عبدالله البرقاوي- سبق- الرياض: كشفت الطالبتان الموهوبتان نورة بنت عبدالكريم القرزعي وسماح بنت حمد العقيل، اللتان شرّفتا المملكة في المحافل العالمية وفازتا في المعرض الدولي للابتكارات والاختراعات المقام في تايبيه بدولة تايوان الشهر الماضي بالميدالية الفضية عن اختراعهما المشترك "ابق آمناً"، الذي لفت أنظار المحكمين والمشاركين في المعرض وحاز على الجائزة، وذكرتا أن فكرة الابتكار جاءت بعد أن هبّت عاصفة ترابية وقت جلوسهن في الفصل الدراسي وعجزن عن إغلاق النوافذ؛ لكونها كانت مرتفعة، فطرأت لدينا فكرة انغلاق النوافذ تلقائياً وقت العواصف. وعن الاختراع، قالت الطالبتان: إنه عبارة عن نظام تحكم لاسلكي بالنوافذ يقوم بعدة مهام منها: غلق النوافذ تلقائياً عند قدوم غبار من الخارج، وفتح النوافذ تلقائياً عند تسرب غاز أو انتشار دخان بالمنزل، ومزود بنظام تنبيه لذوي الاحتياجات الخاصة ومزود ببطارية ذاتية الشحن في حال انقطاع التيار الكهربائي. وجاء حديث الطالبتين في حوارهن مع "سبق" كما يلي: في البداية كيف كانت بداياتكما في عالم الموهبة والاختراعات؟ قالت "نورة": بدايتي هي حبي لمجال الهندسة الكهربائية، ذلك المجال الواسع، وكم أدهشني هذا العالم المتميز وشدني للدخول في ميدانه، متفائلة به أن أتقلد ابتكاراً يترجم حبي له، ولكي أصل لما أريد كان لابد لي من القراءة والاطلاع في هذا المجال والتعمق فيه؛ حتى أتمكن من تحقيق مقولة أعجبتني: "أنا أفعل أنا قادر"؛ لأن العقل الباطن يقتنع بذلك ما دمت تردد الكلمات التشجيعية لذاتك، وهذا الذي ساعدني لأبدأ ببذرة الفكرة التي رسمتها في مخيلتي لابتكار ينسب لي لأزهو فرحاً بإثباتي لذاتي وخدمة لمجتمعي. وقالت "سماح": أنا هاوية لمجال الابتكار، ولم أتوقع يوماً أني أمتلك موهبة الابتكار بالتحديد وأني قادرة على أخذ مركز متقدم، لكن عند مشاركتي وإعطائي فرصة لاستغلال موهبتي وتشجيعي فعلت ما فعلته والحمد لله. وتابعت: منذ صغري وأنا أفكر في كيفية عمل الأجهزة، فقد كنت أتساءل كيف تتحرك عقارب الساعة؟ كيف يضيء المصباح؟ كيف يعمل التلفاز؟ ثم بدأت بقراءة الكتب والبحث فيها وإشباع عقلي بالمعلومات شيئاً فشيئاً حتى وصلت إلى ما وصلت إليه، ما أجمل أن تضيف بصمة بسيطة لشيء اعتاد عليه الناس كي تصبح بصمتك مميزة. وذكرت: مجرد تفكيرك بذلك هو نجاح لك، مثلما لاحظ أحدهم أن أوراق المراجعين في المستشفيات بيضاء مملة، فاقترح وضع الإعلانات عليها، وها هو الآن يجني المليارات من هذه الفكرة البسيطة، هذه أنا قبل وبعد الابتكار، أدركت أن العقل لم يُخلق لفهم ضروريات الحياة فقط، والحمد لله نجحت في حسن استخدامه. إلى من تدينون بالفضل لنجاح موهبتكما؟ قالتا: إلى الأسرة والمدرسة ومعلماتهما وإلى كل من قال لنا كلمة تشجعنا وتحفزنا وتبعث فينا الهمة إلى أعالي القمة، وأيضاً لكل من قام بتجاهلنا ومحاولة التقليل منا، حيث بفضلهما بحثنا وتطلعنا للمجال المناسب لنا، ونعمل بكل جهد لنثبت لأنفسنا ولهم بأننا قادرون على ذلك ولا شيء مستحيل بإذن الله. حدّثونا عن اختراعكما وكيف جاءت الفكرة؟ قالتا: كنا جالستين في المدرسة، نتبادل أطراف الحديث البعيدة عن الابتكارات ووقتها أتت عاصفة ترابية، لكن لم نستطيع إغلاق النافذة؛ لأنها كانت مرتفعة جداً، فتضررت بعض الزميلات اللاتي يعانين من الربو، وفوراً قمنا بسؤال بعضنا: ماذا لو كانت النوافذ تنغلق تلقائياً فور قدوم غبار مفاجئ، وهذه مشكلة تعاني منها بلادنا خاصة وتحتاج إلى حل، من هنا بدأت فكرة ابتكارنا، وقمنا بتطويره شيئاً فشيئاً حتى تستفيد منه جميع الفئات وليس فقط مرضى الربو. ثم أخبرتنا الأستاذة نورة الحرك وتهاني الطعيمي عن موقع "موهبة" وعن أولمبياد إبداع 2013 ونصحونا للمشاركة فيه، فشاركنا في الأولمبياد والحمد لله تخطينا المرحلة الأولى التي كانت على مستوى عنيزة، ثم تخطينا المرحلة الثانية والتي كانت على مستوى القصيم، وأخيراً وصلنا للمرحلة النهائية على مستوى المملكة، وفزنا فيها بالمركز السادس في مسار الابتكار والحمد لله. ولم تكن هذه النهاية ففي بداية شهر رمضان تلقينا رسالة بالإيميل من "موهبة" تخبرنا بأننا ترشحنا لمعرض تايبيه الدولي في تايوان، والحمد لله قبل شهر أقيم المعرض وعرضنا ابتكارنا، فحصلنا على المركز الثاني على مستوى العالم بالميدالية الفضية والتي كانت قلادة فخر وإكليل يزين مجد المملكة. ما هي الصعوبات التي واجهتكم أثناء عملكم؟ قالتا: إن لكل عمل مهم سلبيات وإيجابيات، والحمد لله أفادتنا الإيجابيات بفضل جهودنا وتعاون الجميع معنا إلا أن السلبيات في عملنا تمثل أكثر، بإيجاد منشأة معتمدة في هذا المجال ومهندسين يساعدون في تنفيذ الابتكار. كذلك ضيق الوقت، فقبل ثلاثة أيام من تحكيم المرحلة الأولى قُدِّر لابتكارنا عند نقله للمنزل أن يتحطم في الطريق بالكامل، والحمد لله على كل حال، وبسببه عملنا على إعادة تنفيذ الابتكار من جديد فوقعنا تحت عمل وضغط كبيرين أهّلنا للوصول للمرحلة الثانية تصفية المناطق. وفي المرحلة الثانية يوم التحكيم فاجأنا انقطاع أحد الأسلاك المرتبطة بالبطارية وبسببه صعب تشغيله إلا بعد جهد، وأيضاً في المرحلة الأخيرة التي كانت على مستوى المملكة صادف تواجد ابتكارنا عند أحد المهندسين لتعترضه مشكلة فنية، فلم نستطع أخذه معنا للجنة التحكيم في العاصمة الرياض، فقط اكتفينا بمقطع فيديو سريع يعرض عمل الجهاز، وبالرغم من هذه المشكلات إلا أننا صبرنا وشرحنا ونجحنا وعرضنا الابتكار بأفضل صورة وتحقق ولله الحمد ما أردنا. ما هي فكرة اختراعكما الذي فزتما به؟ قالتا: فكرة الاختراع هو نظام تحكم لاسلكي بالنوافذ يقوم بعدة مهام منها: غلق النوافذ تلقائياً عند قدوم غبار من الخارج، وفتح النوافذ تلقائياً عند تسرب غاز أو انتشار دخان بالمنزل، ومزود بنظام تنبيه لذوي الاحتياجات الخاصة ومزود ببطارية ذاتية الشحن في حال انقطاع التيار الكهربائي. ماذا عن فوائد استخدامه؟ قالتا: عند قدوم غبار وإغلاق جميع النوافذ تلقائياً لن يدخل الغبار للمنزل أو المستشفى أو الدائرة الحكومية أو أي مبنى كان، وبذلك سوف يحمي مرضى الربو من الكبار والصغار ويحمي كبار السن وذوي الاحتياجات الخاصة، خصوصاً إذا كانوا نائمين، وعند حدوث حريق وتصاعد دخان سوف يؤدي ذلك إلى اختناق الأفراد وربما الوفاة، لكن عند فتح جميع النوافذ تلقائياً سوف يقل الاختناق وبالتالي تقل الوفاة، وأيضاً عند تسرب غاز في المكان وتشبع المكان بالغاز يكون هناك ثلاث مخاطر: 1- الانفجار عند فتح أحد الأنوار مثلما حدث في المملكة العربية السعودية قبل عدة سنوات وانفجار أحد المنازل بسبب تشبع الغاز به. 2- الحريق عند إشعال عود ثقاب. 3- الاختناق لأن الغاز يحتوي على مادتي البروبان والبيوتان اللتان تسببان الاختناق عند استنشاقها لوقت طويل. كيف علمتما أن ما قمتما به هو ابتكار لم يسبقكما إليه أحد؟ عن طريق البحث في مواقع الإنترنت العربية والأجنبية وأيضاً عن طريق سؤال المهندسين، والشيء الذي أكد لنا أن الابتكار غير موجود 100% عندما أجرت "موهبة" فحصاً للابتكارات المطابقة للابتكار ولم تجد مثيلاً والحمد لله. منذ متى وأنتما تعملان على هذا الاختراع؟ منذ السنة الثانية في المرحلة الثانوية، عملنا عليه مدة سبعة أشهر، ثم شاركنا بالأولمبياد في السنة الثالثة من المرحلة الثانوية. ما هو دور الأسرة في إبراز موهبتكما ودعمها؟ قالت "نورة": كل ما قمت به من عمل وجهد كان لأسرتي فيه دور كبير وفضل لا ينسى؛ فقد وقفوا معي وساندوني بالتشجيع المستمر، وبفضل هذا تمكنت ولله الحمد من الوصول لمنصات الشرف المحلية والعالمية، وأهديهم بكل تواضع ثمرة هذا الجهد، والذي آمل أن يكون بداية لنجاحات متواصلة، ولا أنسى ما مر به ابتكارنا من عثرات سبّبت لي قلقاً وانزعاجاً، وكانت أسرتي معي بوقتها وجهدها تساندني وتهوِّن عليَّ وتأخذ بيدي بعزيمة وإصرار؛ ليتحقق مرادي وكان لي ولهم ذلك. وذكرت "سماح": للأسرة دور كبير جداً في تنمية موهبتي، فلولا الله ثم تشجيعهم ودعمهم لما وصلت لما أنا عليه الآن؛ فقد تعاونوا معي وساندوني بجميع مراحل الأولمبياد، خصوصاً في المرحلة الأولى عندما تحطم جهازنا بالكامل عند سقوطه من السيارة، لدرجة أنني أردت الانسحاب من المسابقة لكن بفضل الله ثم أسرتي تراجعت، فقد ساندوني وخففوا من حزني وساعدوني بعمل الابتكار مرة أخرى قبل التحكيم، ولا أَنْسَ والديَّ اللذين كانا داعمين لي في كل المراحل، وقد كانا حريصين جداً على تنظيم وقتي لأوفق بين الابتكار وبين الدراسة والحمد لله نجحوا بذلك، وأيضاً أخي إبراهيم الذي تكفّل بالبحث عن المهندسين الداعمين لنا والمساعدين، وإخوتي محمد وأسامة وأخواتي أيضاً لم يتوقفوا عن تشجيعي وتلبية طلباتي ومساعدتي بكل شيء. ما هو دور المدرسة في تنمية موهبتكما وتشجيعكما؟ للمدرسة الدور الأول في ملاحظة موهبتنا وحرصهم على تنميتها عن طريق إرشادنا للمشاركة في الأولمبياد، ثم دعمونا في كل المراحل وأجابوا على استفساراتنا بصدر رحب وخاصة الأستاذات نورة الحرك، وتهاني الطعيمي، وريم الخليل، ونورة المغيولي، ومنيرة الطريف، والعديد من الأستاذات اللاتي دعمننا بالكلام المحفز وتعاونّ معنا من ناحية الواجبات والاختبارات الفائتة، وكذلك زميلاتنا الطالبات اللاتي دعمننا بالكلام الإيجابي، وحاولن مساعدتنا أيضاً بشرح المواد الفائتة علينا. هل كان هناك مؤسسات حكومية داعمة لموهبتكما واختراعكما؟ نعم مؤسسة "موهبة" كان لها الفضل الكبير بعد الله، نهديها شكراً وعرفاناً لعملها المكثف من المسابقات بالتعاون مع وزارة التربية والتعليم، وأولمبياد إبداع 2013 من ضمن هذه المسابقات التي شاركنا فيه وأوصلت ابتكارنا للمنصات العالمية ولله الحمد. هل تلقيتما عروضاً لتبني أو شراء ابتكاركم الفائز بمعرض تايبيه؟ دليل نجاح عملنا أننا تلقينا عرضاً من شركة إيطالية لتبني الابتكار، لكن أملنا أن تتبناه مؤسسة أو شركة حكومية وطنية وبأيدي سعودية؛ لكونه يحل مشكلة من صميم بيئتنا. ماذا تأملون من برامج "موهبة" في الأعوام القادمة؟ نتمنى بأن تقيم موهبة مسابقات للمرحلة الجامعية أيضاً، وألا يقتصر أولمبياد إبداع فقط على المتوسطة والثانوية، فالعديد من الطالبات الجامعيات يمتلكن العديد من الأفكار ويريدن المشاركة بمسابقة كبيرة مثل الأولمبياد. ما هي مشاركاتكما الداخلية أو الخارجية الأخرى؟ سنشارك بإذن الله تعالى بعد شهر في معرض ابتكار 2013 في الرياض، ونطمح لمشاركات أخرى. إلى من تهدون هذا النجاح الذي حققتماه؟ قالت "نورة": إلى من فقدته في قمة احتياجي روح والدي الحبيب- رحمه الله- وإلى من رضاها باب للجنة أمي- حفظها الله- وإلى من تقف وراء نجاحي كله زوجة أخي (هناء علي العمري)، وإلى أخوات وإخوة كالبدور أناروا لي دربي، وإلى من أحاطنا بعلمه واهتمامه معلماتنا الفاضلات، ولكل من شجعنا وأحبنا ودعا لنا، والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات فله الحمد أولاً وآخراً. وقالت "سماح": إلى أغلى من في الوجود والدي ووالدتي- حفظهما الله- وإلى عوني وسندي إخوتي إبراهيم ومحمد وأسامة، وإلى نجوم أنارت لي دربي أحبتي أفراد أسرتي، وإلى كل قريب أيدني وشجعني، وإلى معلماتي الغاليات اللاتي أخذن بيدي ودعمنني، أهدي لهن ثمرة اجتهادي وابتكاري وشاحاً غالياً يزينّ صدورهن. كلمة أخيرة: الحمد لله الذي أكرمنا بنجاح جهدنا والذي أوصلنا إلى المحافل الدولية، حاملين معنا راية التوحيد خفاقة، ونشكر وزارة التربية والتعليم ومؤسسة "موهبة" على جهودهما، كما نشكر الإدارة العامة للعلاقات العامة والإعلام بوزارة التربية على متابعتها لنا ودعمنا. وشكرتا "سبق" وقدما لها الثناء والتقدير على مشاركتها لهما فرحتهما الكبيرة، آملتين بالله أن يحققا إنجازات أخرى مشرفة للوطن ومكللة بالتوفيق والنجاح.