د . محمد عثمان الثبيتي أجزم أن أحداً لا ينكر الجهاد كفريضة نص عليها القرآن الكريم ، وقام عليها النبي - عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم - وتبناها من بعده أصحابه الكرام - رضوان الله عليهم - وبها تحقق للإسلام مكاسب عظيمة أسست لمرحلة حضارية من حياة الإنسانية ، وعاشت في كنفها الأمة حالة استثنائية جعلت منها قائدة لا مقودة ، حدث كل هذا في ظل « حاجة ماسة « لضرورة نشر الدين الإسلامي وإخراج الناس من ظلمات الجهل إلى تراتيل النور ، ولكن تم ذلك في ظل مشاركة فاعلة من الجميع - قائداً وتابعاً - وفق محددات لا تقبل المزايدات الكلامية ، وشروط سنها الشارع كبحت جماح المجاهد الصادق بنفسه وبماله إرضاء لحاجة دنيوية قُدمت لحكمة إلهية على الضرورة الأخروية . قادني للمقدمة السابقة الدعوات التي انتشرت مؤخراً في « تويتر « بناءً على تداعيات المشهد السوري الدامية كانتشار النار في الهشيم ؛ فلا الدُعاة تأبطوا السلاح متجهين بأنفسهم وباذلين أموالهم إلى ساحة المعركة تأسيِّاً بالمتقدمين من السلف الصالح الذين كانوا يفعلون دون أن يغردوا بلسان طائر المتأخرين الأزرق ، وكقدوة لمن يدعونهم إلى الجهاد ونماذج تُحتذى ، ولم يسلم من تداعيات هذا التغريد الأجوف الشباب المندفع الذي استطاعوا بصنعتهم الكلامية استثمار حماسه بتغريدات ذات زُرقة باهتة ؛ ضاربين بعرض الحائط ثلاثة أمور - أرى من وجهة نظري الشخصية وجاهتها - أولها أنه لا يجوز الدعوة للجهاد إلا بموافقة ولي الأمر ؛ فالمؤكد أن ولي الأمر لم يقل بذلك بقدر ما كان الخطاب السياسي في هذا الجانب واضحاً ؛ إذ تمحور في دعم الوضع السوري دبلوماسياً وإنسانياً وعسكرياً - فقط - بالسلاح دون ورود ما يوحي بالدعوة للجهاد ناهيكم عن التصريح بذلك ، وبفعلتهم هذه ارتكبوا محذوراً شرعياً يجب أن يُعاقبوا عليه ، وثانيها أنهم بتأجيجهم للشباب فقدت الأسر أو ستفقد في المستقبل أبناءها في أتون حرب أهلية قد لا تُعد المشاركة فيها جهاداً يُنْدب إليه ، وثالثة الأثافي هي بقاء المغردين بالجهاد في ثكناتهم التويترية دون أن يلوح في الأفق أمل لقيادة المُجاهدين في ميدان الكرامة المزعومة ، أو على أقل تقدير إرسال أبنائهم برفقة الشباب المُغرر بهم بحجة الجهاد ؛ لكي تكتسب دعواتهم بُعداً أخلاقياً قبل أن تكون تحت مظلة شرعية . هذا الانفصام الذي يعيشه المغردون بالجهاد في تويتر يؤكد أننا « ظاهرة صوتية « كما هو تعبير عبدالله القصيمي في القرن المنصرم ، ويعكس لنا - أيضاً - عن أنانية مفرطة في إيثار النفس على الآخرين عند احتدام الأمر ، أما سوى ذلك فهم كبش الفداء الذي يُقدَّم إرضاءً لغرورهم الدعوي الأجوف ؛ لذا - وليس تقييداً للحريات بقدر ما هو حفاظ على الشباب من تبعات الدعوات المشبوهة - أرى أن يُحجَّم قادة جهاد « تويتر « فوراً ، ويُعاملوا كمُحرضين لا كمجاهدين حتى لا نصل في نهاية الأمر ونجد النائحات في كل بيت وقد أعياهن العويل ، ويتعاظم الثكل بين الأمهات ، ويتيِّتم الأطفال لا لشىء سوى لانسياقهم وراء سراب مُضلِل ، بينما دُعاة الطائر الأزرق يرفلون بمزيدٍ من النعيم مع أسرهم . [email protected] للتواصل مع الكاتب ارسل رسالة SMS تبدأ بالرمز (33) ثم مسافة ثم نص الرسالة إلى 88591 - Stc 635031 - Mobily 737221 - Zain