بيروت - "السياسة": على عكس كل التوقعات, وكل ما قيل عنه, إنه متمسك بالحكم وبالكرسي ويعيش نشوة شبق السلطة, على غرار ما يفعله "حزب الله" الذي يعيش على وهج السلاح, وخلافاً لكل الذين قالوا إنه لن يفعلها, فاجأ رئيس الحكومة نجيب ميقاتي الجميع وقدم استقالة حكومته بعدما وجد نفسه مطوقاً من "حزب الله" و"التيار الوطني الحر" ومن النظام السوري نفسه, حيث قيل إن حكومة ميقاتي هي حكومة النظام السوري و"حزب الله" بالتحديد, وإنه لا يجرؤ على تقديم استقالة حكومته لأن وظيفتها السياسية لم تنتهِ قبل معرفة مصير النظام في سورية. واستقبلت المعارضة والموالاة قرار الرئيس ميقاتي بارتياح بالغ عبرت عنه مواقف أطرافهما, وكأن كابوساً أُزيح عن ظهورهم, فوزراء عون و"حزب الله" خرجوا من جلسة مجلس الوزراء في بعبدا وهم يرددون شعار (لا أشرف ولا إشراف) ويقصدون لا للتمديد للواء أشرف ريفي, ولا لتعيين لجنة الإشراف على الانتخابات, لأن خيارهم الفراغ في السلطة وهم وصلوا إليه بأقل الخسائر الممكنة. أما المعارضة فقد عبرت عن ارتياحها لاستقالة الحكومة حيث قال عضو كتلة "المستقبل" النائب أحمد فتفت في تصريح ل ̄"السياسة": "ان تأتي متأخراً أفضل من أن لا تأتي". وأضاف أن "استقالة الحكومة مطلوبة من زمن طويل نتيجة الممارسات الخاطأ وتمرد بعض الوزراء, وبالأخص وزير الخارجية عدنان منصور الذي كانت تصريحاته ومواقفه تشير إلى أنه وزير خارجية النظام السوري وليس وزير خارجية لبنان, فضلاً عن تجاوزات وزراء تكتل "التغيير والإصلاح" والفضائح التي ظهرت في ملفات الكهرباء والاتصالات وتسيلم "الداتا" وعدم تسليمها, إلى تدخلات "حزب الله" والمجاهرة بالقتال إلى جانب النظام الأسدي, ونتيجة ما جرى بعد اغتيال رئيس شعبة المعلومات اللواء وسام الحسن, فكل هذه الأمور مجتمعة أوصلت إلى قرار الاستقالة. وأشار إلى أنه بإمكان المعارضة العودة إلى الحوار الذي دعا إليه رئيس الجمهورية ميشال سليمان لأن الحكومة لن تؤلف إلا بعد الاتفاق والحوار". وشدد فتفت على أن "قوى 8 آذار فوجئت بقرار استقالة ميقاتي, مع أنهم في الأساس يريدون تطيير الانتخابات ولن يستطيعوا تطييرها إلا بهذه الطريقة", مشيراً إلى أن رفض وزراء 8 آذار التمديد للمدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء أشرف ريفي, سببه رغبة هذا الفريق بالسيطرة على شعبة المعلومات". وبشأن مشاركة "14 آذار" بحكومة جديدة إذا لم يكلف بتشكيلها, لا الرئيس سعد الحريري ولا الرئيس فؤاد السنيورة, قال فتفت: "نحن مع حكومة حيادية ومشاركتنا في الحكومة مرتبطة ببرنامجها السياسي". من جهة ثانية, استغرب عضو تكتل "التغيير والإصلاح" النائب حكمت ديب في اتصال مع "السياسة" كلام الرئيس ميقاتي, بأنه لا يتحمل إقصاء اللواء ريفي. وسأل: "هل رئيس الحكومة يفسر إحالة الضابط الذي يبلغ السن القانونية إلى التقاعد إقصاءً له? ولماذا يحاول أن يكون ضد القانون وضد الانتظام العام? ولماذا هذا التكاذب والتحامل علينا?", مضيفاً: "لقد أصبح من الواضح أن الحكومة استقالت على خلفية عدم تطبيق رئيسها للقانون". وعن اتهامهم بدفع الحكومة إلى الاستقالة لتطيير الانتخابات وتعيين اللواء علي الحاج مديراً عاماً لقوى الأمن الداخلي, نفى ديب ذلك, قائلاً: "لسنا خائفين من الانتخابات لنطيرها, وهل قدموا لنا أي اسم بدلاً من ريفي ورفضناه, نحن حاضرون لكل شيء ونرفض رمي العرقلة على الآخرين لأننا نطبق القانون بحرفيته". ورأى أن الحل بتأليف حكومة جديدة, لأنه ليس هناك شخص خلقه الله وكسر القالب, وليس هناك من أشخاص لا تعوض". وفي رده على المتخوفين من الفراغ في السلطة سأل ديب: "لماذا نضع هذه الاحتمالات طالما أن الدستور يعطي الحق بتأليف حكومة جديدة?".