البسطاء وحدهم يلعقون بمرارة مخرجات المتنفّذين، ووحدهم أيضاً ضحايا غطرساتهم وأطماعهم؛ هكذا جرت المعادلة في بلداننا العربية؛ كلما زاد فقر السواد الأعظم من الشعوب يعني ذلك أن المتنفّذين والقادة قد ازدادوا ثراء ونفوذاً، الكثير من الشعارات والكثير من الخطابات والوعود، وبالمقابل الكثير من سوء الأوضاع الأمنية والمعيشية. كثير من الأنظمة الذي أطاح بها الربيع الغريب كانت أنظمة استبدادية وفاسدة، حتى إن الطبقة الكادحة كانت قد ضاقت بها ذرعاً، ولكن اليوم تعيش بعض تلك الشعوب واقعاً مزرياً وقاسياً جداً، هكذا دوماً شعوبنا العربية مقدّر عليها أن تظل قابعة تحت رحمة الأقدار المصيرية والمحتمة عليها، لا تتنفس كي تعيش، إن شعوبنا العربية تتنفس كي تستمر معاناتها وأوجاعها. إن المتأمل في واقع الحياة يجد أن الأوضاع ازدادت سوءاً وعتمة، أغلب الحكومات يوهموننا أننا نعيش مخاض ثورة وينبغي التحمل والصبر، في حقيقة الأمر يستشري فساد أرعن وفاضح من قبل المتنفّذين وعلني يقابله صمت رهيب وإحباط مذهل. تساقطت أوراق الحماس المدعوم من تجار الموت والوصوليين، واندثرت رمال قصور الطبقة الكادحة التي بنتها حالمة وواعدة بغدٍ آخر تشرق فيه شمس الكرامة والعزة والرخاء، فأشرقت شمس أخرى لا نعرف من أشعتها سوى الجوع والتهميش والفساد وضياع خيوط الفجر المأمول..