ارتفعت وتيرة الاحتجاجات العمالية في الاردن، إذ سجل 149 احتجاجًا عماليًا خلال العام 2010، و829 احتجاجًا في العام 2011، لترتفع إلى 901 احتجاج في العام 2012. أيمن الزامل من عمان: اصدر مركز الفينيق للدراسات الاقتصادية والمعلوماتية تقريره السنوي حول الاحتجاجات العمالية خلال العام 2012، في اطار برنامج المرصد العمالي الأردني، الذي تم اطلاقه في النصف الثاني من العام 2009، بالتعاون مع مؤسسة فريدريش إيبرت الألمانية، لرصد ومتابعة كافة التفاصيل المتعلقة بسوق العمل الأردني، سواء على مستوى السياسات السياسية أو التحولات على مستوى الحراكات العمالية الميدانية. وهذا هو التقرير السنوي الثالث ضمن هذه السلسلة من التقارير، خصص لتقديم نتائج عمليات الرصد اليومي للاحتجاجات العمالية التي جرت في الأردن خلال العام 2012. رقم قياسي اظهر التقرير، الذي تسلمت "إيلاف" نسخة منه، أن الاحتجاجات العمالية في العام 2012 سجلت رقمًا قياسيًا غير مسبوق، اذ بلغت 901 احتجاج، بزيادة قدرها 8 في المئة مقارنة مع عدد الاحتجاجات التي نفذها عمال الأردن في العام 2011، والتي بلغت آنذاك 829 احتجاجًا. واشار التقرير إلى أن فريق المرصد العمالي لم يتمكن من معرفة عدد المشاركين في جميع الاحتجاجات العمالية، اذ تم رصد عدد المشاركين في 339 احتجاجاً عمالياً فقط، شكلت ما نسبته 37.8 في المئة من مجمل الاحتجاجات العمالية، وبلغ عدد المشاركين فيها 288 ألف عامل وعاملة. ووفقًا للتقرير، تم التعامل مع العديد من أشكال الاحتجاج المتبعة من قبل العمال باعتبارها احتجاجات عمالية، إذ شكلت اضرابات العمل ما مجموعه 410 اضرابات، بنسبة 45 في المئة، فيما احتلت الاعتصامات العمالية نسبة 37 في المئة بمجموع 334 اعتصامًا، وحلت عمليات التهديد بالاضراب عن العمل ثالثًا بنسبة 16 في المئة، ما شكل 140 تهديدًا. اما قتل النفس أو التهديد بقتلها فقد سجلت 17 حالة. نصفها في القطاع العام وبحسب التقرير، تركز نحو نصف الاحتجاجات العمالية التي تم تنفيذها خلال العام 2012 في القطاع العام، إذ بلغت نسبة الاحتجاجات التي نفذها العاملون في هذا القطاع 49.8 في المئة، بواقع 449 احتجاجًا. يؤشر ذلك إلى أمرين، الأول احساس قطاعات واسعة من العاملين في القطاع العام بأن رواتبهم منخفضة ولا تكفي لتغطية حاجاتهم وحاجات اسرهم ليعيشوا حياة كريمة، والثاني أن العاملين في القطاع العام اكثر جرأة من العاملين في القطاع الخاص في التعبير عن انفسهم من خلال الاحتجاج، بسبب احساسهم بأن الحكومة كرب عمل لن تقوم باتخاذ عقوبات بحقهم جراء ممارستهم للاحتجاج. مقابل ذلك، بلغت نسبة الاحتجاجات العمالية التي نفذها عاملون في القطاع الخاص 42.7 في المئة، أما العاطلون عن العمل فقد بلغت نسبة احتجاجاتهم 7.4 في المئة من مجمل الاحتجاجات العمالية. وكان المحتجون يطالبون بالحصول على فرص عمل. الأجور ثم الأجور أشار التقرير إلى أن انخفاض الأجور هو السبب الرئيسي الذي دفع العاملين، والبالغ عددهم 385 عاملًا، إلى تنفيذ احتجاجاتهم، أي ما نسبته 42.7 في المئة من الاحتجاجات التي كانت تطالب برفع الأجور والعلاوات. وهذا الأمر ليس بمستغرب، لأن أحد أهم التحديات والاختلالات التي تعاني منها سوق العمل في الأردن هو انخفاض معدلات الأجور، فما يقارب ثلاثة ارباع أجور العاملين في الأردن يقع تحت خط الفقر المطلق (الغذائي وغير الغذائي) بحسب الأرقام الرسمية الصادرة عن دائرة الإحصاءات العامة والمؤسسة العامة للضمان الاجتماعي في تقاريرهما الأخيرة. قسوة طارئة اظهر التقرير بعض التغيير في طريقة تعامل الحكومة وأصحاب العمل مع بعض الاحتجاجات العمالية، على خلاف السنوات الماضية، إذ تم استخدام القوة لوقفها. فقد تدخلت قوات الامن لفض اعتصامات العاطلين عن العمل في كل من مدينتي الطفيلة ومعان، مستخدمة الغاز المسيل للدموع. وبررت الاجهزة الامنية استخدام القوة في هذا الاحتجاج بسبب قيام العاطلين عن العمل بإشعال الاطارات وإحداث تخريب بالملكيات العامة، بالإضافة إلى وقف اعتصام عمال المياومة امام وزارة الزراعة بالقوة. وتم تبادل اطلاق النار اثناء اعتصام بعض العمال في احدى الشركات. وتشكل نسبة الاحتجاجات التي تم وقفها بالقوة من قبل الحكومة وأجهزتها الامنية 31 احتجاجًا، بنسبة 3.5 في المئة من مجموع الاحتجاجات. تصاعد الوتيرة توقع التقرير أن تتصاعد الاحتجاجات العمالية للعام الثالث على التوالي، الأمر الذي يؤشر إلى أن الاختلالات في علاقات العمل ما زالت عميقة، وموجودة في غالبية القطاعات الاقتصادية وفي كلا القطاعين العام والخاص. إلى جانب ذلك، يتبين أن جزءًا كبيرًا من هذه الاختلالات جاء نتيجة للعديد من سياسات العمل المتمثلة في حرمان غالبية العاملين من تنظيم انفسهم في نقابات عمالية تنظم العلاقة مع أصحاب العمل على أسس متوازنة، الأمر الذي يدفع بغالبية العاملين إلى تنفيذ احتجاجاتهم بشكل سريع ومن دون تحضير مسبق أو اخطار مسبق لأصحاب العمل، سواء كان صاحب العمل قطاعًا عامًا أو خاصًا. وهذا يعود بشكل رئيسي إلى غياب الخبرة النقابية للغالبية الساحقة من العاملين بسبب حرمانهم من حق التنظيم النقابي، فنصوص قانون العمل المعمول به ونظام الخدمة المدنية يمنعان ذلك. السماح بالنقابات واكد التقرير على ضرورة تطبيق مبادئ ومعايير العمل اللائق بمختلف عناصره على جميع العاملين في الأردن بما فيها اعادة النظر في مستويات الأجور في القطاعين والعام والخاص باتجاه زيادتها لأن مستوياتها منخفضة جدًا اذا ما أخذ في الاعتبار خط الفقر المطلق المعلن عنه، وضرورة ربطها بمعدلات التضخم. ودعا المرصد إلى العمل على تعديل نص المادة 31 من قانون العمل الأردني، والمتعلقة بإعادة هيكلة المؤسسات التي تسمح بعمليات الفصل الجماعي من العمل مع ضرورة الاسراع بالمصادقة على اتفاقية منظمة العمل الدولية رقم 87 المتعلقة بالحرية النقابية وحماية حق التنظيم. فالقيود المفروضة على العاملين في الأردن بحرمانهم من تشكيل نقابات عمالية لم تمنعهم من تشكيل هذه النقابات، والمطلوب اجراء تعديلات على القانون تعترف بالأمر الواقع.