بقلم - تمارا كوفمان ويتس وشادي حميد ترجمة - إبراهيم عباس هذه المذكرة في سلسلة «البجعات السوداء» المقدمة من خبراء معهد «بروكينجز» للرئيس أوباما مع بداية فترة ولايته الثانية هي لتمارا كوفمان ويتس مديرة معهد سابان التابع لمؤسسة بروكينجز، وشادي حميد مدير الأبحاث لدى مركز بروكينجز الدوحة. وهي تدور حول ما ينبغي على الرئيس أوباما فعله للحيلولة دون تصدع معاهدة كامب ديفيد أو انهيارها بسبب ازدياد موجة الكراهية لأمريكا ولإسرائيل من قبل القوى الوطنية المصرية، وأيضًا نظرًا للوضع الأمني المتدهور في سيناء نتيجة تصاعد العمليات الإرهابية وما يتطلبه ذلك من ضرورة زيادة الوجود الأمني المصري في تلك المنطقة خارج إطار بنود المعاهدة. ويقدم الباحثان رؤيتهما الإستراتيجية حيال ما ينبغي على إدارة أوباما عمله للإبقاء عليها باعتبارها ضمانة أساسية للسلام في منطقة الشرق الأوسط. يبدأ الباحثان مخاطبة الرئيس أوباما بالقول: منذ سقوط حسني مبارك في فبراير 2011، ركزت الولاياتالمتحدة بشكل كبير على الحفاظ على معاهدة السلام المصرية - الإسرائيلية باعتبارها حجر الزاوية في الاستقرار الإقليمي وكمنطلق أساس لجهود أوسع نطاقًا في التعايش العربي الإسرائيلي. إن فقدان هذه المعاهدة التي تعود إلى 33 عامًا يمثل هزيمة إستراتيجية عميقة للولايات المتحدة في الشرق الأوسط. التوصية للتخفيف من مثل هذا الاحتمال ينبغي عليكم -الكلام موجه للرئيس أوباما- اتخاذ خطوات فورية لتعميق انخراط الولاياتالمتحدة مع الحكومة المصرية، والجيش المصري، وقوى المعارضة، والنظر في التفاوض حول اتفاقيات مصرية - إسرائيلية جديدة لمعالجة قضايا أصبحت مهمة الآن، كأمن سيناء، وتعزيز تحسين الاتصالات، وتدابير بناء الثقة بين الجيشين المصري والإسرائيلي. كما ينبغي أن تكونوا على أهبة الاستعداد للتدخل فورًا حالما تندلع أزمة. الخلفية قرار الرئيس المصري محمد مرسي للتوسط في وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحماس في نوفمبر 2012 اعتبر مؤشر على أنه كان على استعداد لوضع معارضة جماعة الإخوان المسلمين وغالبية العداوة التي يكنها المصريون لإسرائيل جانبًا لصالح استمرار الوضع كما هو عليه، ومع ذلك، هناك عدة عوامل يمكن أن تسقط هذه المعاهدة. وهجمات الطرف الثالث الإرهابية في سيناء أو القادمة من غزة يمكن أن تستدرج القوات الإسرائيلية والمصرية إلى مواجهة تؤدي إلى توتير العلاقات بينهما. ففي أغسطس 2011، على سبيل المثال، أدى هجوم إرهابي في فترة حكم المجلس العسكري إلى مطاردة ساخنة للقوات الإسرائيلية داخل سيناء، قتل خلالها خمسة جنود مصريين. وهو ما أدى إلى تسيير مظاهرات احتجاج عارمة أمام السفارة الإسرائيلية في القاهرة. إن أي حادث من هذا النوع يحدث مستقبلاً في ظل حكومة منتخبة ديمقراطيّا يمكن أن يواجه بضغوط شعبية كبيرة تطالب بالرد، ممّا قد يسفر عن أزمة أبعد من ذلك بكثير، ويهدد المعاهدة نفسها. وحتى بدون وقوع حادث حدودي، فإن أي حكومة منتخبة قد تلجأ إلى استغلال النزعة الوطنية لدى الشعب لاستغلال هذا الموضوع لدعم سلطتها. وفي حين شاهد المجتمع الدولي دبلوماسية الرئيس مرسي في غزة، كإشارة إلى أن مصر بقيادة الإسلاميين تتصرف بمسؤولية لتعزيز الاستقرار الإقليمي، فإن المعارضين له من الأحزاب اليسارية والثورية هاجمته لعدم اختلاف موقفه عن موقف الرئيس مبارك في إطار العلاقات مع إسرائيل. وحتى جماعة الإخوان المسلمين التي ينتمي إليها مرسي اتخذت موقفًا أكثر تشددًا منه، وكمثال على ذلك زعمها في أغسطس 2012 أن الهجوم الإرهابي على الجنود المصريين في سيناء (في رمضان) كان مؤامرة صهيونية. وكان من المحتمل، أن يلجأ المعارضين لمرسي إلى استغلال الموجة المعادية لأمريكا، والمشاعر المعادية لإسرائيل لمحاكمة الرأي العام له (تمامًا كما فعل الإخوان لمبارك). إن الفشل المتواصل في مواجهة تدهور العلاقات الإسرائيلية الفلسطينية يمكن أن يؤدي أيضًا إلى إثارة المزيد من العنف بين حماس وإسرائيل، أو انهيار السلطة الفلسطينية، ممّا يؤدي بدوره إلى تفاقم المشاعر المعادية لإسرائيل في مصر. وفي الوقت نفسه، فإن نهج الحكومة المصرية التي تركز على مشكلات الأمن في سيناء تعتمد على الأساليب القمعية، في الوقت الذي فشلت فيه في استثمار الموارد اللازمة لتعزيز التنمية المحلية والحد من المظالم المحلية. وهو ما يزيد من دوافع السكان المحليين للمشاركة في أعمال العنف. وعند نقطة ما، يمكن لنزعة الإغراء باتخاذ خطوة رمزية ضد المعاهدة أن تصبح قوية إلى درجة كبيرة بحيث لا يمكن تجاهلها. وهو ما يمكن أن يدفع إلى المطالبة بإدخال تعديلات على المعاهدة أو وضعها للاستفتاء الشعبي. ويمكن لمصر أيضًا السعي إلى معالجة كافة التهديدات الأمنية في سيناء، عن طريق تحريك قوات إضافية إلى مناطق تقيد المعاهدة دخول القوات المصرية الوصول إليها دون موافقة إسرائيلية. منع معاهدة السلام من الانهيار هناك خطوات يتعين عليكم اتخاذها الآن للحد من احتمالات أن تؤدي الاستفزازات الإرهابية أو التحركات الشعبية المصرية إلى إنهاء المعاهدة: تعميق التعاون والتنسيق الأمني مع الحكومة المصرية، حتى في حالة تزايد التحريض المعادي لإسرائيل داخل مصر أو تزايد الاستفزازات الإرهابية في سيناء، يجعل الحكومة المصرية تشعر بأن لها مصلحة حيوية في عدم تعكير العلاقات الثنائية. مواصلة وتوسيع انخراط الولاياتالمتحدة مع الجيش المصري ومع الأطراف السياسية المصرية المؤثرة لتوضيح فوائد استمرار السلام مع إسرائيل ودوره في تحقيق الاستقرار والانتعاش الاقتصادي في مصر.ومن أجل تجنب تصور نموذج لحكم مبارك السلطوي مرة أخرى ينبغي على سفارتكم في القاهرة موازنة تعاونها مع كافة الأطياف السياسية المصرية لتعزيز الديمقراطية الشاملة. النظر في تطوير صيغة للتعايش المصري - الإسرائيلي الضغط الآن لزيادة الاتصال بين الجيشين المصري والإسرائيلي. التقليل من التداعيات التي يمكن أن تنتج عن تدهور المعاهدة في الحالات القصوى، وإذا ما تم نقض المعاهدة، أو إذا زادت حدة التوترات بين الجانبين إلى حد نشوب القتال عبر الحدود، يجب أن تكون مستعدًا للتحرك بسرعة من خلال: ردع كلا الجانبين لمنع المواجهة المباشرة، مع الأخذ في الاعتبار أنه من غير المرجح أن تسعى مصر إلى حرب مع جيش إسرائيل ذي الكفاءة العالية، ولذا فسترحب بتدخل سريع من الولاياتالمتحدة. وستقوم القوات المتعددة الجنسيات بالفصل الفوري بين قوات الطرفين، وإذا لزم الأمر، يمكن للولايات المتحدة وضع قواتها في حالة تأهب لردع الهجمات العدوانية من قبل أي من الجانبين، وإن كان المتبع دائمًا إعلان واشنطن تأييدها السريع والواضح للدفاع عن إسرائيل. ولكن في الحالة التي تقود فيها النزعة الوطنية المتطرفة التوجهات المصرية، فإنه لابد من اتخاذ مثل هذا الإجراء منعا للتصعيد. منع العناصر الإرهابية في سيناء أو غزة من الاستفادة من الأزمة بإطلاق صواريخ أو خرق حدود إسرائيل. ويتطلب النجاح في تحقيق هذا الهدف تركيز كل من مصر وإسرائيل على أولوية التهديد الإرهابي، والضغط على مصر للتراجع بسرعة، وحث إسرائيل على ضبط النفس. الحيلولة دون وقوع تدهور في العلاقات المصرية - الإسرائيلية من جراء تطورات الأحداث في المنطقة، وينبغي على الولاياتالمتحدة الانخراط بسرعة وبحزم مع العواصم العربية، للحيلولة دون صدور أي بيانات تؤيد أي إجراءات مصرية ضد المعاهدة وتعميم الرسالة بضرورة الحفاظ على السلام في المنطقة.