يحكي القاضي محمد إسماعيل العمراني فيقول : كان هناك امرأة مغفلة، وقد توفي أبوها وأمها منذ فترة، وفي يوم من الأيام كان زوجها في عمله، وهي جالسة في البيت، فدق عليها باب البيت، رجل دجال، ففتحت له، فقال أنت فلانة، وأبوك فلان، وأمك فلانة قالت: نعم فقال: أبوك وأمك اليوم يتعرسوا في الجنة (أي يعمل لهما عرس في الجنة) وهما يحتاجان إلى ملابس لزوم العرس، والزفة، فقالت: صدق؟ لابد أن احضر لهما أحسن الملابس لكن من أنت؟ قال الدجال: مزين البلى (والمزين هو الحلاق.. والقاعدة في اليمن أن المزين أو الحلاق كالخادم يوم العرس فيسعى في تحصيل ما يحتاجه العروسان وأهل البلى أي الموتى)، فقالت مرحباً أعطني خمس دقائق لأجمع لك خير الملابس راعي لي شوية ثم جمعت له صرتين كبيرتين واحدة فيها ملابس رجال لأبيها، و الأخرى ملابس نساء لأمها، فأخذها الدجال مسرعاً وبعد قليل جاء زوجها من عمله متعباً، فلما فتحت له الباب قالت: قول لي جنه (جنه وهي عبارة صنعانية معناها هنأني وهي من أمثال نساء صنعاء جنه لش) فقال: لماذا؟ قالت: قول لي جنه، قال : جنه لش، قالت: أبي وأمي عيتعرسوا ( سوف يتعرسون ) في الجنة فقال كيف؟ فحكت له الحكاية كلها، فصاح بها وقال: أنت غبية بلهاء، هيا جهزي لي الحصان حتى ألحق هذا الدجال اللص بسرعة.. فجهزت له الحصان فركب عليه وأغذ السير (أي: أسرع) حتى رأى من بعد الدجال وفي يديه الصرتان والتفت الدجال فرآه، فأدرك أنه زوج المرأة التي خدعها، وفكر بسرعة في كيفية الخروج من هذا المأزق، وفي أثناء تفكيره رأى رجلاً أصلع يحرث في قطعة أرض بجوار جبل وبجواره كومة قش الكبيرة، فأقبل الدجال ناحية الرجل الأصلع، وخبأ الصرتين في كومة القصب، ثم قال الدجال للرجل الأصلع: أترى الرجل القادم على الحصان هناك، أنه مرسل من قبل السلطان ليصنع من رؤوس الصلع بطاطاً (لا يقصد به هنا البطاط المعروف وإنما إناء من الجلد، يوضع فيه الصليط أي الزيت)، وكان الرجل الأصلع غبياً مغفلاً فصدقه وقال له: وما العمل قال الرجال الدجال: أرى أن تحاول الهرب منه فتصعد على الجبل فلا يصل إليك فنفذ الرجال الأصلع ما أشار عليه الدجال، وعندما وصل زوج المرأة إلى الدجال سأله: ألم تر رجلاً يحمل في يده صرتين؟ فقال الدجال نعم، هذا الذي صعد فوق الجبل فقال زوج المرأة: ولكني لا استطيع أن أطارده وإلى فوق الجبل وأنا على الحصان، فقال الدجال: دع عندي الحصان أحفظه لك حتى تصعد على الجبل وتمسك بالرجل فقال زوج المرأة: شكراً لك ولكن حافظ على الحصان فقال الدجال: نعم، نعم، طبعاً. ثم صعد زوج المرأة على الجبل ليطارد الأصلع، فلما أبصره الأصلع يطارده، تأكد أنه يريد أن يصنع من صلعته بطاطاً، فلما اقترب زوج المرأة من الأصلع، كان يقول له وهو يطارده: خذ واحدة ودع واحدة (وهو يريد بقصده الصرتين) والرجل الأصلع يضرب على رأسه ويقول: والله ما معي إلا هذه (وهو يريد صلعته وفي النهاية أخذ الرجل الأصلع حجراً مدبباً، وتوقف عن الجري وأخذ يضرب رأسه بالحجر ليشجها، ويقول: لا لي ولا لك ولا لبطاط (وهذا مثل صنعاني، يقال في الشيء الذي لا تستفيد منه لا أنت ولا غيرك) ، فلما رآه زوج المرأة يفعل هذا استفسر عن السبب، فحكى له، وعرف أنه ليس هو اللص الذي خدع زوجته، وتبين له أن اللص هو الذي ترك عند الحصان، فنزل مسرعاً فرأى اللص على بُعد لا يمكن الوصول إليه، وقد ركب الفرس ووضع إحدى الصرتين في ناحية على الفرس والصرة الأخرى في الناحية الأخرى، فعلم أنه قد ضاع منه الحصان كما ضاعت الصرتان، وأنه خُدع كما خدعت زوجته، فعاد إلى بيته متعباً محسوراً مخزياً لا يدري ما يقول لامرأته، وقد وبّخها وشتمها على صرتين، فماذا ستقول له وقد أضاع الحصان؟! فلما وصل وفتحت له قالت: ما فعلتم؟ فقال بسرعة: وجدناه صدقاً وزفتهم يوم الخميس، ولم يكن لديهم حصان (فاديت لهم الحصان)، (هذا المثل يقال فيمن غلب مرتين) أو بلغة أهل صنعاء: زادوا عليه مرتين.