15 غارة للعدوان على الجوف ومأرب    الأرصاد تتوقع أمطاراً رعدية بالمناطق الساحلية والجبلية وطقساً حاراً بالمناطق الصحراوية    تفاصيل جديدة لمقتل شاب دافع عن أرضه بالحسوة برصاص من داخل مسجد    من أين تأتي قوة الحوثيين؟    بيع شهادات في جامعة عدن: الفاسد يُكافأ بمنصب رفيع (وثيقة)    شركات الطيران العالمية تلغي رحلاتها إلى كيان العدو بعد تحذيرات اليمن    بدء تنفيذ قرار فرض حظر على الملاحة الجوية لمطارات الكيان    رسميًا.. بايرن ميونخ بطلًا للبوندسليجا    تشيلسي يضرب ليفربول ويتمسك بأمل الأبطال    تدشين برنامج ترسيخ قيم النزاهة لطلاب الدورات الصيفية بمديرية الوحدة بأمانة العاصمة    نائب رئيس مجلس القيادة الرئاسي الدكتور عبدالله العليمي يعزي في استشهاد عمر عبده فرحان    تدمير المؤسسة العسكرية الجنوبية مفتاح عودة صنعاء لحكم الجنوب    فشل المنظومات الاعتراضية الأمريكية والإسرائيلية وهروب ثلاثة ملايين صهيوني إلى الملاجئ    خلال لقائه قيادة وزارة الدفاع ورئاسة هيئة الأركان العامة وقادة المناطق العسكرية..الرئيس المشاط: أفشلنا بفضل الله وتوفيقه المرحلة الأولى من العدوان الأمريكي على اليمن    ورطة إسرائيل.. "أرو" و"ثاد" فشلا في اعتراض صاروخ الحوثيين    يادوب مرت علي 24 ساعة"... لكن بلا كهرباء!    وزير الصحة ومنظمات دولية يتفقدون مستشفى إسناد للطب النفسي    قدسية نصوص الشريعة    فيما مصير علي عشال ما يزال مجهولا .. مجهولون يختطفون عمه من وسط عدن    صرخةُ البراءة.. المسار والمسير    تطور القدرات العسكرية والتصنيع الحربي    في ذكرى الصرخة في وجه المستكبرين: "الشعار سلاح وموقف"    متى نعثر على وطن لا نحلم بمغادرته؟    الاجتماع ال 19 للجمعية العامة يستعرض انجازات العام 2024م ومسيرة العطاء والتطور النوعي للشركة: «يمن موبايل» تحافظ على مركزها المالي وتوزع أعلى الارباح على المساهمين بنسبة 40 بالمائة    من أسبرطة إلى صنعاء: درس لم نتعلمه بعد    أمريكا بين صناعة الأساطير في هوليود وواقع الهشاشة    ملفات على طاولة بن بريك.. "الاقتصاد والخدمات واستعادة الدولة" هل يخترق جدار الأزمات؟    المصلحة الحقيقية    أول النصر صرخة    مرض الفشل الكلوي (3)    العشاري: احراق محتويات مكتب المعهد العالي للتوجيه والارشاد بصنعاء توجه إلغائي عنصري    التحذير من شراء الأراضي الواقعة ضمن حمى المواقع الأثرية    دوي انفجارات في صنعاء بالتزامن مع تحليق للطيران    إلى متى سيظل العبر طريق الموت ؟!!    وسط إغلاق شامل للمحطات.. الحوثيون يفرضون تقنينًا جديدًا للوقود    صنعاء .. طوابير سيارات واسطوانات أما محطات الوقود وشركتا النفط والغاز توضحان    نصيحة لبن بريك سالم: لا تقترب من ملف الكهرباء ولا نصوص الدستور    قيادي حوثي يفتتح صيدلية خاصة داخل حرم مستشفى العدين بإب    وزير الدفاع الإسرائيلي: من يضربنا سنضربه سبعة أضعاف    «كاك بنك» يدشن خدمة التحصيل والسداد الإلكتروني للإيرادات الضريبية عبر تطبيق "كاك بنكي"    ريال مدريد يحقق فوزًا ثمينًا على سيلتا فيغو    وفاة طفلتين غرقا بعد أن جرفتهما سيول الأمطار في صنعاء    الدكتور أحمد المغربي .. من غزة إلى بلجيكا.. طبيب تشكّل وعيه في الانتفاضة، يروي قصة الحرب والمنفى    أطباء تعز يسرقون "كُعال" مرضاهم (وثيقة)    92 ألف طالب وطالبة يتقدمون لاختبارات الثانوية العامة في المحافظات المحررة    يفتقد لكل المرافق الخدمية ..السعودية تتعمد اذلال اليمنيين في الوديعة    لاعب في الدوري الإنجليزي يوقف المباراة بسبب إصابة الحكم    السعودية تستضيف كأس آسيا تحت 17 عاماً للنسخ الثلاث المقبلة 2026، 2027 و2028.    الأهلي السعودي يتوج بطلاً لكأس النخبة الآسيوية الأولى    مع المعبقي وبن بريك.. عظم الله اجرك يا وطن    المعهد الثقافي الفرنسي في القاهرة حاضنة للإبداع    - حكومة صنعاء تحذير من شراء الأراضي بمناطق معينة وإجراءات صارمة بحق المخالفين! اقرا ماهي المناطق ؟    "ألغام غرفة الأخبار".. كتاب إعلامي "مثير" للصحفي آلجي حسين    مقاومة الحوثي انتصار للحق و الحرية    مقاومة الحوثي انتصار للحق و الحرية    القاعدة الأساسية للأكل الصحي    مانشستر سيتي يقترب من حسم التأهل لدوري أبطال أوروبا    الكوليرا تدق ناقوس الخطر في عدن ومحافظات مجاورة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الدكتور محمد الظاهري-أستاذ العلوم السياسية في جامعة صنعاء ل«الجمهورية»:
الثورة الشبابية كسرت حاجز الخوف وقضت على مشروعي تأبيد وتوريث السلطة
نشر في الجمهورية يوم 07 - 05 - 2014

قال إن الشباب المستقل والمتمرّد تنظيمياً هم أول من أشعل جذوة الثورة، وإن الشيوخ قد تمكّنوا من تحويل مسار الثورة من الشرعية الثورية إلى الشرعية التوافقية، وإن عليهم أن ينتقلوا إلى التغيير داخل بُنية أحزابهم السياسية التي شاخت.. «الجمهورية» التقت الدكتور محمد الظاهري، أستاذ العلوم السياسية في جامعة صنعاء وخرجت معه بالحصيلة التالية ..
.. لنبدأ من جديد آخر منشور لكم.. دعوتكم للشباب للتمرد على أحزابهم.. لماذا التمرد من أساسه؟
نعم.. في الواقع عندما خرجنا إلى ساحات الحرية وميادين التغيير، الشباب الذي تمرد حزبياً هو من دفع تكتل أحزاب اللقاء المشترك للنزول، وأنا أذكر أنه في 3 فبراير قبل الثورة، أثناء الهبة الشعبية، كان سقف أحزاب اللقاء المشترك، وهي القوى المعارضة الرئيسة يومها أن يتم إصلاح النظام السياسي. إن الشباب المستقل والشباب المتمرد تنظيمياً استطاع أن يغير الأهداف ويرفع سقفها من إصلاح سياسي جزئي إلى تغيير سياسي ورحيل قمة الهرم السياسي، وقد بدأت قبل ذلك حركة 15 يناير الطلابية بإطلاق شرارة الثورة الشبابية , وتواصلت الحركات والتكتلات الشبابية. يا عزيزي دوران القيادات الحزبية شبه جامد، لا يوجد تداول سلمي للسلطة في إطار الأحزاب السياسية نفسها، قيادات الأحزاب لا تزال هي نفسها القيادات التاريخية، المتشبثة برئاسة الأحزاب، وغير قادرة على إشراك الشباب في صنع القرار الحزبي، كما أنها غير قادرة على تفعيل أطرها التنظيمية وبرامجها الداخلية والوفاء للوائحها ونظامها الأساسي.
لاحظت أيضاً أنه عقب تواري الشرعية الثورية, وانتصار الشرعية التوافقية أن الأحزاب السياسية عادت إلى مقراتها في إطار فكرة تقاسم الوظائف ومحاصصتها, وفي إطار الإصلاح السياسي الجزئي . والإشكالية لدينا في اليمن، أنه وجد لدينا شباب مستقل وحزبي ثائر، ولم توجد لدينا قيادات حزبية ثورية في هذا السياق، فبدأت أبحث عن أسباب عدم اكتمال أهداف ثورتنا، وجدت أن من الأسباب أنه لا بد من التغيير عبر المؤسسات الحزبية؛ ومن ثم ارتأيت أنه لا بد من انتقال التغيير من الساحات والميادين التي وجدت خلال العام 2011م إلى المؤسسات الحزبية مثلا . فالشباب هم أساس الثورة ومشعلو جذوتها الأولى، وأيضا هم الممكن والمتاح الثوري داخل أحزابهم ؛ لأن القيادات الحزبية اليوم أضحت متقمصة لسلوك شخصية الحاكم غير الديمقراطي الذي ثرنا عليه.
..حسناً.. انتقدت الأحزاب الآن وقيمت أداءها لكن قد يقول قائل ما: هذا تقييم من خارج الصف التنظيمي باعتبارك مستقلا لا تنتمي إلى أي حزب سياسي، وبالتالي فأنت لا تدرك ما الذي يدور داخل أروقة المؤسسات الحزبية حتى تخرج بهذا التصريح مثلاً؟
في الواقع إذا أردت أن تقيم الواقع عليك أن تفهمه موضوعياً أي كما هو لا كما تتمناه، فعلاً رؤيتي من الخارج، لكن لي موردين معلوماتيين، الأول باعتباري باحثاً وأكاديمياً في العلوم السياسية، فقد قدمت بحثاً عن الظاهرة الحزبية في اليمن , والثاني علاقتي ببعض القيادات الأحزاب السياسية، وخاصة الوسطية منها، وأيضا الشباب الحزبي،
حيث تربطني بكثيرٍ من كوادرِ الأحزابِ وقياداتِها الوسطيةِ علاقةُ ود , مُسيَّجةٌ بالمصداقيةِ , والثقةِ , والاحترامِ المتبادل. ومن ثم أستطيع القول إنه عبر هذا الوسيط أعرف ولو الحد الأدنى من المعلومات المتواردة علي فيما يتعلق بطبيعة أداء هذه الأحزاب. ودراسات أخرى في هذا المجال. ولا تنس أني كنت من شركاء المشترك, وقد تواجدت بمقرات أحزابهم عبر المحاضرات والحلقات التي كنت أشارك فيها .ومن أراد أن يعرف الظاهرة أي ظاهرة ما أن ينظر إليها من جميع جوانبها، من الداخل والخارج، ودائماً أقول لطلابي, مشبهاً لشخصية الباحث عليك أن تتقمص شخصية النسر من حيث العلو والتحليق حين يتم استقراء الظاهرة، (نظرة طائر) وأن تمارس هواية الغوص في نفس الوقت، بمعنى الاقتراب من الظاهرة موضع الدراسة (وصفاً وتحليلاً وتفسيراً وتبوءاً) ؛ لأن التحليل أو الرأي دون معلومات مكتملة وصحيحة فإن العمل , حينئذ يكون أقرب إلى التنجيم منه إلى التحليل التفسير والتنبؤ.
.. من ناحية ثانية.. عادة ما يرى البعض أن القيادات المؤسسة لأية جماعة أو تكوين عادة ما تأخذ مسار حياتها كاملة، أي تُنهي عمرها في القيادة حتى تتخلق القيادات.. القيادات الحزبية هي تاريخية ومؤسسة في نفس الوقت؟
أعتقد لكي نكون منصفين يتعين الإشارة إلى أن البيئة السياسية اليمنية سابقا , قبل قيام الوحدة وإقرار الأخذ بالتعددية السياسية والحزبية كانت طاردة للعمل السياسي والحزبي العلني ، بل ومجرة له. وقد كانت هذه القيادات الحزبية المعارضة مطاردة , وتعمل تحت الأرض، وبسرية متناهية، لكن هذه القيادات اليوم غدا بقاؤها لا على أساس إنجازاتها , بل على أساس طول مدة بقائها متسنمة رئاسة أحزابها، حيث تشبث كثير من القيادات الحزبية بمناصبها لفترات زمنية طويلة. نحن اليوم في العصر المؤسسي، وعصر الإنجازات وشرعية الأداء. وفي هذا الصدد, علينا ألا نتنكر لهذه القيادة، لكن بالمقابل يجب ألا تكون هذه القيادات عنواناً للحزب واختزالاً له مهما كان. هي أدت دورها، وعليها أن تفسح المجال للدماء الشابة والجديدة، وبالتالي على الأحزاب السياسية أن تفتح أبوابها ونوافذها لكي يدخل الأكسيجين السياسي إلى مقراتها وغرفها المغلقة. لقد أثبتت الأحداث الأخيرة أن الشباب كانوا هم الأبطال وقد قدموا نماذج رائعة في الأداء الثوري، وأيضاً القيادات الوسطية، حتى الآن لما تصل إلى موقع صانع القرار.. إلخ. كانوا في الماضي يقولون أن الحزب يمر بمرحلة استثنائية، وهو ملاحق أمنياً، ومن ثم وفقاً لرؤيتهم يتعين تأجيل تفعيل تداول السلطة الحزبية, ولا ضير من تعطيل تطبيق النظام الأساسي مؤقتاً حتى تزول الأخطار. صحيح هذا، كانت الأحزاب السياسية ملاحقة أمنياً بينما الدور القبلي كان يلعب دوره بوضوح في إطار التأثير على صانع القرار السياسي. فثمة حالة غير سوية سياسياً عرفها الواقع اليمني قبل ثورة 11فبراير ؛ حيث وجدت قبائل تمارس السياسة, في مقابل وجود أحزاب معارضة يراد لها ألا تصل إلى الحكم ويحول الحاكم بينها وبين وصولها إلى السلطة ؛ بسبب ظاهرة تمديد السلطة لا تداولها في النظام السياسي اليمني. فالحزب السياسي بحكم التعريف والمهام , أصلاً طموح، ويسعى للسلطة، أي أن طبيعته إحلاليه بدل السلطة القائمة، بينما القبيلة وشيوخها ليست طموحاتهم إحلالية، بل معاشية , ومبتغاهم أن يظلوا متزعمين لقبائلهم، دون المنافسة على ترؤس الدولة.
دكتور تتكلم عن الشباب وكأنهم من كوكب آخر.. هؤلاء الشباب الذين تتكلم عنهم هم شباب أحزاب، وهم منتمون إلى أحزابهم؟!
نعم.. كي أكون منصفاً، أقول: إن من دشن إعلان الثورة في 15 يناير 2011م هم شباب إما مستقلون أو حزبيون متمردون تنظيمياً، هناك خصوصية للمعارضة اليمنية؛ حيث هي إن أغلبية الشباب لا يزالون تحت عباءة المعارضة, وملتزمين تنظيمياً, وماتزال ما أسميه بمفهوم (الأبوة الحزبية ) مُكبِلة . كما أن المعارضة هي الأقدر على تجييش الشباب، وقد كتبت عقب اندلاع ثورة 2011م حين كنا في مواجهة مع النظام السابق ومؤيديه، قلت عليكم يا أحزاب اللقاء المشترك أن تساندونا فظهورنا نحن والشباب مكشوفة وغير قادرين على مواجهة النظام بمفردنا. وعلي أية حال فقد كان الشباب المتمرد تنظيمياً والمستقل هم رأس حربة التغيير، لكن بالفعل فيما بعد اللقاء المشترك انضم للثورة وتحمل العبء الأكبر وشبابه تحملوا العناء في الساحات والميادين، لكن إذا أردنا أن نؤصل للبدايات فالبداية كان الفضل فيها للمتمردين من شباب الأحزاب السياسية والمستقلين.
.. ربما كان هؤلاء الذين تتكلم عنهم من الشباب هم من أشعلوا عود الثقاب، لكن من تحمل العبء هم الأحزاب؟
نعم , ولكن الإشكالية هنا تتمثل في تهميش قيادات الأحزاب لشبابها وقياداتها الوسطية. ودعوتي تصب في ضرورة التغيير وتمكين الشباب سياسياً, وإشراكهم في صنع القرار السياسي, وتعزيز مفهوم الاقتدار السياسي لدى الشباب الحزبي. وفي هذا السياق, أستطيع أن أضع مراحل تحليلية لدور الشباب وثورتنا الشبابية الشعبية السلمية، في البداية من ضحى أولاً هم الشباب لأنهم قد كسروا حاجز الخوف، ويمكن تقسيم المراحل التحليلية للثورة الشبابية الشعبية إلى المراحل التالية: المرحلة الأولى هي ما أسميه بمرحلة ثورية الشعار والممارسة, حيث كانت الثورة لدينا ولدى شبابنا قولاً وعملاً، ويمكن أن نؤصل لها من 11 فبراير عام 2011حتى مايو 2011م، عندما قبلت القيادات الحزبية بالمبادرة الخليجية حين بدأت المبادرة الخليجية، تلتها مرحلة الصراع بين ما يمكن أن نسميها الشرعية الثورية والشرعية التوافقية، والتي انتصرت فيها الشرعية التوافقية في الأخير، عندما تم التوقيع على المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية المزمنة في شهر نوفمبر من العام 2011م ، ومن ثم انتصرت الشرعية التوافقية بانتخاب الرئيس التوافقي هادي في فبراير 2013، ثم انتقلنا إلى المرحلة التالية التي اسمها بحوار الأضداد ؛ وقد امتدت زمانياً من مارس 2013 وحتى 25يناير 2014, حيث شهدنا ازدواجية الحوار؛ فقد حضر حوار البرامج والفنادق متزامناً مع حوار الخنادق والبنادق . ومن ثم تحول المشهد اليمني إلى مشهد ثأري واستئثاري , حيث حضر الحكم عبر الثأر والثيران. هنا أستطيع القول إن ثمة محاولة لتجميع جهود الشباب، سواء الحزبي المتمرد تنظيمياً أو المستقل، أو الشباب المطيع والملتزم تنظيمياً, وأتمنى أن تنجح المحاولة, بحيث يحدث نوع من التوافق بينهم. لكني لا زلت أؤكد أنه غدا لدينا شباب ثوري حزبي ومستقل، يسعى لتغيير النظام السياسي، ويريدون الإصلاح السياسي الجذري لا الاقتصار على تغيير النظام السابق.
.. في منشور أخير لك أيضاً قلت أن حكامنا يسترزقون بآلامنا وأوجاعنا واليمن دخلت عصر الإعالة الدولية.. ماذا تريد أن تقول تحديداً؟
هو منشور على صفحتي، المقصود أن حكوماتنا تسترزق بآلامنا وتذهب إلى الخارج تشكو أننا شعب غالبية مكوناته من الشباب وتتحدث عن الإرهاب، وبدلاً من أن تتحمل المسئولية إذا بها تتباهى بأن لديها أزمات وأن لديها مواجع وأوجاعا وعلى الخارجي أن يساعدها، وقد كان عندنا في العام 2010م مؤتمرات واجتماعات دولية عديدة لدعم اليمن، بدءاً بمؤتمر لندن, ومؤتمر الرياض , مروراً باجتماع أصدقاء اليمن الأول في أبوظبي, واجتماع برلين, وانتهاء باجتماع أصدقاء اليمن بمدينة نيويورك الأمريكية, والمؤتمر الأخير بلندن. وقد بدأت هذه المؤتمرات منذ العام 2006م أيضا بلندن، كنت أتمنى أن يتواجد اليمنيون في الخارج وهم يصدرون منتجاتنا وإبداعاتنا للناس وللعالم لا يصدرون لهم مشاكلنا. إن هذا بمثابة هروب من تحمل المسئولية، هذه مشكلة، وقد أحسست كيمني أن كبريائي الوطني قد جرح، وأن ظاهرة المؤتمرات والاجتماعات الدولية لإنقاذ اليمن وهي ظاهرة قديمة ليست وليدة اليوم قد شوهت تاريخنا وخدشت كبرياءنا للأسف، لا أدري لماذا لا نشعر بالخجل أو الحياء ونحن نستجدي الغير، إن المعضلة هنا, تتمثل في أن حكامنا السابقون وحكوماتنا المتعاقبة قد أدمنوا الاسترزاق بأوجاعنا وآلامنا؛ بحيث جعلوا من إخفاقاتهم في الداخل مبرراً لأن يعودوا إلى الخارج ليغطوا عجزهم. هذا شعوري، لأن اليمن ليست فقيرة موارد أو فقيرة كفاءات، المبدعون موجودون، والشرفاء أيضاً موجودون لكن للأسف سلطاتنا المتعاقبة استمرأت الفساد بهذه الطريقة وهربوا من حل مشاكلهم إلى الغير. لا يوجد لدينا منذ زمن رشد سياسي عالي، رؤانا السياسية متدنية، وغير ناضجة. يا أخي هذه الدول الصديقة التي تدعم اليمن ليست جمعيات خيرية أو صناديق ممولة، هي لها أجنداتها وأهدافها الخاصة، أنا أريد أن أشعر كيمني أني أعيش في دولة تحقق العزة والكرامة والسيادة لليمن.
تتكلم عن المشكلة.. فما الحل؟
الحل أولاً أن يتم إيجاد المؤسسات، ننتقل من شخصانية الدولة إلى دولة المؤسسات، لابد من حضور المؤسسات بقدراتها ووظائفها لا بأشخاصها، لدينا مؤسسات اليوم لكن للأسف تبدو كالهياكل أو كالأصداف الخالية, لابد أن يدرك القائمون على أمر الحكومة اليوم أنهم أمام أمر عظيم وهو العمل على تغيير الواقع، لأنهم مطالبون بتغييره، كلهم بلا استثناء. اليوم لدينا شعارات ثورية بلا مخرجات للأسف. وعلى الجميع اليوم تحمل المسئوليات. علينا أن نبحث عن مواردنا الخاصة في بلادنا ونسعى لاستثمارها.. يتعين إلا نركن إلى معونات الأشقاء والأصدقاء.. ينبغي التخلص من الإعالة الخارجية لنا؛ فنحن شعب عريق غني بموارده وعقول أبنائه.
.. دكتور.. ألا ترى أن مشكلة اليمن هي مشكلة معقدة أصلا، بمعنى أنها ليست مشكلة واحدة فقط، بل مشاكل اقتصادية.. سياسية.. اجتماعية.. إلخ، وبحسب الشاعر: تكاثرت الظباء على خراش فلم يدر خراش ما ذا يصيد. بمعنى أن اللجوء إلى المساعدات الدولية في الظرف الحالي تبدو أمراً لا مناص منه؟!
بالفعل، لقد اتسع الخرق على الراقع، والخطورة هنا أن الراقع لم يعد يمنياً وإنما خارجياً، للأسف نحتاج أولاً إلى تغيير الثقافة السياسية السائدة. المسئولون عندنا لا يخجلون من الفشل، ومشبعون بثقافة العصمة السياسية، في الوقت الذي يعتبر فيه الفشل عاراً على المسئول في أية دولة تحترم نفسها. الرأي العام أحياناً لا يقدر معنى المسئولية على المسئول, ونحتاج أيضاً لحضور الإرادة السياسية والقدرة على اتخاذ القرار الرشيد والفاعل, فالظباء قد تكاثرت فعلاً.
.. أشرت قبل قليل إلى أن ثمة أجندات أو مصالح من وراء الدعم الدولي أو الإقليمي لليمن حين قلت إن هذه الدول لها مصالحها وهي ليست جمعيات خيرية أو صناديق ممولة؟
طبعاً في العلاقات الدولية لدينا مقولة أثيرة مفادها: أنه لا توجد عداوات دائمة، بل إن هناك مصالح دائمة، الخطورة هنا أن ما يحصل في اليمن لم يعد أمراً يمنياً - يمنياً، بل غدا إقليمياً ودولياً، هذه القضايا أصبحت جزءاً من إدارة الصراعات الدولية، نحن افتقدنا لاستقلاليتنا، في هذا الإطار أيضاً، تخلى اليمنيون عن مسئولياتهم.
.. عفواً.. هذا القرار الذي أشرت إليه ألا ترى أنه لصالح اليمن بالأول والأخير؟
القرار ليس شراً محضاً وليس خيراً محضاً. وإشكالياتنا في اليمن فقدان الثقة واستشراء الشك السياسي وغابت المصداقية السياسية بين مكوناتنا السياسية والحزبية تحديداً، ولا تزال قوانا السياسية تأنس للغريب وللخارجي أكثر مما تأنس لبعضها البعض. أغلب تحركاتنا وأنشطتنا لا تحقق النتائج المرجوة التي قامت من أجلها. المشكلة أن الطرف الإقليمي والدولي حاضر وقريب من اليمن وشئونها أكثر مما ينبغي، وهذا بسبب فشلنا السياسي في الداخل. بل إن موقع اليمن الجيوسياسي والمهم قد تحول من نعمة إلى نقمة وعبء على صانع القرار السياسي اليمني، بدلا من أن يكون رافدا قويا لها.
.. القاعدة مؤخراً حديث العامة والخاصة، كيف تقرأ ما يجري اليوم على هذا الصعيد؟
بداية إني أُدين الإرهاب , سواء أكان مصدره تنظيم القاعدة أو أية جماعة أو حركة عنف, أو كان مصدر هذا(الإرهاب) أو العنف. بالنسبة للقاعدة، كنا نقول في الماضي أن لدينا أكثر من قاعدة، أي قواعد، قاعدة بن لادن، قاعدة علي صالح، قاعدة إقليمية أو دولية، المشكلة اليوم مرتبطة بقيام الدولة. البعض يربط ذلك بالدولة العميقة، الدولة هي المكون الأساسي الوحيد الذي من حقه احتكار القوة وحق استخدامها في إطار الدستور والقانون. في اليمن هذه الحالة مختلفة، لدينا القوة موزعة بين جماعات وحركات, لدينا توازن ضعف. فقد توزعت قوة الدولة، بين أحزاب وجماعات وتنظيمات وحركات, وللأسف بعض مكونات المجتمع اليمني تقوم بالحرب بالإنابة عن غيرها. ونحن في وضع انكشافي أمام الآخرين. والواقع أن الدولة لم تعد تقتصر في قوتها على القوة العسكرية أو الأمنية، الآن أقولها بكل وضوح رغم ما قدمه الضباط الأحرار سابقاً إبان ثورة سبتمبر ولاحقاً، إلا أنه توجد لدينا مليشيات ولا توجد لدينا جيوش أوطان. بمعنى أنه لا توجد عقيدة عسكرية واحدة واضحة، بل إن المؤسسة العسكرية والأمنية كانت منغمسة في الصراع السياسي، أكثر مما ينبغي. وبدلاً من أن تكون المؤسسة العسكرية والأمنية حامية لليمن وأمنه واستقراره أصبحت اليوم صيداً سهلاً للجماعات العنيفة المسلحة كالقاعدة وغيرها. الدولة هنا بمعناها السيادي والوظيفي غائبة.. غائبة، وأنا أحزن عندما أرى القتلى من المؤسسة الأمنية أو العسكرية. بل احزن لاستمرار نزيف الدم اليمني بأيدٍ يمنية وخارجية. نحن دولة بحرية في الأساس لكن حدودنا البحرية مكشوفة.
.. ألا ترى أن بعض الجهات الإقليمية قد جلبت لنا هذه العناصر القاعدية إلى اليمن؟
نعم. لكن حذارِ من التركيز هنا, على (أعرض) الظاهرة الإرهابية دون الغوص في جوهرها من حيث أسباب حدوثها وروافد وجودها. كما أنني احذر من التعامل الموسمي مع ظاهرة الإرهاب , والاكتفاء بالحل العسكري والأمني فحسب؛ حيث إنها ظاهرة مركبة ومعقدة , وذات جذور فكرية واقتصادية واجتماعية وسياسية ودينية أيضاً. للأسف بعض القوى السياسية الإقليمية عملت على ذلك...
.. أكثر من ثلاث سنوات مرت على الثورة اليمنية.. تقييمك لهذه الفترة؟
نعم.. تقييم كالتالي، أولاً أن ثورتنا غير مكتملة، والثورات غير المكتملة تطيل أعمار أعدائها, وتمنحهم فرصة ترتيب صفوفهم بل وتغريهم بمقاومتها والسعي لإجهاضها. وفي هذا الصدد. أود التأكيد على أن الثورة الشبابية الشعبية قد مرت بمراحل متعددة ذكرتها آنفاً، حيث أشرت إلى أنه حدث صراع بين الشرعية الثورية والشرعية التوافقية، و انتصرت الشرعية التوافقية، ثم اختزلت الشرعية التوافقية في عملية التقاسم والاستئثار بالمناصب. الثورة حققت بعض الأهداف، وإن كانت هذه الأهداف متواضعة جداً. في الواقع هناك أهداف تحققت ويكفي التذكير هنا بأنها قد كسرت حاجز الخوف, وقضت على مشروعي تأبيد السلطة ومحاولة توريثها. اللذَّين كان يُحضَر لهما قبيل اندلاع الثورة. فمشروع التوريث توارى, وكذا تأبيد السلطة انتهى. هذه منجزات محسوبة للثورة وإن كانت متواضعة قياساً إلى أهداف الشباب والثوار ومطالبهم.
.. المسألة الحوثية.. كيف تقرأ تفاصيلها؟
المسألة الحوثية بدأت في إطار ما أسميه بالتكتيك(الصالحي) الذي ركن إليه كثيراً الذي كان حاكماً. والمتمثل في السعي لتقوية الضعيف لإضعاف القوي وبالتالي إضعافهما معاً في المآل الأخير, إبان حكم النظام السابق, فمثلاً تم تقوية الإصلاح لأضعاف الاشتراكي, وكذا المساعدة في إنشاء الشباب المؤمن ودعمه في مواجهة التجمع اليمني للإصلاح، خاصة وقد بدأ مشروع التوريث يعتمل في الذهن, أما الجماعة الحوثية فهي حركة ناشئة وصاعدة ولها مصادر قوة داخلية وخارجية، أستطيع أن أقول إنها قد انتقلت من مرحلة الضحية إلى مرحلة المنتقم، أو قد تمنطقت بمفهوم غطرسة القوة في تعاملها تجاه سليفي دماج رغم شباب الحركة الحوثية (أو أنصار الله) قد شاركونا الثورة، وقد بدأوا في الآونة الأخيرة يستذكرون الصراعات والثارات الماضية، ومن أهم مواطن ضعف هذه الحركة أنها قد تحالفت مع من ثرنا سوياً عليه, وكذا مازالت حركة مبندقة, وهي أقرب إلى أن تتقمص دور الجلاد بعد أن كانت إبان حروب صعدة الست تُسكّن كحركة مظلومة, وأرى أنه يتعين أن تنتقل من حركة مسلحة إلى حركة سياسية , تسعى لتحقيق أهدافها عبر التعددية السياسية والحزبية, واحترام مخرجات الحوار الوطني التي شاركت في صياغتها.
.. البعض يرى أن ثمة تحالفاً واضحاً بين هذه الجماعة التي نتحدث عنها وبين عناصر النظام السابق؟
هناك تعانق فكري بين الفكر الزيدي والفكر الاثني عشري، ويبدو لي أنها تعبر فكرياً عن مدرسة ما يسمى بمدرسة الخروج على الحاكم الظالم.
.. نتكلم عن الجانب السياسي لا الفكري؟
هناك أهداف داخلية لها رافد إقليمي لتصفية حسابات قديمة حديثة، وهي تتحالف اليوم مع علي صالح، وهو تحالف واضح، ولاحظ على مستوى القنوات والرؤى والتحليلات. التحالف واضح. مع أنه من الصعوبة بمكان العودة إلى تأسيس حكم كهنوتي ملكي رفضه اليمنيون منذ عقود من الزمن. مع أن البعض يضخم من حجم الوجود الحوثي، وأن النظام الجمهوري في خطر، أحدثك بكل وضوح، أن أهداف الثورة اليمنية قد تحولت إلى مجرد (تعويذه) تكتب بجانب ترويسة بعض الصحف. إنه يتعين علينا دراسة أسباب إخفاق بعض ثوراتنا, وغياب نجاح كثير من أهدافها, وعدم اكتمالها.
.. طيب والوضع بهذه الصورة، وعلى ضوء المعطيات الجارية اليوم.. كيف تستقرئ المستقبل؟
لدينا مشاهد أو سيناريوهات محتملة, الأول المشهد التمديدي, وهذا المشهد قد بدأ بالفعل منذ انتهاء الحوار الوطني وتحديدا منذ 21يناير الماضي, حيث تم التمديد للفترة الانتقالية وتشكيل الهيئة الوطنية من أعضاء الحوار, وكذا التمديد لمجلس النواب الكهل, وكذا التمديد لحكومة التقاسم مع إمكانية تغيير حكومي محدود في إطار التقاسم، والخشية هنا, أن يتم التمديد المشكلات والأزمات والتعايش معها دون الانتقال لليمن اتحادي المنشود. المشهد الثاني هو المشهد التشييدي أو التجديدي, بمعنى الانتقال إلى مرحلة تنفيذ مخرجات الحوار الوطني, والسعي لتشييد الوطن اليمني الجديد, وحضور دولة الحق والعدل والقانون, المسيجة بقيم الحرية والعدالة والمساواة. وهذا هو المشهد المرغوب فيه, ويتعين العمل باتجاه تحقيقه. أما المشهد الثالث والأخير فهو المشهد التجزيئي أو التفكيكي. وهو بمثابة المشهد الكارثة؛ حيث وفقاً لافتراضات هذا المشهد قد تحضر الحرب الأهلية اليمنية- اليمنية, ويتسع التدخل الخارجي بأطماعه لا بمساعدته ومعوناته, وتتفرق (أيادي سبأ) ويتم تجزئة اليمن مجتمعاً ودولة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.