أكد المشاركون في اليوم الثاني لمنتدى دبي لأفضل الممارسات الحكومية الذي انطلق أول من أمس، برعاية كريمة من صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، حفظه الله، وتحت شعار "حكومة لا تعرف المستحيل"، أن سموه قائد ومعلم وأب ونموذج يجب أن يحتذي الجميع به، منوهين بأن سموه زرع الطاقة الإيجابية لدى القيادات في حكومة دبي، ما انعكس إيجابياً على أداء دوائر في هذه الحكومة وجعلتها تقدم أفضل الخدمات المتميزة وفقاً لأرقى المعايير العالمية، كما أنهم استلهموا من سموه النموذج المتفرد في القيادة وتحفيزه الموظفين وإدخال الشغف لديهم للحفاظ على التميز في ظل المنافسة الشديدة بين دوائر دبي. وواصلت مختلف الجهات الحكومية في إمارة دبي في اليوم الثاني للمنتدى، تقديم تجاربها وخبراتها حول التميز والإبداع والانجازات المحرزة والتحديات التي تواجها. وتحدث سعيد الطاير، عضو مجلس الإدارة المنتدب والرئيس التنفيذي لهيئة كهرباء ومياه دبي وسامي القمزي، المدير العام لدائرة التنمية الاقتصادية في جلسة حوارية تحت عنوان "كيف صنعنا التميز المؤسسي"، والتي اختصت بالجهات الحكومية المتميزة الكبيرة والمتوسطة وتجاربها الإبداعية المتميزة، وأدارها الدكتور أحمد النصيرات، المنسق العام لبرنامج دبي للأداء الحكومي المتميز. صناعة التميز وفي بداية الجلسة، طرح الدكتور النصيرات سؤالاً حول كيفية صناعة التميز ودور القادة في هذا الأمر، وقال سعيد الطاير إن القادة هم الأساس، وهم الذين يضعون الخطط ويحددون مؤشرات الأداء لكل مؤسسة، وقادرون على خلق بيئة عمل ومناخ صحي وتحفيز للموارد البشرية، والحديث عن القادة ليس محصوراً بشخص المدير العام في المؤسسة، وإنما يتعلق الامر بالقيادات العليا والوسطى وفرق العمل والانسجام في الاداء لتحقيق المطلوب، إضافة إلى طموح القادة لتحقيق التميز، وهذا يتطلب ثلاثة عناصر، أولها العنصر البشري واختيار الكفاءات، وثانيها اختيار التقنيات الحديثة، وهذا العنصر يرتبط بالعنصر الاول، فلا يمكن أن يعمل العنصر البشري بمعزل عن التقنيات، وثالث هذه العناصر يتمثل في تقدير وتكريم المبدعين لتحفيز جميع الموظفين. وأشار إلى أن نظام الكهرباء في التسعينيات كان ضعيفاً ومختلفاً عن الفترة الحالية، وكان فاقد الكهرباء 7.2 %، واستطاعت دبي خلال 20 عاماً إيصاله إلى 3.5 %، وأصبح الأقل انخفاضا في فاقد الكهرباء على مستوى العالم، لافتاً إلى أن هذه النسبة تبلغ في دول الخليج 10 %، وفي الهند 20 %، وفي أميركا من 6 إلى 7 %. وأصبحت اليوم الكفاءة لدى الهيئة 90 %، بمعنى أن كمية الغاز المستخدمة نستفيد منها 90 %، ونعتبر من أفضل دول العالم في هذا الشأن. بدوره، قال سامي القمزي، إن برنامج دبي للأداء الحكومي المتميز، خلق نوعاً من التنافسية لدى دوائر حكومة دبي، وهذا بدوره أسهم في صناعة التميز، وفي دائرة التنمية الاقتصادية بدبي، ركزنا على هذا الامر، بعد أن مررنا بعدة سنوات من الإحباط، وحتى وصلنا لمرحلة اليأس بأننا لن نفوز بجائزة، ثم قمنا بخلق التميز لدى القيادات في الدائرة، وتحفيزهم على العطاء، وركزنا على جودة الخدمة، ما أوصلنا أن نصبح متميزين، ولكننا نعاني حالياً من مرحلة ما بعد التميز والمحافظة عليها، وخلال الشهرين الماضيين، سعيت إلى تغيير مزاج الموظفين وتحفيزهم وإدخال الشغف مرة أخرى لديهم للحفاظ على التميز في ظل المنافسة الشديدة. وأشار القمزي إلى أن دوائر حكومة دبي محظوظة حالياً، كونها توجد في مرحلة صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، ولا بد من استغلال هذه النقطة إيجابياً، كوننا نتعايش مع قائد ومعلم وأب ونموذج يجب أن يحتذي به الجميع. وأوضح أن القيادات في دبي قيادات ذكية وفاهمة، ودبي تتمتع بأكبر قدر ممكن من الوجوه الشابة، وذكر مثالاً حول مكافأة المجتهد في ظل قيادة صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، وكيف تسلم إدارة مؤسسة دبي للإعلام، مشيراً إلى أن هناك مراقبة للأداء وثمة نظام لاكتشاف القادة، وعلينا العمل من دون التفكير بالترقيات. وفي أيام الأزمة المالية، كنا نرى ونسمع أن الجميع كانوا متشائمين، باستثناء صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، الذي كان ينظر بتفاؤل وإيجابية. مبادرات خلاقة وفي نفس الصدد، ذكر الطاير أن قيادة سموه والمبادرات الخلاقة التي كان يعلنها، أحدثت نقلة نوعية في القيادة، ومن الأمثلة التي أذكرها أن في عام 2000 دخل سموه مكتبي في الهيئة، وطلبت منه التفضل إلى المجلس، فقال لي أجلس مكانك وسنناقش بعض الامور في العمل، ثم طرح سؤالاً إذا انقطع الغاز عن دبي ماذا تفعلون، فشرحت له خطة الطوارئ لدينا والخطط البديلة، وهذه دروس مستفادة من سموه، الذي كان يبحث عن التفاصيل، ويتواصل مع المعنيين، ويسهر على راحة المواطنين ، ولدى اعلان مدينة دبي للإنترنت في منطقة الصفوح بدبي، طلب سموه الانتهاء من البنية التحتية خلال 6 أشهر، وحولنا هذا التحدي إلى انجاز في الفترة المطلوبة من خلال العمل المتواصل. وطلب الدكتور النصيرات من المتحدثين التطرق للطاقة الإيجابية ونشرها بين الموظفين، وأشار سامي القمزي إلى أن صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم دفعنا إلى هذا الاتجاه ، لافتاً إلى أن الطاقة الإيجابية إلهام وشغف وتحفيز تنعكس إيجابياً على بيئة العمل والأداء وتطبيق الافكار الإيجابية في بيئة العمل، جعلنا نصل إلى التميز والابداع، ومن المهم العمل بها على كل المستويات، لكننا نواجه أحياناً أن البعض في مؤسساتنا لا يؤمن بهذه الامور. وبعدها طرح الدكتور النصيرات سؤالاً حول كيفية موازنة القائد بين أهدافه البعيدة المدى والانغماس في تفاصيل لعمل اليومي التشغيلي ، وأجابه الطاير أن القائد يجب أن يركز على التخطيط ، وفي هيئة كهرباء ومياه دبي لدينا خطتنا الاستراتيجية ، وفي ذات الوقت يجب التركيز على الميزانيات التشغيلية ، فنجاح الخطة التشغيلية مكمل وداعم للخطة الاستراتيجية ، وهناك مؤشرات اداء والمدير اليوم مسؤول عن تحقيق هذه المؤشرات للنتائج المطلوبة ، فالأمور التشغيلية هي أساس الاستدامة ونجاح الخطة الاستراتيجية. تحسين الخدمات من جانبه، ذكر سامي القمزي أن موضوع التشغيل مهم بقدر تطوير الاداء للارتقاء بالعمل ، ولدينا شريحة من المتعاملين يهتمون بالأمور التشغيلية، والحقيقة أن حكومة دبي دللت هذه الشريحة بشكل كبير وأصبحنا مهما نقدم لا يعجبهم ونعاني من تفريغ الموظفين للعمل الاستراتيجي ، فتحسين الخدمات مطلب مهم جداً والجمهور يقيس عليها، فيما برنامج دبي للأداء الحكومي المتميز يقيس اداء السنة للمؤسسة ، فلا بد من دراسة عملية التوزان بين العمل الاستراتيجي والميزانية التشغيلية. وحول سؤال حول كيفية التواصل مع العميل، أشار سعيد الطاير إلى أننا في هيئة كهرباء ومياه دبي نحصل سنوياً على تغذية راجعة من البرنامج ، ونقوم بتحليلها ومراجعتها ووضع الحلول لها وأبوابنا مفتوحة أمام الجميع ، ونحاول حل جميع المشاكل للعملاء ، وثمة قنوات كثيرة ، لكن البعض يريد مقابلة المدير العام لحل إشكاليته. ولفت إلى ضرورة أن تكون هناك علاقة متميزة مع جميع المتعاملين والجهات ذات الصلة والشركاء والموردين لتسهيل الخدمة على العملاء، موضحاً أن الهيئة طورت خدمة العميل ، فأصبحت فترة الانتظار 5 دقائق بدلاً من 10 دقائق ، ونسبة رضاء العملاء كانت قبل ثلاثة سنوات 77 % واليوم أصبحت 91 %. قال الدكتور أحمد نصيرات إن نسبة الرضا عن خدمات المتعاملين في دبي وصلت السنة الماضية إلى 87 %. ثم طرح سؤالاً للمتحدثين حول كيفية تصرف القائد مع الموظف غير المطيع، وقال الطاير إنه اتخذ قراراً بنقل أحد الموظفين لديه إلى مكان آخر لا يقل عن مكانه دون إنذاره أو فصله ، والتقارير عن هذه الموظف اليوم جيدة ، بينما أشار سامي القمزي إلى أن العملية صعبة جداً، وأن القيادة العليا لها دور كبير في تأهيل وتطوير القيادات المتوسطة لتحفيزهم وتمكينهم ، لافتاً إلى أن قيادات الصف الثاني في دوائر حكومة دبي لا تقل خبرة عن قيادات الصف الأول، وإن الطاقة الإيجابية عبارة عن سلسة من الإجراءات التي تتضمن التحفيز والتشجيع للتميز وخلق الإبداع. قرارات مهمة في سؤال عن أهم قرار اتخذه المتحدثون خلال الأزمة المالية، أشار سعيد الطاير إلى أن الهيئة خلال الأزمة المالية وقعت مشاريع جديدة، وركزت على ترشيد الإنفاق، وحولت التحدي إلى فرص وأنتجت 400 ميغا واط. بينما قال سامي القمزي إن أهم قرارات اتخذتها حكومة دبي خلال الأزمة عزل الدين العام عن مشكلة الأداء الاقتصادي اليومي واستمرارها في تنفيذ مشروعات البنية التحتية. جلسات حوارية تناقش التميز المؤسسي والتطوير المستمر شهدت جلسات اليوم الثاني من المنتدى جلسات حوارية مع مجموعة من مديري عموم الجهات الحكومية في الإمارة ، وتطرقت هذه الجلسات إلى مناقشة التميز المؤسسي والتطوير والتحسين المستمر في الجهات الكبيرة والمتوسطة، حيث إن هذه المفاهيم تعتبر أساسية لإدارة الجودة الشاملة، ويهدف المنتدى هذا العام إلى شرح مفاهيم وأسس ومتطلبات الطاقة الإيجابية وأثرها الإيجابي في الأداء والسلوك والتعرف إلى تجارب وإنجازات الجهات الحكومية وفرق العمل وعرض المشاريع والمبادرات الحكومية وفتح باب الحوار مع الموظفين الذين فازوّا بجوائز فئات برنامج دبي للأداء الحكومي المتميز في السنوات السابقة. وشملت الجلسات عرضاً قدمه المهندس حسين البنا، مدير إدارة المرور بهيئة الطرق والمواصلات، والذي حصد جائزة "التميز في إدارة الأزمات والطوارئ" عن فئة فريق العمل المتميز، حيث ناقش خلال الجلسة الممكنات والنتائج التي أدت إلى حصد الفريق للجائزة. واستعرض المستشار محمد علي رستم، رئيس نيابة الأسرة والأحداث بالنيابة العامة لإمارة دبي، أسباب حصد مبادرة "نبراس التوعية القانونية والاجتماعية"، جائزة المبادرة الإدارية المتميزة، حيث تطرق إلى العوامل المختلفة في هذا الصدد. وتطرق إلى أهداف البرنامج والصعوبات التي واجهت البرنامج وعرض أفضل الممارسات والنتائج الإيجابية للبرنامج. كما تحدث الأستاذ جمعة الغيث، المدير التنفيذي لقطاع التطوير الجمركي بجمارك دبي، عن مشروع "نظام محرك المخاطر" الذي حصد جائزة المشروع التقني- الفني المتميز، مستعرضاً دوافع ومبررات المشروع وآلية عمل المؤسسة من دون محرك المخاطر وبوجوده، وآلية تقييم المخاطر، فضلاً عن جوانب التميز والابداع في المشروع وتوافق منهجيات جمارك دبي مع معايير برنامج دبي للأداء الحكومي المتميز، كما تطرق إلى مزايا النظام والنتائج والفوائد للمشروع والاستدامة والتطوير. التميز المؤسسي تميز اليوم الثاني للمنتدى بعقد جلسة حوارية مع مجموعة مختارة من الموظفين الفائزين بفئات الموظف المبدع، وأدار الحوار الأستاذ محمد الخطيب، محرر ومراسل أخبار أول مؤسسة دبي للإعلام، وتعلقت الجلسة الحوارية بإنجازاتهم، وطبيعة إبداعهم، وكيف يرون التميز، وطموحاتهم. وعقدت جلسة حوارية أخرى مع مجموعة مختارة من الفائزين بفئة التميز الوظيفي، وأدارت الحوار حمدة حسن، مساعد مدير مشاريع في برنامج دبي للأداء الحكومي المتميز، وتناولت الجلسة الحوارية مفهوم التميز من وجهة نظر الفائزين، والتعرف إلى إنجازاتهم في العمل الحكومي ومساهمتهم، إضافة إلى التعرف إلى كيفية توظيفهم للموارد والوقت لتعزيز خدمات حكومة دبي وكيفية تقديمهم لأفكار إبداعية. وشملت الجلسة الحوارية الأخيرة، مجموعة من رواد الأعمال الشباب الذين طرحوا أفكارهم لمبادرات إبداعية، وأدار الحوار الأستاذ هزاع النعيمي، مدير أول مبادرات التميز في برنامج دبي للأداء الحكومي المتميز. وركز اليوم الثاني للمنتدى على الجلسات التفاعلية مع المشاركين من الجهات الحكومية والفائزين بجوائز برنامج دبي للأداء الحكومي المتميز، كما تم فتح باب المشاركة للحضور لطرح الأسئلة على المتحدثين حول خبراتهم وإنجازاتهم.
