن الجامعات ليست معنية بجوانب التأهيل لسوق العمل، كونها منارة لنشر العلم لكل من أراده، والتعليم مهمتها الأساسية، وإن اجتهدت في التنسيق مع الجهات ذات العلاقة كوزارة الخدمة المدنية والعمل لمعرفة احتياجات السوق من القوى العاملة، مؤكدين أن كليات ومعاهد ومؤسسات تعليمية وتدريبية أخرى تملك من الإمكانات ما يؤهلها للوقوف إلى جانب الجامعات ومباشرة دورها في استيعاب حصة مهمة من خريجي الثانوية العامة، وبشكل أكثر فاعلية على اعتبارها ذات طابع تخصصي يخدم سوق العمل في المحصلة النهائية. فالبطالة هي جوهر المشكلة التي تواجه اليمن، والإشكالية الكبيرة التي يواجهها سوق العمل في اليمن هي أن السوق يستقبل أكثر من 200 ألف شاب سنوياً، في الوقت الذي لا تستطيع الحكومة والقطاع الخاص سوى توفير أقل من 15 ألف فرصة عمل، لذلك يجب الاهتمام ببرامج عملية لتشغيل الشباب على المدى القصير والمتوسط والطويل، ومخرجات التعليم الفني لم تصل إلى مستوى الطموح وبحاجة إلى كسر الاحتكار، ومد يد العون مع المؤسسات المعنية بالتدريب والتأهيل والقطاع الخاص لدعم المخرجات المهنية والتقنية المعول عليها في دعم السوق والنهوض بالقطاع التنموي والاقتصادي. شراكة دولية عميد المعهد التقني والصناعي ب (الحوبان) منصور مانع عند حديثه عمّا كان عليه وضع التعليم الفني والتدريب المهني في المعهد التقني والصناعي كأنموذج لمعاهد التدريب في بلادنا خلال العام الدراسي الماضي، قال: تميز المعهد بأنه حصل على أفضل شراكة دولية بين 30 دولة مشاركة وهى جائزة أفضل شراكة دولية في تنمية المهارات.. مشيراً أن هذه الجائزة تمنح سنوياً بإشراف المجلس الثقافي البريطاني بمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، والمعهد لديه شراكة مع كلية “بلي” البريطانية منذ ثلاث سنوات، وهذا ما جعل المعهد يطبق نظام الجودة منذ العام 2009م، وبالتالي تجتمع الشراكات في مؤتمر خاص بالشراكات ويحدد فيه أفضل شراكة دولية، وتميز المعهد بأنه عمل على نشر التجربة في المعاهد الأخرى في اليمن وبدأت التجربة تنتشر.. موضحاً أنه أيضاً تم إنشاء وحدات لضمان الجودة وممثليات واتحادات الطلاب ومكاتب خاصة بمتابعة الطلاب. وقال: في معهدنا وصل عدد الطلاب المتقدمين سواء على مستوى النقل أو الوزاري إلى 1845 طالباً منهم 200 طالبة، وكان عاماً حافلاً بالنشاط والجد والمثابرة وذلك من خلال التقييم الأولى لنتائج الطلاب. سوق العمل أما بالنسبة لعلاقة تلك المخرجات بسوق العمل قال مانع: مخرجات المعهد تواكب سوق العمل، خاصة أن التخصصات التي يتم تدريسها يطلبها سوق العمل.. مشيراً أن مواضيع ضبط الجودة في المعهد لها تأثير خاصة أن لها دعم من المجلس الثقافي البريطاني بتزويد الكادر بدورات تدريبية، وهذه العملية لها أثر سينعكس على العملية التعليمية خلال مراحل. وحول التدريب التعاوني قال: نستطيع نقول أن قلة من الطلاب يتحصلون على التدريب التعاوني، منوهاً إلى أن الهدف الرئيسي للتدريب التعاوني هو التسويق لمخرجات التعليم الصناعي .. فعندما نرسل المتدرب إلى سوق العمل فإن هناك تقييما من قبل سوق العمل لأولئك الطلاب فهو نفسه يكون فكره عن قدرات هؤلاء المتدربين، وبمجرد التعرف على إمكانيات كل متدرب لابد من أن يكون هناك اختيار من قبل صاحب العمل للكوادر الجيدة، لذلك يعد التدريب التعاوني إحدى طرق التسويق لمخرجات التعليم الفني والمهني والصناعي، ويمكنني القول أن هناك نسبة كبيرة من هذه المخرجات تنخرط في سوق العمل..وأشار منصور مانع إلى انه كان قدم مقترحا قبل عامين حول لماذا لا يتم اعتماد التدريب خلال الفصل الدراسي الرابط كون هذا الفصل يحوي موادا قليلة.. ونوه إلى أن ما يعانيه المعهد من عوائق تتمثل بالإزدحام خلال فترة التسجيل والقبول.. مشيراً أن الطلاب يتقدمون من لحج وإب.. جديد المعهد وأضاف: المعهد يضم حالياً 11 تخصصاً ودشنا العام الدراسي الحالي قسم التصوير الفوتغرافي والفيديو، وهو خاص بالفتيات وهو من التخصصات النوعية، أيضاً قبل عامين دشنا الدراسة بقسم السلامة والصحة المهنية وهو التخصص الوحيد المتواجد على مستوى المعاهد في الجمهورية، وله علاقة بالقطاع الصناعي ومن التخصصات النوعية، أيضاً يوجد تخصص إدارة وأنظمة شبكات، ونطمح لوجود تخصصات أخرى مثل الاتصالات والميكترونك. وغيرها. تمكين الشباب من المهن مدير عام برامج التدريب وتنمية قدرات الشباب بالجمعية الخيرية لمجموعة هائل سعيد الأستاذ محمود شاهر أشار من جانبه إلى أهمية تأهيل الشباب.. منوهاً إلى أن برنامج تمكين الشباب من المهن والذي تنفذه الجمعية الخيرية لمجموعة هائل” تعد ثمرة من ثمرات الشراكة الفاعلة والتنسيق مع صندوق تنمية المهارات حيث تخرج في الدفعة الثالثة 293 متخرجا في تسع تخصصات، هي “الديكور اللحام وتشكيل المعادن ،التكييف والتدريب، مكنيكا وكهرباء، معدات ثقيلة، مساحة وطرقات، صيانه الحاسوب، صيانة الجوالات ، الكوافير”..منوهاً أن الدفعة الثالثة تتميز كونها تمثل فئات متعددة منهم الجامعيون والفنيون وفئات الأيتام والأسر الفقيرة، حيث قد تخرج في الدفعتين الأولى والثانية 175خريجاً، وقد تمكنا خلال البرنامج من تأهيل 468 شابا وشابة، وعملنا على رفع كفاءاتهم المعرفية والتطبيقية في 13 تخصصا من المهن والحرف، والتي تمكن الشباب من الانخراط بسوق العمل. ثقافة العمل وعن أهداف البرنامج أشار شاهر أن البرنامج حقق أهدافا من بينها تعزيز قيم وثقافة العمل والمثابرة والطموح، حتى تتكون القدرة لدى المتخرجين في مواجهه تحديات البطالة بإعادة توجيه أنفسهم ليكونوا طاقة بناء في المجتمع. وحول أهمية التعليم الفني قال شاهر : يعتبر التعليم الفني والتدريب المهني المسلك النوعي والمتطور والركيزة الأساسية للتنمية البشرية، وطاقة إنتاجية متنوعة ومتجددة، وموردا استراتيجيا هاما يمد المجتمع بكافة احتياجاته من الكوادر البشرية المؤهلة والمتخصصة عالية المهارة لتعزيز النمو الاقتصادي وزيادة القيمة المضافة في المجتمع وبصورة تسهم في تحسين مستوى الحياة الاجتماعية والإنسانية والتخفيف من حدة الفقر. وأضاف: فهو وسيلة هامة ورئيسية لتحويل الموارد البشرية إلى قوة فاعلة تخدم التنمية وتبني الأوطان، وبدون التعليم الفني فإن هذا المورد سيصبح عبئاً ومشكلة بحد ذاتها. ركيزة للتنمية وحول صقل مهارات الشباب قال: الشباب بحاجة إلى من يأخذ بأيديهم إلى الطريق المناسب لاستغلال طاقاتهم الفكرية والإبداعية وتحويلها إلى مشاريع واقعية يحلون بها مشاكلهم بل مشاكل المجتمع.. موضحاً أن خريجي التعليم الفني والتدريب المهني فئة كبيرة ويمثلون الركيزة الأساسية للتنمية وصناعة المستقبل، وحول هذا الجانب المجموعة تضيف إلى أدوارها الاقتصادية والاجتماعية والإنسانية، دوراً جديداً يسهم بالأخذ بأيدي الشباب. وأضاف شاهر: أن البداية كانت عام 2011م عندما تم تدريب أكثر من 90 فنياً في مجال التمديدات الكهربائية وتخصص مساحة وطرق، وعام 2012م تم تدريب 85 فنياً على البرامج الإنشائية، وعام 2013بلغ إجمالي عدد المستفيدين من برنامج التدريب 293 متدرباً منهم 104 إناث. آلية حديثة عميدة معهد الخنساء التقني هناء البرطي أشارت من جانبها إلى أهمية وجود آلية للنهوض بمستوى أداء مخرجات التعليم الفني والى تطوير بما يتناسب وسوق العمل، وتوفير المراجع والأجهزة الحديثة، بالإضافة إلى الحاق الخريجين ببرامج تكميلية تعزز من تأهيلهم. وحول أهمية التعليم الفني قالت عميدة الخنساء: أن التعليم الفني يعتبر أسرع وسيلة للقضاء على البطالة والحد من المشكلات التي تعاني منها اليمن نتيجة الفقر.. مشيرة أن الفتيات أكثر الشرائح احتياجاً للتعليم الفني. وحول تطوير هذا التعليم أكدت ضرورة تبني المرحلة القادمة إلى شراكة مجتمعية مع أصحاب العمل، وتطوير مخرجات المؤسسات التدريبية ومعاهد ومراكز التعليم الفني. واختتمت حديثها بأن النهضة التعليمية والبحثية تعد مرتكزا لأي تطور وأساس لكل نمو وتطور، مشيرة إلى أن الاستثمار الحقيقي هو الاستثمار البشري للطاقات بالتأهيل والتدريب وتوفير الدواعم التي تؤهل الشباب لسوق العمل. انعدام فرص العمل عبير دماج خريجة معهد الخنساء ترى أن مشكلتها تتجسد في عدم القدرة على إيجاد فرصة عمل رغم بحثها المستمر في الجرائد والإعلانات واستعدادها للعمل في أي مكان، وعزت عبير عزوف المرأة للالتحاق بمؤسسات التدريب الفني والمهني في التخصصات النوعية إلى نقص الوعي المجتمعي، وغياب الدعم والتشجيع من القطاعين العام والخاص، وندرة فرص العمل الخاصة بهذه المجالات، منوهةً أن الفتاة تميل إلى الالتحاق بالتخصصات التي تلبي رغباتها واحتياجاتها كالأعمال اليدوية والخياطة والصناعات اليدوية والتجميل. تقنية رائعة من جانبه يؤكد الفني عبدالإله عبدالعزيز الموسى أحد خريجي المعاهد الفنية أنه يعشق ‘'الأشغال الكهربائية والاختراعات وبالذات الاتصالات'' وقال: تقنية الاتصالات هي تقنية عالية لأنها تدخل فيها الأفكار الحديثة على الدوام في تطوير الاتصالات، ووجدنا ولله الحمد ما درسناه وتدربنا عليه وهذا ساعدنا كثيراً في عملنا. قيمة للشاب علي الشوافي مدرب « لحام» ينظر إلى العمل المهني على اعتبار أنه يعطي قيمة للشاب ويشعره بأهميته، كما يعطيه قيمة اجتماعية وقيمة عند الناس ويحقق توجهات الدولة في الاكتفاء الذاتي من شاغلي مختلف المهن.. مشيراً إلى أن الحاجة إلى الأعمال المهنية والحرفية باتت ضرورية في المجتمع بعد أن زادت نسبة البطالة بين الشباب، وأصبح الخيار الوحيد هو البحث عن مهنة شريفة