الهجرة النبوية الشريفة من مكةالمكرمة إلى المدينةالمنورة انطلاقة جديدة لبناء دولة الإسلام، وإعزاز لدين الله تعالى، وفاتحة خير ونصر وبركة على الإسلام والمسلمين، ومعلم باهر ظاهر في مسيرة الدعوة إلى الله تعالى في بناء مجتمع لحقوق الإنسان وإسعاده، لذا فإن دروس الهجرة الشريفة لا تنتهي ولا تنقطع، ومنها أن التوكل على الله تعالى، والصبر واليقين طريق للنصر والتمكين، ولذلك ظلت الهجرة النبوية معيناً ومرشداً واضحاً لفقه الدعوة. (القاهرة) – يقول الدكتور أحمد محمود كريمة، أستاذ الشريعة الإسلامية، بجامعة الأزهر: من المقرر شرعا أن قداسة الدين الحق فوق كل شيء، فلا قيمة لما سواه إذا كان معطلا أو مهمشا أو مهددا، والمحافظة على الدين من أعلى المصالح الضرورية التي بها تستقيم الحياة الإنسانية، ومن سبل المحافظة على الدين التضحية بالنفس والنفيس والمال والأرض، ومن ذلك الهجرة النبوية، والتي تنطوي على حكم وأسرار ودقائق ولطائف وعبر وعظات. دروس مستفادة وأضاف كريمة: من الحكم والأسرار واللطائف والدروس المستفادة من الهجرة النبوية المشرفة، أن الهجرة حسب الظاهر مفارقة للوطن وهجر للأرض، ولكنها في الحقيقة حفاظ وصيانة له، فالمفارقة المؤقتة بآلامها تهون بعد سنوات العودة المظفرة ليكون الوطن منارة الهدى، كما قال رسول الله –صلى الله عليه وسلم-:" إنك أحب البلاد – أي مكة – إلي ولولا أن قومك أخرجوني ما خرجت"، وقال الله تعالى فى كتابه العزيز: "وكذلك أوحينا إليك قرآنا عربيا لتنذر أم القرى ومن حولها" سورة الشورى الآية 4. ومن دروس الهجرة النبوية أنها أخذ عملي بالأساليب والوسائل المادية من الاستعانة بأحد الأدلاء وهو غير مسلم لكنه عارف بدروب الصحراء، وتكليف علي بن أبي طالب –رضي الله عنه– بالمبيت في فراش الرسول –صلى الله عليه وسلم– والتغطي ببرده تمويهاً على القوم المحاصرين لداره ليلة الهجرة، وإخفاء موعد هجرته عدا إعلامه لأبي بكر –رضي الله عنه– وخروجه في وقت الفجر والاختفاء في غار ثور، والسير في طرق فرعية غير معتادة. وأوضح الدكتور كريمة، أن من دروس الهجرة النبوية الجمع بين يقين وأسباب التوكل، ومن صور اليقين في هذه الهجرة العظيمة قوله –صلى الله عليه وسلم– لأبي بكر –رضي الله عنه– في الغار: "لا تحزن إن الله معنا" وقوله :"يا أبا بكر ما ظنك باثنين الله ثالثهما" عندما قال له سيدنا أبوبكر: يا رسول الله لو نظر أحدهم تحت قدميه لرآنا. وعدم الخوف ممن يلاحقه ويريد قتله –صلى الله عليه وسلم– مثل سراقة بل كان مستغرقا في قراءته ومناجاته لربه –سبحانه وتعالى– ليقينه بأن الله تبارك وتعالى ناصره. تحمل المشاق والصعاب ... المزيد