عن الكاتب الاسم: د. عبدالله عادل بهبهاني انها قصة رمزية العبرة منها ان من يعتدي على الآخرين من المنطقي ان يكون عرضة للتعدي من الغير. يحكى أنه كان هناك ملك يحكم أناسا طيبين، وكانوا لا يقبلون بأي تعدٍ من جانب الملك وحاشيته، ويرفضون أي ظلم أو تقصير منهم، الى أن قام كبار المسؤولين بالشكوى لدى الملك، ليجد لهم حلا مع شعبه، فجمع الملك وزراءه ومستشاريه ليجدوا له مخرجا، فأشار عليه كبير المستشارين بأمر غريب، وهو أن يطلب بشكل عاجل من كل أسرة التبرع ببقرة أو دجاجة للقصر الملكي، وبالفعل قدم معظم الاسر الدجاج وقليلون قدموا البقر، وبعد أسبوع طلب المستشار من سيده الاعلان للشعب عن شكره الجزيل لهم، وارجاع كل ما تبرع به الشعب اليه، ولما حضر الناس تسابقوا جميعا لأخذ البقر مدعين أنهم تبرعوا بها، واشتعل الشجار بينهم عليها طمعا بما هو أغلى ثمنا، حينها قال المستشار للملك والحاشية إنهم يستطيعون الآن فعل ما يشاؤون مع الشعب من دون خوف. ان هذه القصة البسيطة في تفاصيلها والعميقة في مغزاها تنطبق على ما يحدث في البلاد العربية، فحينما يشرعن بعض الناس الظلم ويبررون لأنفسهم التعدي على الآخرين، سيكون من المنطقي أن يتعرضوا لظلم مشابه من قبل من يفوقهم قوة، فمن يرض لنفسه ظلم العامل الآسيوي الذي نراه في الشارع او العمل واحتقاره فلا يلوم الا نفسه اذا اهانه وازدراه شخص ذو مكانة ونفوذ. وحين يصبح ذلك الأمر شائعا نكون أقرب للغابة من دولة القانون المدنية. وفي حياتنا اليومية أوجه تعدٍ وفساد متعددة، فكم من شخص غير مستحق أخذ مكان من هو اكثر أحقية منه بالوظيفة أو الترقية أو سرعة انجاز معاملة ما على حساب من ينتظر قبله، وبعدها يتضايق ذلك الشخص المتجاوز، ويشرع في التبرم والصراخ، مطالبا بالحقوق والعدالة ان مسه شيء من الضيم، متناسيا أنه ساهم في ترسيخ ذلك الواقع المغلوط. ان من أبرز تناقضاتنا السياسية والاجتماعية هو دفاع بعضهم عن الحريات واستنكارهم للتعرض لها حينما يتعرضون لشيء من مضايقات السلطة، في حين انهم صمتوا عندما تعرض غيرهم ممن يختلفون معهم فكرا ومنهجا ومذهبا للاضطهاد، بل قد يمارسون التحريض عليهم، مما يعكس ازدواجية المعايير لديهم وعدم ايمانهم بالشعارات التي يرفعونها. د. عبد الله عادل بهبهاني Twitter : @aabehbehani [email protected]