تسبب الحكم المخفف الذي صدر في حق رجل الدين المتطرف أحمد محمود عبد الله المعروف بأبي إسلام والذي قام بحرق نسخة من الإنجيل في مكان عام السنة الماضية بالقاهرة رداً على الفيلم المسيء للرسول صلى الله عليه وآله ، في خيبة أمل لدى كل الحريصين على السلم الاجتماعي في مصر . المحكمة أدانت أبا إسلام بتهمة ازدراء الأديان ، لكن حكمها بحبس المتهم كان حكماً مع وقف التنفيذ ، والعجيب أن المحكمة التي نظرت القضية كانت محكمة جنح لا محكمة جنايات ، وأن (( الجنحة )) التي أدين هذا الرجل بارتكابها ، اندرجت تحت خانة ما يسمى (( بازدراء الأديان )) وتكدير الأمن العام ، وليس تهديد السلم الأهلي والعبث بالوحدة الوطنية وزرع بذور الفتنة بين العنصرين المكونين للنسيج المجتمعي ، مما قد يؤدي إلى حدوث فتنة طائفية حاول المتطرفون كثيراً ، وما زالوا يحاولون ، إشعالها في مصر . المضحك المبكي أن المدعو أبو إسلام ورغم فداحة الجرم الذي قام به ، تمت محاكمته بعد أن وجهت إليه نفس التهمة التي وجهت من قبل للفنان المبدع عادل إمام (( ازدراء الأديان )) رغم أن الأخير لم يفعل أكثر من السخرية عبر أعماله السينمائية ، من المتطرفين والإرهابيين ودعاة الكراهية والمحرضين على القتل . فبأي منطق يتم محاكمة فنان ومبدع وقف وقفة صارمة ممن يحلون الدم الحرام ويشوهون الدين ، بنفس التهمة التي توجه إلى من يعبئ الناس للتوجه لميادين القتال ، في الوقت الذي يعيش هو فيه حياة الأثرياء المتخمين بالثروة والغارقين في الرفاهية ؟! أي قانون هذا الذي يساوي بين الإبداع والتحريض على القتل ..؟ وأي قانون هذا الذي ينظر في قضية على هذا القدر من الخطورة - أعني حرق نسخة من الإنجيل في مكان عام - داخل أروقة محكمة الجنح التي تنظر في قضايا مشاجرات الشبان في الشوارع أو سرقة الحمير والبغال أو القتل الكيدي للجواميس والبقر؟! المفاجأة الأخرى في قضية المدعو أبو إسلام هي أن الحكم المخفف الذي صدر بحق الرجل والذي تمثل في الحكم بالحبس ودفع كفالة قدرها أربعة آلاف جنيه لوقف تنفيذ الحكم ، لم يكن نهائياً .. أي أنه يمكن الطعن فيه أثناء مرحلة الاستئناف .. فهل بلغ تساهل القضاء المصري مع جرائم التحريض والسعي إلى إشعال الفتن ومحاولة ضرب الوحدة الوطنية ، هذا الحد ؟! إن الجريمة التي فعلها المدعو أبو إسلام هي جريمة بمعايير الشرع المستندة إلى النصوص القرآنية الصريحة ، وليس قياساً فقط على كل ما ذكرته من عوامل في السطور السابقة : (( ولا تسبوا الذين يدعون من دون الله فيسبوا الله عدواً بغير علم كذلك زينا لكل أمة عملهم ثم إلى ربهم مرجعهم فينبئهم بما كانوا يعملون )) الأنعام . القضية خطيرة ، والجرم فادح ، والحكم مخيب للآمال . هذه هي الخلاصة . [email protected] للتواصل مع الكاتب ارسل رسالة SMS تبدأ بالرمز (7) ثم مسافة ثم نص الرسالة إلى 88591 - Stc 635031 - Mobily 737221 - Zain