خلال الجلسة الافتتاحية للقمة العربية في الدوحة، وأثناء الكلمة المؤثرة لحضرة صاحب السمو الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني، أمير البلاد المفدى، التي تضمنت دعوة للعرب بدعم مصر نظرا للتضحيات الكبيرة التي قدمتها للأمة، نشر الموقع الإلكتروني لصحيفة مصرية خاصة خبرا عاجلا مفاده أن قطر وضعت قائمة سوداء لصحف مصرية منعتها من تغطية القمة، بل ومن دخول الأراضي القطرية من أساسه. ومنها هذه الصحيفة نفسها، وصحيفة «الشروق»، نظرا للموضوعات التي نشرتها كل منهما ضد الدور القطري في المنطقة. بعدما قرأت الخبر، نظرت على مقربة مني فوجدت الزميل والصديق سيد جبيل، الصحافي بالجريدة «مفبركة» الخبر، ممسكا بقلمه يدون ملاحظاته على الجلسة الافتتاحية، والكلمات التي قيلت ليلحق بكتابة تقرير للطبعة الأولى من صحيفته التي منعت من تغطية القمة!! بينما في الصف الأمامي مباشرة كان الأستاذان عماد الدين حسين رئيس تحرير»الشروق» ووائل قنديل، مدير التحرير، يضحكان على الخبر مع الإعلامي أحمد منصور، ولسان حال الجميع: كيف حضرت يا عماد ويا وائل إلى هذه القاعة التي تضم القادة العرب وصحيفتكما ممنوعة ومغضوب عليها.. وهل ارتديتما طاقية الإخفاء لتخرجا من مطار الدوحة، بينما الأراضي القطرية محرّمة عليكما ومن يتشدد لكما؟! المفارقة أنه قبل الجلسة، كنت قد هنأت أحمد منصور، على تركه الكتابة في هذه الصحيفة المشبوهة، فشكرني، وبدا سعيدا أنه تخلص من عبء وجود اسمه في جريدة جلبت العار لنا أثناء القمة، وشوهت صورة الصحافة المصرية. الحماقة أعيت فعلا من يداويها. بعد هذه الفضيحة ربما غير المسبوقة في دنيا الإعلام، توقع البعض أن يعتذر مسؤولو «المشبوهة» على خبرهم الكاذب، وغبائهم المعتق وجهلهم العصامي الذي جعلهم ينسون قبل فبركة الخبر، أنهم ينشرون يوميا رسالة من مندوبهم في الدوحة بينما يتباكون على منعهم من الدخول!! لكني خالفت الزملاء الرأي، وقلت إن الصحيفة لن تعتذر، لكنها ستبحث عن كذبة جديدة تبرر بها الكذبة القديمة. وقد كان.. في اليوم التالي نشرت المذكورة أن من سافروا إلى قطر هم من «الإخوان» الذين اصطحبهم الرئيس محمد مرسي على طائرة الرئاسة، وكلفوا الدولة مبالغ طائلة. وكالعادة أرفقت الصحيفة أسماء ذكرت أنهم كانوا بصحبة مرسي على الطائرة، ومعظم هذه الأسماء أقامت في فندق واحد ضمن الوفد الإعلامي المصري، وسافرت معنا على طائرة لم ألمح فيها أبداً الرئيس مرسي ولا طيفه! ثم لو كان من ولوا وجوههم شطر الدوحة هم من «الإخوان» فقط، فالمؤكد أنه كان سيتم فورا استبعاد اسمي رئيس ومدير تحرير «الشروق»، فالأول ناصري قومي والثاني ليبرالي حسبما أظن، فضلا عن أن الزميل سيد جبيل -وهو عِشرة عمر- لم يضبط يوما متلبسا مثلي ب «جرم» تأييد الرئيس محمد مرسي، بل إنه ينتقي -اتباعا لسُنَّة الجريدة التي يعمل بها- موضوعات الصحافة الأجنبية التي تهاجم جماعة «الإخوان» والإسلاميين عموما، فيقوم بترجمتها ونشرها، ولم يقترب يوما من الموضوعات التي تتحدث بإيجابية عن التيار الإسلامي. أصبحت الجريدة المذكورة محل تندر بيننا في الدوحة. إذا أراد أحد أن يروج أي شائعة عن زميل له بأنه تزوج على زوجته مثلا، فإن زميلا ثالثا ينصحه: «عليك وعلى..، وهي هتنشر لك الإشاعة فورا». ولو اختلق أي صحافي معلومة كاذبة، فإنه يقول إنه قرأها في نفس الصحيفة. كنت أشفق على «سيد» وهو يسمع بأذنيه ما يتردد عن صحيفته، ولا يجد ما يلتحف به سوى الصمت الرهيب. ملف هذه الصحيفة متخم، فيه ما يقال وما لا يقال عمن يمولها ويحولها إلى ما يشبه امرأة «لا مؤاخذة» تقف تحت عمود نور: من يدفع لها تطلق زغرودة بحقه تشق سكون الليل، ثم يهمس في أذنها بأن تفتح قاموس «فرد الملاية» تجاه هذا أو ذاك، فتلبي النداء فرحة مبتهجة، ومن ثم تخلع ملابسها وتنزل «شرشحة» في خلق الله. قبل نحو أسبوعين من واقعة الخبر الفضيحة، نزلت الصحيفة هجوما على الدكتور أيمن نور، زعيم حزب «غد الثورة» خصصت «بروفايل» عنه معبأ بما تيسر من الردح والسب. لم تترك نقيصة سياسية، مع تلميحات بأمور شخصية، إلا وألصقتها به. أما السبب فهو أمران: الأول أنه يرفض أفعال جبهة «الخراب» التي تعارض الرئيس محمد مرسي بالمولوتوف وحرق مصر. والثاني أنه تحدث في حوار مع الصحيفة التي بين أيديكم -»العرب»- بمنطق وواقعية عن الحملات الإعلامية الشرسة على قطر، وقال إن وراءها «قوى إقليمية تشعر بالغيرة من دور قطر»، ثم أكد أن المساعدات القطرية لمصر تدخل عبر القنوات الشرعية، وأنها موجهة للشعب المصري، وليس لفصيل سياسي بعينه. لم تكتف الصحيفة بنهش لحم أيمن نور ب «البروفايل»، فالبحر يحب الزيادة. استأجرت «نهاشين» آخرين للانقضاض على الرجل حتى يرضى «اللهو الخفي» الكائن بعيدا والذي يشعر بارتكاريا وتلبك معوي كلما سمع أو قرأ أي كلمة حق تجاه قطر. الجريدة المشبوهة لم تجد وسيلة تجعلها تقوم بالمهمة على أكمل وجه سوى ارتكاب جريمة مهنية يشيب لها شعر نانسي عجرم الملون في بطن الفيديو كليب. كذبت الصحيفة على من وصفتهم بالخبراء الذين استطلعت آراءهم فيما قاله «نور»، ونسبت إليه ما لم يتضمنه الحوار أبدا، وزعمت أنه وصف قطر ب «الشقيقة الكبرى لمصر»، وأن القاهرة تشعر بالغيرة من الدوحة. طبعا انبرى السادة الخبراء في الهجوم على أيمن وعلى قطر، وبالمرة على محمد مرسي وعلى من انتخبوه! ويا من فضحتم صحافة مصر، وجعلتم جريدتكم تعيش دور امرأة ليل، خلوا بالكم: رائحتكم فاحت.. ومرسي سيقطع «الأصبع» الذي يتدخل في شؤون مصر عبر وسائل إعلامية باتت معروفة.. ثم إن بوليس الآداب صاحي اليومين دول!!