قدّم الأديب الناقد الدكتور عبدالمحسن القحطاني قراءة جديدة، في نصوص قديمة، عن أم القرى، بقلمين ينطلقان من ثقافتين وموهبتين مختلفتين، وذلك من خلال محاضرة ألقاها في نادي مكة الأدبي ضمن نشاطه المنبري، وحملت المحاضرة عنوان: «مكةالمكرمة بين قلمين». أما الزمان فيعود إلى ما قبل أكثر من ثمانين عاماً، وأما الكاتبان فهما أديبان بارزان من الأعلام الروّاد للأدب العربي المعاصر، وهما: شكيب أرسلان وإبراهيم المازني، وأما موضوع الكتابة فهو مكةالمكرمة التي قصدها الكاتبان للحج والعمرة. ويرى الدكتور عبدالمحسن القحطاني أن اختلاف الرؤية بين الأديبين تعود إلى اختلاف طباع وأسلوب كل منهما، ففي حين كان أرسلان أديباً جاداً، كان المازني أديباً ساخرًا. واستعرض المحاضر بعض الجوانب بالوصف في الرحلتين، فقد عني شكيب أرسلان الذي قصد مكةالمكرمة للحج عام 1929م بأدق الأمور والتفاصيل بأسلوب أدبي أو تاريخي أو جغرافي وهو أكثر من ذكر الشخصيات والمدن والأماكن، كما دوّن انطباعاته الخاصة عن مشهد الوقوف في عرفات ومواكب الحجاج بأسلوب أدبي سلس وجذاب، واستخدم كلمات منتقاة ترسم لنا مشاهداته بصورة بديعة. ولأرسلان فلسفته الخاصة في كتابته عن مكةالمكرمة فكل شيء في طبيعتها خلق للعبادة وهو يتكلم بمشاعر فياضة وعاطفة قوية ويرى أن مكة أرض جدباء لأنها الفردوس الذي يصل إلى الفردوس الأعلى. أما إبراهيم المازني فقد اهتم بإنسان مكة وتصرفاته وخاطب ووصف المكيين بلغة أنيقة وبسيطة ورشيقة دون أن يتخلى عن أسلوبه الساخر وهو يعرب عن إحساسه بحريته وعروبته في هذه البلاد ويتمنى أن يعود إلى هذه الأرض الطاهرة بحج. وقد شهدت هذه المحاضرة القيّمة تعقيبات ومداخلات عديدة من عدد من الأدباء والنقاد والأكاديميين، منهم: الدكتور عبدالله إبراهيم الزهراني والدكتور يوسف العارف والدكتور عبدالعزيز الطلحي والدكتور عبدالله العطاس والدكتورة إنصاف بخاري والدكتور عبدالله الشنقيطي والدكتور محمد بن مريسي الحارثي.