الجنوب هو الخاسر منذ تشكيل مجلس القيادة الرئاسي    "الأول من مايو" العيد المأساة..!    غزوة القردعي ل شبوة لأطماع توسعية    وقفات احتجاجية في مارب وتعز وحضرموت تندد باستمرار العدوان الصهيوني على غزة    حكومة تتسول الديزل... والبلد حبلى بالثروات!    احتراق باص نقل جماعي بين حضرموت ومارب    البيع الآجل في بقالات عدن بالريال السعودي    عنجهية العليمي آن لها ان توقف    مدرسة بن سميط بشبام تستقبل دفعات 84 و85 لثانوية سيئون (صور)    إقالة رشاد العليمي وبن مبارك مطلب شعبي جنوبي    الإصلاحيين أستغلوه: بائع الأسكريم آذى سكان قرية اللصب وتم منعه ولم يمتثل (خريطة)    من يصلح فساد الملح!    البرلماني بشر: تسييس التعليم سبب في تدني مستواه والوزارة لا تملك الحق في وقف تعليم الانجليزية    تربوي: بعد ثلاثة عقود من العمل أبلغوني بتصفير راتبي ان لم استكمل النقص في ملفي الوظيفي    السامعي يهني عمال اليمن بعيدهم السنوي ويشيد بثابتهم وتقديمهم نموذج فريد في التحدي    شركة النفط بصنعاء توضح بشأن نفاذ مخزون الوقود    السياغي: ابني معتقل في قسم شرطة مذبح منذ 10 أيام بدون مسوغ قانوني    نجاة قيادي في المقاومة الوطنية من محاولة اغتيال بتعز    التكتل الوطني يدعو المجتمع الدولي إلى موقف أكثر حزماً تجاه أعمال الإرهاب والقرصنة الحوثية    مليشيا الحوثي الإرهابية تمنع سفن وقود مرخصة من مغادرة ميناء رأس عيسى بالحديدة    اختتام البطولة النسائية المفتوحة للآيكيدو بالسعودية    "الحوثي يغتال الطفولة"..حملة الكترونية تفضح مراكز الموت وتدعو الآباء للحفاظ على أبنائهم    شاهد.. ردة فعل كريستيانو رونالدو عقب فشل النصر في التأهل لنهائي دوري أبطال آسيا    نتائج المقاتلين العرب في بطولة "ون" في شهر نيسان/أبريل    النصر يودع آسيا عبر بوابة كاواساكي الياباني    وفاة امرأة وجنينها بسبب انقطاع الكهرباء في عدن    هل سيقدم ابناء تهامة كباش فداء..؟    هزة ارضية تضرب ريمة واخرى في خليج عدن    الهند تقرر إغلاق مجالها الجوي أمام باكستان    13 دولة تنضم إلى روسيا والصين في مشروع بناء المحطة العلمية القمرية الدولية    سوريا ترد على ثمانية مطالب أميركية في رسالة أبريل    مباحثات سعودية روسية بشان اليمن والسفارة تعلن اصابة بحارة روس بغارة امريكية وتكشف وضعهم الصحي    صدور ثلاثة كتب جديدة للكاتب اليمني حميد عقبي عن دار دان للنشر والتوزيع بالقاهرة    فاضل وراجح يناقشان فعاليات أسبوع المرور العربي 2025    انخفاض أسعار الذهب إلى 3315.84 دولار للأوقية    عرض سعودي في الصورة.. أسباب انهيار صفقة تدريب أنشيلوتي لمنتخب البرازيل    هل سمعتم بالجامعة الاسلامية في تل أبيب؟    غريم الشعب اليمني    جازم العريقي .. قدوة ومثال    العقيق اليماني ارث ثقافي يتحدى الزمن    إب.. مليشيا الحوثي تتلاعب بمخصصات مشروع ممول من الاتحاد الأوروبي    مليشيا الحوثي تواصل احتجاز سفن وبحارة في ميناء رأس عيسى والحكومة تدين    نهاية حقبته مع الريال.. تقارير تكشف عن اتفاق بين أنشيلوتي والاتحاد البرازيلي    الصحة العالمية:تسجيل27,517 إصابة و260 وفاة بالحصبة في اليمن خلال العام الماضي    اتحاد كرة القدم يعين النفيعي مدربا لمنتخب الشباب والسنيني للأولمبي    صنعاء .. حبس جراح واحالته للمحاكمة يثير ردود فعل واسعة في الوسطين الطبي والقانوني    صنعاء .. حبس جراح واحالته للمحاكمة يثير ردود فعل واسعة في الوسطين الطبي والقانوني    النقابة تدين مقتل المخرج مصعب الحطامي وتجدد مطالبتها بالتحقيق في جرائم قتل الصحفيين    برشلونة يتوج بكأس ملك إسبانيا بعد فوز ماراثوني على ريال مدريد    أطباء بلا حدود تعلق خدماتها في مستشفى بعمران بعد تعرض طاقمها لتهديدات حوثية    غضب عارم بعد خروج الأهلي المصري من بطولة أفريقيا    علامات مبكرة لفقدان السمع: لا تتجاهلها!    القلة الصامدة و الكثرة الغثاء !    عصابات حوثية تمتهن المتاجرة بالآثار تعتدي على موقع أثري في إب    الأوقاف تحذر المنشآت المعتمدة في اليمن من عمليات التفويج غير المرخصة    ازدحام خانق في منفذ الوديعة وتعطيل السفر يومي 20 و21 أبريل    يا أئمة المساجد.. لا تبيعوا منابركم!    دور الشباب في صناعة التغيير وبناء المجتمعات    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نائب وزير التربية والتعليم ل «الجمهورية»:
تم تشكيل لجنة عليا لإعادة النظر في المنهج الحالي وفق الأسس والمعايير التربوية التعليمية الخدمية
نشر في الجمهورية يوم 30 - 10 - 2014

مشكلة التعليم في بلادنا كبيرة وعديدة لا تكاد تنتهي، فهل سيأتي يوم نجد فيه تعليماً حقيقياً يطمئن فيه ولي الأمر أن أولاده يتلقون التعليم الذي ينبغي وبالشكل الصحيح دون معاناة أو ازدحام، وأن الدولة بشكل عام ووزارة التربية بشكل خاص يهتمون بالتعليم فعلاً، أم إنها شعارات تُطلق بداية كل عام وتنتهي بمجرد خروج الطالب من بوابة المدرسة!! تساؤلات كثيرة تجول هنا وهناك فهل تنجلي بعض هذه التساؤلات من خلال حوارنا مع نائب وزير التربية والتعليم الدكتور. عبدالله الحامدي، والذي كان فيه شفافاً في رده على أسئلة الحوار الذي من خلاله نسعى لمعرفة واقع التعليم في بلادنا.
سمعنا أن هناك ثماني لجان تم تشكيلها لدراسة مناهج التعليم، كيف تم تشكيلها وعلى أي أساس شكلت وما هي الآليات والضمانات التي تعمل وفقها بما يضمن خروج مناهج وطنية لا تخدم طرفاً بعينه أو إيدلوجيا بعينها ؟
بداية أشكر صحيفة الجمهورية والقائمين عليها باسمي وباسم أبنائي الطلاب على هذا الحرص والحس المسؤول تجاه قضايا التعليم، والمساهمة بفاعلية كمنبر إعلامي رائد وشريك فاعل في عملية صناعة السياسات العامة، وفي تسليط الضوء على واقع وتحديات هذا القطاع الهام، وسبل تجاوز المعوقات والتحديات للوصول للمأمول.. كما لا يفوتني هنا أن أهنئ اليمنيين كافة شعباً وقيادة بمناسبة أعياد الثورة اليمنية المجيدة.
بخصوص سؤالك والذي يتعلق بمناهج التعليم وسبل تطويرها، فلا شك أن قيادة وزارة التربية والتعليم أولت وتولي هذه المسألة اهتماماً كبيراً وقد اجتمعت واتخذت قراراً بالوقوف أمام مناهج التعليم العام ورأت أنه يتوجب عليها تعديل وتطوير المنهج الدراسي الحالي بما يواكب المتغيرات الاقتصادية والمستجدات العلمية، خصوصاً وقد مضى على إعداد هذا المنهج حوالى 15 عاماً، وهي مدة كافية لإجراء عملية تطوير للمناهج الدراسية في اليمن أو بناء مناهج جديدة تلائم متطلبات المتغيرات في اليمن خاصة والعالم عامه.
من هذا المنطلق وقفت وزارة التربية والتعليم أمام أحد أهم أولويات المرحلة القادمة، فتم تشكيل لجنة عليا للمناهج انبثقت عنها لجان عديدة شارك فيها العديد من الأكاديميين اليمنيين من مختلف الجامعات اليمنية لإعادة النظر في المنهج الدراسي الحالي وفق الأسس والمعايير والضوابط التربوية والعلمية الحديثة، كما تم تشكيل لجنة فنية مختصة بالوقوف أمام مخرجات الحوار الوطني في العملية التعليمية ولازالت هذه اللجنة تواصل عملها حتى اليوم، ومن وجهة نظري الشخصية أن كل مخرج من مخرجات العملية الخاصة بتطوير المناهج الدراسية يتوجب أن يتم عرضه على أكثر من هيئة، وأن تسير هذه العملية بحيادية علمية بحتة تصب في مصلحة رفع مستوى التحصيل العلمي للطلبة في عموم مراحل التعليم العام، وبحيث تكون محل إجماع وطني وتحقق التوافق الكامل مع رؤية مخرجات مؤتمر الحوار الوطني للتعليم.
كيف تقيمون وضع العملية التعليمية في ظل ما تشهده الساحة اليمنية من أحداث ؟
مما لا شك فيه أن أي صراع طويل الأمد كان أم قصير الأمد، لابد أن ينعكس على بيئته المحيطة ويُلقي بتأثيراته السلبية على كثير من الجوانب المتعلقة بالفرد والمجتمع ككل، ولعل العملية التعليمة في اليمن خلال الثلاث السنوات الماضية صاحبتها الكثير من هذه الانعكاسات التي ارتقت إلى مستوى صعوبات وتحديات أضعفت بدورها العملية التعليمية بشكل عام والدور المناط بوزارة التربية والتعليم والمؤسسات التابعة لها، فمثلاً: أدى الصراع في محافظة الجوف أخيراً إلى تدهور العملية التعليمية بشكل كبير ووصلت العملية في مواقع الصراع إلى مرحلة شبه موقوفة، وأصبحنا كقيادة وزارة التربية والتعليم أمام واقع يقول إن 25 % من المدارس فقط في محافظة الجوف قادرة على أن تمارس نشاطها الطبيعي، ثم الأحداث التي شهدتها العاصمة صنعاء وتوقفت الدراسة بالكامل في أمانة العاصمة جراء تلك الأحداث.. ومن هنا نجدد الدعوة مع اعتقادنا وأملنا بأن أطراف الصراع سينظرون إلى ضرورة أن تكون العملية التعليمية مُحيدة تماماً كعملية حيوية وتنموية، ولن يزجوا بالعملية التعليمية إلى الصراع.
دكتور عبدالله: سجلتم في إحصائياتكم: (126) ألف مدرس دون مؤهل جامعي، (40) ألف مدرس مغترب ،(661) مدرسة تحت الشجر، (300) مدير مدرسة مؤهلهم يقرأون ويكتبون ، (3) آلاف مدير مدرسة مؤهلهم إعدادية.. ما تعليقكم؟
بكل شفافية ووضوح أقول بأن جانباً من الأرقام التي ذكرت والمتعلقة بالمدرسين غير المتواجدين وكذا مديرو المدارس الذين لا تنطبق عليهم المعايير يفصح عن اختلالات كبيرة تخفي فساداً كبيراً لا نقبل به نحن كقيادة وزارة التربية والتعليم ولا نسكت عنه، فإذا كانت اليوم وزارة التربية والتعليم تشترك في هذه المسؤولية مع السلطات المحلية بالمحافظات التي أصبحت تمتلك كافة الصلاحيات الإدارية في مثل هذه القضايا التي ترتبط ارتباطاً وثيقاً بها من حيث مسؤوليات الجانب المالي والإداري لكل ما يتعلق بالأرقام المذكورة في سؤالك والتي تستدعي من السلطات المحلية القيام بواجبها وفق المهام الموكلة إليها قانونياً، إلا أنه ومع ذلك فقد قمنا نحن في قيادة وزارة التربية والتعليم بإرسال لجان رقابية لرصد هذه الاختلالات والتي فعلاً قامت بتحقيق الأهداف المرجوة من تشكيلها ولعل هذه الأرقام التي تطرحها اليوم في سؤالك هي أحد أهم النتائج التي توصلت لها هذه اللجان الرقابية، والتي على ضوئها قمنا في قيادة الوزارة بوضع التوصيات الواجب تنفيذها من قبل السلطات المحلية في المحافظات من أجل تقويم الاختلالات الموجودة، ووجوب الوقوف أمامها بحزم وبمسؤولية كاملة لما تشكله من مفسدة كبيرة تؤدي للإضرار الكبير ليس فقط بالعملية التعليمة والتربوية بل أيضاً بالمبادئ والقيم الأخلاقية السليمة للفرد والمجتمع.
مليونا طفل في سن الدراسة خارج المدرسة.. ألا يبدو لمعاليكم هذا الرقم كبيرًا؟ ما هو دور وزارة التربية والتعليم في هذا الجانب! وهل هي قادرة فعلاً على استيعابهم مع قلة المدارس المتوفرة حالياً؟
فعلاً هذا الرقم كبير بل ومخيف أيضاً، ويستوجب أن ندرك فعلاً ما يعنيه هذا العدد الكبير من الأطفال خارج المدرسة، لنستوعب حجم هذه المشكلة والبدء بدراسة المسببات الرئيسية لها، فمستوى الفقر اليوم في البلد تعدى 6 % وهو مؤشر يبين كيف تحولت أولويات كثير من الأسر في المجتمع من أولوية تعليمية إلى أولوية معيشية ترتب عليها بالضرورة استخدام كثير من الأطفال في البحث عن توفير لقمة العيش بشتى الوسائل والأساليب؛ لعل أبرزها التسول وإجبار الأطفال على العمل بسن الطفولة وزجهم في الصراعات والنزاعات المسلحة، من هنا أعتقد أن هذه الحقيقة الواضحة أمامنا اليوم تحتاج إلى وقفة حقيقية أيضاً تكون فيها الدولة مسؤولة وجميع مؤسسات المجتمع المدني مسؤولة ، وأيضاً رجال الأعمال وشرائح المجتمع المختلفة وكل من يهمه الشأن اليمني مسؤولين أمام الله والوطن ، فكما نوهنا سابقاً أن إعادة مليوني طفل إلى المدرسة قضية بالغة الأهمية، قد يكون عدم معالجتها أو تجاهلها وترحيلها هو صنعٌ لقنابل موقوتة قادمة وإرهاب مستقبلي.
في ضوء إطلاقكم حملة العودة إلى المدرسة يا ترى كم التحق من الطلاب لهذا العام من المليونين الذين هم خارج المدرسة ؟ وهل الحملة التي تطلقها الوزارة سنوياً تجني ثمارها ؟
أود أن أوضح هنا للقارئ الكريم أن مثل هذه الحملات تلعب دوراً في مكافحة التسرب ومساعدة وتحفيز المجتمع بقدر المستطاع على جعل الأولوية التعليمية هي أولى أولوياته، كما أشرنا لذلك فيما سبق، حيث إن الحملة تقوم بتوفير بعض المتطلبات للأسر الفقيرة مثل الحقيبة المدرسية وبعض الدفاتر والتي تساعدنا على توفيرها بعض المنظمات المانحة رغم أن هذه الجهود المشكورة تبقى متواضعة بالنسبة لحجم المشكلة وما هو مأمول.
و باعتقادي إننا في هذا الجانب نحتاج بصدق إلى حملة وطنية واسعة وتستدعي منا جميعاً الوقوف أمامها ، فالعدد المهول الذي نتحدث عنه اليوم والذي يصل إلى “مليوني طفل” هو رقم كبير ومخيف، أضف إلى ذلك أنه ومع بلوغ عدد الملتحقين لهذا العام للصف الأول الأساسي قد يتجاوز 900 ألف طالب، إلا أننا كقيادة وزارة التربية والتعليم نخشى أن يتسرب هؤلاء الملتحقون كما تسرب أندادهم ولنفس الأسباب الاقتصادية والفقر كعامل رئيسي، هذا إذا لم تكن الصرعات والنزاعات المسلحة التي تؤدي إلى النزوح والهروب من التعليم عوامل أخرى لا يمكن إغفالها.
دكتور (661) مدرسة تحت الشجرة بمعنى أن هناك طلاباً يدرسون دون وجود مبنى يحتويهم و(600) مدرسة دون سور وهذا ما يجعل الطلاب عرضة للتسرب والهرب ؟
كما نعرف جميعاً إن المسؤوليات التي تقع على عاتق الدولة ممثلة بوزارة التربية والتعليم ليست باليسيرة، ومع وجود العديد من المعوقات الخاصة بمجتمعنا اليمني تصبح العملية أكثر صعوبة في مجتمع متناثر جداً توجد فيه أحياناً بعض التجمعات السكانية التي من الصعب جداً أن تقيم لها مبنى مدرسياً متكاملاً لكن على الأقل تقيم لها غرفاً صالحة للتعليم، فمثلاً تجد منطقة فيها ثلاثة منازل فيها ستة طلاب يكون من الصعب أن تبني لهم مدرسة وكذلك من الصعب أن تحرمهم، وبالتالي فهذه واحدة من الإشكاليات الملموسة التي نؤكد معها على ضرورة وجود شراكة مجتمعة فاعلة بين الدولة ممثلة بوزارة التربية والتعليم والشركاء المحليين الممثلين برجال المال والأعمال ومنظمات المجتمع اليمني تصب في صالح توفير ولو الحد الأدنى من متطلبات المبنى المدرسي.
أضف إلى ذلك أن مؤشراتنا المستقبلية تنبئ عن وجود مشكلة حقيقية في السنوات القادمة حتى في المدن الرئيسية بسبب الازدحام الموجود والانفجار السكاني المتزايد والذي يترتب عليه عدم القدرة مستقبلاً على إيجاد المواقع للمبنى المدرسي، ويدعونا منذ الآن أن نشدد على الاتجاه للبناء الرأسي كمعالجات قد لا تكون كافية وحدها في ظل وجود معوقات كبرى والمتمثلة بالإمكانات المالية التي هي بدورها تحتاج لإيجاد حلول مدروسة ومخطط لها كي لا تتحول لإعاقة صعبة أمامنا كما هو في الوضع الراهن.
طيب أين دور المانحين في بناء المدارس ؟
إنني هنا بكل شفافية أوضح لكم أن كل ما يقدمه المانحون بكل مكوناتهم في الجمهورية اليمنية بالنسبة للتعليم لا يتجاوز 5 % من ميزانية وزارة التربية والتعليم ، ونحن مع هذه الحقيقة الواضحة وحتى نجعل المأمول وهماً يخيب الآمال يجب أن نتجه إلى بدائل باتت ضرورية وواجبة في وضعنا الراهن، فوزارة التربية والتعليم إضافة إلى وزارة الأوقاف التي بيدها أراض موقوفة أو ما يسمى أوقاف التراب والتي تساوي 20 مليون لبنة، معنيتان بدراسة توجيه هذه الأراضي لصالح خدمة التعليم وكما هو معمول به في العديد من دول العالم، وإن مثل هذه الخطوة ستحل جزءاً كبيراً من المشكلة، إضافة إلى ما يمكن أن تقدمه الصناديق المتخصصة مثل: صندوق النشء والشباب والذي لديه دخل كبير جداً فمثلاً لو تم اقتراح فصل النشء وتحول صندوق النشء لصالح التعليم، إضافة إلى ما يمكن أن تقدمه الشراكة المجتمعية الفعلية المشار إليها في السابق ودور رجال المال والأعمال كشركاء محليين يتوجب عليهم القيام بدورهم على مستوى التحديات التي تمر بها اليمن ، فحتى نبدأ فعلياً الاهتمام بهذا الوطن وبناءه يجب أن نسهم في استقرار الأوضاع الاقتصادية والمساعدة في كل هذه الصراعات القائمة ، والقضاء على الفساد الذي بالتخلص من آفته يصبح الكثير من المحال في المنال.
وإننا في خضم المرحلة القادمة ندعو أن يكون القضاء على الفساد أولوية الدولة وأولوية منظمات المجتمع المدني لما لذلك من مكاسب ستعود على موازنة الدولة بشكل عام ومصلحة العملية التعليمية بشكل خاص.
في ظل ما تم طرحه أين تكمن المشكلة وتكمن الاختلالات للعملية التعليمية من وجهة نظرك ؟
المشكلة مركبة بالكامل عندك إشكالية مرتبطة بالماضي فعندما تجد اليوم لديك أكثر من 125 ألف معلم مؤهلهم تحت المستوى الجامعي هذه واحدة من المشاكل التي ارتبطت بالماضي ماضي التسعينيات حينما تم الاستغناء عن الكوادر التربوية العربية بسبب الإمكانات المالية واستبدالها بمخرجات الثانوية العامة وهذه واحدة من المشاكل، عندك أيضاً المشكلة المالية عندما تجد نفسك محتاجاً إلى مليارات حتى تقيم فصولاً ولكي تصرف على المدارس فاليوم لدينا 17 ألف مدرسة جزء كبير منها يصل إلى 30 % تحتاج لإعادة تأهيل وكلها تحتاج إلى نفقات تشغيل، إذاً إشكالية مرتبطة بالمعلم وإشكالية مرتبطة بالمنهج وكذلك إشكالية مرتبطة بالإمكانات المالية والإشكالية الأساسية هي متى سنتخذ قراراً ليس قرارًا من وزارة التربية والتعليم وإنما قرار من القيادة السياسية بأن التعليم هو الأولوية الأولى و أن وزارة التربية والتعليم هي وزارة سيادية لأنها مسئولة عن بناء أجيال وعن بناء بشر فلو اتخذنا قراراً مثل هذا ووضعنا وزارة التربية والتعليم أنها وزارة سيادية ولها الأولوية الأولى قبل أي وزارة أخرى قبل وزارة الخارجية ووزارة الإعلام وقبل وزارة المالية أعتقد لو أعطينا الأولوية للتربية والتعليم كل شيء سيحل ثم مشاركة المجتمع سواءً كان المجتمع رأس المال الوطني أو منظمات المجتمع المدني تتحمل مسئوليتها ، وعندنا مشكلة أيضاً أن الأمية كل يوم تزداد بسبب التسرب وبسبب الظروف التي نعيشها .
وكم بتقديركم ستكلف عملية تطوير التعليم في بلادنا ؟
من الصعب جداً تقديم رقم معين، لكن أنت بحاجة اليوم إلى إصلاح كبير جداً في بنية الدولة وإدارة مواردها، والذي سينعكس بدوره على العملية التعليمية، فعلى سبيل المثال تحدثت إحدى المنظمات الدولية في مرة من المرات بأن ما يصل إلى خزينة الدولة يساوي 13 % فقط مما يجب أن يصل والباقي لا يصل، فتأمل معي أن 87 % لا يصل إلى خزينة الدولة، أي نحن الآن لا نعيش إلا على 13 % وهذه النسبة البائسة يتخللها كثير من عمليات الفساد المنظم وغير المنظم، فما بالك لو وصلت النسبة الحقيقية الباقية المتمثلة ب 87 % إلى خزينة الدولة! أظن أن هذا الرقم سيكون كفيلاً بإحداث تنمية اجتماعية شاملة لا يستهان بها، وهنا ستكون عملية التطوير الحقيقي للتعليم في بلادنا.
هناك ارتفاع جنوني هذا العام وقد يكون متعمداً في رفع رسوم التعليم الأهلي مما أدى إلى أن معظم أولياء الأمور نقل أبناءه إلى المدارس الحكومية وهذا ما قد يسبب بالكثافة الطلابية داخل الفصل الواحد، ما تعليقك؟
أعتقد أن سياسات الاستثمار الحالية في مجال التعليم هي سياسات قاصرة وأثبتت فشلها، ومن تأثيرات هذه السياسات أن تحول الاستثمار إلى استثمار مالي ربحي فقط، لذلك فنحن نأمل أن تكون المرحلة القادمة هي مرحلة مراجعة فعلية من قبل الدولة وشركاء صناعة السياسات العامة، فمثلاً يجب أن تتجه العملية نحو الشراكة فكل من يريد أن يفتح مدرسة يجب أن تسهم معه الدولة سواء بالأرض أو بأي طريقة من الطرق وأن تنظم هذه العملية وتنظم الرسوم، من هنا يمكن للتعليم الأهلي أن يتحول إلى رافد حقيقي للتعليم العام، أما أن يترك الأمر كما هو معمول به حالياً وفق السياسات والقوانين المشرعة لذلك فهو خطأ فادح يصب بالدرجة الأولى في تدمير التعليم وتشجيع الاستغلال لشرائح المجتمع، فرغم وجود أعداد من المدارس الأهلية مؤهلة ورافد أساسي لتطوير التعليم والتحصيل العلمي للطلاب في بلادنا، إلا أنها بأعداد قليلة جداً وما عدا ذلك فهي مؤسسات ربحية صرفة وسيئة أيضاً ، ونحن هنا نؤكد أننا كوزارة التربية والتعليم قد قمنا بإنزال لجان رقابية العام الماضي للمحافظات وأوصينا السلطات المحلية بإغلاق عدد كبير من المدارس وأوصينا أيضاً بإعطاء بعض المدارس فرصة لتأهيل ذاتها وتم تسليم هذه التقارير لمحافظي المحافظات ومكاتب التربية، ونحن هذا العام بصدد معاودة إنزال هذه اللجان الرقابية للقيام بالخطوة التالية والتي تتمثل بتقييم ماذا تحقق من رقابتنا وإشرافنا على هذه المدارس في كل المحافظات وما تم تنفيذه من توصيات.
ما مدى تأثير الحادثة التي وقعت على مطابع الكتاب المدرسي في عدن على طبع الكتاب المدرسي للطلاب؟
أظن أنه حينما يغيب الحس الوطني، وحينما ننظر لهذا الوطن وكأننا مستأجرون فيه أو مجرد ضيوف عليه فنقف أمام ما يصيبه موقف المتفرج، بل وأكثر من ذلك نجد من بين اليمنيين من يسهم في التخريب والتدمير في ظل غياب كامل لأدنى درجات الشعور بالمسؤولية الوطنية المترتبة على كل فرد باعتباره مواطناً أولا، ثم حينما نشهد مثل هكذا حالات إهدار وإحراق وتدمير للممتلكات العامة ومقدرات هذا الشعب وتمر دون أن يحاسب أحد عليه فإننا سنشهد مزيداً من التدمير لوطننا.. وفي أفضل الحالات سنظل نتعامل مع نتائج تلك العمليات التخريبية ومحاولة الحد من الآثار وتقليص حجم الأضرار قدر المستطاع وهو ما تفعله الوزارة في مواجهة الحادثة التي ذكرت.
كيف ترى مستقبل التعليم في ظل دولة الأقاليم ؟
من وجهة نظري نتمنى أن يكون التعليم مركزياً إن أردنا أن يبقى اليمن موحدا ثقافياً وتعليمياً يجب أن تكون مركزية التعليم أولاً خاصة في صناعة المنهج حتى لا يكون كل إقليم لديه ثقافته وسياسته مختلفة عن الإقليم الآخر وهذا قد يؤدي إلى صراعات ويؤدي إلى تأصيل التجزئة وتأصيل المشاريع الصغيرة .
هل هناك خطة استراتيجية لدى وزارة التربية والتعليم لتحسين التعليم بشكل عام؟
لدينا في الوزارة أربع استراتيجيات، استراتيجية للتعليم الأساسي، واستراتيجية للتعليم الثانوي والآن لدينا استراتيجية للطفولة المبكرة ( التعليم ما قبل الأساسي) وهناك استراتيجية لمحاربة الأمية، إلا أن كل هذه الاستراتيجيات وبكل وضوح إذا لم تجد الدعم الكافي لتنفيذها وتحويلها من النظريات إلى التطبيق فإنها تبقى استراتيجية على الورق ليست أكثر أو أقل.
كلمة أخيرة أو رسائل توجهونها ؟
كلمتي أولاً لقيادتنا السياسية ونشد على يدها أن تجعل من التعليم أولوية أولى فإذا وضعت القيادة السياسية الأولوية للتعليم ووضعت وزارة التربية والتعليم في صدارة الوزارات السيادية قبل غيرها من الوزارات ووفرت أيضاً كل الإمكانات والدعم لذلك فإن إرهاباً من هذا الوطن سيختفي وإن تنمية وتطوراً سيحدثان، وهي رسالة للقيادة السياسية ونحن نستشعر أن مسؤوليتها كبيرة وكلنا ثقة بأنها ستأخذ هذا الأمر بجدية أكبر.
وفي هذا السياق تجدر الإشارة إلى اتفاق السلم والشراكة حين أفرد بنداً للتعليم تضمن التشديد على رفع موازنة التربية والتعليم وهذا يعكس حالة نضج في الرؤية وسلامة التقدير لأهمية هذا القطاع ودوره الحاسم في إحداث النقلة الحقيقية في البلد وتأثيره على كافة الأصعدة ومختلف الميادين وهذه خطوة وبادرة جديرة بالإشادة والمباركة عن التثمين العالي للالتفاتة.
أيضاً رسالة إلى الرأس المال الوطني أنه يجب أن يسهم ويوجه إمكاناته لدعم التعليم لأنه بدعم التعليم فإن مجتمعاً متقدماً سيحدث كما يستطيع المجتمع أن يتطور ، حتى الرأس المال الوطني عندما يكون لديه 60 % أو 70% من المجتمع فقير أين سيصرف منتجاته الفقير لا يوجد لديه إمكانات لمتطلبات يحتاجها الرأس المال الوطني، إذاً نحتاج من الرأس المال الوطني أن يوجه إمكاناته لدعم التعليم .
الرسالة الثالثة موجهة للأسرة بأن تجعل التعليم أولوية وتخلص هذه الأسر والتي تصرف أحياناً نصف ميزانيتها أو ربما أكثر من النصف على تناول القات فلو وجهت هذه المصاريف لصالح التعليم ولصالح أبنائها وتهتم بأبنائها فإنها ستوفر الوقت وستوفر المال لذلك.
أيضاً رسالة للقوى السياسية يجب أن تترك النشء في حالة وألا تستدرج الأطفال وتوجههم توجيها خاطئًا بل بالعكس يجب أن يتخذوا قراراتهم بعد أن يكونوا قد أنهوا الثانوية العامة وهذه أيضاً رسالة موجهة إلى اللجنة الدستورية أن تصوغ في هذا الدستور ما يجرم كل من يعمل سياسياً في التعليم العام فيعتبر عمله مجرما وتجرم فعلاً زج الأطفال فإذا استطاعت هذه الرسائل أن تجد مكانها للتنفيذ فأنا أعتقد أن التعليم سيكون مستقبلاً بخير.
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.