الراي الكويتية /نادين البدير - كمن يعيش غارقا بين الكثبان والجنيات وحصون منيعة من حكايات وخيالات (انا واخي على ابن عمي وانا واخي وابن عمي على الغريب). همومه المترفة تفاجئك. بارع بتجاهل كل شيء والاستمتاع بالتفرغ لاعطاء النصح حول طريقة التزلج بجبال سويسرا. تغريداته عن الانتفاضات في ميادين القاهرة ملأت فضاء تويتر، لا يعجبه سير العملية الديمقراطية هناك. يقول انها تجانب الصواب الديموقراطي وأنها ترفع شعارات الحرية فيما تطبق شيئا آخر غير الحرية... يستنكر اسقاط رئيس شرعي منتخب. ومن زاوية بغيضة قد تجده مكررا لفتاوى متخلفة عن عدم جواز الخروج على طاعة الرئيس. تساقطت في الليالي الماضية تغريدات لا آخر لها على وحل أرض لم تذق الديموقراطية يوماً. لم يردد أهلها أناشيد الحرية. لم يرفع علم بطوابير الصباح بمدارسها ولم ينشد تلاميذها نشيدا وطنياً. القاطن بين الرمال، الذي انتقل منذ زمن من أجواء البداوة الحرة الى أجواء التوطين والاستقرار والتبعية. يفتح أدوات التواصل ويكتب في صفحته عن شيء سمع عنه اسمه ديموقراطية. يتمادى بالكتابة، لكنها ديموقراطية تحدث عند الغير، فهو كما أقول دائما متفرج غير فاعل. يكتب ضمن ما يكتب أن الواجب أن يحدث كذا وكذا وأن العرف الديموقراطي جرى على كذا وكذا... يكتب ولا يطالب. فبرأيه ساحات مصر وتونس وليبيا وسورية نماذج للديموقراطية العربية يجب الاحتذاء بها بالابتعاد عنها. رأيه في الديموقراطية أننا صغار عليها، لم نكبر بعد. أننا لم نتهيأ لخوض المشاركة السياسية. من هيأنا اذا للديكتاتورية وتقبل القمع. كيف تهيأنا؟ هل استغرق الأمر سنين ليأخذ المجتمع دروسا في الرضوخ ورفع الوعي بأهمية الانبطاح أمام الفئة الحاكمة؟ لماذا تهيأ المواطن هنا للديكتاتورية ويصعب عليه اليوم التهيؤ للديموقراطية؟ الصحافي يشتم الممارسات المستبدة في مصر تحت حكم الاخوان، وينتفض ليل نهار لانتقاص الحريات والعبث بفكر وجسد الانسان في سورية ويسخر في المقابل قلمه لمدح كل شيء في صحرائه. حياة مثالية. يفاجئك بكلام كثير عن دولة ملائكية لا وجود لها سوى في جنة الأحلام. يصرخ قلمه بوجه الطغيان العربي وينحني بلا كرامة أمام أي فساد في دولة الملائكة. ويقول اننا راضون واننا متخلفون. و(ديموقراطيون) نحترم ارادة الشعب اذ علينا حساب مدى تقبل المجتمع لكل حق قبل اباحته. وكلنا نعرف النتيجة. لن ينفذ الاستفتاء ولن يباح الحق. من أين تأتي التغريدات. من رأيه الخاص ومما قرأ عن الفلاسفة وأساتذة الفكر السياسي. أما تموجات وتعرجات صحرائه فخالية من أي فراغات ونقد. الهدوء يسود ومفعم بالاحباط لكنه لا يكترث لأنه يخاف العقوبة. قد يترك تعاليه وخياله حول التزلج ويغوص حافياً في رمل بلاده لكن ليس الآن. ربما في الوقت الذي يعلم فيه أن عدد المحتشدين أكبر من المنافقين والمستسلمين وبائعي ضمائرهم. وقتها ستوجه سهام النقد نحو الداخل قائلة: يحيا الوطن. كاتبة وإعلامية سعودية [email protected]