(سُقهْ) هي إحدى القرى التابعة لمديرية المسراخ بتعز, يعاني أهلها من ضعف بل من غياب الخدمات الأساسية, طلابها ومرضاها يقطعون سلاسل الجبال البعيدة وصولاً لأقرب مركز تعليمي ومركز صحي, ومحرومة هي القرية من خدمة الكهرباء وباقي الخدمات التي رصدناها في هذا الاستطلاع التالي الموضح لمدى معاناة أهالي قرية (سُقة) فتهالوا معنا أيها المعنيون عن شئون محافظة تعز: ثورات الفوانيس..!! خلافاً للقرى المحيطة ومنذ أمد بعيد يترقّب أبناء قرية «سُقةْ» وصول الكهرباء إلى منطقتهم، ورغم تكرار وعود المعنيين إلا أنها تبخّرت وظلت حبراً على ورق، توجيهات تلو توجيهات لم تنفّذ ف «سُقةْ» القرية الريفية البسيطة المتواضعة في مديرية المسراخ هي أول من عرفت النور؛ حيث كان الأهالي يعتمدون على مولّد كهربائي كبير اشتراه أبناء القرية المغتربون في السعودية قبل أكثر من 3 عقود في الوقت الذي كانت فيه معظم المناطق المجاورة تغرق في الظلام، لكن المولّد «الأهلي» تهالك فعادت القرية إلى ظلامها القديم. يقول المواطنون من أبناء القرية: إن كل رب أسرة قد خسر ما يزيد عن 100ألف ريال يمني عن طريق معاملات ومتابعات كان ولايزال يقوم بها بعضهم في مكاتب الكهرباء بالمديرية والمحافظة ووزارة الكهرباء لكن دون جدوى رغم معرفة الجهات المعنية بوضع القرية والوعود التي يطلقها أعضاء المجالس المحلية أيام الانتخابات عندما يأتون إلى أبناء القرية طالبين أصواتهم وأنهم إذا فازوا بالعضوية سيبذلون أقصى جهدهم لتوصيل الكهرباء؛ إلا أن هؤلاء الأعضاء عندما يفوزون يتناسون تلك القرية ويتجاهلون وعودهم..!!. الجدير بالذكر أنه قد تم تركيب الأعمدة الخشبية الكبيرة ابتداء من نهاية القرية المجاورة التي يتوقّع وصول التيار الكهربائي عبرها إلى القرية, وتشير معلومات حصلنا عليها من أهالي القرية أنهم قدّموا قبل شهر طلباً إلى إدارة الكهرباء في المديرية بضرورة اقتلاع تلك الأعمدة الخشبية من القرية المجاورة - في الجهة الشرقية - ونقلها إلى الجهة الجنوبية المزوّدة قراها بالتيار الكهربائي العمومي للربط منها؛ فوافقت إدارة الكهرباء على ذلك, ومباشرة تكفّل الأهالي باقتلاع الأعمدة ونقلها إلى الجهة الجنوبية، إلا أن إدارة الكهرباء في المديرية لم تفِ بوعدها حتى كتابة هذا الاستطلاع. طرقات الجحيم..!! وعلى الجهة الغربية من قرية «سُقةْ» تقع عزلة برداد التي تُعد من أكبر العزل التابعة لمديرية صبر الموادم لكنها أيضاً بلا كهرباء، والحديث عنها يطول؛ إلا أنه قد تمّت متابعة القضية ولم يتبق إلا توصيل التيار الكهربائي إلى المنازل, لو زُرت أبناء القرية خاصة الأطفال منهم ستجدهم في الوقت الذي يذهب فيه أسلافهم إلى أمام الشاشات؛ يذهبون هم إلى إضاءة أملهم الوحيد «الفوانيس» مع غروب شمس كل يوم. وعلى الجهة الجنوبية من القرية يمر طريق ترابي مؤدٍّ إلى مركز مديرية المسراخ والتربة والنشمة، وبين الحين والآخر تسقط السيارات في طريق الجحيم؛ تلك المنحدرة إلى الأسفل كون الخط المطل على القرية يعد خطاً خطيراً وبالغ الانحدار تسبّب في وقوع الكثير من الحوادث المرورية، وقد كان هذا الخط سبباً في إزهاق كثير من الأرواح خاصة في أيام الأعياد. خيبة أمل بانفجار ثورة 26 سبتمبر 1962 استبشر أهالي «سُقةْ» حالمين بنور الكهرباء, لكن معظمهم رحلوا مورّثين الظلام ذاته لأبنائهم وأحفادهم المعاصرين لثورة فبراير 2011م مشاريع لتبقى خيبة الأمل تعصف بالجميع في ظل المرحلة الانتقالية والسلطة الجديدة، لتظل بعد ذلك كله «الفوانيس» هي الوسيلة الوحيدة التي يستضيء بها أهالي القرية المحرومة من مجمل الخدمات..!!. حتى المساجد لا يتصوّر أحد من يقرأ هذا الاستطلاع حالة الحرمان التي وصلت إليها قرية «سُقةْ» فقد كانت محرومة أيضاً حتى من المساجد منذ زمن طويل، وكان أبناؤها يتوجّهون في أيام الجمعة للصلاة في مساجد القرى المجاورة؛ إلا أن جهود الخيّرين من أبناء القرية المتابعين لرجال الأعمال والخيّرين أثمرت في بناء مسجد للقرية في العام 2010م قبل أربع سنوات، أما قبل ذلك العام فالقرية كانت لا تعرف المساجد؛ إلا أن أبناءها كانوا يتقطّعون حُرقة وألماً على هذه الحالة من الحرمان..!!. حمير الماء قرية «سُقةْ» لها من اسمها نصيب، فالله تعالى قد أنعم عليها بالأرض الخصبة والمياه الوفيرة والجو المنعش, لكن آبار القرية تقع في أسفلها، ولا من وسيلة لوصولها إلى منازل القرية سوى نقلها على ظهور الحمير المتوارثة ذلك العناء كابراً عن كابر؛ بمعنى أن نصف قرن مضى على الأهالي ولاتزال الحمير ذاتها تمارس المهمة بلا حلم بالتقاعد من خلال تحمُّل المسؤولين في محلي مديرية المسراخ ومعهم المرشّحون المتعاقبون على التضليل بمتابعة قطاع مياه الريف بجلب مضخّة وخزان تجميعي يرسل مياه الآبار تلك إلى أعلى القرية المنسية. ولأن الطريق الترابية الواصلة بين أسفل القرية وأعلاها تخيف سائقي الوايتات من مغامرة نقل المياه إلى الأعلى؛ فقد تفاقمت المعاناة أيضاً كون الطريق كما يقول المسؤولون هي شريان الحياة؛ لكن من سيوقظ هؤلاء المعنيون من سباتهم..؟!. لا مدرسة للقرية فمن المعروف أن التعليم هو الركيزة الأساسية للتنمية الشاملة، ولا تنمية بلا تعليم، ولا تعليم بلا تنمية، وهو أهم ركائز بناء الحضارات, وفضلاً عن كونه فريضة فهو حق من حقوق الإنسان الأساسية وأهم استثمار بشري وتنموي بعيد المدى تكفله الدولة, وما جعلنا نتطرّق إلى هذا الموضوع هو بُعد القرية عن المؤسسات التعليمية والصحية الخدمية إذ يتكبّد أبناؤها الصعوبات ويتجاوزون المعوّقات مروراً بالهضاب ارتفاعاً والسهول انخفاضاً للوصول إلى أقرب مرفق تعليمي لأكثر من نصف ساعة بين «المشي والهرولة والتسلُّق» لكن الأهم من جهدهم ووقتهم هو مصير الطلاب الصغار في السن؛ إذ لا يمكن لصغير في السن أن يقضي ساعة مشياً على الأقدام ذهاباً وإياباً. ولا مرفق صحي أما الجانب الصحي؛ فحدّث ولا حرج, يقع في جانب المركز التعليمي البعيد عن القرية, ولهذا لا يُفترض بالنساء الحوامل قضاء الأسابيع الأخيرة في القرية؛ بل الانتقال إلى أحد منازل الأقارب في المدينة أو المرافق الصحية, فالموت إجهاضاً هو مصير من لا يسعفهن الوقت ويسر قدوم سيارات «الانجيز» إلى مشافي المدينة, وكذا هو حال باقي المرضى العاجزين عن السير؛ لكن المضحك في الأمر أن ذلك المرفق الصحي البعيد لم ينقذ أحداً من الواصلين إليه من قريب أو من بعيد, فأقصى خدماته تظل موسمية في حملات اللقاح السنوية أو الفصلية؛ غير أن الأهالي يؤكدون أن وعورة الطريق الواصلة بين المرفق الصحي والقرية يجعل أفراد حملات التطعيم تلك يؤجّلون الوصول يوماً بعد آخر حتى تنقضي الفترة المحدّدة واللقاحات المتوافرة؛ ما يدفع بالأهالي إلى جلب أطفالهم إلى مراكز اللقاح بأنفسهم, أو تجاهل اللقاح برمته..!!.