شكا مستأجرون رفض ملاك تأجير وحدات سكنية لجنسيات معينة، إذ فوجئ البعض بالرفض المباشر أو غير المباشر لطلب الاستئجار، تحت مبررات ومسميات كثيرة، لافتين إلى أن هناك بنايات حصرت على جنسيات معينة، فيما تمنع بقية الجنسيات من الاستئجار فيها. وأضافوا أن هذه الممارسات تكلف المستأجرين الكثير من الجهد والعبء النفسي، قبل المادي، وتقلل فرص التنوع والاختيار للمسكن المناسب أمام عائلاتهم، مطالبين المؤجرين والجهات المعنية بضرورة مراعاة مثل هذه الممارسات لسلامة المجتمع. في المقابل، أفاد عقاريون بأن ملاكاً يرون أن حصر التأجير على جنسيات معينة يمنح عقاراتهم جاذبية أكبر، الأمر الذي يمكنهم من رفع أسعار التأجير، فضلاً عن التخلص من مشكلات بعض الجنسيات التي توصف بالتهرب من دفع الإيجار، أو الإهمال في صيانة الوحدات التي يقطنونها. حافز وتجنب خسائر قال المدير في شركة «قصر الملوك» العقارية، أشرف دياب، إن «سوق العقارات تشهد ممارسات عدة، من بينها عدم التأجير لجنسيات محددة، في خطوة لإدارة العقار بالشكل الذي يصب في مصلحة المؤجر أو المالك، إذ يرى أن منع هذه الجنسيات يقدم حافزاً أو يجنب خسائر، إذ تشتهر بعض الجنسيات بالتعثر في السداد، أو التهرب من دفع المستحقات، على سبيل المثال». وبين أن «كل مؤجر أو شركة إدارة عقارات، تتعامل وفقاً لاستراتيجيتها الخاصة بها، إذ يرى البعض أنه يفضل التأجير أو عدمه لجنسيات محددة، ما يزيد من جاذبية البناية لفئات معينة، فالجميع يسعى للاستفادة من السوق بالشكل الذي يتناسب وعقاره». وأوضح دياب أن «تأثير هذه الممارسات في القطاع العقاري ليس ملحوظاً، فالمستأجرون يرغبون في مثل هذه الممارسات أحياناً، حيث يفضلون السكن إلى جوار من هم من جنسياتهم، ما يجعلها مقبولة في السوق». في السياق ذاته، أفاد المدير العام لشركة «الإمبراطور للعقارات»، شهريار العطار، بأن «ليس من المقبول في سوق منفتحة مثل الإمارات، أن تشهد ممارسات مثل رفض الاستئجار بحسب الجنسية، فهذه الممارسات تظهر عنصرية ليس لها معنى». وأشار إلى أن «هناك الكثير من المبررات التي يتخذها المؤجرون ذريعة لتنفيذ مثل هذا الاستبعاد للمستأجرين، وليس من شك أن هناك فائدة تعود على الملاك من هذه الممارسات، لكن يجب أن يغلبوا النسق الاجتماعي والأخلاقي في المجتمع الذي نعيش فيه». وتفصيلاً، قال المستأجر إسماعيل محمد إنه بدأ البحث عن وحدة سكنية للاستئجار، بغرض الاقتراب من مدارس أبنائه، إلا أنه واجه ظاهرة غريبة، ليست معتادة في الإمارات، لاسيما دبي، إذ رفض مؤجرون ومكاتب وساطة تأجير وحداتهم المعروضة بسبب جنسيته. وأضاف أنه تعرض لأربع حالات رفض، أخبرته في إحداها شركة الوساطة بأن المالك لا يؤجر إلا للآسيويين، والثانية لم تقبل الجنسية العربية التي يحملها، فيما رفض البعض بطرق أكثر لباقة، على الرغم من أن هذه الوحدات لاتزال تعرض للإيجار بعد رفض التأجير. وأشار محمد إلى أن «هذه الممارسات تؤذي مشاعر المستأجرين بشكل كبير، وتزيد أعباء البحث عن مسكن لأسرهم»، مطالباً الجهات المعنية بضرورة تشديد الرقابة على مثل هذه الأفعال. من جانبه، أكد المستأجر يوسف علي أنه بحث عن وحدة سكنية، خلال الفترة الماضية، إلا أن طلبه رفض في بنايات عدة بسبب جنسيته، بشكل مباشر أو غير مباشر، الأمر الذي كلفه الكثير من الجهد والعناء النفسي، قبل المادي. وبين أن معظم الوحدات التي عاينها للاستئجار، ظلت معروضة للإيجار فترات طويلة بعد رفضه، على الرغم من إبلاغه بأنها ليست للإيجار أو تم تأجيرها، أو عدم رغبة المالك في التأجير حالياً، مشيراً إلى أن هذه الممارسات ستترك أثراً كبيراً في البنية الاجتماعية للمناطق التي تشهدها. من ناحيته، يروي المستأجر زياد تحسين أنه ظل يبحث، خلال الفترة الماضية، عن وحدة سكنية مناسبة للاستئجار، إلا أن الكثير من المؤجرين طلبوا معرفة الجنسية قبل المعاينة، وبعدها كان يتم إبلاغي بأنني لن استطيع الحصول على الوحدة تحت مبررات عدة، مثل أن الوحدة ليست للإيجار حالياً، أو أنها بحاجة إلى صيانة. وقال إن «هذه الاعتذارات تكررت ست مرات تقريباً في بنايات مختلفة، وكان السبب دائماً الجنسية»، مشيراً إلى أنه «ليس من المعقول أن يتم رفض المستأجر لجنسيته، حتى لو غلب على من يحملونها صفة ما، إذ إن التعميم في هذه الحالة خطأ». في المقابل، قال المدير الإداري في شركة «هاربور» العقارية، مهند الوادية، إن «رفض التأجير بحسب الجنسية أمر لا يقبله أي شخص، خصوصاً في ظل الانفتاح الذي تعيشه الإمارات، لاسيما دبي، إلا أن هذه الظاهرة وراءها أسباب عدة». وأشار إلى أن «من بين هذه الأسباب، هو أن تحديد جنسيات معينة لشغل وحدات البناية، يعد عامل جذب لفئات معينة من المستأجرين، قد ترغب في السكن بسبب ذلك، كما أن استبعاد جنسيات أخرى قد يأتي لوجود سلوك سيئ مشترك لديها أو سمعة غير لائقة، كعدم الاهتمام بالوحدات، أو افتعال المشكلات». ولفت الوادية إلى أن «بعض الملاك أو شركات إدارة العقارات تتجنب مثل هذه الجنسيات، كنوع من المحفزات لرفع الإيجار، إلا أن مثل هذه الممارسات يجب ألا تكون في سوق عقارية مثل دبي، فهذا الأمر لا يصب في مصلحة السوق»، مشيراً إلى أن «على المؤجرين ألا يرفضوا المستأجرين بشكل مباشر، أو بشكل فيه إساءة لهم، وهذا أقل الاعتبارات».