انتقد المهندس صالح الشنفري، رئيس مجلس إدارة كبرى الشركات العمانية المتخصصة في الأمن الغذائي والعضو السابق في مجلس إدارة الهيئة العامة لسوق المال، ما يتردد من أحاديث "إنشائية" حول السياسات والفرص الاستثمارية في ما يتعلق بمشروعات الثروة الحيوانية والسمكية، مطالباً بضرورة الانتقال المباشر إلى حديث الأرقام، خاصة في ظل الأوضاع المعيشية الصعبة ومخاوف الجوع التي تفزع الكثيرين حول العالم، داعياً إلى انشاء التطرق إلى السياسات والفرص، بينما المفترض الدخول مباشرة إلى حديث الأرقام لأن الوضع صعب والناس جائعون، طارحاً فكرة إنشاء صندوق للاستثمار الزراعي تشارك فيه الحكومة والقطاع الخاص والمستثمرون الراغبون، مشدداً على ضرورة اسناد عملية الاستثمار للقطاع الخاص باعتبار الحكومة "مستثمراً فاشلاً" على حد تعبيره، التي يجب أن تكتفي في هذه الشراكة بمهام الإشراف ووضع السياسات والمراقبة والمتابعة والتقييم والدعم، مشيراً إلى وجود نماذج لمشاريع مهمة في هذا السياق خارج السلطنة تمكنت من تحقيق نتائج ممتازة . وفي تصريحات ل"الخليج" قال الشنفري إن تحقيق نتائج حقيقية على الأرض لا يرتبط بالإعلان عن النوايا الحسنة، وإنما عبر تأسيس مشروعات حقيقية وصناديق تمويلية والقيام بمشاريع عملاقة لا يحسنها إلا القطاع الخاص، مطالباً وزارة المالية بتفعيل نتائج الدراسة التي كانت قد أجرتها حول فرص تجميع الألبان في محافظة ظفار، متمنياً أن تكون الفرصة سانحة للاعلان عن دعم هذا المشروع الجديد المفترض أن تقوم عليه الشركة الوطنية للثروة الحيوانية، والتي يقول إنها من المشاريع الواعدة، حيث يوجد ما يقرب من ربع مليون إلى ثلاثمئة ألف بقرة في محافظة ظفار يمكنها تغطية جزء كبير من حاجة السلطنة التي تعد مستورداً رئيساً للألبان حالياً . وعن الثروة السمكية وأساليب التعامل معها، يقول الشنفري إنها تواجه تحدياً لوجستياً لأن القضية الرئيسة تتعلق ب"التخزين والتعبئة والتغليف وفق المواصفات العالمية" وهي مسائل من المهم جداً التركيز عليها، مؤكداً وجود فرص كبيرة جداً للمستثمر للقيام بتصنيع وتعبئة اللحوم في محافظة ظفار وإعادة تصديرها إلى بقية دول المجلس، خاصة أن أغلب اللحوم الحية تأتي عبر القرن الإفريقي- إثيوبيا والصومال وتنزانيا - وجميعها تمر عبر المحافظة ما يعتبر فرصة جيدة لإقامة مشاريع صديقة للبيئة في هذا المجال، حيث توفر الغذاء والمشاريع اللازمة لتحويل منتجات رخيصة إلى منتجات عالية القيمة . وعن القيمة الاجمالية لرؤؤس أموال الشركات العاملة في مجال الأمن الغذائي بالسلطنة، يقول الشنفري إن القيمة السوقية للشركات العاملة في قطاع الزراعة والإنتاج الغذائي المدرجة حالياً في سوق مسقط للأوراق المالية تصل إلى نحو مليار دولار، إلى جانب شركات أخرى غير مدرجة ليس معروفاً بالضبط قيمتها أو رأسمالها، مشيراً في هذا السياق إلى معاناة السلطنة من مشكلة نقص الخضراوات حيث الطقس القاسي وندرة المياه، وأنها تنتج حالياً نصف احتياجاتها فقط، بينما هناك إمكانية لزيادة هذه النسبة، مستحسناً استخدام تقنيات "الزراعة بدون تربة"، كما يقول إن السلطنة تنتج حالياً ما نسبته 24% من الدواجن محلياً، بينما الطلب السنوي يتزايد، وإن هناك فرصة كبيرة للتوسع في إنتاج البيض، وإن الشركة التي يترأس مجلس إدارتها تعمل حالياً لتنفيذ مشاريع عدة في هذا المجال بحدود 230 مليون دولار في مجالات إنتاج اللحوم والبيض، وإن هناك مشروعاً عملاقاً بتكلفة 165 مليون دولار برأسمال محلي عربي خليجي . وعن الاحتياجات المستقبلية للسلطنة، يقول المهندس صالح الشنفري إن عمان سوف تحتاج في عام 2020م إلى مئتين وثلاثين ألف طن من الأرز ومئة وعشرين ألف طن من السكر، وتسعين ألف طن من الزيوت، وخمسة وعشرين ألف طن بقوليات، وخمسمئة وستين ألف طن من الفواكه، وخمسمئة ألف طن من الخضراوات، ومئة وعشرين ألف طن من اللحوم الحمراء، ومئة وخمسة وعشرين ألف طن من اللحوم البيضاء، وأربعين ألف طن من البيض، ومئة ألف طن من الحليب بنوعيه الجاف والطازج، ومئة وعشرين ألف طن من الأسماك، وأن هذا يعني الحاجة إلى استثمارات بقيمة ملياري دولار، مؤكداً أن ذلك يعد فرصة ممتازة لمن يريد الاستثمار الحقيقي في هذا المجال، خاصة أن قطاع الزراعة والثروة الحيوانية أصبح مربحاً بعد ظهور الأزمة الغذائية العالمية في عام 2008م، حيث تحول إلى قطاع "شديد الربحية"، وأن أغلب الشركات العالمية في السلطنة والخليج تحقق أرباحاً جيدة اليوم، داعياً المستثمرين الخليجيين والمحليين إلى المبادرة نحو التوسع بالاستثمار وتكوين قناعات بأهمية مشاريع الأمن الغذائي، معرباً عن أسفه لاتجاه بعض الدول الخليجية إلى شراء أراضي زراعية في كل من الفلبين وشرق إفريقيا والبرازيل، مغفلة التحديات الكبرى التي تتمثل بالتحولات السياسية في هذه الدول النامية حيث إمكانية "سحب الأراضي" مرة أخرى كما حصل في "موزمبيق"، مفضلاً الاتجاه الخليجي الاستثمار الداخلي في الدول ذات الميزة النسبية "مثل السلطنة" التي لديها آلاف الكيومترات برياً وبحرياً بما يمكنها من تحقيق وتأمين الجوانب اللوجستية - وخاصة التعبئة والتغليف وإعادة التصدير - كما لا توجد إشكالية في ما يتعلق بالتهديدات الملاحية، إلى جانب مشروع السكة الحديد المقبل وخطوط الطرق البرية التي تمكنها من توفير الغذاء لهذه الدول عبر الاستثمارات الحقيقية في هذا المجال، مطالباً بضرورة وضع ما يسمى بالخريطة الاستثمارية الزراعية ودعم المبادرات الخاصة وتشجيع الاستثمار الخليجي والتركيز على قضايا التسويق .