الرهوي : العلامة السيد بدرالدين الحوثي كان منارة في العلم وتتلمذ على يديه الكثير    أخر مستجدات إعادة فتح طريق رابط بين جنوب ووسط اليمن    الوزير الزعوري يناقش مع مؤسسات وهيئات الوزارة مصفوفة الأولويات الحكومية العاجلة    سرايا القدس: قصفنا بالهاون جنود العدو في مدينة غزة    الصهاينة فرار للخارج ونزوح بالداخل هربا من صواريخ إيران    أبو شوصاء يتفقَّد قصر الشباب ويطِّلع على مستوى الانضباط في الوزارة والجهات التابعة لها    الجيش الإسرائيلي يعلن اغتيال رئيس أركان الجيش الإيراني الجديد    ماكرون يكشف عن عرض أمريكي إلى إيران بشأن وقف إطلاق النار    تلوث نفطي في سواحل عدن    على خلفية أزمة اختلاط المياه.. إقالة نائب مدير مؤسسة المياه والصرف الصحي بعدن    قصة مؤلمة لوفاة طفلة من ردفان في أحد مستشفيات عدن    انهيار مخيف الدولار يقترب من 2700 ريال في عدن    أمنية تعز تعلن ضبط عدد من العناصر الإرهابية المتخادمة مع مليشيا الحوثي الارهابية    اسعار الذهب في صنعاء وعدن الثلاثاء 17 يونيو/حزيران 2025    الإفراج عن 7 صيادين يمنيين كانوا محتجزين في الصومال    طبيب يفند خرافات شائعة عن ورم البروستاتا الحميد    بالأدلة التجريبية.. إثبات وجود ذكاء جماعي لدى النمل!    د.الوالي: لن نشارك في تظاهرة هدفها ضد استقلال الجنوب العربي ورمزها الوطني    قائمة أولية لمنتخب الشباب    صوت الجالية الجنوبية بامريكا يطالب بالسيادة والسلام    أمن العاصمة عدن يلقي القبض على خلية حوثية    الشرق الأوسط تحت المقصلة: حربٌ تُدار من فوق العرب!    قرار مفاجئ للمرتزقة ينذر بأزمة مشتقات نفطية جديدة    اخماد حريق بمركز تجاري في اب    بعض السطور عن دور الاعلام    راموس: اريد انهاء مسيرتي بلقب مونديال الاندية    صنعاء .. التربية والتعليم تعمم على المدارس الاهلية بشأن الرسوم الدراسية وعقود المعلمين وقيمة الكتب    وجبات التحليل الفوري!!    كأس العالم للأندية: تشيلسي يتصدر مؤقتاً بفوز صعب ومستحق على لوس انجلوس    السامعي يدعو لعقد مؤتمر طارئ لمنظمة التعاون الاسلامي لبحث تداعيات العدوان على إيران    اتحاد كرة القدم يقر معسكرا داخليا في مأرب للمنتخب الوطني تحت 23 عاما استعدادا للتصفيات الآسيوية    القائم بأعمال رئيس المجلس الانتقالي يتفقد مستوى الانضباط الوظيفي في هيئات المجلس بعد إجازة عيد الأضحى    نائب وزير الاقتصاد يلتقي وكيل وزارة الخدمة المدنية    أمين عام الإصلاح يعزي البرلماني صادق البعداني في وفاة زوجته    البكري يبحث مع مدير عام مكافحة المخدرات إقامة فعاليات رياضية وتوعوية    تعز.. مقتل وإصابة 15 شخصا بتفجير قنبلة يدوية في حفل زفاف    الأمم المتحدة:نقص الدعم يهدد بإغلاق مئات المنشآت الطبية في اليمن    بايرن ميونخ يحقق أكبر فوز في تاريخ كأس العالم للأندية    علماء عرب ومسلمين اخترعوا اختراعات مفيدة للبشرية    الفريق السامعي: الوطنية الحقة تظهر وقت الشدة    حصاد الولاء    مناسبة الولاية .. رسالة إيمانية واستراتيجية في مواجهة التحديات    إب.. إصابات وأضرار في إحدى المنازل جراء انفجار أسطوانة للغاز    العقيد العزب : صرف إكرامية عيد الأضحى ل400 أسرة شهيد ومفقود    مرض الفشل الكلوي (8)    من يومياتي في أمريكا .. صديقي الحرازي    هيئة الآثار :التمثالين البرونزيين باقيان في المتحف الوطني    غاتوزو مدرباً للمنتخب الإيطالي    وزير الصحة يترأس اجتماعا موسعا ويقر حزمة إجراءات لاحتواء الوضع الوبائ    أهدر جزائية.. الأهلي يكتفي بنقطة ميامي    صنعاء تحيي يوم الولاية بمسيرات كبرى    - عضو مجلس الشورى جحاف يشكو من مناداته بالزبادي بدلا عن اسمه في قاعة الاعراس بصنعاء    سرقة مرحاض الحمام المصنوع من الذهب كلفته 6ملايين دولار    اغتيال الشخصية!    قهوة نواة التمر.. فوائد طبية وغذائية غير محدودة    حينما تتثاءب الجغرافيا .. وتضحك القنابل بصوت منخفض!    الترجمة في زمن العولمة: جسر بين الثقافات أم أداة للهيمنة اللغوية؟    فشل المطاوعة في وزارة الأوقاف.. حجاج يتعهدون باللجوء للمحكمة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



جوامع الكَلِم ونفائس الحِكَم من كتاب "المجالسة وجواهر العلم" (2 )
نشر في الجنوب ميديا يوم 30 - 10 - 2013


أيمن الشعبان
@aiman_alshaban
الحمد لله الذي خلقنا من العدم، وأسبع علينا وافر النِّعم، علم بالقلم، علم الإنسان ما لم يعلم، والصلاة والسلام على النبي الأكرم، وعلى آله وصحبه وسلم، ومن اقتفى أثرهم إلى يوم الدين، وبعد:
كم نحن بحاجة لتزكية النفوس وتهذيبها، وتطهيرها من الأدران والرذائل، وتنقيتها من الأخلاق الدنيئة والشوائب، قال تعالى ( قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا . وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا ) ، قد أفلح من كبرها وأعلاها بطاعة الله، وأظهرها، وقد خاب وخسر من أخفاها، وحقرها وصغرها بمعصية الله.
وتزداد حاجة المسلم لمراجعة سلوكه وتصرفاته، والوقوف عند أفعاله وتعاملاته، ومدى صلته بربه؛ مع كثرة الابتلاءات والفتن.. التقلبات والمحن، من خلال التأمل والنظر، في سير من غبر، من الصالحين والعلماء العاملين، واقتفاء أثرهم وسلوك طريقتهم.
فتشبهوا إن لم تكونوا مثلهم * إن التشبه بالكرام فلاح
كثيرة هي كتب السلف، التي تُحيي تراثهم، وتؤصل لحياتهم، وتتحرى سيرهم، وتقتفي آثارهم، منها الكتاب الذي بين أيدينا، إذ جمع فيه مصنفه رحمه الله جواهر ثمينة، ودرر مكنونة، ومواقف فريدة، ومواعظ جليلة، وحِكم رائعة، وأشعار نفيسة، ومعاني رفيعة.
يقول ابن حبان: قوت الأجساد المطاعم، وقوت العقل الحِكم، فكما أن الأجساد تموت عند فقد الطعام والشراب، وكذلك العقول إذا فقدت قوتها من الحكمة ماتت.
وأنا أتنقل في هذا البستان المثمر، متأملا ما فيه من العبر، وكثرة الفوائد والفِكَر، بدأت أجمع كل ما فيه ثمرة عملية، وأثر تربوي وسلوك رصين، في حياتنا اليومية، لتصبح نبراسا يضيء، ومؤنسا في الوحدة، ودليلا للسالكين، وهذا والله من أنفس العلوم، لما يترتب عليه من قوة الإيمان، والازدياد من طاعة الرحمن.
قال أبو هلال: فَإِذا كَانَ الْعلم مؤنسا فِي الْوحدَة، ووطنا فِي الغربة، وشرفا للوضيع، وَقُوَّة للضعيف، ويسارا للمقتر، ونباهة للمغمور حَتَّى يلْحقهُ بالمشهور الْمَذْكُور، كَانَ من حَقه أَن يُؤثر على أنفس الأعلاق، وَيقدم على أكْرم العقد، وَمن حق من يعرفهُ حق مَعْرفَته أَن يجْتَهد فِي التماسه ليفوز بفضيلته.
هذه أقوال مختارة وحِكَم منتخبة، ونفائس منتقاة وفوائد مستقاة، من كتاب" المجالسة وجواهر العلم" للعلامة الفقيه المحدث أبو بكر أحمد بن مروان الدينوري المالكي ( ت: 333ه )، إذ اعتمدت طبعة دار ابن حزم، التي قامت بنشرها جمعية التربية الإسلامية، بتحقيق الشيخ مشهور بن حسن آل سلمان ( 10 مجلدات )، واستبعدت من الأقوال ما حكم عليه المحقق بالضعف، واخترت الصحيح منها أو ما سكت عنه، مع ذكر رقم المجلد والصفحة لكل مقولة.
ومن باب الاختصار والتسهيل، قمت بحذف السند والاكتفاء بنسبة القول لقائله، وتجميع الأقوال وتقسيمها إلى ثلاث مجاميع على النحو التالي:
1- جوامع الكلم ونفائس الحِكَم.
2- ما قلَّ ودلَّ من جوامع الكلم.
3- جوامع الكلم شعرا.
جوامع الكلم ونفائس الحِكَم
أن سَلِيمَةَ زَوْجَةَ الْهَيْثَمِ بْنِ جَمِيلٍ تَقُولُ: غَمَزْتُ رِجْلَ الْهَيْثَمِ بْنِ جَمِيلٍ عِنْدَ مَوْتِهِ، فَقَالَ: غَمِّزِي يَا سَلِيمَةُ؛ فَإِنَّهُمَا مَا مَشَيَا إِلَى حَرَامٍ قَطُّ.
(2/137).
قَالَ سُلَيْمَانُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ لِأَبِي حَازِمٍ: مَا لَنَا نَكْرَهُ الْمَوْتَ؟ قَالَ: لِأَنَّكُمْ عَمَّرْتُمُ الدُّنْيَا وَخَرَّبْتُمُ الْآخِرَةَ؛ فَإِنَّكُمْ تَكْرَهُونَ أَنْ تُنْقَلُوا مِنَ الْعُمْرَانِ إِلَى الْخَرَابِ.
(2/139).
قال عُثْمَانَ بْنِ أَبِي الْعَاتِكَةِ: كَانَ دَاوُدُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ فِي مُنَاجَاتِهِ: إِلَهِي! إِذَا ذَكَرْتُ خَطِيئَتِي ضَاقَتْ عَلَيَّ الْأَرْضُ بِرَحْبِهَا، وَإِذَا ذَكَرْتُ رَحْمَتَكَ ارْتَدَّتْ إِلَيَّ رُوحِي، سُبْحَانَكَ! إِلَهِي! أَتَيْتُ أَطِبَّاءَ عِبَادِكَ لِيُدَاوُوا خَطِيئَتِي؛ فَكُلُّهُمْ عَلَيْكَ دَلَّنِي.
(2/166).
قال الْأَصْمَعِيُّ: حَضَرَ جَدِّي عَلِيَّ بْنَ أَصْمَعَ الْوَفَاةُ، فَجَمَعَ بَنِيهِ، فَقَالَ: يَا بَنِيَّ! عَاشِرُوا النَّاسَ مُعَاشَرَةً إِنْ غِبْتُمْ حَنُّوا إِلَيْكُمْ، وَإِنْ مِتُّمْ بَكَوْا عَلَيْكُمْ.
(2/168).
قال ذو النُّونِ الْمِصْرِيَّ: إِنَّ لِلَّهِ عِبَادًا نَصَبُوا أَشْجَارَ الْخَطَايَا نَصْبَ رَوَاتِقِ الْقُلُوبِ، وَسَقَوْهَا بِمَاءِ التَّوْبَةِ، فَأَثْمَرَتْ نَدَمًا وَأَحْزَانًا؛ فَجُنُّوا مِنْ غَيْرِ جُنُونٍ، وَتَبَلَّدُوا مِنْ غَيْرِ عِيٍّ وَلَا بُكْمٍ، وَإِنَّهُمْ لَهُمُ الْفُصَحَاءُ الْبُلَغَاءُ الرُّزَنَاءُ الْعَارِفُونَ بِاللهِ وَبِرَسُولِهِ وَبِأَمْرِ اللهِ، ثُمَّ شَرِبُوا بِكَأْسِ الصَّفَا؛ فَوَرِثُوا الصَّبْرَ عَلَى طُولِ الْبَلَاءِ؛ حَتَّى تَوَلَّهَتْ قُلُوبُهُمْ فِي الْمَلَكُوتِ، وَجَالَتْ بَيْنَ سَرَايَا حُجُبِ الْجَبَرُوتِ، فَاسْتَظَلُوا تَحْتَ رِوَاقِ الندم، فقرؤوا صَحِيفَةَ الْخَطَايَا؛ فَأَوْرَثُوا أَنْفُسَهُمُ الْجَزَعَ حَتَّى وَصَلُوا عُلْوَ عُلُوِّ الزُّهْدِ بِسُلَّمِ الْوَرِعِ؛ فَاسْتَعْذَبُوا مَرَارَةَ التَّرْكِ لِلدُّنْيَا، وَاسْتَلَانُوا خُشُونَةَ الْمَضْجَعِ حَتَّى ظَفَرُوا بِحَبْلِ النَّجَاةِ وَعُرْوَةِ السَّلَامَةِ، وَسَرَحَتْ أَرْوَاحُهُمْ فِي الْعُلَا، وَجُعِلَتْ قُلُوبُهُمْ فِي خَفِيِّ خَفِيَاتِ الْهَوَى؛ حَتَّى أَنَاخُوا فِي رِيَاضِ النَّعِيمِ، وَجَنَوْا مِنْ ثِمَارِ التَّسْنِيمِ، وَخَاضُوا فِي بَحْرِ الْحَيَاةِ، وَأَرْدَمُوا خَنَادِقَ الْجَزَعِ، وَعَبَرُوا جُسُورَ الْهَوَى حَتَّى أَنَاخُوا بفناء العلم، فاستقوا من غَدِيرَ الْحِكْمَةِ، وَرَكِبُوا سَفِينَةَ الْفِطْنَةِ؛ فَأَقْلَعُوا بِرِيحِ النَّجَاةِ فِي بَحْرِ السَّلَامَةِ، حَتَّى وَصَلُوا إِلَى رِيَاضِ الرَّاحَةِ وَمَعْدِنِ الْعِزِّ وَالْكَرَامَةِ.
(2/170).
سُئِلَ ابْنُ الْمُبَارَكِ، فَقِيلَ لَهُ: مَنِ النَّاسُ؟ قَالَ: الْعُلَمَاءُ. قِيلَ لَهُ: فَمَنِ الْمُلُوكُ؟ قَالَ: الزُّهَّادُ. قِيلَ لَهُ: فَمَنِ السِّفَلَةُ؟ قَالَ: الَّذِي يَأْكُلُ بِديْنِهِ. قِيلَ لَهُ: فَمَنِ الْغَوْغَاءُ. قَالَ: خُزَيْمَةُ بْنُ خَازِمٍ وَأَصْحَابُهُ. قِيلَ لَهُ: فَمَنِ الدَّنِيءُ؟ قَالَ: الَّذِي يَذْكُرُ غَلَاءَ السِّعْرِ عِنْدَ الضَّيْفِ.
(2/181).
قِيلَ لِدَغْفَلِ النَّسَّابَةِ: بِمَ أَدْرَكْتَ مَا أَدْرَكْتَ مِنَ الْعِلْمِ؟ قال: بلسانٍ سؤولٍ، وَقَلْبٍ عَقُولٍ، وَكُنْتُ إِذَا لَقِيتُ عَالِمًا أَخَذْتُ مِنْهُ وَأَعْطَيْتُهُ.
(2/185).
قِيلَ لِبُزْرُجَمْهِرَ الْحَكِيمِ: بِمَ أَدْرَكْتَ مَا أَدْرَكْتَ مِنَ الْعِلْمِ؟ قَالَ: بِبُكُورٍ كَبُكُورِ الْغُرَابِ، وَحِرْصٍ كَحِرْصِ الْخِنْزِيرِ، وَصَبْرٍ كَصَبْرِ الْحِمَارِ.
(2/188).
كَتَبَ رَجُلٌ إِلَى أَخٍ لَهُ: يَا أَخِي! إِنَّكَ قَدْ أُوتِيتَ عِلْمًا؛ فَلَا تُطْفِئَنَّ نُورَ عِلْمِكَ بِظُلْمَةِ الذُّنوبِ، فَتبقى فِي الظُّلْمَةِ يَوْمَ يَسْعَى أَهْلُ الْعِلْمِ بِنُورِ عِلْمِهِمْ.
(2/189).
قال الْحَسَنِ: مَنْ أَحْسَنَ عِبَادَةَ اللهَ فِي شَبِيبَتِهِ؛ لَقَّاهُ اللهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى الْحِكْمَةَ عِنْدَ كِبَرِ سِنِّهِ، وَذَلِكَ قَوْلُهُ عَزَّ وجل: (وَاسْتَوَى آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا) [القصص: 14].
(2/191).
قال رَبِيعَةَ بْنِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ: لِلسَّفَرِ مُرُوءَةٌ، وَلِلْحَضَرِ مُرُوءَةٌ، فَأَمَّا مُرُوءَةُ السَّفَرِ؛ فَبَذْلُ الزَّادِ، وَقِلَّةُ الْخِلَافِ عَلَى أَصْحَابِكَ، وَكَثْرَةُ الْمِزَاحِ فِي غَيْرِ مَسَاخِطِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَأَمَّا مُرُوءَةُ الْحَضَرِ؛ فَإِدْمَانُ الِاخْتِلَافِ إِلَى الْمَسْجِدِ، وَكَثْرَةُ الْإِخْوَانِ فِي اللهِ تَعَالَى، وَتِلَاوَةُ الْقُرْآنِ.
(2/194).
يقول الْفُضَيْلَ بْنَ عِيَاضٍ: يَنْبَغِي لِلْقَاضِي إِذَا ابْتُلِيَ بِالْقَضَاءِ أَنْ يَكُونَ يَوْمًا فِي الْقَضَاءِ وَيَوْمًا فِي الْبُكَاءِ؛ فَإِنَّ لَهُ بَيْنَ يَدَيِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ مَوْقِفًا غَدًا.
(2/203).
قال أَعْرَابِي: إِذَا أَرَدْتَ أَنْ تَعْرِفَ الرَّجُلَ؛ فَانْظُرْ كَيْفَ تَحَنُّنُهُ إِلَى أَوْطَانِهِ، وَتَشَوُّقُهُ إِلَى إِخْوَانِهِ، وَبُكَاؤُهُ عَلَى مَا قَضَى مِنْ زَمَانِهِ.
(2/209).
يقول مُحَمَّدَ بْنَ النَّضْرِ الْحَارِثِيَّ: مَنْ أَصْغَى بِسَمْعِهِ إِلَى صَاحِبِ بِدْعَةٍ؛ نُزِعَتْ مِنْهُ الْعِصْمَةُ، وَوُكِلَ إِلَى نَفْسِهِ.
(2/210).
قَالَ بَعْضُ الْحُكَمَاءِ: مَنْ كَانَ مَنْطِقُهُ فِي غَيْرِ ذِكْرِ اللهِ تَعَالَى؛ فَقَدْ لَغَا، وَمَنْ كَانَ نَظَرُهُ فِي غَيْرِ اعْتِبَارٍ؛ فَقَدْ سَهَا، وَمَنْ كَانَ صَمْتُهُ فِي غَيْرِ فِكْرٍ؛ فَقَدْ لَهَى.
(2/210).
قيلَ لِبَعْضِ الْحُكَمَاءِ: مَا الْبَلَاغَةُ؟ قَالَ: مَا بَلَّغَكَ الْجَنَّةَ، وَعَدَلَ بِكَ عَنِ النَّارِ، وَبَصَّرَكَ مَوَاقِعَ رُشْدِكَ وَعَوَاقِبَ غَيِّكَ.
(2/210).
كَانَ مِنْ دعاء هرم بن حيان: اللهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ زَمَانٍ يَتَمَرَّدُ فِيهِ صَغِيرُهُمْ، وَيَأْمَلُ فِيهِ كَبِيرُهُمْ، وَتَقْتَرِبُ فِيهِ آجَالُهُمْ.
(2/215).
قال ابْنُ عَائِشَةَ: كَانَ يُقَالُ: الْعُلَمَاءُ إِذَا عَلِمُوا عَمِلُوا، فإن عَمِلُوا شُغِلُوا، فَإِذَا شُغِلُوا فُقِدُوا، فَإِذَا فُقِدُوا طُلِبُوا، وَإِذَا طُلِبُوا هَرَبُوا.
(2/231).
قَالَ سَلْمُ بْنُ قُتَيْبَةَ لِلشَّعْبِيِّ: مَا تَشْتَهِي؟ قَالَ: أَشْتَهِي أَعَزَّ مَفْقُودٍ وَأَهْوَنَ مَوْجُودٍ. فَقَالَ: يَا غُلَامُ! اسْقِهِ الْمَاءَ.
(2/236).
قِيلَ لِعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ: مَا كَانَ بَدْءُ إِنَابَتِكَ؟ قَالَ: أَرَدْتُ ضَرْبَ غُلَامٍ لِي، فَقَالَ لِي: يَا عُمَرُ! اذْكُرْ لَيْلَةً صَبِيحَتُهَا يَوْمُ الْقِيَامَةِ.
(2/268).
لَمَّا قَدِمَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ الشَّامَ؛ لَقِيَهُ الْجُنُودُ وَعَلَيْهِ إِزَارٌ وَخُفَّانِ وَعِمَامَةٌ، وَهُوَ آخِذٌ بِرَأْسِ رَاحِلَتِهِ يَخُوضُ الْمَاءَ، وَقَدْ خَلَعَ خُفَّيْهِ وَجَعَلَهُمَا تَحْتَ إِبْطَيْهِ، فَقَالُوا لَهُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ! الْآنَ تَلْقَاكَ الْجُنُودُ وَبَطَارِقَةُ الشَّامِ وَأَنْتَ عَلَى هَذِهِ الْحَالَةِ! فَقَالَ عُمَرُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: إِنَّا قَوْمٌ أَعَزَّنَا اللهُ بِالْإِسْلَامِ؛ فَلَنْ نَلْتَمِسَ الْعِزَّةَ بِغَيْرِهِ.
(2/273).
قَالَ الْعَتَّابِيُّ: مَرَرْتُ بِدَيْرٍ؛ فَإِذَا رَاهِبٌ يُنَادِي، فَرَفَعْتُ رَأْسِي إِلَيْهِ، فَقَالَ لِي: وَيْحَكَ! هَبْ أَنَّ الْمُسِيءَ قَدْ عُفِيَ عَنْهُ؛ أَلَيْسَ قَدْ فَاتَهُ ثَوَابُ الصَّالِحِينَ؟!
(2/284).
قال عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ: الصَّلَاةُ تُبَلِّغُكَ نِصْفَ الطَّرِيقِ، وَالْوُضُوءُ يُبَلِّغُكَ بَابَ الْمَلِكِ، وَالصَّدَقَةُ تُدْخِلُكَ عَلَيْهِ.
(2/289).
دخل ابن أبي رواد على المغيرة بن حكيم في مرضه الذي مات فيه، فقلت له: أوصني؟ فقال: اعمل لهذا المضجع.
(2/296).
قال داود بن أبي هند؛ قال: جالست الفقهاء؛ فوجدت ديني عندهم، وجالست أصحاب المواعظ؛ فوجدت الرقة في قلبي؛ وجالست كبار الناس؛ فوجدت المروءة فيهم، وجالست شرار الناس؛ فوجدت أحدهم يطلق امرأته على شيء لا يساوي شعيرة.
(2/303).
قال عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه: ما وعظني أحد أحسن مما وعظني طاوس، كتب إلي: استعن بأهل الخير يكن عملك خيرا كله، ولا تستعن بأهل الشر فيكن عملك شرا كله.
(2/307).
عن الشعبي في قوله جل وعز: (هذا بيان للناس وهدى وموعظة للمتقين) [آل عمران: 138]؛ قال: بيان من العمى، وهدى من الضلالة، وموعظة من الجهل.
(2/333).
جاء رجل مستعجل، فقال له: يا أبا زكريا! حدثني بشيء أذكرك به. فالتفت إليه يحيى، فقال: اذكرني أنك سألتني أن أحدثك فلم أفعل.
(2/343).
كان رجل بالبصرة من بني سعد، وكان قائدا من قواد عبيد الله بن زياد، فسقط من السطح، فانكسرت رجلاه، فدخل عليه أبو قلابة، فعاده، فقال له: أرجو أن يكون ذلك خيرة. فقال له: يا أبا قلابة! وأي خيرة في كسر رجلي جميعا؟ فقال: ما ستر الله عليك أكثر. فلما كان بعد ثلاث؛ ورد عليه كتاب ابن زياد يسأله أن يخرج فيقاتل الحسين بن علي رضي الله عنهم، قال: فقال له: قد أصابني ما أصابني. قال ذلك للرسول، فما كان إلا سبعا حتى وافى الخبر بقتل الحسين رضي الله عنه، فقال الرجل: رحم الله أبا قلابة، لقد صدق، إنه كان خيرة لي.
(2/358).
قال مُحَمَّدُ بْنُ سَلَّامٍ: كَانَ يُقَالُ: لَا تُؤَاخِيَنَّ مَنْ مَوَدَّتُهُ لَكَ عَلَى قَدْرِ حَاجَتِهِ إِلَيْكَ؛ فَعِنْدَ ذَهَابِ الْحَاجَةِ ذَهَابُ الْمَوَدَّةِ.
(2/363).
قيل للعجَّاج: إِنَّكَ لَا تُحْسِنُ الْهِجَاءَ. فَقَالَ: إِنَّ لَنَا أَحْلَامًا تَمْنَعُنَا مِنْ أَنْ نَظْلِمَ، وَأَحْسَابًا تَمْنَعُنَا مِنْ أَنْ نُظْلَمَ، وَهَلْ رَأَيْتَ بَانِيًا إِلَّا وَهُوَ عَلَى الْهَدْمِ أَقْدَرُ مِنْهُ عَلَى الْبِنَاءِ؟!
(2/369).
عن أَحْمَدَ بْنَ أَبِي الْحَوَارِيِّ، يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبَا سُلَيْمَانَ يَقُولُ: لَوْ لَمْ يَبْكِ الْعَاقِلُ فِيمَا بَقِيَ مِنْ عُمْرِهِ حَتَّى يَخْرُجَ مِنَ الدُّنْيَا؛ إِلَّا عَلَى مَا فَاتَهُ مِنْ لَذَّةِ طَاعَةِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ فِيمَا مَضَى مِنْ عُمْرِهِ، لَكَانَ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يُبْكِيَهُ ذَلِكَ حَتَّى يَخْرُجَ مِنَ الدُّنْيَا، فَقُلْتُ: يَا أَبَا سُلَيْمَانَ! إِنَّمَا يَبْكِي عَلَى لَذَّةِ مَا مَضَى مَنْ وَجَدَ الْإِيمَانَ فَقَالَ: صَدَقْتَ.
قَالَ: وَسَمِعْتُهُ يَقُولُ: أَهْلُ الطَّاعَةِ بِلَيْلِهِمْ أَلَذُّ مِنْ أَهْلِ اللهْوِ بِلَهْوِهِمْ، وَرُبَّمَا اسْتَقْبَلَنِي الْفَرَحُ فِي جَوْفِ اللَّيْلِ، وَرُبَّمَا رَأَيْتُ الْقَلْبَ يَضْحَكُ ضَحِكًا.
(2/375).
كَتَبَ سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ إِلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا وَهُوَ عَلَى الْكُوفَةِ يَسْتَأْذِنُهُ فِي بِنَاءِ مَنْزِلٍ يَسْكُنُهُ، فَوَقَّعَ فِي كِتَابِهِ: ابْنِ مَا يَسْتُرُكَ مِنَ الشَّمْسِ، وَيُكِنُّكَ مِنَ الْغَيْثِ؛ فَإِنَّ الدُّنْيَا دَارُ قُلْعَةٍ.
وَكَتَبَ إِلَى عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْهِ وَهُوَ عَلَى مِصْرَ: كُنْ لِرَعِيَّتِكَ كَمَا تُحِبُّ أَنْ يَكُونَ لَكَ أَمِيرُكَ.
(2/377).
ما قل ودل من جوامع الكلم
قال إِبْرَاهِيمَ بْنَ أَدْهَمَ: لَوْ غَسَلْتُ وَجْهِي لِلنَّاسِ مَا كُنْتُ إِلَّا مُرَائِيًا.
(2/167).
يقول ابْنَ الْمُبَارَكِ: عَجِبْتُ لِمَنْ لَمْ يَطْلُبِ الْعِلْمَ كَيْفَ تَدْعُوهُ نَفْسُهُ إِلَى مَكْرُمَةٍ؟!
(2/186).
قَالَ ابْنُ الْمُبَارَكِ: لَا يَزَالُ الْمَرْءُ عَالِمًا مَا طَلَبَ الْعِلْمَ، فَإِذَا ظَنَّ أَنَّهُ قَدْ عَلَمَ؛ فَقَدْ جَهِلَ.
(2/186).
قَالَ مَالِكُ بْنُ دِينَارٍ: لَوْ كَانَتِ الصُّحُفُ مِنْ عِنْدِنَا؛ لَأَقْلَلْنَا الْكَلَامَ.
(2/233).
يقول ابْنِ شِهَابٍ الزُّهْرِيِّ: سَمِعْتُ رِجَالًا مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ يَقُولُونَ: الِاعْتِصَامُ بِالسُّنَّةِ نَجَاةٌ.
(2/235).
قال سُفْيَانَ الثَّوْرِيَّ: النَّظَرُ إِلَى وَجْهِ الظَّالِمِ خطيئة.
(2/241).
قَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ: إِنَّ الرَّجُلَ لَيُذْنِبُ الذَّنْبَ فَيُحْرَمُ بِهِ قِيَامَ اللَّيْلِ.
(2/262).
قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْمُنْكَدِرِ: وَمَا لِأَهْلِ النَّارِ رَاحَةٌ غَيْرُ الْعَوِيلِ وَالْبُكَاءِ.
(2/269).
جوامع الكلم شعرا
أَنْشَد ابْنُ أَبِي الدُّنْيَا لِغَيْرِهِ:
لَا تَبْكِ لِلدُّنْيَا وَلَا أَهْلِهَا * وَابْكِ لِيَوْمٍ تَسْكُنُ الحافِرَةْ
وَابْكِ إِذَا أَصْبَحَ أَهْلُ الثَّرَى * وَاجْتَمَعُوا فِي سَاحَةِ السَّاهرةْ
وَيْلُكِ يَا دُنْيَا لَقَدْ قَصَّرْتِ * آمَالَ مَنْ يَسْكُنُ الآخِرةْ
(2/141).
قال الْأَصْمَعِيِّ: أَبْدَعُ بَيْتٍ قَالَتْهُ الْعَرَبُ بَيْتُ أَبِي ذُؤَيْبٍ:
النَّفْسُ رَاغِبَةٌ إِذَا رَغَّبْتَهَا * وَإِذَا تُرَدُّ إِلَى قَلِيلٍ تَقْنَعُ
وَأَحْسَنُ مَا قِيلَ فِي الْكِبْرِ:
أَرَى بَصَرِي قَدْ رَابَنِي بَعْدَ صِحَّةٍ * وَحَسْبُكَ دَاءً أَنْ تَصِحَّ وَتَسْلَمَا
وَأَحْسَنُ مَرْثِيَّةٍ قَوْلُ أَوْسِ بْنِ حَجَرٍ الْكِنْدِيِّ:
أَيَّتُهَا النَّفْسُ أجْمِلي جَزَعاً * إِنَّ الَّذِي تَحْذَرِينَ قَدْ وَقَعَا
(2/143).
قال مُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى الْبَصْرِيُّ: كُنَّا عِنْدَ أَحْمَدَ بْنِ الْمُعَذَّلِ بِالْبَصْرَةِ يَوْمَ مَاتَ ابْنُهُ؛ فَاسْتَرْجَعَ، ثُمَّ أَنْشَأَ يَقُولُ:
نُؤَمِّلُ جَنَّةً لَا مَوْتَ فِيهَا * وَدُنْيَا لَا يُكدِّرُهَا الْبَلَاءُ
(2/212).
أَنْشَدَ ابْنُ أَبِي الْمُغِيرَةِ:
وَكَمْ نائمٍ نام فِي غِبْطَةٍ * أَتَتْهُ الْمَنِيَّةُ فِي نَوْمَتِهِ
وَكَمْ مِنْ مُقِيمٍ عَلَى لَذَّةٍ * دَهَتْهُ الْحَوَادِثُ فِي لَذَّتِهِ
وَكُلُّ جديدٍ على ظهرها * سيأتي الزَّمَانُ عَلَى جِدَّتِهِ
(2/256).
كان الْحَسَنَ يَتَمَثَّلُ:
هِيَ الدُّنْيَا تُعَذِّبُ مَنْ هَوَاهَا * وَتُورِثُ قَلْبَهُ حُزْنًا وَدَاءَ
(2/257).
16- محرم- 1435ه
20-11-2013م


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.