تولى الجنرال راحيل شريف أمس رسميًا مهامه كقائد أعلى للجيش الباكستاني المؤسسة الأكثر نفوذًا في هذا البلد الذي يعتبر مبدئيًا حليفًا للولايات المتحدة في "الحرب على الارهاب" ويواجه منذ سنوات تمرد طالبان. وادى شريف (57 عامًا) الذي عيِّن بهذا المنصب الأربعاء من قبل رئيس الوزراء نواز شريف الذي يعد مقربًا له، اليمين الدستورية في حفل في مقر الجيش في روالبندي في ضواحي العاصمة إسلام أباد، وقال مسؤول باكستانى إن طائرة أمريكية بدون طيار قتلت ثلاثة متشددين في شمال غرب باكستان أمس الجمعة. وأطلقت طائرة بدون طيار صاروخين استهدفت بهما مجمعًا سكنيًا في منطقة شمال وزيرستان القبلية بالقرب من الحدود الأفغانية. وقال مسؤول أمني، تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته، إن الضحايا أعضاء في حركة طالبان الذين غالبًا ما يعبرون الحدود لتوجيه ضربات للقوات الدولية والأفغانية. وتولى شريف قيادة الجيش خلفًا للجنرال أشفق كياني الذي يحال إلى التقاعد هذا الأسبوع بعد أن تولى منذ 2007 رئاسة هذه المؤسسة التي يزيد عديدها عن 600 الف رجل. وفي عهد الجنرال كياني دعم الجيش الباكستاني بفتور دعوة رئيس الوزراء نواز شريف لفتح مفاوضات سلام مع طالبان باكستان. لكن هذه الرغبة تلاشت مطلع الشهر مع قضاء طائرة أمريكية من دون طيار على زعيم طالبان باكستان حكيم الله محسود الذي خلفه الملا فضل الله المعارض بشدة لاي تقارب مع السلطة ما غذى شائعات عن عمليات عسكرية ضد معاقل طالبان قرب الحدود الأفغانية. وخلال الانتخابات التشريعية الأخيرة في ايار/مايو الماضي نأى كياني بنفسه عن اللعبة السياسية ما سهل أول عملية ديمقراطية حقيقية في تاريخ البلاد بين حكومة منتخبة أنهت ولايتها من خمس سنوات وأخرى. وبحسب غالبية المراقبين فإن هذا التعيين يسجل استمرارية لعهد كياني الذي كان إرثه الكبير عدم التدخل كثيرًا في الشؤون السياسية للبلاد التي تضم 180 مليون نسمة وشهدت ثلاثة انقلابات عسكرية منذ تأسيسها في 1947. وكان آخر هذه الانقلابات في 1999وشهد إطاحة الجنرال برويز مشرف برئيس الوزراء الذي عينه قائدًا على الجيش. وراحيل شريف المولود في كويتا من والد كان ضابطًا كبيرًا في الجيش، تخرج من الأكاديمية العسكرية في البلاد ووضعت تحت إمرته قوات على الأرض، ثم تمت ترقيته إلى مقر عام الدفاع في مدينة روالبندي.كما حاز على شهادة من المعهد الملكي للدراسات العسكرية في بريطانيا. وشقيقه شبير نال أعلى وسام عسكري في البلاد ل"شجاعته" في الحرب ضد الهند في 1971 التي قتل خلالها. وسرعان ما واجه الجنرال شريف تحديات مهمة من مخاطر شن طالبان باكستان هجمات إلى إعادة الهيبة إلى الجيش التي فقدها نتيجة استمرار أعمال العنف في البلاد والعملية التي شنتها وكالة الاستخبارات المركزية (سي آي ايه) وأدت إلى مقتل أسامة بن لادن في آيار/مايو 2011 في أبوت أباد (شمال) على بعد مئات الأمتار من الأكاديمية العسكرية الرئيسية في البلاد. ولهذه التحديات الداخلية تضاف مسائل جيوسياسية معقدة مثل العلاقات مع الولاياتالمتحدة أول جهة مانحة لاإسلام أباد والهند ودور باكستان في مستقبل أفغانستان بعد انسحاب قوات حلف شمال الأطلسي العام المقبل. والعلاقات بين باكستانوالولاياتالمتحدة تبقى متوترة لأن واشنطن تتهم بانتظام إسلام أباد بدعم طالبان الذين يحاربون كابول وحلفاءها في الحلف الأطلسي في أفغانستان. لكن الجيش الباكستاني لا يزال يتلقى مساعدة مالية أمريكية مهمة. وخلال العقد الأخير قدمت واشنطن مساعدة لباكستان تزيد عن 23 مليار دولار أساسًا عسكرية بحسب الكونغرس الأمريكي. وتعتبر باكستان فاعلًا رئيسيًا في عملية السلام في أفغانستان بالنظر إلى علاقاتها التاريخية مع حركة طالبان المتمردة. وخلال الأشهر الأخيرة، وبناء على طلب كابول، أفرجت إسلام أباد عن العديد من عناصر طالبان الأفغان المسجونين في سجونها وبينهم الملا بارادار النائب السابق لرئيس حركة التمرد، على أمل أن يقنعوا قيادة الحركة بالتباحث مع السلطة الأفغانية. لكن هذه المبادرات لم تؤدِ إلى أي نتيجة حتى الآن.