يُعد الاستقرار السياسي والاجتماعي أحد أهم مقومات التنمية الاقتصادية، وهذا يعني أن اختلاله دليل على اختلال مسيرة التنمية، فيجب نشر ثقافة الحب والإخاء والسلام في أوساط المجتمع اليمني، والحث على أهمية الأمن والاستقرار والحفاظ على السلم الاجتماعي، ونبذ النعف والتخلي عن ثقافة الحقد والكراهية التي تنعكس سلبياتها على الوطن والشعب اليمني بمختلف شرائحه، وإحياء روح الولاء وحب الانتماء في نفوس المستهدفين من النشء والشباب الذين يمثلون نصف الحاضر و المستقبل.. حول أهمية السلم.. و مخاطر العنف نظم “التكتل المجتمعي لحماية السلم” ندوة حول هذا الموضوع، أكدوا فيها نبذ العنف وضرورة أن تضطلع الدولة بواجباتها ومهامها في ترسيخ السلم الاجتماعي.. “الجمهورية” كانت هناك، واستطلعت آراء عدد من المشاركين. مدينة السلام في البدء تحدث الدكتور عبدالله الذيفاني “رئيس مركز دراسات الجدوى” حيث قال: محافظة تعز مدينة السلام وهي المكان الذي صنع فيه السلام بدءاً من عام 48 حين كان ثلة من التنويريين في مدينة تعز، على رأسهم الشهيد محمد محمود الزبيري، والأستاذ النعمان، وزيد الموشكي، و كذا في 55 وحتى عام 1962. مضيفاً أن لواء السلام الذي كان يقوده الفقيد اللواء عبدالرحمن محمد صبر، انطلق من تعز فكان أفراد اللواء يحملون بأيديهم اليمنى السلام وبالأخرى مقاومة من يرفض السلام. وأوضح الذيفاني أن السلام ليس مفهوماً جديداً فالسلام منذ أن خلق الله أبونا آدم، فرسالة الإنسان التي استخلفها الله هي رسالة السلام. مبيناً أن عوامل تدخلت لتحرف السلم عن مساره، منها عوامل داخلية وأخرى خارجية، بدأت تتشكل في تسعينيات القرن المنصرم حين تم الحديث عن إعادة رسم خارطة الشرق الأوسط الجديد، فالإرادة أمريكية والإقليمية هي من تذكي الصراع في الشرق الأوسط. وأشار الذيفاني إلى أن العامل الآخر متمثلة بصراع المفهوم، فصدروا لنا مفاهيم جعلونا نختلف حولها، ك مفهوم الديمقراطية والحرية وموضوع السلم والسلام، مبيناً أن أخطر المفاهيم التي أدت إلى تهتك السلم الاجتماعي هي 3 مفاهيم ،مفهوم الإسلام، والقومية، والاشتراكية، فضلينا نتصارع على مدى 50 عاما حول هذه المفاهيم، منوهاً أن هذا الصراع انعكس على السلم الاجتماعي داخل البلدان. شراكة مجتمعية وأوضح الذيفاني أن غياب الفلسفة التربوية الجامعة والفقر والبطالة أحد الأسباب الرئيسي التي عملت على خلق العنف، كما أن القوى السياسية لم ترتقي إلى مستوى رسالتها لتعميق السلام والقبول بالآخر. وقال الذيفاني: إنه من أجل التخفيف من البطالة أطلق مركز دراسات الجدوى في عام 2007 مشاريع لبناء السلم الاجتماعي تحت مسمى الشراكة المجتمعية، ووضعنا برنامجا متكاملا استشعاراً منا للخطر القادم ومكافحة البطالة والفقر وترسيخ القيم الاجتماعية السليمة التي تعمل على تعزيز الانتماء والولاء وأحداث تنمية مجتمعية، وقد أنجزنا 16دراسة تخدم هذا الهدف، ولكن تم وأد هذا المشروع الذي يكافح العنف. آثار العنف الدكتور محمد سعيد الحاج “عميد مركز التعليم عن بعد”، طالب بضرورة مواجهة مفاهيم التشدد و الانغلاق داخل مؤسساتنا الثقافية و التربوية والدينية، و تغليب جانب الاعتدال و الوسطية التي تمثل جوهر الإسلام. و قال الدكتور الحاج: في ظل العمليات الإرهابية والإجرامية البشعة التي تستهدف الأبرياء من الأطفال والرجال والنساء ومنتسبي القوات المسلحة بأساليب غادرة وجبانة تتنافى مع روح عقيدتنا السمحاء ومع قيم ومبادئ أخلاق الإسلام. منوهاً أن الإرهاب أثر على السلم الاجتماعي من حيث صناعة التنمية وعرقلة جهود الدولة في بناء دولة مدنية، بالإضافة إلى أن الإرهاب يعمل على زج الجيش في حرب طائفية. دور المرأة عائدة عبده ناجي العبسي “أمين عام نقابة المؤسسة العامة للطرق بتعز” قالت: عند الحديث عن الأمن والسلام لا نستطيع إغفال أدوار المرأة في إرساء قواعد العدالة الاجتماعية والأمن المجتمعي، فالمرأة هي من يقوم على عاتقها الحفاظ على النظام الاجتماعي، وهي التي تسهم في نشر مبادئ السلام، وهناك مقولة لميشال باشوليه تقول “أينما وجد نزاع فالمرأة يجب أن تكون جزءاً من الحل “ فالمرأة قوة أساسية لبناء السلام ولتوفير الأمن الإنساني. وبينت عائدة أن مدينة تعز تُعز من يعزها، وهي القلعة الشامخة والصخرة التي تتحطم عليها كل الدسائس، فمن حاول أن يدنو من سور مدينتها، أو من حاول فك ظفائرها، ومن حاول شق صفها ويلاً له، ولن يجد له مكانا في هذا المحافظة المسالمة. قوة الدولة الدكتور محمود البكاري أشار إلى أن العنف هو الاستخدام غير المشروع للقوى بهدف الإضرار بالآخرين، موضحاً أن الدولة هي الجهة الوحيدة التي تمتلك الحق والمشروعية في استخدام القوة بهدف تحقيق السلم الاجتماعي، وليس لإلحاق الضرر، والحق الذي تمتلكه الدولة متمثل في القوة المادية المباشرة، كالقوة القهرية المتمثلة بالجيش والأمن، وأيضاً قوة أدبية معنوية كتطبيق القانون. بيئة حاضنة للعنف وأشار البكاري إلى وجود قوى سياسية واجتماعية تنازع الدولة الحق في استخدام القوة، كما أن هذه القوى السياسية والاجتماعية لا تقاتل بعضها فقط بل تقاتل الدولة، كما أن تلك القوى تستخدم الأسلحة وهذا يعد بيئة حاضنة للعنف. وبين البكاري أن العنف نوعان عنف مادي مباشر كالقتل وضرب المنشآت والمؤسسات العامة، أما العنف الرمزي عبارة عن الهيمنة الاجتماعية والثقافية وهو نوع من القمع الفكري والحرمان من الحريات، ولو أسقطنا هذا النوع على حال اليمن سنجدها منذ قيام ثورة 26 سبتمبر واليمن تعاني من هذا، وبالتالي لا نستغرب أن اليمن تعيش في حالة تخلف لأن مراحل الصراع أكثر من مراحل الاستقرار والتنمية. مخاطر وعن المخاطر التي يتسبب بها العنف قال: العنف له مخاطر على كافة مجالات الحياة منها المخاطر السياسية بحيث يصبح العنف آلية معتمدة للتداول السلمي للسلطة، كالانقلابات وتصفيات دموية وعسكرية، وهنا يتصادر حق الشعب في السيادة عن نفسه باعتبار الشعب مالك السلطة ومصدرها، وما يحدث هنا أن أي فصيل يصل إلى السلطة يمارس نفس هذه الخروقات. . وأضاف: معروف أن للعنف كلفته الاقتصادية فما تعانيه اليمن من خسائر ناتجة عن العنف، كأعمال العنف المتمثل بضرب الكهرباء وأنابيب النفط، بالإضافة إلى استنزاف الطاقات البشرية جراء القتل وسقوط الضحايا.. والاجتماعية تتمثل في أننا نعيش حربا غير معلنة، فعلى المستوى الاجتماعي يتم تمزيق النسيج الاجتماعي، بالإضافة إلى التوترات الاجتماعية التي تأخذ طابع الطائفية والمذهبية والمناطقية والقبلية.. وأردف: العنف على المستوى الثقافي يؤدي إلى قمع الحريات، والى الكبت والى الحرمان من حرية الرأي والتعبير؛ فيتم إلغاء الحق في التعدد والتنوع الذي يعد وسيلة لإثراء الواقع، ومن خلال العنف يصبح الرأي الواحد هو السائد. التعبئة والتدوير وحول البدائل والحلول قال البكاري: نحن أمام قضية عصية وقضية مجتمعية كبيرة، فالانتقال من حالة العنف إلى اللا عنف بحاجة إلى نضال سياسي واجتماعي طويل، لذلك هناك 3 بدائل تتضمن حلولا هي الديمقراطية بشكل عام، فالديمقراطية هي الاطار السياسي المستوعب للتعددية المجتمعية، فلا يوجد نظام سياسي غير ديمقراطي كفيل بإنهاء العنف..أما البديل الثاني فهو الحوار فمن الضروري أن يترسخ الحوار في أذهان المجتمع.. والحوار يعد البديل الثقافي للعنف. والبديل الآخر التوعية والتنوير، والوضع السائد بدل التوعية هو التعبئة والتدوير.