عندما تتوتر الاوضاع السياسية والاقتصادية والامنية في دولة ما من دون حلول، وكل شيء يميل الى الانحدار تعتبر الدولة هشة.. فهل الكويت دخلت هذه المرحلة؟ الهشاشة اصطلاح طبي يعني وهن العظام وضعفها وتآكلها من الداخل نتيجة نقص فيتامين «د»، لذلك ينصح الاطباء بالتعرض للشمس. وللهشاشة ايضا مدلول سياسي، فما ينطبق على الافراد ينطبق على الدول. والكويت كدولة بعناصرها المعروفة دوليا، بسلطتها وشعبها وارضها وسمائها وبحرها، لا تفارقها الشمس صيفا وشتاء. ورغم ذلك يعاني كثير من الكويتيين من الهشاشة، كما تبين ذلك التقارير الطبية، فهل الدولة كذلك؟ تعالوا معا نستعرض اعراض الدولة الهشة والتقارير السياسية الكويتية، حتى نتمكن من الاجابة عن هذا السؤال: الهشاشة Fragility تبدأ بعدم الاستقرار السياسي والاقتصادي والاجتماعي والامني نتيجة عوامل كثيرة، فاذا اخفقت الدولة في إيجاد وسيلة قانونية لانهاء حالة عدم الاستقرار في وقت قصير وبقرارات حاسمة، ستتوطد حالة عدم الاستقرار وتتعقد الامور، وتدخل الدولة في مرحلة الهشاشة التي كلما طال بقاؤها تمكنت من جسد الدولة لتفتك به، لتصل بالدولة لمرحلة اللارجعة او لمرحلة الفشل، ومن ثم الانهيار الكلي. والدولة الهشة لها اعراض تماما كأعراض الامراض التي تصيب الانسان، التي ممكن معرفتها عن طريق قراءة الاوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية والامنية. فتوتر الوضع السياسي بشكل حاد مع عدم طرح مبادرات للحل على المديين القصير والمتوسط. وانحدار الوضع الاقتصادي بشكل مستمر مع عجز سلطات الدولة عن وقف هذا الانحدار. واختلال الوضع الامني بشكل خطير. وانعكاس كل ذلك على الوضع الاجتماعي وعلى حياة الناس اليومية، سيؤدي حتما الى عدم الاستقرار الذي يفضي في النهاية الى دخول الدولة مرحلة الهشاشة. ولعل اخطر ما في هذا الامر هو اختلال الثقة بين المواطن وسلطات الدولة التنفيذية والتشريعية والقضائية، الامر الذي ينعكس سلبا على احترام المواطن للحياد المفترض في الدولة اتجاه مواطنيها، مما يؤدي الى استباحة الممتلكات العامة بسبب شعور المواطن بان هذه الممتلكات تخدم فئة قليلة دون الاغلبية من الناس. الامر الذي يؤدي الى الاحتكاك مع رجال الامن بصفتهم ممثلي السلطة في الشارع، لتكون هيبة الدولة محل تساؤل وشك، بعد ان كانت من الامور المسلم بها. ناهيك عن الاعتداء على الممتلكات الخاصة، وارتفاع معدلات الجريمة وانتشار السلاح غير المرخص بيد الناس، لكي يأخذ المواطن حقه بيده دون اللجوء الى السلطات الامنية او القضائية، لعدم ثقة المواطن بالامن وعدم احترام احكام القضاء. وهكذا دواليك تستمر الاوضاع من سيئ الى أسوأ. ابتداء من تأخر انجاز المعاملات والاغذية الفاسدة والغش التجاري وارتفاع اسعار السلع الاساسية، وافتقار الدولة لخطة تنموية حقيقية تنعكس ايجابا على الرعاية الاسكانية والرعاية الصحية وعلى مستوى التعليم، وتقضي على الواسطة والمحسوبية والفساد. والاخطر من ذلك كله تفشي ظاهرة الفرقة بين المجتمع عن طريق الطائفية والقبلية، وفتح باب التجنيس على مصراعيه، مما يهدد النسيج الاجتماعي والتركيبة السكانية، ويزيد اعباء المواطن وترتفع معدلات البطالة. ومن اعراض الهشاشة ايضا تلفيق التهم للاخرين والتدخل في خصوصيات الناس واحتكار الرأي والرأي الاخر، واحتكار السلطة بيد فئة او حزب او اغلبية، والتشكيك في وطنية الناس واتهامهم بالعمالة. والاعتماد على اهل الثقة دون اهل الخبرة، وعدم وضع الرجل المناسب في المكان المناسب. وما امرُّ من ذلك إلا الامر منه عندما تتوهم الدولة ان كل ذلك امر عرضي، من الممكن القضاء عليه باستعمال القوة، وهي اضعف من ان تقوم بذلك. وهو ما سيؤدي في النهاية الى تدمير الذات. لقد استعرضنا فيما سبق اعراض الدولة الهشة او ربما بعضها، فهل الكويت دخلت هذه المرحلة؟ نترك الاجابة عن ذلك الى من بيدهم اتخاذ القرار. السفير صلاح عثمان العثمان [email protected]