كان المدير السابق لوكالة الفضاء والطيران الأميركية (ناسا)، دانيل غولدن، مبتكر منهج برنامج فضاء أميركي "أسرع وأفضل وأرخص"، لكنه مع ذلك لم يكن ليتصور أبدا أن يقدم مهمة إلى المريخ برخص التكلفة التي تحملتها الهند في أول مهماتها الفضائية إلى الكوكب الأحمر والتي انطلقت الثلاثاء الماضي. وتقول صحيفة وول ستريت جورنال إن مهمة الهند المريخية التي بلغت ميزانيتها 73 مليون دولار أرخص بكثير من أي مهمة مشابهة بما فيها مهمة المسبار الفضائي "مارفن" التابعة لناسا التي تبلغ تكلفتها 671 مليون دولار والمتوقع أن تنطلق إلى المريخ بوقت لاحق هذا الشهر. وكانت هذه الصحيفة واحدة من بين عدة صحف أميركية تنبهت للفرق الكبير بين تكلفة مهمات الفضاء الأميركية وبرنامج الفضاء الهندي المبتدئ. حتى أن مدير مشروع مهمة الهند الفضائية للمريخ، إس. أرونان، سرعان ما أشاد برخص تكلفة مهمات الهند الفضائية مقارنة مع نظيرتها الأميركية. فقد صرح أرونان -بمؤتمر صحفي قبل إطلاق المركبة الأسبوع الماضي- بأن مهمة الهند إلى المريخ كلفت أقل من عُشر ما أنفقته الولاياتالمتحدة على مهمة مارفن إلى الكوكب الأحمر، وأن رخص التكلفة استقطب الاهتمام أكثر من الجوانب الأخرى للمشروع. لكن تلك التصريحات قد تكون موجهة بشكل مباشر إلى الانتقادات التي تعرض لها برنامج الفضاء الهندي الذي يطرح تساؤلات عن سبب إنفاق الهند ملايين الدولارات على رحلة فضائية بينما يعاني ملايين السكان من الفقر وسوء التغذية. التكاليف وفي جميع الأحوال يرى مدير معهد "رايس سبيس"، دافيد ألكسندر، أن هناك بعض الأسباب الجيدة التي مكنت الهند من تنظيم مهمة فضائية أرخص بكثير من الولاياتالمتحدة، وهي تعتمد أساسا على الأيدي العاملة والقطع، معبرا عن اعتقاده بأن الأيدي العاملة هي العامل الرئيسي إضافة إلى مدى تعقيد المهمة. ويوضح أن الأمر يتطلب فريقا كاملا من المهندسين، وهؤلاء تكلفتهم في الهند أقل بكثير من نظرائهم في الولاياتالمتحدة، حيث إن الدخل السنوي لمهندس الطيران في الولاياتالمتحدة أقل من 105 آلاف دولار بقليل، في حين أنه في الهند أقل من عشرين ألف دولار. كذلك فإن هناك فرقا شاسعا في تكلفة المهندسين الإلكترونيين بين البلدين، حيث إن المهندس الإلكتروني في الولاياتالمتحدة يتقاضى في المعدل أكثر بقليل من 120 ألف دولار، وفقا لموقع "سالاري.كوم"، في حين أن نظيره في الهند يتقاضى -وفقا لموقع "غلاسدور.كوم"- نحو 12 ألف دولار سنويا في شركة مثل سامسونغ الهند. من ناحية ثانية يرى ألكسندر أن هدف الهند الرئيسي هو فقط الوصول إلى المريخ، ولهذا فإن مركبتها الفضائية تحمل فقط أجهزة "بسيطة نسبيا"، وليس معدات باهظة التكاليف، فهي تجربة أولى في مهمة معقدة جدا، مشيرا إلى أن لمهمات المريخ تاريخا حافلا بالفشل حيث إن أقل من نصف المهمات التي أطلقتها وكالات الفضاء الأميركية والروسية والأوروبية كانت ناجحة. كما تشير وكالة أسوشيتد برس إلى أنه لم تنجح أي دولة حتى الآن بالوصول إلى المريخ من المحاولة الأولى، لذلك يرى ألكسندر أن الهنود يودون معرفة ما إن كانت هذه المهمة ستنجح، وأنها ستلتحق بمدار المريخ أم لا؟ وهم يأملون -حتى في حال فشلها- أن يتعلموا شيئا ما.