دفع أميركا باتجاه استئناف ما يسمى ب"مفاوضات التسوية" يأتي كعمل انتهازي دنيء خدمة لمصالح أميركا والصهيونية العالمية والكيان الغاصب الاستراتيجية في مرحلة تاريخية وسياسية حساسة يشهد العالم العربي فيها اضطرابا غير مسبوق. طهران (فارس) يقول المحلل الاستراتيجي "السيد مرتضى نعمت زادة": أصبحنا في زمن توصف أوضاع الشرق الأوسط فيه بالمتأزمة؛ فكل واحد من كبار اللاعبين العرب المؤثرين بات يصارع بنحو من الأنحاء اضطرابات ومشاكل داخلية سلبته القدرة على مجابهة التهديدات والتحديات الإقليمية". واشار إلى أن سوريا تواجه سيلا من الإرهابيين المتعددي الجنسيات المدعومين غربياً وعربياً وتركيّاً. وأضاف المحلل: "أما مصر فتواجه انقساما لا سابق له وتجاذبات داخلية رهيبة بين الجماعات والأجنحة السياسية والدينية بتدخل من الجيش حتى لا نكاد نلاحظ بصيص أمل يلوح في الأفق، بل ولا نستطيع أن نطرد من أذهاننا كابوسا اسمه الحرب الأهلية". أما العراق (يقول نعمت زادة) فيكابد حربا أمنية مرعبة تحصد يوميا العشرات من أبنائه من دون تفريق بين الأطفال والشيوخ والنساء والرجال ، أبطالها بين انتحاريين سلفيين وسيارات مفخخة. وأضاف: "السعودية من جانبها تعيش على فوهة بركان اجتماعي داخلي يتوعد بالانفجار نتيجة الاستياء الجماهيري من الوضع الاقتصادي والسياسي والديني ناهيك عن أزمة السلطة في أروقة القصر الملكي على خلفية الوفيات المتتالية لأولياء العهد وانتقال السلطة من ولي عهد مسنّ إلى آخر أسنّ منه". ولم تنجُ (حسب التحليل) حتى الدول العربية المتوسطة مثل الاردن واليمن والصغيرة كلبنان والبحرين وقطر والإمارات وغيرها من الأزمة كل بحسبه. أما تركيا (غير العربية) فتواجه هي الاخرى أزمة ميدان "تقسيم" التي ما لبثت أن انتشرت كالنار في الهشيم في جميع مدنها. ويتابع: "في خضم هذا المشهد تحاول أميركا على أعلى مستوياتها الدبلوماسية وهو وزير الخارجية الدفع باتجاه استئناف ما يسمى ب"مفاوضات التسوية" بين الكيان الصهيوني والسلطة الفلسطينية، أو بعبارة أدق: الضفة الغربية"! وتساءل المحلل: "في ظرف كهذا حيث يشهد الشارع الفلسطيني انقساما جغرافيا وسياسيا ووطنيا حادا وتدير البلاد عمليا حكومتان منفصلتان إحداهما في الضفة والاخرى في غزة وفي الوقت الذي ستعارض فيه حكومة غزة حتما أي تفاوض أو تسوية أو اتفاق يتمخض عنهما ولن تكون لعهود عباس للصهاينة أي ضمانات تنفيذية على الأرض لماذا تصر أميركا على الدفع بقطار التسوية بين "تل أبيب" ورام الله"؟! وردا على التساؤل نبه التحليل بأنه من الطبيعي أن أي تسوية في زمن يمر العالم العربي في أضعف عصوره ستكون لصالح "إسرائيل" وأضاف: "بينما يتمتع الصهاينة بدعم أميركي وعمق استراتيجي غربي فإنهم يجلسون على طاولة المفاوضات مع أضعف حكومة عربية (السلطة الفلسطينية) التي تفتقر بسبب الوضع العربي المتأزم لأي عمق استراتيجي أو دعم عربي أو إسلامي". وأردف قائلا: "الرأي العام العربي لم يكن فيما مضى يغفر لأنظمته تجاهلها لفلسطين أما الآن فلم تعد الأنظمة وحدها تعاني من المشاكل الداخلية بل إن الشعوب العربية باتت تصارع أزمات حادة حتى نكاد نجزم أنه لم يعد في الوقت الحاضر شيء يسمى "الرأي العام العربي" ناهيك عن أن المقاومة في لبنان وفلسطين تواجه بعض المعوقات التي حدت إلى درجة ما من قابليتها على التحرك وإمداداتها اللوجستية". وختم نعمت زادة بالقول: "وكأن الأميركيين والصهاينة قد استفردوا بالفلسطينيين وهم في صدد الإجهاز عليهم بعيدا عن أي دعم عربي-إسلامي لينتزعوا منهم دفعة واحدة ما لم يستطيعوا انتزاعه في الماضي من تنازلات". / 2811/