يقال إن عنترة بن شداد العبسي جلس يوماً في مجلس بعدما كان قد أبلى في الحرب، واعترف به أبوه شداد وأعتقه، فسابَّه رجل من عبس، وذكر سواده وأُمه وإخوته، فَسَبَّهُ عنترة وفخر عليه وقال فيما قاله: إني لا أحضر البأس وأوفي المغنم وأعف عند المسألة، وأجود بما ملكت يدي وأفصل الخطة الصماء.. فقال له الرجل: أنا أشعر منك.. فقال له عنترة: ستعلم ذلك فقال عنترة يذكر قتل معاوية بن نَزَّال: هل غادَرَ الشُّعَراءُ من مُتَرَدَّمِ أَمْ هل عَرَفْتَ الدارَ بعد تَوَهُّمِ * وفيها يخاطب دار عبلة قائلاً: يا دارَ عبلةَ بالجواءِ تَكَلَّمي وعميِّ صَباحاً دارَ عبلةَ واسلمي حُيِّيتَ من طَلَلٍ تَقادَمَ عهدُهُ أَقْوَى وأَقْفَرَ بعد أُمِّ الهَيْثَمِ حَلَّت بأرضِ الزائرينَ فأَصبحت عسراً عليَّ طلابُكِ ابنة مخرمِ عُلّقتها عَرضاً وأَقتلُ قَومَها زَعماً لَعُمر أَبيكِ ليس بمزعمِ ما راعَني إلاَّ حَمولَةُ أهلها وسطَ الديارِ تَسُفُّ حَبَّ الخمخمِ فيها اثنتانِ وأَربعونَ حَلوبةً سُوداً كخافيةِ الغُرابِ الأَسحمِ * ثم يقول واصفاً شجاعته وقوة بأسه: إن تُغْدِ في دوني القناعَ فإنني طَبٌّ بأخذِ الفارسِ المستلئمِ أَثني عليَّ بما عَلمتِ فإنني سَمْحٌ مخالَطتي إذا لم أُظْلَمِ فإذا ظُلمتُ فإنَّ ظلمي باسلٌ مُرٌّ مَذاقتُهُ كَطَعمِ العَلْقَمِ وحليلِ غانيةٍ تركتُ مُجَدَّلاً تمكو فريصتُهُ كَشْدقِ الأَعلمِ سَبقت يدايَ لَهُ بعاجِلِ طَعْنَةٍ ورشاشِ نافذةٍ كلونِ العَنْدمِ هَلاَّ سأَلتِ الخيلَ يا ابنةَ مالِكٍ إن كُنتِ جاهِلَةً بما لم تَعْلَمي يُخبركِ من شَهِدَ الوقيعةَ أَنَّني أَغْشَى الوَغَى وأَعُفُّ عند المَغْنَمِ وَمُدَجَّجٍ كَرِهَ الكُماةُ نِزالَهُ لا ممعنٍ هَرَباً ولا مُسْتَسلمِ جادَتْ يدايَ لَهُ بعاجِلِ طَعْنَةٍ بمثَقَّفٍ صَدْقِ الكعوبِ مُقَوَّمِ فَشَكَكتُ بالرُّمحِ الأَصمِّ ثيابَهُ ليس الكريمُ على القنا بِمُحَرَّمِ فَتَركتُهُ جَزَرَ السِّباعِ يَنُشْنَهُ ما بينَ قلَّةِ رأسِهِ والمِعْصَمِ وسلامتكم...