أعادت زيارة الجنرال ديفيد رودريغيز، قائد القوات الأميركية بإفريقيا "أفريكوم"، لتونس إلى واجهة الأحداث الجدل حول النوايا الأميركية بإقامة قاعدة عسكرية على التراب التونسي، خاصة مع تطور نسق الدعم الأميركي لتونس في الملف الأمني والعسكري في المدة الأخيرة، خاصة في ما يسمى "المجهود العالمي لمكافحة الإرهاب". وكان الجنرال ديفيد رودريغيز قد ألتقى، أمس الأربعاء، رئيس الحكومة التونسية علي العريض بقصر الحكومة بالقصبة بحضور كل من وزير الدفاع التونسي رشيد الصباغ، وسفير الولاياتالمتحدة الأميركية بتونس جاكوب والس. وكشف الجنرال رودريغيز أن "اللقاء تناول العلاقات الثنائية بين تونس وبلاده وشكّل مناسبة للتباحث في مسائل أمنية قد تمت مناقشتها قبل ذلك مع قيادات عسكرية وأمنية تونسية، حيث تم تدارس سبل التعاون الأمني وكيفية دعم الولاياتالمتحدة الأميركية لتونس عبر التجهيزات والتكوين ومعاضدة جهودها الرامية لمكافحة ظاهرة التهريب خاصة الأسلحة، علاوة على بحث طرق مساعدة تونس على تأمين حدودها على كافة الواجهات"، بحسب بيان رسمي صادر عن الحكومة التونسية. وأوضح قائد القوات الأميركية بإفريقيا "أفريكوم" أن زيارته لتونس التي تعد الأولى منذ توليه مهامه، "مثلت فرصة هامة لاستحضار نجاحات الماضي بين تونس وبلاده". ونوّه بالتوازي بجهود الدولة التونسية في إطار التصدي للإرهاب، وأعرب عن تعازيه الخالصة لعائلات أفراد الجيش والأمن الوطنيين الذين سقطوا ضحاياه، على حد قوله. حضور أمني غير مباشر من جهته يرى الباحث في شؤون الجماعات الإسلامية، هادي يحمد، في مقابلة مع "العربية.نت"، "أن الولاياتالمتحدة الأميركية لم تعد ترغب كثيراً في الحضور العسكري المباشر في بؤر التوتر في العالم الإسلامي خاصة بعد الحرب على أفغانستان والعراق، غير أن الحالة التونسية ستدفع واشنطن الى إيجاد مركز أمني استخباراتي متقدم في عمق الصحراء التونسية، وتحديداً عند المثلث الحدودي بين تونس وليبيا والجزائر، لرصد ومتابعة تنظيم القاعدة ببلاد المغرب والجماعات الجهادية التابعة لها". ويضيف يحمد أن "السياق العام في تونس وفشل الحكومات المتواترة بعد الثورة في السيطرة على الملف الإرهابي دفع الولاياتالمتحدة إلى التحرك واستغلال الفرصة لتقديم الدعم اللوجيستي والاستخباراتي للسلطات التونسية، وهذا مدخل هام لها كي يكون لها حضور دائم في المنطقة في المدى المتوسط والبعيد، خاصة في ظل الفيتو الجزائري على أي حضور عسكري أجنبي مباشر في المنطقة المغاربية". وأشار هادي يحمد إلى أن "طبيعة المنطقة التي تستهدفها السياسة الأميركية في تونس وبعدها عن مراكز العمران في البلاد وسياق الحرب على الإرهاب الذي تعيشه تونس، سيخفف كثيراً من وطأة أي غضب شعبي يمكن أن يصاحب النوايا الأميركية بالحضور العسكري أو الأمني بتونس". نفي رسمي وفي كل مرة يعود فيها الجدل وسط الرأي العام التونسي حول نوايا الولاياتالمتحدة الأميركية بإقامة قاعدة عسكرية في تونس، كانت الحكومة التونسية تكذب الخبر، وآخرها تكذيب "الخارجية" التونسية في سبتمبر الماضي حول "إمكانية إقامة قاعدة عسكرية أميركية في الجنوب التونسي على الحدود مع الجزائر". وكان السفير الأميركي جاكوب والس قد نفى في أبريل الماضي الأنباء التي ترددت في وقت سابق حول "سعي أميركي لنقل مقر القيادة الإفريقية الأميركية من قاعدة شتوتغارت الألمانية إلى تونس".