في 14 فبراير/شباط 2011 انطلقت حركة الاحتجاجات المطالبة بإصلاحات سياسية ودستورية في البحرين، وبرزت في خضمها بين الحين والآخر تصرفات قوات الأمن والشرطة كلاعب مؤثر في المشهد السياسي المحتدم في البحرين، فضلا عن تميزها بمشاركة النساء. فالسلوك الأمني للسلطة الحاكمة في مواجهة حراك المعارضة البحرينية بات مشهدا شبه يومي وشابت هذا السلوك ممارسة قوات حفظ النظام أعمال العنف ضد ناشطات المعارضة. ويروي شهود عيان وقوع سلسلة أحداث مثل التعرض للشيوخ والأطفال والنساء وضربهن ونزع حجابهن في بعض الحالات أمام الملأ، أضف إلى ذلك الاستخدام المفرط للغازات المسيلة للدموع ومداهمات البيوت خلال ساعات الليل.. وفي المقابل، توثق السلطة حالات شغب يتخللها تفجير القنابل عن بعد، فضلا عن إطلاق شعارات معادية للنظام وشتم عناصر الشرطة ووصف قوات حفظ النظام بال"مرتزقة"، وزج النساء في مظاهرات غير قانونية بنظر السلطة التي تتهم مرجعيات دينية بتحريضهن على الاحتجاج. هل تعتبر تصرف الشرطة البحرينية إزاء النساء تحرشا؟ مضايقات المرأة "منذ بداية الاحتجاجات، بدأ النساء يشعرن بخوف كبير من مضايقات الشرطة في الشوارع، حيث يتعرضن للضرب والملاحقة"، هكذا تختصر الكاتبة البحرينية ندى الوادي صورة النساء البحرينيات المشاركات في الاحتجاجات. وتؤكد الوادي في حوار مع موقع قناة "الحرة" أنه يتم تسجيل وتصوير عدد كبير من الانتهاكات في الشارع البحريني، وتقول إن "صور تعرضهن للضرب أمام سيارات الشرطة هي صور مؤثرة جدا للرأي العام". كان آخر حادث وقع في 18 يناير/كانون الثاني عندما تدخلت الشرطة للقبض على المعارضة زهرة الشيخ بدعوى أنها شتمت عناصرها. وبحسب أقوال شهود عيان فقد تعرضت الناشطة للضرب على وجهها ونزعت شرطية حجابها أمام الملأ. وهذا فيديو لاعتقال زهرة الشيخ: لكن وزيرة الدولة لشؤون الإعلام في البحرين والمتحدثة الرسمية باسم الحكومة سميرة رجب توضح في مقابلة مع موقع قناة "الحرة" أن "زهرة الشيخ هي التي ضربت الشرطية ولم تتلق الضرب، فقد عضّت الشرطية، ومارست العنف معها، ولذلك تضيف، إن المعلومات المتداولة تصل في بعض المرات معكوسة". x وزيرة الدولة لشؤون الإعلام والمتحدثة الرسمية باسم الحكومة سميرة رجب النساء المعتقلات ولم تكن زهرة الشيخ المرأة الوحيدة التي ألقي القبض عليها طوال السنوات الماضية، ومنهن: حليمة الصباغ، زينب دهيم، خديجة عبد الناصر، فاطمة الجشي، فاطمة عبد الجليل، وغيرهن. وقالت رولا الصفار (49 عاما) رئيسة جمعية التمريض البحرينية، والتي اعتقلت لمدة خمسة أشهر، إنها وغيرها من النساء الناشطات تعرضن لل"التعذيب بالصدمات الكهربائية". وأكدت لصحيفة نيويورك تايمز أنها شهدت تعرض معتقلات أخريات للتعذيب والضرب. وروت الصفار، والحزن واضح في عينيها، أنه عندما ألقي القبض عليها من قبل الشرطة لاستجوابها في مطلع شهر ابريل/ نيسان الماضي، لم تكن تعلم أنه سيتم توقيفها. النساء والمرجعيات الدينية وذكرت رجب بأن زهرة الشيخ و15 ألف امرأة أخرى كانوا رفضوا سنة 2008 قانون الأحوال الشخصية، "لأن مرجعياتهن الدينية كانت تحرضهن، لكي تبقى المرأة تحت هيمنة رجال الدين". وفي هذا الإطار تنتقد رجب بعض تصرفات مجموعات نسائية يتم تنظيمهن من قبل تيار الإسلام السياسي الشيعي، وهن لا يمثلن صورة المرأة البحرينية، وفق وصفها. إلا أن النائب السابق المعارض عبد علي محمد يرد على ذلك بالتأكيد لموقع قناة "الحرة" أن المسألة ليست تجنيد المرأة ولا استثمارا لها، بل إن "المرأة البحرينية تخرج بعفويتها للتعبير ضد ما تراه انتهاكا لكرامتها". المرأة البحرينية.. في السلطة ولا شك أن مسألة التعرّض للنساء مسألة حساسة جدا، وفق ما تؤكد الوادي، بعدما أصبحت المرأة أبرز عنصر في الحراك الشعبي. فمنذ أوائل القرن العشرين برز دور المرأة البحرينية بشكل مميز في الحياة العامة بدءا من تحصيل التعليم في مستوياته العليا وصولاً إلى المشاركة في الحياة السياسية. حيث أصبحت المرأة ممثلة اليوم بثلاث وزيرات في مجلس الوزراء وثلاث سفيرات للبحرين في ثلاث دول عظمى. وتلفت سميرة رجب إلى أن المرأة متواجدة في البحرين من منصب وزيرة إلى كل المناصب، وهي متمدنة وليست فقط بالصور التي تشاهد على المحطات ممثلة ببعض التيارات المتطرفة، وفق وصفها. لكن الوادي تنتقد حديث السلطة طوال السنوات العشر الماضية عن تمكين النساء من ممارسة دورهن، من دون أن تقوم السلطة في الوقت ذاته بدورها في مواجهة الانتهاكات التي تحصل خلال الحراك الشعبي. ويؤكد النائب السابق عبد علي محمد في سياق حديثه عن دور المرأة البحرينية لقناة "الحرة" أنها جزء رئيسي من مكونات المجتمع وهي لا يمكن أبدا أن تعيش بمعزل عما يجري على الأرض وهي تشاهد الانتهاكات التي تطاول زوجها وأخيها وأبيها وأبناء وطنها. جدلية تحرّك النساء وعلى الرغم من تنامي دور المرأة في الاحتجاجات، إلا أن ظهور النساء في مظاهرات غير قانونية بات يحمّل الأوضاع في البحرين تبعات لم تكن في الحسبان. وفي هذا الإطار تقول سميرة رجب "لم تكن المرأة بهذه الصورة التي بدأت تخرج في السنوات الخمس أو الست الأخيرة، حين بدأت بعض الأحزاب السياسية تنظم تحرّك النساء". وهذا فيديو لإلقاء المتظاهرين قنابل المولوتوف على أفراد الشرطة وقطع الطرقات: ومن جانبه، يؤكد الكاتب السياسي محمد مبارك أن من حق المرأة في البحرين أن تحتج وتخرج في المظاهرات، معربا عن معارضته أي عنف أو سوء معاملة من قبل الشرطة ضد الناشطات البحرينيات، إلا أنه يحمّل المعارضة أيضا مسؤولية زج النساء في مظاهرات غير مرخص لها. x نساء بحرينيات على هامش إحدى المظاهرات لكن نشطاء المعارضة البحرينية يعتبرون أن مقولة "زج النساء في الحراك" شعار تستخدمه السلطة لتقول إن المجموعات المعارضة هي مجرد أداة وتوضح الوادي أن المرأة البحرينية موجودة منذ الخمسينات في أي حراك شعبي وهي تخرج وتقود المسيرات، معتبرة أن أي مقولة من هذا النوع يعني "التقليل من شأن المرأة". وتضيف الوادي: "لا شيء يبرر العنف".