بقلم : إبراهيم السراجي لم يكن التوصل لاتفاق بين الغرب وإيران حول ملف الأخيرة النووي ممكنا، لولا المعادلة السورية التي تمثلت بانتصارات الجيش السوري على الأرض لينتصر أيضا على الطاولات المستديرة،خصوصا وأن الدول الغربية وإسرائيل كانت ترفض رفضا قاطعا امتلاك إيران لتقنية نووية رغم معرفتهم سابقا ولاحقا بأن إيران لا تسعى الى بناء منظومة أسلحة نووية،ولكن الهدف الغربي تجاه إيران كان متطرفا للحيلولة دون ظهور غيران كقوة عظمى في العالم إلى جانب القوى الصاعدة المتمثلة بروسيا والصين والبرازيل وغيرها وهو ما كانت أمريكا بالذات تخشى تحالف تلك الدول الصاعدة وتخشى أيضا بروز قوى أخرى تهدد هيمنتها على القرار العالمي سياسيا واقتصاديا. إلى جانب الأهداف الغربية السابقة كانت أمريكا تستخدم فزاعة الاسلحة النووية الايرانية لابتزاز دول الخليج والسعودية بشكل خاص للسيطرة على النفط والقرار الخليجي إضافة إلى استخدام تلك الفزاعة التي تشعر دول الخليج أنها في خطر مايدفعها نحو التحالف والتطبيع السري مع إسرائيل لتضرب أمريكا أكثر من عصفور بحجر واحد. الاتفاق حول النووي الايراني بين ايران والدول الكبرى الذي اعلن عنه اليوم اغضب السعودية وكذلك إسرائيل التي اعتبرته اكبر انتصار دبلوماسي لإيران التي بدورها انتزعت اعترافا عالميا بحقها في الحصول على النووي وكذا فكت عن نفسها الحصار الاقتصادي في عدة مجالات وقطاعات. الفترة الاخيرة شهدنا تطابقا بين مواقف اسرائيل والسعودية في الموضوع السوري والإيراني حتى ان نتنياهو عبر عن ذلك بقوله ان اسرائيل والخليج يتكلمان بصوت واحد فيما يخص مشروع ايران النووي مؤكدا بذلك ما قاله السيد حسن نصرالله في خطابه بمناسبة ذكرى عاشوراء بإنه "من المؤسف أن يصبح نتنياهو ناطقا رسميا باسم بعض الدول العربية ومعبرا عن خيباتها وآمالها". الدول الغربية وأمريكا خصوصا تدير سياستها الخارجية بحسب الممكن والذي يحقق المصلحة الذاتية لتلك الدول وهو فعلا ما حدث في العدول عن الضربة العسكرية ضد سوريا وتوقف التهديدات لإيران بشأن مشروعها النووي وهو مالم يكن ممكنا في الماضي القريب، غير أن التحالف القوي بين إيرانوسوريا مع روسيا وحزب الله القائم على أساس الندية مقابل التحالف الهش بين دول الغرب ودول الخليج وتركيا وغيرها والذي قام على أساس التحكم بالقرار وليس الندية،وهو ما أدى إلى تخل أمريكي محرج عن السعودية وآمالها بإسقاط النظام السوري وبتدمير المشروع النووي الإيراني بعد ان قدمت مليارات الدولارات في سبيل ذلك. تلك المتغيرات تنعكس الآن بشكل مباشر على اليمن ولبنان أيضا فالسعودية سيكون لها رد فعل عنجهي لا يعبر عن سياسة دولة حقيقية كونها تعتمد على تنفيذ سياستها الخارجية على ما تملكه من عائدات ضخمة للنفط،ونتيجة لتلقيها تلك الضربات من الحليف الأمريكي فإن السعودية ستبحث عن انتصارات في جغرافيا بعيدة عن إيرانوسوريا ولذلك فالتوقعات تصب في اتجاه ان اليمن ولبنان ستشهدان تصعيدا للتفجيرات وإشعال الفتن والحروب الطائفية منعكسا على جبهات القتال بصعدة وما حولها وربما ستقابل تلك التصرفات السعودية في اليمن بصمت غربي في محاولة لإرضاء السعودية التي تعتمد نهجا "طفوليا" في ادارة سياستها الخارجية،وهو ما تؤكده تقارير تناقلتها وكالات انباء وصحف عربية ودولية أن مخابرات السعودية على رأسها "بندر بن سلطان" تجهز لجيش يسمى "جيش محمد" قوامه 50 ألف مقاتل من جنسيات مختلفة ذات طابع سني لمواجهة الحوثيين بصعدة وكذلك للقتال في سوريا بحسب تلك التقارير التي اعتبرت أمدت ان السعودية ستعتمد على ذلك الجيش ليكون "قوتها الضاربة". كل ذلك يؤكد أن السعودية لم تتعلم من الدروس المتلاحقة التي يفترض أنها تعلمت منها وستخوض مغامرتها باستخدام أذرعها المعروفة في اليمن خلال عقود من الزمن لاشعال جبهات القتال والحيلولة دون التوصل إلى سلام شامل يقود اليمن نحو الوصول الى اقامة الدولة التي تحفظ للجميع كرامتهم وتحفظ سيادة البلد والقرار السياسي فيه،غير أننا نجزم أن المشروع السعودي لن ينجح في اليمن فقد كان له في الحرب السادسة موعد مع الفشل المباشر باشتراك السعودية في القتال والعودة بهزيمة مذلة لاشك أنها كانت قاسية وكذلك بقيت تلك الهزيمة هاجس لدى السعودية يدفعها لاعادة الكرة من جديد.