لم تتراجع العاصفة الناجمة عن عمليات التنصت، التي قامت بها وكالة الأمن القومي الأمريكية، رغم نفي واشنطن علم باراك أوباما بمراقبة الاتصالات الهاتفية لأنجيلا ميركل، فيما رفضت رئيس لجنة الاستخبارات في مجلس الشيوخ الأمريكي بشدة مساء أمس الأول الاثنين التجسس على قادة دول حليفة.. وقالت الديموقراطية دايان فاينستاين «يبدو لي بوضوح أن بعض أنشطة المراقبة تمت ممارستها لأكثر من 10 أعوام، من دون إبلاغ لجنة الاستخبارات في مجلس الشيوخ في شكل مرضٍ»، مضيفةًً أن «الكونجرس يحتاج إلى أن يعرف بالضبط ما تقوم به وكالات الاستخبارات لدينا من هنا، ستطلق اللجنة إعادة تقييم كبير لكل برامج التجسس». وتابعت فاينستاين «فيما يتعلق بجمع المعلومات الاستخباراتية عن قادة دول حليفة للولايات المتحدة، بينها فرنسا وإسبانيا والمكسيك وألمانيا، أقول بكل وضوح: أرفض هذا الأمر بشدة». وأضافت «استنادا إلى المعلومات التي لدي، لم يتم إبلاغ الرئيس (باراك) أوباما بجميع الاتصالات (التي تجريها) المستشارة أنجيلا ميركل منذ 2002، أنها مشكلة كبيرة».. وكان وفد من البرلمان الأوروبي وصل إلى الولاياتالمتحدة في زيارة تستمر 3 أيام للتشاور حول «تأثير برامج المراقبة على الحقوق الأساسية لمواطني الاتحاد الأوروبي، وخصوصًا الحق في الحياة الخاصة».. وقال الألماني المار بروك الرئيس الحالي للجنة الشؤون الخارجية في البرلمان الأوروبي في ختام لقاء مع نواب أمريكيين «لقد اهتزت ثقتنا»، مضيفًا «من غير المقبول مثلا أن تتعرض المستشارة ميركل مع غيرها للتنصت خلال أكثر من 10 سنوات». ومجلة در شبيغل التي كشفت عن شكوك الحكومة الفدرالية في هذا الشأن، كشفت معلومات جديدة في نهاية الأسبوع، وكتبت أن ميركل كانت تخضع للتنصت منذ 2002، أي حتى قبل أن تصبح مستشارة في 2005 وعندما كان جورج بوش في البيت الأبيض.. وأكدت در شبيغل من جهة أخرى أن الرئيس باراك أوباما كان على علم منذ 2010 ببرنامج التنصت هذا، وبالتنصت على ميركل التي تصفها مجلة فوربس الأمريكية منذ 8 سنوات بأنها «أقوى امرأة» في العالم.. وفي بيان أرسلته مساء الأحد إلى وكالة فرانس برس في واشنطن، نفت وكالة الأمن القومي الأمريكية هذه الاتهامات الأخيرة، وقالت فاني فين المتحدثة باسم وكالة الاستخبارات إن «الجنرال (كيث) الكسندر (الذي يتولى إدارة وكالة الأمن القومي الأمريكي) لم يناقش أبدًا مع الرئيس أوباما في 2010 عملية استخبارات مفترضة تتعلق بالمستشارة ميركل ولم يناقش أبدًا أي عملية تخصها.. والمعلومات الصحافية التي تؤكد العكس غير صحيحة».. أما صحيفة وول ستريت جورنال، فأكدت أمس الأول الاثنين، أن الولاياتالمتحدة أوقفت عمليات التنصت على المستشارة وعلى مسؤولين عالميين آخرين بعدما علم باراك أوباما بوجود برنامج التجسس هذا. وأعلن البيت الأبيض الاثنين أن عمليات الاستخبارات ينبغي «قبل كل شيء» أن تهدف إلى حماية أمن الأمريكيين.. ونفى المتحدث باسم الرئاسة الأمريكية جاي كارني أن تكون واشنطون لجأت إلى هذه الوسائل لأسباب اقتصادية، رافضًا أيضًا التعليق على معلومات صحافية مفادها أن الرئيس باراك أوباما كان يجهل أن بلاده تجسست على الهاتف الشخصي للمستشارة الألمانية. من جانبه، طالب الصحافي غلين غرينوالد، الذي ساهم في نشر معلومات عن نظام المراقبة الأمريكي الواسع النطاق، في مقابلة مع التلفزيون الألماني، برلين بحماية إدوارد سنودن، معتبرًا أنه يتعرض ل»اضطهاد سياسي». في السياق نفسه، أفادت صحيفة آل موندو الإسبانية أن وكالة الأمن القومي الأمريكية تجسست خلال شهر بين ديسمبر 2012 ويناير 2013، على أكثر من 60 مليون مكالمة هاتفية في إسبانيا، التي تضاف إلى اللائحة الطويلة للبلدان الأوروبية التي خضعت للتجسس، كفرنسا على سبيل المثال. وأكدت وزارة الخارجية الإسبانية التي استدعت صباح الاثنين السفير الأمريكي في مدريد جيمس كوستاس أن «هذه الممارسات، إذا ما تأكدت، غير مناسبة وغير مقبولة بين بلدين حليفين وصديقين».. وخلال اللقاء بين السفير وسكرتير الدولة الإسباني للاتحاد الأوروبي اينيغو منديز دو فيغو، طلب الأخير «من سلطات الولاياتالمتحدة أن تقدم كل المعلومات الضرورية حول عمليات التنصت المفترضة التي أجريت في إسبانيا».