قال الخبير العسكري العميد متقاعد محسن علي خصروف إن الأزمات المفتعلة التي تعيشها البلاد تقف وراءها قوى وشخصيات نافذة بهدف الحيلولة دون إقامة الدولة المدنية المنشودة، وأوضح في لقاء لصحيفة الجمهورية أن الهدف من تلك الأزمات هو الاحتفاظ بمصالحها على حساب تطلعات الشعب, محملاً المؤسسة الأمنية المسئولية الكاملة عن استقرار وضع البلاد خصوصاً في الوضع الراهن، كما تحدث عن التغييرات في المؤسسة العسكرية والحالة الامنية في البلاد ومواضيع أخرى ذات صلة في سياق اللقاء التالي: كيف تقرأ التغييرات الأمنية والعسكرية التي تجرى من وقت لآخر، وهل استطاعت المؤسسة خلال ثلاث سنوات التخلص من التبعية للقبيلة أو الحزب أو الأفراد ؟ التغييرات في حد ذاتها ليست هدفاً، التغيير المطلوب ينبغي أن يشمل الأسلوب والمنهج والتفكير الشرطي، التغيير ينبغي أن يستهدف القيادات التي تعيق المحاولات الجارية لتطوير أداء أجهزة الأمن، الهادفة إلى تحقيق الاستتباب الأمني في كل ربوع الوطن، الذي يستهدف العناصر الفاسدة، الذي يعمل على إحلال العناصر الوطنية الشريفة في مفاصل العمل الأمني، ومع كل ذلك ليست كل التغييرات سيئة ولا كلها جيدة، حيث جاءت ببعض قيادات لا نملك إلا أن نحترمها، وما نأمله هو أن نرى ونسمع بقرارات جريئة تشكل ثورة جديدة يقودها الأخ رئيس الجمهورية تعطي العمل الأمني زخماً إلى الأمام يلمسه المواطن مباشرة دون مواربة. ما الهدف برأيك من الحروب المتفرقة الدائرة بين مليشيات مسلحة و إلى أين ستقود البلاد وكيف يمكن ايقافها وعلى نحو عاجل ؟ هذه الحروب تتم خارج اهتمامات وطموح ورغبة المواطن اليمني الذي يتوق إلى العيش في ظل دولة مدنية ديمقراطية تقوم على التداول السلمي للسلطة والمواطنة المتساوية، هي حروب تتم بحسابات ما قبل أكثر من ألف عام صراع وتقاتل مذهبي، ولا تدافع عن الدين أو عن الوطن أو عن فكرة الحرية والعدالة الاجتماعية أو عن حق المواطن في العيش الكريم، هي حروب عبثية يلتقي أطرافها عند نقطتين هما: “العودة إلى الماضي، ورفض فكرة الدولة المدنية وتكفيرها”. ويكفي أن تعرف أن هؤلاء الذين يتقاتلون لا تحمل دمويتهم أي مضمون إنساني أو اجتماعي، هي حروب من أجل السلطة بمضمون ماضوي لا علاقة له بالعصر، وإلا فإن الطريق واضح للسير باليمن إلى الأمام في ظل دولة مدنية خارج حساباتهم الضيقة الأفق ما دون الوطنية، لأن الأصل أن كل إنسان حر في ما يعتقد سياسيا ودينيا ومذهبيا، ولك إسقاط هذا على ميدان السياسة وبناء الدولة لن ينتج عنه إلا مزيد من التقاتل والدم، لأن كل طرف يعتقد جازماً أن مذهبه أو معتقده هو الصح وهو الإسلام بعينه، الأمر الذي يحتم إبعاد كل هذه القناعات والنزعات خارج ميدان بناء الدولة وإدارة المجتمع، وصياغة برامج تطوير وتنميته بهدف توفير الحياة الكريمة لأفراده. الدين والمذاهب والطوائف على رأسي من فوق ولكن خارج ميدان السياسة، وخارج أدوات وأساليب ومنهج بناء الدولة الحديثة. المؤسسة الأمنية والعسكرية تعرضت طوال الفترة الماضية للإفراغ من محتواها الوطني، كيف يمكن بناؤها على أسس وطنية سليمة ؟ مؤسستا الأمن والدفاع مخترقتان منذ التجنيد للحرب في أفغانستان، والمستهدفون من كوادرها الآن هم الذين يمتلكون الخبرة والمعلومة ، القادرون على إحداث التغيير، والعارفون بأبعاد ودوافع العنف المجنون الجاري في البلد، القادرون على الإسهام في الحد منه أو على الأقل الذين يمكنهم تنوير ذوي الشأن بحقيقة ما يجري. ما العلاقة بين تفجير أنابيب النفط وخطوط الكهرباء والغاز، وكذا بين الاغتيالات السياسية وافتعال الأزمات الأمنية المختلفة؟ هدف هذه الأعمال العنفية مجتمعة سواء كانت الاغتيالات أو تفجير أنابيب النفط والغاز أو أبراج الكهرباء واحد وهو إعاقة العملية السلمية الجارية، وإعاقة تنفيذ مخرجات الحوار الوطني، وهي كلها درأ لقيام الدولة المدنية ، ولكن هيهات، الدولة المدنية قادمة والتغيير لا محالة قادم والرئيس هادي سيصل بالسفينة إلى شاطئ العزة وبر السلامة، وأنا على يقين من هذا. من المسئول عن الحالة الأمنية المتدهورة للبلد ؟ المؤسسة الأمنية التي يقوم العمل والنشاط والتفكير اليومي فيها على الاحتراف والمهنية الخالصتين، بعيداً عن أهواء وطموحات الأحزاب هي وحدها القادرة على تحقيق الأمن، والمسؤول المهني وحده هو الذي يستطيع أن يحقق النجاح. من المتهم برأيك بذلك التدهور ؟ الأزمات في اليمن تفتعل، ويقف وراءها الكثير منها شخصيات وقوى نافذة لها مصالحها التي لن تدوم إلا في أجواء من الفوضى والعبث والفساد وضعف الدولة وأجهزتها، وفكرة التغيير والثورة ما تزال رهينة الأقوياء الذين يملكون الكثير من أدوات الضغط والقتل، ولكن الذي لا يفهمه هؤلاء أن الإرادة الشعبية حين تطلق فإنها تسقط وتعطل، بل وتقضي على كل هذه الأدوات والرغبات الأنانية المجنونة، وأنا أعتقد جازماً أن الإرادة الشعبية تتوثب لتقول كلمتها الأخيرة ولن يطول الوقت الذي تتحقق فيه إمكانية أن نرى الدولة المدنية تبنى بأسس وطنية قوية، ومهما طال الزمان فهو في حسابات المجتمعات قصير جداً، ما بالك ونحن نراه يسير نحو الهدف بسرعة مطمئنة. ما المطلب الأهم للبلاد خصوصاً في الوضع الراهن ؟ ما أتمناه في هذا الظرف هو أن تصطف كل قوى المجتمع المدني، قوى الحداثة التواقة إلى التغيير إلى الأفضل بأدوات العصر وأساليبه لتحقق ما تريد وتجابه بحزم ودون هوادة كل فكر رجعي متخلف ماضوي، تصطف قوى المدنية والحداثة لتخرج المجتمع من حالة التنازع القائمة التي يعاني منها، تضعه على بداية الطريق الصحيح السائر نحو الدولة المدنية والمجتمع المدني والعدالة الاجتماعية التي يتحقق بواسطتها العيش الكريم لكل مواطن يمني.