يبدو أن الهند التي يتعامل معها (ربعنا) على أنها مركز لتصدير الغباء، مازالت مصرّة على أن تصفعنا بين فترة وأخرى بدروسها المتلاحقة، والتي لم تتوقف عند إنجازاتها العلمية المدهشة، بل تجاوزتها إلى قدرتها على تحقيق الإنجازات الذكية بتكاليف منخفضة جدا!!.. فبعد سنوات من الصفعة الأولى التي تمثلت في إطلاقها لمهمة ناجحة وقليلة التكاليف نحو القمر.. ها هي تطلق يوم الثلاثاء الماضي مركبة فضائية قليلة التكلفة أيضًا؛ ولكن إلى المريخ هذه المرة، حيث ستُكلّف المهمة 72 مليون دولار فقط لاغير.. وهو مبلغ زهيد لا يساوي في أعرافنا الاقتصادية أكثر من ثمن تركيب كراسي لملعب كرة قدم.. أو قيمة ما نأكله من (سمبوسة) و(سوبيا) في ليالي رمضان!. * قبل فترة.. وبعد الصفعة الهندية الأولى التي لم توقظ فينا شيئًا للأسف، كتبت مقالًا قلت فيه: "في حين سنكون نحن السعوديين منشغلين خلال العشر سنوات المقبلة باجترار قضايانا المزمنة (قيادة المرأة للسيارة.. استيراد الخادمات.. الصراع الفكري المجتمعي المعروف.. تصريف السيول.. عدم تأهلنا لكأس العالم 2020).. فإن الهنود -الذين يصورهم البعض بأنهم شعب محدود الفهم- سيطلقون 120 رحلة فضائية، وستكون بلادهم أكثر الدول تقديمًا لخدمة «إطلاق الأقمار الصناعية» بعد أن نجحت عام 2008 في إطلاق «10» أقمار صناعية بصاروخ واحد.. كما سيتمكنون من إطلاق أول رحلة مأهولة إلى الفضاء بحلول 2016". * وبغض النظر عن الفساد المنتشر في طول البلاد العربية وعرضها والذي تُقدّره بعض المصادر بأكثر من 500 مليار دولار فإن أكثر ما يعيق العرب عن التقدم العلمي ومواكبة العالم، هو النظرة الداخلية الضيقة، والانشغال المخجل بتفاصيل التفاصيل لقضايا هامشية؛ وانصراف معظم الشعوب العربية إلى المغالبات والجدالات العقائدية والحروب الجانبية التي استنزفت طاقاتهم ومواردهم، وأنهكت قواهم دون جدوى.. بعكس الهند التي رغم أن نسيجها الاجتماعي أعقد بكثير من كل الأنسجة العربية مجتمعة، إلا أنها قفزت على كل مشكلاتها الداخلية، وتجاوزت اختلاف عقائدها ومذاهبها ولغاتها وقومياتها.. وفي هذا يقول أحد علمائها الكبار: "نحن لسنا بلدًا واحدًا.. بل نحن بلدان عدة في بلد.. لذا نحتاج أن نفعل الشيئين معا: الإسهام في المعرفة العالمية إلى جانب حل مشكلاتنا الداخلية". * ليس بالمال وحده تنهض الأمم.. هذه حقيقة أثبتها أصدقاؤنا الهنود الذين صنعوا أرخص مفاعل نووي وأرخص مركبة فضاء وأرخص سيارة وأرخص كمبيوتر، وحولوا دولتهم الفقيرة إلى دولة عظمى بأقل التكاليف، وتجاوزوا بها مرحلة القمر إلى مرحلة المريخ بعد أن تجاوزوا خلافاتهم واختلافاتهم الصغيرة.. وهو الأمر الذي عجزت عن فهمه العقلية العربية المستغرقة في مشكلاتها الداخلية والتي ما زالت تنظر إلى الآخر بشوفونية متعجرفة، تقيس الذكاء بمنطق غبي! * نجح الهنود (اللي ما حنا شايفينهم شي) في تلقين العالم كله درسًا في النجاح رغم قلة الموارد.. فماذا فعل من يستهزئون بهم؟! Twitter: @m_albeladi [email protected] للتواصل مع الكاتب ارسل رسالة SMS تبدأ بالرمز (61) ثم مسافة ثم نص الرسالة إلى 88591 - Stc 635031 - Mobily 737221 - Zain