أكدالمفتي العام رئيس هيئة كبار العلماء وإدارة البحوث العلمية والإفتاء الشيخ عبد العزيز بن عبدالله آل الشيخ أن الشريعة لم تجعل الطلاق الحل الأول للمعضلات الزوجية بل حرصت على دوام العلاقة بين الزوجين واستمرار الحياة الزوجية فوضعت لذلك أسبابًا لتقوية العلاقة والمودة والمحبة بين الزوجين، ومن ذلك اختيار المرأة الصالحة ذات الدين والخلق الكريم، وكذلك نظر الخاطب لمخطوبته حتى تستمر حياتهم، بالإضافة إلى التعاشر بالمعروف وإعطاء لكل منهما حقوقه، الصبر على الأخطاء والنظر إلى المحاسن والفضائل لا إلى النقائص. فبالتزام الزوجين تكون حياتهما الزوجية حياة طيبة وحياة سعيدة. وأكد المفتي أن أمة محمد صلى الله عليه وسلم تعد أمة وسطًا وهذه الوسطية تتبين في تدبر أحكام الشريعة، مبينًا أن قضية الطلاق من القضايا المهمة في الإسلام فهو لم يجعلها الحل الأول بل جعل قبله أمورًا وجعل الطلاق المرجع الأخير والحل إذا تعثرت كل الحلول، فالإسلام أرشد الرجل إلى وعظ المرأة ثم هجرانها بغير كلام، ثم إلى تأديبها، ثم إلى الاحتكام عند اختلاف الزوجين إلى حكمين من أهله ومن أهلها. مؤكدًا أن الطلاق من أبغض الحلال إلى الله لما فيه من تفريق الأسرة وحصول الضرر على الزوجين والأولاد، إن الإسلام عندما شرع الطلاق لم يجعله على الإنسان يطلق كيفما يشاء بل شرع له أن يطلق مرة واحدة فقط في طهر ما مسها فيه فلا يطلقها وقد جامعها أو يطلقها وهي حائض، فتطول العدة على المرأة، أما إذا كانت حاملًا يجوز له مراجعتها أثناء العدة بدون عقد ما دامت العدة باقية، وحرم على الزوج أن يجمع الطلاق في وقت واحد، فإذا انقضت العدة بدون رجعة أصبحت بائنة منه يحق له أن يراجع إليها بعقد جديد، مشيرًا إلى أن بعد الطلقة الثالثة فلا يحق له مراجعتها حتى تنكح زوجًا غيره. وأشار المفتي الى أن التساهل في أمر الطلاق أمر خطير، فلا يجوز التساهل به والاستخفاف به، فلا بد من الحرص على سلامة الأسرة والبيت من الدمار والخراب. موضحًا أن أسباب الطلاق قد تكون راجعة للرجل أو راجعة للمرأة، أو أمور مشتركة بين الزوجين، ومن هذه الأسباب التي تكون من الرجل عدم العدل بين الزوجات فالله قد شرع التعدد شريطة ألا يجور ولا يظلم. ومن الأسباب أيضًا إهمال بعض الرجال للبيوت وتضييع الأسر غير مبال بذلك فلا يهتم بزوجته ولا بشؤون بيته، اهتمامه فقط بأصحابه متجاهلًا أنه راعٍ في أهل بيته مسؤول أمام الله عن هذه الرعية، بالإضافة إلى أن سوء الكلام وبذاءة الألفاظ والضرب والإهانة للمرأة، ومن الأسباب ابتلاء بعض الرجال بالمخدرات والمسكرات فالمرأة إذا ابتليت بمثل هذا فهي لا تأمن على نفسها ولا على بناتها؛ لأن من وقع تحت تأثير هذه المخدرات والمسكرات وسار على هذا الطريق قد يبيع عرضه مقابل الحصول عليها وقد يضحي بأسرته في سبيل الحصول عليها. وأضاف المفتي وأما الأسباب التي تكون من قبل المرأة فمن ذلك عدم تأدبها بالآداب الشرعية من تستر وعفة، فقد تكون سافرة متبرجة مما يسبب الشكوك من الزوج التي تؤول إلى أمور لا تحمد عقباها. ومن الأسباب أيضًا مفارقة المرأة للبيت بسبب الانشغال بالعمل والزوج مشغول بعمله والأولاد تربيهم الخادمة فيصبح البيت ضائعًا لا قيادة له، فلتتق المرأة ربها في بيتها وزوجها ونفسها. وزاد المفتي أن هناك أسبابًا مشتركة كالإعلام المنحرف الذي يصور الحياة الزوجية تصويرًا غير واقعي لهذه الحياة بأن المرأة أسيرة عند الزوج وأنها ضعيفة القوى وغير ذلك، وكل ذلك من الأكاذيب والأباطيل، ومن الأسباب أيضًا فقد الوعي الشرعي بين الزوجين، وعدم معرفتهما بأضرار الطلاق وما ينتج عنه من أضرار خطيرة، بالإضافة إلى إفشاء السر لما يحدث بين الزوجين. وأردف المفتي أن للطلاق آثارًا سيئة على الزوجين وعلى الأولاد وعلى المجتمع فمن هذه الآثار الأزمة النفسية بين الزوجين لفراق بعضهم بعضًا، ولفراق الزوجة لأولادها فقلبها مشغول بهم، وكذلك شقاء الأولاد بين أب وأم قد تركاهم بعد هذا الطلاق وقد يؤدي ذلك إلى ضياعهم.