أ.د. سامي سعيد حبيب عايش كل من قُدِّرَ له سُكنى مدينة جدة على مدى الثلاث العقود الماضية، كيف أخذت حركة المرور في حاضرة المملكة العربية السعودية التجارية جدة عروس البحر الأحمر في الازدحام رويداً رويداً بسبب النمو السكاني الذي ناهز حالياً الأربع ملايين نسمة، وما تبع ذلك من نمو مطرد في عدد المركبات المتحركة في شبكة الطرقات داخل محيط جدة وما حولها، لم يوازه نمو مكافئ في الشبكة، حتى أصبح أقل مشوار لا يكاد يخلو من اختناقات مرورية مؤسفة حتى داخل الشرايين الرئيسية لجدة كمثل طريق الحرمين وسواه، ومما يزيد معاناة مستخدم شبكة الطرق بجدة أنه لا يكاد يخلو أي منها من المطبات والحفر التي تساهم -إضافة إلى طيش بعض السائقين- في وقوع الحوادث المرورية الأليمة، وأصبح من المألوف أن يستغرق المشوار في داخل جدة قرابة الساعة وأكثر، مما يحدو بالكثيرين إلى التخطيط للمشاوير ذهاباً وإياباً، أو حتى إلى الزهد في المشاوير في المدينة التي تتحرك فيها 6 ملايين حركة مرورية يومياً، الأمر الذي جعل الكثيرين في حيرة إلى أين تسير حركة المرور في جدة إذا استمرت الأمور على نفس المنوال للسنوات القادمة. هذا الواقع غير المثالي في طريقه للتغيّر جذرياً بعد فضل الله من خلال خطة نقل عام شاملة وميزانية ضخمة قدرها 45 مليار ريال على مدى سبع سنوات. قام بزف تلك الأخبار الواعدة بمستقبل نقل عام أكثر مواءمة للمستوى الحضاري اللائق بمدن المملكة في محاضرة عامة ألقاها مساعد أمين محافظة جدة للنقل العام سعادة المهندس القدير إبراهيم كتبخانة مساء الثلاثاء الماضي، حظيتُ بأن أكون من بين الحاضرين الذين استمعوا إليها، أشار فيها سعادته إلى إقرار مجلس الوزراء الموقر منذ 9 أشهر على تنفيذ مشروع النقل العام بمحافظة جدة، وتأسيس شركة مترو جدة مرجعيتها لجنة عليا للإشراف برئاسة أمير منطقة مكةالمكرمة صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل، على أن ينتهي العمل من المشروع خلال سبع سنوات، ويشتمل المشروع على: قطار المترو بطول 152 كم و92 محطة توقف، وقطار الضواحي، شبكة ترام واجهة البحرية بطول 48 كم، نظام الحافلات بطول 840 كم، وما يزيد عن 800 حافلة و2950 محطة توقف، ونظام النقل البحري بطول 94 كم، وعلى بنية تحتية مرافقة تشتمل على محطات المنطلق، وجسر أبحر المعلق، المواقف المركزية، ومحطات التوقف والركوب. وشبكة النقل العام عند اكتمالها لن تخفف حركة المرور فحسب، فمن المتوقع أن المشروع سيقوم بنقل ما لا يقل عن 30% من إجمالي حركة المرور في محافظة جدة، وهو طبقاً لما صرح به سعادة م. إبراهيم كتبخانة رقم قياسي عالمي. وحتى تتحقق الآمال المعقودة على المشروع لابد من حملة توعية مستمرة لعموم المستفيدين من شبكة المواصلات العامة، وأن تكون الخدمات المقدمة مريحة وسريعة واقتصادية، وتتيح للنساء الدخول والخروج من العربات دون احتكاك بالرجال، كأن يكون لكل عربة مدخلان ومخرجان أحدهما رجالي ذو رمز لوني معين، وثانيهما نسائي ذو رمز لوني خاص، وكذلك بالنسبة لمقاعد الجلوس داخل العربات. كما نتمنى على أمانة محافظة جدة أن يتم افتتاح المشروع بشكل تدريجي، بمعنى أنه من الصعب الانتظار لسبع سنوات ليفتتح المشروع دفعة واحدة، بل يتم التخطيط للانتهاء منه على مراحل قابلة للتشغيل، ربما بداية من 3 سنوات من تاريخه، وأن يصحب ذلك حملات إعلامية مصاحبة تشجيع ثقافة استخدام النقل العام في بلاد لم تتعود عليه سابقاً. لا يفوتني هنا أن أتوجه بجزيل الشكر لسعادة مساعد أمين محافظة جدة المهندس إبراهيم كتبخانة على المحاضرة الضافية عن المشروع، ونتطلع أن تحظى محافظة جدة وجميع محافظات المملكة بشبكة نقل عام بأحدث ما توصلت إليه التقنيات العالمية في هذا المجال فعالة وآمنة تخفف من الازدحام ومن التلوث البيئي ومن حرق الأعصاب في الاختناقات المرورية، والشكر أيضاً موصول لصاحب الديوانية التي استضافت الفعالية المشار إليها سعادة المهندس فؤاد أزهر على الفرصة المتاحة لحضور المحاضرة وعلى كرم الضيافة، ونتطلع جميعاً إلى مستقبل أكثر إشراقاً وحياة أيسر بفضل الله ونعمته، ثم في ظل حكومتنا الرشيدة. للتواصل مع الكاتب ارسل رسالة SMS تبدأ بالرمز (42) ثم مسافة ثم نص الرسالة إلى 88591 - Stc 635031 - Mobily 737221 - Zain