النظريات الإدارية الحديثة تتناول إعادة تعريف دورالرئيس. وشاغلو المناصب العليا اليوم المفترض منهم أن يكونوا «مسهلين» أكثر من كونهم قائمين بمهام. ومن المفترض أن مكان العمل الآن يعتمد على المعرفة أكثر من الموارد المادية. وفي الماضي كان الرئيس يملك أساسيات كل مفاتيح الموارد المادية، أما الآن فإن المعرفة يتم تقاسمها في مكان العمل. وأصبحت المعلومة ليست محجوبة، بل واضحة للجميع في الكثير من المجالات ، من المتوقع والمقبول أيضا أن يكون المرؤوسون أكثر معرفة من رؤسائهم. وعلى المدير الآن أن يعمل مع العاملين وألا يعاملهم بأسلوب الشد والجذب. والمديرون مازالوا يقومون بدور القيادة، ولكن من خلال مجهود جماعي. و على كل حال، فهذا هو الجانب النظرى من المسألة. ودون أدنى شك، قد يكون هذا حقيقا بشكل أساسي في الممارسة وفي بعض الإمكان. ولكن حتى أكثر المديرين استنارة والذي يتحلى بروح التعاون، فإنه يعتقد بينه وبين نفسه أنه قائد بنسبة 100% وعلى أية حال تنحى نظرية الإدارة جانبا ويعتقد الرئيس أنه فوق الجميع. هذه حقيقة تبدو لبعض الرؤساء شيئا جيدا. ربما تكون هذه خطوة نحو الإعلاء من شأن الذات. أما بالنسبة للآخرين فهو تخويف وترويع.وأيا كان شعور رئيسك حول كونه رئيسا، يجب أن تعامله على أنه رئيس بغض النظر عن سياسة القطاع أو نظرية الإدارة. أسلوب التعامل مع الرؤساء تعمل بصورة جيدة مع المسئولين على شرط أن يكونوا جميعا ناضجين ويتسمون بالمعقولية، إلا أن ليس جميع الرؤساء يتسمون بالمعقولية وليس كل الناس ناضجين، وعندما يتعرضون لضغوط معينة يظهر سلوكهم الحقيقي السيئ. دعونا نتناول هذه الحقيقة أولا وبطريقة مباشرة. مهما يكن ما تقوله أو تفعله، ومهما كانت مهارتك في فن السياسة المكتبية, لا يوجد أي بديل عن معرفتك لعملك وإنجازه على الوجه الأكمل. حتى أكثر الرؤساء إنسانية وسهولة، فإنه لن يتسامح مع عدم كفاءتك لمدة طويلة.إن مهارة الموظف الاجتماعية لا تكفي وحدها، مع عدم كفاية إنتاجيته بشكل مستمر. ومجرد ممارسة السياسات المكتبية لا تستطيع وحدها تصحيح هذا الوضع. إن أجيالا من الآباء أخبروا أجيالا من ذرياتهم أن العالم ليس عادلا بصفة دائمة. لذلك ما سياتي لن يكون أخبارا سارة: مع عدم توافر الكفاءة فلن يكون لك مكان (على الأقل مكان يلبي احتياجاتك)، وأن معرفتك لوظيفتك وإتقانها لن يكون ضامنا تلقائيا بحصولك على مكافأتك التي تستحقها. إن بعض الرؤساء عظماء والبعض الآخر يثير الاشمتزاز. إنهم جميعا بشر. وحتى ترضي رؤساءك بصفة مستمرة، يجب عليك أن تخطط لإعطائهم ليس فقط عملا متقنا، ولكن أيضا الشعور الحقيقي عن نفسك وعن عملك. إن إعطاء رئيسك مشاعر طيبة عن نفسه وعن الأشياء التي يقوم بها شئ ضروري ولكن أكثر من هذا أهمية هو إعطاء رئيسك مشاعر طيبة وحقيقية عن نفسك. ولكي يكون لدى الآخرين مشاعر طيبة تجاهك، يجب أن يكون لديك مشاعر طيبة تجاه نفسك. ولكن هذه الملاحظة يمكن أن تأخذنا إلى بعيد جدا. لا أحد ينكر أن الثقة بالنفس هى مصدر قوة لارتباطنا بالآخرين بفاعليه ولكن ليس هو المطلب الرئيسي. وفوق هذا لا يمكنك تأجيل محادثة مع رئيسك قبل ان تقضي على الأقل سنوات من التدريب على الاعتداد بالنفس. كما أنه من الأشياء العملية أن تعرف كيف تتصرف كما لوكنت تشعر بأهميتك. إن الأيقاع الطبيعي للمحادثة هو أسلوب الأخذ والعطاء. وإذا وسعت حيز هذه الفكرة قليلا، فسيكون لديك جوهر المفاوضات : الطلب والعطاء. عندما تكون مع رئيسك عن شئ ما، لاتلجأ بأسلوب الاستجداء بمعنى أنك تطلب شيئا مقابل لا شئ. تناول جميع الطلبات بأسلوب التفاوض، وعد بإعطاء قيمة مقابل قيمة. سعيد الحربى- جدة