«60» عاماً خدمة عسكرية للوطن, و«52» عاماً على اقتحامه بوابة «قصر الوصول» في صنعاء والذي يعد أهم القصور الملكية عشية اندلاع ثورة السادس والعشرين من سبتمبر 1962, شارك في فك حصار السبعين يوماً بصنعاء, كما له مساهمات كبيرة في دحر الملكيين لمناطق جحانة ورداع, وآنس, ومعبر, تقلد مناصب عسكرية ومدنية عديدة منها: قائد لواء الحديدة, قائد لواء رداع, قائداً للكتيبة الرابعة مدرعات, نائباً لقائد سلاح المدرعات ورئيس عمليات السلاح أثناء حصار السبعين, و محافظاً لمحافظة إب. شارك في فتح طريق «نقيل يسلح» التي أغلقتها القوات الملكية في بداية الهجمة الشرسة المكثفة لحصار السبعين يوماً على صنعاء, وله الكثير من المواقف الوطنية المشرفة. ضيفنا في هذا الحوار المناضل الكبير اللواء علي بن علي عبدالله الحيمي, من مواليد 1942 بمدينة “الكبس” خولان الطيال, وهو الثالث لأربعة إخوة أشقاء من أب وأم, توفي والده وهو في سن الخامسة عشرة, درس في مدرسة دار الأيتام بصنعاء , له 6 من الأبناء (3ذكور و3إناث), والأمين العام المساعد لمناضلي الثورة اليمنية والدفاع عن الوحدة (المحاربون القدامى), والذي يحكي لنا في هذا الحوار المفصل والخاص بمرور “52”عاماً على اندلاع ثورة ال26 من سبتمبر المجيدة, كيفية تشكل الوعي الوطني لديه ولدى أقرانه ممن التحقوا بمدرسة الأيتام بصنعاء وآخرين ممن انضموا للدراسة في الكلية الحربية ومدرسة السلاح, وكيف تشكلت الحركة الوطنية وتأسيسه إحدى خلايا تنظيم الضباط الأحرار, وما هي الأسباب الحقيقية التي جعلتهم يفكرون القيام بثورة ضد نظام حكم المملكة المتوكلية آنذاك, وعن المراحل التي أعقبت ثورة سبتمبر بدءاً من حصار صنعاء والذي عُرف ب«حصار السبعين», وكذلك «حصار رداع» وغيرها من المناطق التي كانت مسرحاً لحرب واسعة بين «الملكيين» و«الجمهوريين», وفي هذا الحوار يحدثنا المناضل الحيمي عن رؤيته لما يحدث اليوم من أحداث تشهدها اليمن, ورسالته لليمنيين في ذكرى ثورتهم المجيدة, فإلى تفاصيل الحوار: .. ما هي مشاعرك اليوم تجاه ثورة سبتمبر بعد 52عاماً على اندلاعها؟ تغمرني الغبطة والسعادة اليوم وأنا أقوم باسترجاع الذاكرة إلى ما قبل 52 عاماً مضت من عمر ثورتنا العملاقة التي تفجرت في الساعة الحادية عشرة قبل منتصف مساء الخميس الموافق 26سبتمبر من عام 1962م, لكي أسجل هنا ما أسعفتني الذاكرة به في محاول متواضعة بحكم دوري في أحداث فعل تفجير الحدث الثوري, وباعتبار أني كنت «قائد طاقم الدبابة» في فرقة عمليات الاقتحام الأولى التي نالت شرف السبق في عملية التحرك أثناء تلقي الأوامر العسكرية في ذلك المساء وإعلان ساعة الصفر, وكعضو في تنظيم الضباط الأحرار, فإن واجبي الوطني ومسؤوليتي التاريخية تفرضان علي اليوم أن أقول للناس وعبر صحيفتكم, أقول الحقيقة والحقيقة وحدها لا سواها, سواء فيما يتعلق بالأشخاص أو المواقف, أو بالأحداث وزمان ومكان التحرك والاتصالات, أو اللقاءات والاجتماعات خلال فترة الإعداد للثورة, أو أثناء تفجير حدثها, أو فيما بعد ذلك. ولقد استطاعت ثورة ال26من سبتمبر العملاقة التاريخية المتوهجة عام1962م, القضاء إلى الأبد على أعتى حكم رجعي كهنوتي فردي, كان يحكم بلادنا أرضاً وإنساناً, وظلت أسرة بيت حميد الدين والطغاة من الأئمة قبلها يتعاقبون على حكم اليمن لأكثر من 1001 سنة من تاريخ شعبنا اليمني الضارب في أعماق التاريخ, وحتى تحقق له النصر الحاسم بقيام ثورة سبتمبر ليثبت لنا وللعالم قاطبه بأن إرادة الشعوب لا تقهر, وأن انتصار ثورتنا الظافرة لم تكن بمحض الصدفة أو وليدة ساعة بل إن انتصارها الساحق على كل أعداء الوطن في الداخل والخارج سوياً إلا تجسيد فعلي وعملي لانتصار الإرادة اليمنية وللحدث التاريخي المشهود، والذي تتوج بقيام وانتصار ثورتنا المجيدة, وإعلان النظام الجمهوري. كما لم تكن التضحيات الجسام التي قدمها شعبنا اليمني العظيم عبر مراحل تاريخ نضاله المتواصل قرباناً على مذابح الحرية للخلاص من حكم طغيان الأئمة وزبانيتهم إلا استجابة حقيقية لمكونات تحرره وانعتاقه من ربقة التخلف المزمن الرهيب الذي فرضه عليه الطغاة بقوة الحديد والنار والتجويع والعزلة والتجهيل والدجل باسم الدين. فقيام ثورة السادس والعشرين من سبتمبر الخالدة, ونجاح تحقيق انتصاراتها الساحقة, وتجدد تصلب عظمة قوتها ومجد صمودها, كان بفعل ما بذله شعبنا اليمني بالدم والروح من خيرة أبنائه من قوافل الشهداء الذين سقطوا دفاعاً عن حقه في التحرر والسيادة الوطنية والاستقلال لكل الأراضي اليمنية وإعادة بناء حياته الحرة الكريمة المزدهرة. .. سيادة اللواء قبيل اندلاع ثورة سبتمبر كان لابد أن يكون هناك وعي قد تشكل لديكم بضرورة إحداث التغيير, حدثنا كيف تشكل الوعي الوطني أو لنقل الوعي الثوري لديكم؟ عندما انتقلنا من مدرسة الأيتام إلى المدرسة المتوسطة بعد موافقة الإمام نفسه, وكنا نتداول بعض الكتب سرياً مع زملائنا, وأتذكر أننا كنا نتأثر بمؤلفات الكاتب خالد محمد خالد, ومصطفى المنفلوطي, وأبي القاسم الشابي, وكتاب واق الواق للشهيد محمد محمود الزبيري, وغيرها من المطبوعات التي كانت تعتبر محرمة أيام الإمام, كما تأتي لنا استماع البرنامج الأسبوعي «صوت الأحرار» من إذاعة صوت العرب في القاهرة برغم عدم امتلاكنا لجهاز راديو، إلا أن الأخ الشاب المخلص قاسم شعرة وهو أحد سائقي وزارة المواصلات حينذاك, كان يضع جهاز الراديو الخاص به على نافذة غرفة منزله المجاور لمدرستنا, كي نستمع للبرنامج وغيره من البرامج والإذاعات العالمية، وكان في كثير من الأيام يفتح لنا باب منزله ونجلس في صحن المنزل للاستماع، وكان ذلك البرنامج يعده ويقدمه أبو الأحرار الشهيد محمد محمود الزبيري ورفاقه الذين كانوا يعيشون في المنفى من ضمن العشرات من عناصر الحركة الوطنية اليمنية, كل هذه المستجدات طرأت على حياتنا المدرسية والعامة, وخلفت لدينا البدايات الأولى للوعي الوطني، كما أنه كانت تجمعنا علاقات أخوية جيدة بمن سبقونا من زملاء الدراسة، والمدرسة الثانوية ودار العلوم والمعلمين والعلمية, مكنتنا المزيد من المعرفة والتوسع في القراءة والاطلاع وتبادل اللقاءات والمشاركة الفعلية في المحاضرات الثقافية وغيرها. وأدت كل هذه الفعاليات الفكرية إلى تجذير وتأطير الحس الوطني في صفوفنا في كل هذه المدارس العليا آنذاك, فأصبحنا قوة شبابية جديدة لها ثقلها داخل المجتمع اليمني المحروم من أبسط مقومات الحياة، وهنا لازلت أتذكر ما قمنا به إبان العدوان الثلاثي الغاشم على مصر عام 1956, حيث قمنا بمظاهرة احتجاج طلابية عارمة نظمتها كل هذه المدارس, فجابت ميادين وشوارع صنعاء, ثم قمنا بالاعتصام الجماعي أمام مبنى الإذاعة القديمة والتي مقرها الآن أمام رئاسة الوزراء, فقام زبانية الإمام بمطاردتنا فاتجهنا إلى خارج السور وبقينا خارج باب الروم وبجوار مستشفى الكويت حالياً. وبعثنا برقية إلى الإمام أحمد في تعز أبلغناه بأن السلطات في صنعاء تريد اعتقالنا, فأجاب على البرقية: بأنه أمر بتشكيل لجنة مكونة من الحسن بن علي ابن أخيه, وعلي يحيى حميد الدين وحسين الويسي, وعبدالرحمن السياغي لدراسة المشكلة وحلها. وفي نهاية 1956,انتقلنا مع زملائي إلى المدرسة الثانوية التي كان مديرها آنذاك الأستاذ أحمد الشمسي، وكان ممن يدرسوننا ويديرون المدرسة من الأستاذ أحمد المروني، والأستاذ عبدالله حمران، والأستاذ عبدالعزيز المقالح, وغيرهم. .. وكيف كان الوضع العام للبلاد في تلك الفترة؟ في تلك الفترة كانت قد بدأت الشروخ داخل كيان أسرة بيت حميد الدين تطفو على سطح الواقع المعاش, فاحتدم الصراع بين الحسنين والبدرين, وبرغم أن الطاغية الإمام أحمد كان قد عمل على جعل ولاية العهد في ابنه محمد الملقب بالبدر, منذ انقلاب عام 1948م, إلا أن شقيقه الحسن وقف بكل قواه المادية والبشرية والمعنوية ضد أن يكون ابن أخيه هو الأسبق أو الأقدم لخلافة أبيه, إلا أنه في هذه الفترة بالذات كانت تسمية ولي العهد أي لمحمد البدر قد صارت ذائعة الصيت في الداخل والخارج. .. ألم يكن هناك أية بوادر لتحسين الأوضاع في البلاد؟ للأسف لا؛ لأننا لو قارنا بين الحسن بن يحيى وابن أخيه محمد البدر, في تلك الفترة الزمنية سنجد أن الحسن عقلية ضاربة في عمق التخلف المزمن والافتقار إلى العاطفة الإنسانية، أما ابن أخيه محمد البدر فقد عرف آنذاك بميوله العصرية وتقبله لكل جديد لا يهدد كيان حكم الأسرة, فقد كانت تظهر في ردوده على معاملة الناس وكان هناك حرص مبطن على تقدم وتطور البلاد, ولكي يقطع الطريق نهائياً على عمه الحسن فقد قام بزيارة إلى موسكو عام 1956م, وعقد صفقة الأسلحة, والتي عرفت فيما بعد عندما جمدها والده بمجرد وصول شحنتها إلى ميناء الحديدة ولم يسمح بنقلها إلى صنعاء ماعدا بعض الأسلحة الخفيفة, ومصفحات السيارات المدرعة لحراسة قصور الإمام أحمد في تعزوالحديدة والسخنة, وقصور محمد البدر في صنعاء, أما الدبابات فقد كدس معظمها في باجل. وفي هذه الفترة كان الصراع يحتدم بين الحسن وابن أخيه, فقام الحسن بافتتاح مدرسة جديدة في صنعاء أسماها المدرسة التحضيرية، ولم يكن يستطيع أحد أن يدخل فيها إلا بأمر من الحسن وبشروط معينة منها أنه لابد أن يكون منتسبوها من السادة الهاشميين, أما محمد البدر فقام على إثر ذلك بتشكيل فوج البدر وقام باستدعاء بعثة عسكرية مصرية. .. حدثنا عن دور الحركة الوطنية في تلك الفترة؟ الحركة الوطنية في تلك الفترة استغلت الخلاف والتنافس القائم بين الحسن وابن أخيه البدر, فقد وجد البعض من عناصر الحركة الوطنية الذين كانوا متواجدين بالقرب من البدر الفرصة مواتية حيث استطاعوا إقناعه بضرورة إعادة فتح الكلية الحربية, والتي استمرت مغلقة منذ عام 1944م,وهو ما يزيد من قوة الجيش بشكل عام, والذي سيستطيع درء خطر عمه الحسن وأولاده وأنصارهم وكل حلفائهم الخارجيين. .. حدثنا عن تنامي الوعي الثوري خلال فترة دراستك في الكلية الحربية؟ خلال فترة دراستنا في الكلية الحربية ومدرسة الأسلحة, كانت قد سادت بيننا علاقات روح الزمالة الأخوية الصادقة بكل معاني الحب والتضحية في كل الظروف والأحوال, وكنا في تماسكنا وكل ما يسود علاقتنا اليومية أقوى من أسرة واحده, وكنا عندما نقوم بأي احتفال في أية مناسبة ننشد وبصوت عالً بعض الأناشيد الوطنية آنذاك ومنها القصيدة الثورية للشاعر عبدالله البردوني والتي مطلعها: ( زمجري بالثأر يا أرض الجنوب والهبي بالنار حبات القلوب) والتي كان المقصود بها الاستعمار البريطاني البغيض في جنوب البلاد, وفي نفس الوقت بل وأكثر تحديداً وإصراراَ لنظام الحمق الإمامي المستبد في شمال البلاد, وكذا أتذكر قصيده أخرى وطنية أنتجها أحد الزملاء في الكلية الحربية وهو الأخ أحمد الناصر ومطلعها: (لبيك أرض اليمن أبناؤك الجيد الأباة حماة هذا الوطن لن يسلموك للعداة). وكان شعبنا حينها يعلق آمالاً كبيرة على شباب الكليات الحربية والطيران والشرطة وكذا مدرسة الأسلحة ومدرسة صف الضباط لما كان يعانيه شعبنا العظيم من ويلات الظلم والجهل والحرمان والفاقة واستلاب الإرادة وامتهان الإنسانية في أبشع صورة للمعاناة البشرية. وأيضاً بخصوص دراستنا في الكلية الحربية فقد استمرت (18) شهراً لكلا الدفعتين, كما زادتنا فترة الدراسة في الكلية الحربية وعياً وإدراكاً لمجمل الأوضاع التي تخص واقعنا بشكل عام, وأغنت معارفنا اللقاءات والمحاضرات العامة, وأيضاً اللقاءات المحدودة والسرية عن التجارب الماضية للحركة الوطنية اليمنية منذ بداية الثلاثينيات, والعوامل والأسباب التي أدت إلى فشل ثورة 1948م, وانقلاب عام 1955م, وكل المحاولات الفدائية والمشتركة, والانتفاضات الشعبية التي استهدفت القضاء على حكم بيت حميد الدين, منذ تسلم الطاغية يحيى محمد حميد الدين الحكم عام 1904م, وفي نفس الوقت مكنتنا فترة الدراسة في الكلية الحربية من الوقوف والاطلاع عن كثب على المتغيرات العربية التي جعلتنا ندرك الأهمية الكبرى التي تتطلب تفجير الحدث الثوري. .. ماذا عن مرحلة ما بعد تخرجكم من الكلية الحربية؟ بعد التخرج تم توزيعنا بعد الدفعة الأولى إلى مدرسة الأسلحة بمختلف تخصصاتنا, وكنا المجموعة المتخصصة بالدبابات من ضمن الدفعة الثانية المتخرجة وهي دفعة الشهيد العقل المفكر للثورة الملازم ثاني علي عبدالمغني, وبعد فترة مدرسة الأسلحة والتي استمرت ستة أشهر, تم توزيعنا على فوج البدر وكل مجموعة بحسب السلاح الذي تخصصت عليه, ونقل البعض من الدفعتين إلى تعز ماعدا الزملاء الأوائل من كل مجموعة؛ فقد رجحت الأوامر من قبل محمد البدر لإبقائهم في صنعاء للتدريس في نفس مدرسة الأسلحة، ومنهم الزميل الشهيد علي عبدالمعني والشهيد محمد مطهر, والشهيد محمد صالح الشراعي, وإلى جانبهم مجموعة من الضباط الآخرين الذين لا تسعفني الذاكرة بأسمائهم اليوم، أما نحن من تصدرنا فوج البدر على الدبابات فكنا عشرة ضباط جدد من المتخرجين من الكلية الحربية. .. كيف بدأ تأسيس وتنظيم خليتكم ضمن تنظيم الضباط الأحرار؟ في مطلع 1961م, بدأت عملية تنظيم خليتنا التنظيمية ضمن إطار تنظيم الضباط الأحرار الذي حرص الإخوة الزملاء على السرية المطلقة لكل خلية من خلايا التنظيم بشكل عام، بحيث لا تعرف أية خليه بالتنظيم أي شيء يذكر عن الخلايا الأخرى لا من حيث أسماء أعضائها أو أدوارهم والمسؤولية التي أنيطت بهم, سواء داخل التنظيم نفسه أو خارجة, عدا أقدم عضو في كل خلية, باعتباره حلقة الوصل بين خليته والخلايا الأخرى. وفي صباح أحد الأيام بعد انتهائنا من حصة التدريب الميدانية التقى بي الشهيد محمد الشراعي على انفراد, فقال لي : إن العقل المدبر لثورة سبتمبر الشهيد علي عبدالمغني طلب أن نجتمع في مكان نراه مناسباً نستطيع فيه بحث مهمة عملية تشكيل خلية جديدة ضمن خلايا تنظيم الضباط الأحرار, وحينها وبعد لحظات من التفكير أبديت استعداداً بأن يكون اجتماعنا الأول وفي فترة بعد الظهر في نفس اليوم في منزلي الذي كنا نسكنه إيجار أنا وأشقائي فيه والكائن في حارة القاسمي, والقريب من موقع الكلية الحربية وثكنات الجيش, فوافق على اقتراحي وبالفعل عقد اجتماعنا الأول أنا والإخوة محمد الشراعي وناجي الحياسي ويحيى الحياسي وعلي عبدالمغني. وفي بداية اجتماعنا الذي ترأسه الشهيد علي عبدالمغني, قمنا بأداء القسم الوطني على المصحف والمسدس بأننا سنخلص لأمتنا وبلادنا ونفديها بدمائنا وأن لا نفشي أي سر ولو أدى ذلك لإنهاء حياتنا. .. بماذا خرج به اجتماعكم الأول؟ وبماذا كلفت أنت؟ تم خلال الاجتماع توزيع الأدوار والمهام على كل واحد من أعضاء خليتنا، وكانت كالتالي: كلفت أنا القيام باستطلاع الرأي العام داخل القطاع المدني بشكل عام؛ وذلك من خلال اللقاءات اليومية المتواصلة والنقاشات في المقايل اليومية والمتعددة والتي كان منزلنا أحد الأماكن المتعارف عليها لدى كثير من الناس؛ كون شقيقي محمد كان له من العلاقات الاجتماعية الواسعة ما جعل مقيله يكتظ بالعشرات من العناصر الوطنية, أو من خلال لقاءات كانت تتم في أماكن عدة متفرقة في أنحاء العاصمة صنعاء. وكنت أركز في تلك الفترة على مسألة مدى تقبل الناس واستعدادهم للتجاوب مع مجمل فعل إحداث عملية التغيير, كذلك الاهتمام والتركيز على معرفة العناصر والقوى التقليدية التي تشكل خطراً على مسار العمل الوطني, والسعي للوقوف على حقيقة وجود أية تنظيمات أو تجمعات سياسية وطنية موجودة داخل القطاع المدني آنذاك، فهذه المهام وغيرها من المهام الوطنية كانت حصيلتها من خلال استطلاعاتي اليومية والأسبوعية حيث كانت لها مردود إيجابي على مسار عمل خليتنا أولاً بأول. .. وماذا بعد الانتهاء من تنظيم عمل خليتكم التي كانت ضمن تنظيم الضباط الأحرار؟ بعد الانتهاء من عملية تنظيم الضباط الأحرار والقيام بالاتصالات والتنسيق مع العناصر الوطنية في المؤسسات الحكومية ذات الأهمية الاستراتيجية التي سيكون لها أهمية كبيرة في حال الإعلان عن ساعة الصفر لتفجير حدث الثورة وترتيب الأمور مع الفروع في تعزوالحديدةوإب والبيضاء وصعدة وحجة، وأدخلنا أيضاً ضمن خطتنا العاجلة للتحرك بإعلان ساعة الصفر وتفجير الثورة في حالة إذا ما اعترض خط سيرنا أي خطر يهدد كيان تنظيم الضباط, كما حدث في عملية تقديم قائمة للطاغية أحمد, والتي حملها إليه من صنعاء أحد أنصار الحسن وزمرة علي الفضيل إلى تعز, وعليها توقيعات من الوزراء والأعوان الذين أشاروا على الإمام بسرعة المبادرة بإعدام أغلب من شملتهم القائمة من أسماء الضباط المتخرجين من الكليات (وكنا نحن من ضمنهم) وغيرنا, وبقيت القائمة على طاولة الإمام الطاغية أحمد حتى لفظ أنفاسه الأخيرة مثخناً بجراح رصاصات الشهيد البطل الملازم عبدالله صالح اللقية، وزميله الملازم أول محمد عبدالله العلفي، والهندوانة, أما الخطر الفردي فلا يهم لو حدث لأي واحد منا، إلا أنه لم يتعجل في قيامه بما أشير به عليه لكي تكون الوجبة أكثر دسماً وأكبر مما أرادوه أنصار أخيه الحسن، ورغم أنه كان محدداً لانطلاق تفجير الثورة من تعز إلا أنه بعد تسليم القائمة للطاغية الأب تأجلت العملية بعد عودة علي عبدالمغني من زيارته لتعز والتي تمت الإشارة إليها آنفاً. .. لكن لماذا أجلتم تطبيق الخطة؟ نعم دعني أكمل لك فبعدما أحسسنا بالخطر المحدق والذي سيؤدي إلى إفشال كل تحركاتنا قام كل زميل بكل ما يملكه من جهد بتوفير أكبر كمية ممكنة من الذخيرة الخفيفة والثقيلة وغيرها من الإمكانيات المادية العسكرية الأخرى مثل توفير وقود الدبابات والمصفحات والمركبات الأخرى التي نحن بحاجة لاستخدامها ساعة الصفر، وقد اتخذنا عدة طرق ووسائل في غاية السرية لتوفير الوقود للدبابات التي كانت معدة لأي طارئ, وحتى ملئت خزاناتها تماماً, كما كنا نعطي الجنود إجازات تسهيلية بصورة متعمدة شريطة أن يضع كل جندي ذخيرته وبندقيته التشيكي في المستودع؛ لأن ذخيرة البندقية التشيكي تستخدم في الرشاش المتوسط, المركب على جسم الدبابة، أما ذخيرة الدبابات فكنا قد وفرنا في مدرسة الأسلحة عشرين طقم قذيفة عند التخرج ثم تحويلها للضرب على الدبابات، ولكنا خزناها في المستودع، ثم أضيف إليها عشر قذائف أخرى كان قد احتفظ بها في مخزن الكلية الحربية في فترة سابقة أثناء التدريس. .. حدثنا عن الظروف الخاصة بكم كثوار والتي عجلت قيام الثورة؟ بالتحديد كان الإعلان عن وفاة الإمام أحمد بن يحيى حميد الدين في قصر العرضي بمدينة تعز, كما أن الظروف الداخلية والعربية كانت متهيأة إلى جانبنا، وسبق أن أخبرتكم أننا كنا قد وفرنا سرياً عدتنا العسكرية وأعددناها كقوة بشرية، إضافة إلى ما سبق من التنسيق مع القطاع المدني وبالأخص في المؤسسات ذات الاستراتيجية الهامة. ومنذ اللحظات الأولى لإعلان موت الطاغية أحمد بدأ كل زميل منا مع اقتراب ساعة الصفر للتحرك قبل أن تصدر لنا أية أوامر أو بلاغات قيادية عسكرية, وما هي إلا ساعات حتى بلغنا بأن نكون على أهبة الاستعداد لأي حدث طارئ أو أوامر نبلغ بها, وبعد الانتهاء من مراسيم دفن الإمام أحمد, سمعنا خطاب ابنه محمد البدر, الذي ألقاه بمناسبة اعتلائه العرش, في حينه كان لنا جرس إنذار نهائي, أضف إلى ذلك الضغط من إخوان الحسن بن يحيى حميدالدين على البدر والقائمة السابقة التي قدموها لأبيه قبل موته بأربعة أشهر تقريباً, وبعد الاستعداد والتأهب الفعلي قام كل واحد منا بالتفتيش والفحص وتفتيش الدبابات بصورة كاملة ودقيقة, بعد أن وفرنا لها الوقود واجتمعنا مع قائد المستودع للقيام بتنظيف الرشاشات, التي كانت منزوعة من على جسم الدبابات بأوامر البدر نفسه, فقمنا بعملية التنظيف للرشاشات والأشرطة الخاصة بالذخيرة وأفرغنا محازق الجنود المجازين وعبينا الذخيرة في أشرطة الرشاشات فامتلأت قاعة المستودع. .. حدثنا عن تفاصيل “ساعة الصفر” لتفجير الثورة السبتمبرية؟ حتى نهار الأربعاء 25سبتمبر عام 1962م, أبلغنا بالتواجد مساء ففي هذه الليلة كانت ساعة الصفر المؤكدة، الساعة الخامسة مساء الأربعاء 25سبتمبر 1962م, وتوجهت أنا وزملائي كل منا إلى بيته صلينا المغرب والعشاء, وذهبت إلى منزلي وتناولت وجبة العشاء, ثم بعدها قمت بكتابة الوصية الأخيرة التي لازلت احتفظ بنصها الأصلي إلى اليوم, حينها عدنا من جديد لنقف على أتم الاستعداد للتحرك ثم دخلنا إلى المستودع, وبعدها بلغنا الصعود إلى سطح الثكنات العسكرية لمبنى الفوج المجاور سطح مبنى مدرسة الأسلحة وذلك للقيام باستلام قذائف مدافع الدبابات من قبل ضباط الكلية الحربية ومدرسة الأسلحة, حيث كان في استقبالنا النقيب عبداللطيف ضيف الله والملازم صالح الشراعي ومجموعة من الضباط الأحرار والزملاء, وقد وزعت لكل دبابة بين قذيفتين إلى خمس قذائف, وفي هذه الأثناء لتحركاتنا ونقلنا للذخيرة الثقيلة كان الجنود قد شاهدونا ذهاباً وإياباً, وما إن عدنا إلى المستودع لاستكمال ما تبقى من تجهيزات في حركة سريعة, حتى وجدنا ممر ثكنات الجنود الطويل مكتظ بهم وقد خرجوا لنا من غرف نومهم يرقبون ما يجري وعلى ملامحهم علامات التساؤل والحيرة والقلق والاستغراب بارزة لما يجري دون أن يعرفوا عنه شيئاً, ثم دخلنا إلى المستودع وأقفلنا الباب فتجمعوا على بابه, فقررنا حسمها بأن نأخذ الرشاشات التي جهزت تماماً لإعادة وضعها على الدبابات, ونركب الأشرطة المعبأة بالذخيرة عليها ثم نفتح الباب ونحن في وضعية الاقتحام, وعندها سيخافون ويتراجعون, وفعلاً وقفنا في العملية إلا أنهم بادرونا بالسؤال: ماذا تعملون هذه الليلة؟ فأجابهم الأخ محسن جياش بأننا أبلغنا من الإمام البدر بأن نكون على أهبة الاستعداد خشية من الإمام الحسن وركبنا الرشاشات على أجسامها ووقفنا جميعاً لتلقي الأوامر النهائية للتحرك، ثم قام أقدمنا في الفوج الزميل عبدالرحمن الترزي بدوره بتوزيع المهمات والمواقع المكلف بها كل واحد منا, كما وزع لكل واحد منا قادة أطقم الدبابات مسدساً ولأفراد الطقم رشاشاً. وكنا قد تبلغنا قبل البدء في عملية التحرك بأن ساعة الصفر هي سماع طلقات نارية من قبل النقيب حسين السكري ومجموعة الضباط الأحرار الذين كانوا معه في الحرس الخاص للبدر والذين نسق معهم مسبقاً باعتبارهم أعضاء في تنظيم الأحرار وكلفوا بعملية فدائية شجاعة لاغتيال البدر داخل قصر البشائر وفي نفس الليلة يكون سماع الطلقات هو الإشارة لساعة الصفر للتحرك من قبل فرق الاقتحام، ولما تأخر موعد الإشارة التي كنا ننتظرها تلقينا أمراً بالتحرك والاقتحام دون أي انتظار أو تمهل, وتحركنا في الساعة الحادية عشرة من مساء يوم الخميس ليلة 26 سبتمبر وقد تسلمت مهمتي باحتلال قصر الوصول. .. صف لنا كيف اقتحمت بوابة قصر الوصول والتي تعرف اليوم ببوابة القصر الجمهوري في صنعاء؟ كما أخبرتكم كان الخروج في الليل وكان معي اثنان من الزملاء وهما الملازم علي الحجري والملازم عبدالرحمن السوسوة، وكلنا في دبابة واحدة، وأنا أقود الدبابة وعندما وصلنا إلى جانب الخندق أي الجسر الذي تمر فوقه الطريق المسفلت شارع الزبيري والقريب من مدرسة الشرطة العسكرية وعند تأخر الدبابة التي كانت أمامي تقدمت مواصلاً الزحف، ولما وصلت إلى محاذاة مقبرة خزيمة أي مكان التقاطع المؤدي حالياً إلى شارع علي عبدالمغني, واستمرينا في السير حتى وصلنا الهدف ووجدنا باب القصر الخارجي الشرقي وعندما سمع الحرس صوت زمجرة الدبابة لاذوا بالفرار من داخل ثكناتهم إلى مختلف اتجاهات حديقة القصر الخلفية, وتسلقوا الأشجار يسترقون السمع ويختلسون النظرات لأي حركة أو صوت أصدره نحوهم، ولما لم يفتح لي البوابة الخارجية اقتحمته بالدبابة فخر الباب على الأرض فأحدث الجنزير خدشاً للدعامة الحجرية ظل معلماً لليلة الثورة لعدة سنوات، وبعد اقتحامي للبوابة الخارجية الشرقية للقصر رأيت أحد موظفي القصر يتوارى فطلبت منه أن يجمع جنود الحرس الملكي الخاص وأن يطمئنهم فهذه ثورة الجيش والشعب والذين هم جزء منه، وأنهم وكل من في القصر في أمان، والمطلوب الآن هو تسليم مفاتيح القصر حسب أوامر القيادة العليا للثورة فأتى الشاوش يحيى مساعد وسلمني المفاتيح فاستلمت القصر وأنا أحمل رأسي على كفي. .. وماذا بعد أول يوم من عمر ثورة سبتمبر المجيدة؟ في الصباح ألتقيت بعدد من أعضاء الوفود الذين كانوا ينزلون دار الوصول الذي هو اليوم القصر الجمهوري، وشرحت لهم سبب ما قام به الثوار من ثورة ضد حكم الإمام الطاغية، فأرادوا الرجوع إلى بلدانهم، واتجه كل وفد إلى مقر سفارته وقنصليته المعتمدة في صنعاءوتعز حينذاك، وقد بقيت مرابطاً مع الدبابة في القصر لمدة أسبوع. .. وكيف كان الجو العام في العاصمة، أي وضع الناس ومدى تأييدهم للثورة؟ الأغلبية من الناس أيدت الثورة, وخصوصاً بعدما أكدنا لهم أننا لم نقم بما قمنا به إلا بعد تأييد وفتاوى من علماء صنعاء, وبالرغم من أن عدد الثوار كان قليلاً إلا أننا كنا نحمي مختلف المنِشآت الهامة والتي تعتبر حساسة في ذلك الوقت، ولم يكن معنا أحد، وهذا يؤكد مدى الشجاعة التي كنا نتحلى بها، فلم نكن نخاف من الهزيمة ونتائجها والتي كانت قطع الرؤوس، وهذه من الدروس المستفادة التي يجب أن تكون دائماً في الجيش، لم يكن معنا جهاز لاسلكي ولا أكل ولا شرب أو أي من المتطلبات الضرورية التي يحتاجها الإنسان, وبالرغم أن قصر الوصول كان مهماً من نواحي كثيرة حيث كان يحوي بداخله ثروة مالية وذخيرة وكانت بكمية كبيرة أسهمت بقوة في دعم الثورة. .. المناضل علي الحيمي حدثنا عن المعوقات والمشكلات التي حدثت إبان إعلان الجمهورية بعد 26سبتمبر بأشهر؟ المعوقات والمؤامرات ليست فقط داخل اليمن، بل كانت على المستوى العربي والإقليمي والعالمي, وهناك من حارب ثورة سبتمبر بكل ما لديه من قوة، واستفاد الحالمون بعودة النظام الإمامي من دعم خارجي, ودخل اليمن الكثير من المرتزقة خصوصاً بعد مغادرة المصريين الذين كان لهم دور كبير في مساندة ودعم ثورة سبتمبر ودعم الجمهورية. .. حدثنا عما تختزله ذاكرتكم عن حصار السبعين في صنعاء؟ كان هناك دخول لعدد من المرتزقة الأجانب سواء مقاتلين أو خبراء لدعم بقايا الأئمة, ومن ناصرهم من مشائخ وقبائل لم يكونوا يدركون خطورة الوضع, فقد أنفقت الملايين لتدمير اليمن والقضاء على الثورة من أطراف خارجية كانت تقدم الذهب دعماً للملكيين، لكنني أتذكر أن أغلبية الشرفاء من أبناء الشعب اليمني العظيم هم من ساندوا الجيش وقيادة الثورة في فك الحصار ودحر فلول الملكية الذين راهنوا على سقوط صنعاء بعد أيام من الحصار، ولكن الثورة صمدت بصمود أبنائها وحققت النصر العظيم. .. سيادة اللواء كنت نائباً لقائد سلاح المدرعات ورئيس عمليات السلاح خلال حصار السبعين, حدثنا عن دورك في تلك الفترة؟ بعد أن اندلعت الثورة المجيدة فر كثير من فلول الملكية إلى حجة وبعضهم إلى خارج اليمن, وهم الذين شكلوا الخطر الأكبر على الجمهورية وقد لاحق الثوار فلول الملكية إلى معاقلهم عبر حملات عسكرية وحققوا عدة نجاحات وقد شاركت فيها بفخر واعتزاز في مواقع خولان الطيال وذمار وآنس, وبعد المدة تحركت إلى صنعاء بعد أن تم فتح نقيل يسلح التي أغلقتها القوات الملكية في بداية الهجمة الشرسة المكثفة لحصار السبعين يوماً على صنعاء التي تم قطع جميع الطرق منها وإليها، وخلال هذه الأحداث العصيبة والخطرة التي كانت فيها العاصمة صنعاء تحت الحصار والمواجهات بين الثوار الجمهوريين والملكيين الرجعيين تم تكليفي أنا والشيخ أحمد ناصر الذهب بالتوجه إلى رداع وتشكيل جيش شعبي من رداع إلى صنعاء لفتح طريق صنعاءالحديدة التي قطعتها القوات الملكية في منطقة الحيمة الخارجية عن طريق زرع الألغام والمتفجرات الناسفة الثقيلة، وبعد عملية ناجحة تم فتح الطريق وواصلنا التقدم ومطاردة عصابات التخريب من أعداء الثورة. .. حدثنا عن أسلوبكم في مواجهة الملكيين الذين حاصروا مدينة رداع؟ تحركت إلى رداع التي حوصرت أيضاً من قوى الرجعية الملكية في حملة لا تزيد عن عشرة أشخاص، ووصلنا حوالي الساعة الثانية بعد الظهر إلى مدينة ملاح, حيث كان في استقبالنا الشيخ عتيق الملاحي وأغلب أبناء ملاح، وبعد أن شرحوا لنا الموقف قمنا بالفور بالضرب على المواقع المحيطة بمدينة رداع, واستدعينا مدير المال الذي أخرج لنا واقع سجلات المالية, فقمت بتحرير رسائل خطية نقلت إليهم في حينه فأجابوا دعوتي لهم ووصلوا إلينا في المواقف نفسه وطرحت عليهم أهداف الثورة واتجاهها الوطني لما يخدم المصلحة العامة لكل أبناء شعبنا, كما أكدت نصحي لهم بأن لا يصدقوا الدعايات الرجعية والاستعمارية الحاقدتين على الشعب اليمني وثورته وقيادته الثورية الجديدة، وأتذكر أن الحملة هذه كانت في إبريل 1963م, وتمت السيطرة على منطقة رداع, فأصدر المشير السلال قراراً بتعييني قائداً للواء رداع حتى منتصف 1965م, ثم صدر قرار بتعييني محافظاً لمحافظة إب. .. برأيك سيادة اللواء ما سبب المصائب التي توالت على اليمن منذ ثورة سبتمبر إلى اليوم؟ بلا شك الفساد في الأول والأخير هو المدمر لبناء أية دولة, والفساد في اليمن ينخر جميع أجهزة الدولة.. أتذكر عندما كنت محافظاً لمحافظة إب كان هناك من يشير علي بتقديم رشوة ما, وكنت أكتب على العملات الورقية بأن الرشوة محرمة، وأقوم بتعليق تلك العملات حتى يراها الناس. .. ما تقييمك لما آلت إلية الأحوال في اليمن اليوم؟ لقد اختلط الحابل بالنابل، ولم يعد للقيم والأخلاق أية اعتبارات، لذا نلتزم عدم الخوض في كثير من الأحداث المؤسفة التي تمر بها البلاد. .. المناضل علي الحيمي, ما هو تعليقكم على الأوضاع التي تمر بها البلاد؟ نحن في منظمة مناضلي الثورة اليمنية والدفاع عن الثورة أصدرنا بياناً واضحاً بخصوص الأحداث التي تمر بها البلاد، وقد دعينا في البيان إلى ضرورة الحفاظ على النظام الجمهوري واحترام إرادة الشعب اليمني العظيم، والعمل الدؤوب على تنفيذ أهداف ثورتي سبتمبر وأكتوبر والحفاظ على ما تحقق من منجزات. كما أكدنا على أهمية وضرورة الحلول السلمية فقط لحل المشاكل والخلافات بين أطراف العملية السياسية ونبذ العنف والفوضى. وطالبنا بالإسراع في تنفيذ مبادرة الاصطفاف الوطني بمراجعة الجرعة السعرية للمشتقات النفطية وتشكيل حكومة كفاءات ووحدة وطنية مؤهلة وقادرة على استكمال مهام المرحلة الانتقالية بنجاح لسرعة إنجاز الدستور والاستفتاء عليه، وإنجاز مهام الانتخابات النيابية والرئاسية، ونقل البلاد بسلام إلى مرحلة استقرار سياسي يساعد على بناء الدولة المدنية الاتحادية الجديدة، وعلى تنفيذ مخرجات الحوار الوطني التي توافقت عليها كل القوى السياسية في اليمن. كما أننا أكدنا على أهمية أداء القوات المسلحة والأمن لواجباتها ومهامها الوطنية للحفاظ على الأمن والاستقرار وحماية البلاد ومؤسسات الدولة، وضرورة بسط نفوذ وهيبة الدولة على كافة الأراضي اليمنية. وجددنا مطالبتنا بضرورة الاهتمام بجميع منتسبي القوات المسلحة والأمن معيشياً وصحياً ومعنوياً وتسليحاً وتدريباً ورعاية اجتماعية، بما يساعدهم على الحياة الكريمة في الخدمة والتقاعد وعلى أداء مهامهم الوطنية لفرض الأمن والاستقرار والحفاظ على السكينة العامة. ونكرر دعوتنا لرئيس الجمهورية القائد الأعلى باعتباره الشرعية الدستورية المنتخبة إلى تحمل مسؤولياته الوطنية بكفاءة، والقيام بكل واجباته الدستورية كاملة؛ بهدف الإسراع في إنجاز مهام المرحلة الانتقالية وتجاوز الأزمة القائمة لحماية البلاد والمواطنين ومكافحة كل أشكال الفوضى والإرهاب والفساد السياسي والمالي والإداري للحفاظ على أمن واستقرار اليمن، والشروع سريعاً في بناء الدولة المدنية الحديثة. .. وكيف تقيّمون حال منظمة مناضلي الثورة (المحاربين القدامى) ؟ حالها غير جيد، وقد طالبنا رئيس الجمهورية بتشكيل لجنة تنظر في وضع المنظمة, وتهتم بالمناضلين. .. ماذا عنكم أنتم اللواء علي الحيمي, هل تشعرون بأنكم حظيتم بتقدير من قبل الدولة لأدواركم النضالية؟ لن أكثر الحديث معك بخصوص هذا الشيء، لكن دعني أقول لك إن راتبي لا يتعدى ال70 ألف ريال، وأنا في الخدمة العسكرية منذ 60 عاماً