أحمد غراب اليمن سياسيا واقتصاديا وأمنيا أصبح مربوطاً بالآلة الطابعة، كل شيء نسخ ولصق وطبع. البرلمان صوت على الميزانية وليس أمامه إلا أن يصوت أيا كانت أخطاؤها لأنه وجد نفسه بين أمرين أحلاهما قبر: إما أن يصوت على الميزانية، أو (يصوت) باللهجة المصرية ويصبح حال البلد: "معزية بعد عامين مجددة كل الأحزان". اقتصاد اليمن الآن يمشي بنظام الطابعة الإسعافي، كل عجز مالي وإفلاس يتم تغطيته عن طريق مطبعة الفلوس، الحكومة نائمة وهي راكنة على الطابعة. وفي السياسة آلة طابعة خارجية، مبادرة فتسوية فحوار فهيكلة، كلها نسخ ولصق ثم أوامر ثم طباعة، ومن قال لا فمصيره سلة المحذوفات، ولو الحكومة قالت لا فلن تجد فلسا واحداً من المساعدات الخارجية التي أصبحت مربوطة بتنفيذ ما تطبعه الطابعة الخارجية. لا يوجد طابعة سياسية داخلية باستثناء الطابع البريدي، ما سوى ذلك يوجد لدينا حكومة طبعت وجهها للشعب، ومازالت تطبع ووعودها أشبه بالمنشورات الطبية التي يوزعونها فوق الباصات، تجد فيها أغرب الوصفات. حكومة تطبعت على الفشل فكان حضورها في حياة المواطن اليمني كحضور منتخبنا الرياضي في كأس الخليج ما في حتى " نقطة " ولو جبر خاطر. الطابعة الحكومية تذكرنا أيضا بتلك العبارة المطبوعة في نهاية ورقة الامتحانات : "مع تمنياتنا للجميع بالوفاق والنجاح"، على اعتبار أن نصف مليون طالب يمني دخلوا امتحانات نصف العام والكتب المدرسية ما زالت تحت الطباعة. اذكروا الله وعطروا قلوبكم بالصلاة على النبي. *صحيفة اليمن اليوم