GMT 0:04 2014 الأحد 12 يناير GMT 1:48 2014 الأحد 12 يناير :آخر تحديث سالم حميد شابت شكوك كثيرة مواقف الصحفي المصري محمد حسنين هيكل، الذي تفرّد في ادّعاءاته المتواصلة باضطلاعه على القرار في بعض الحقب، وهو ما مكنه مع عدم وجود شهود حقيقيين، من تكرار ما ظلّ يفرغه من هرطقات على قناة «الجزيرة» التي فقدت مصداقيتها وشعبيتها في الفترة الأخيرة، حينما انكشف عنها القناع وبانت على حقيقتها التي لم تختلف عن التنظيم المتأسلم الذي ظلّت ترعاه، وتستميت في محاولات عصب أعين الشعوب عن الحقائق وشغلهم بالإثارة، لم يتوقف من استخدمتهم «الجزيرة» جنوداً لتلك المرحلة، ومنهم الصحفي هيكل، عن رواية قصص حاول دائماً تغليفها بغلاف الأسرار، ومع تقدمه في السن وتراكم الكثير من الأحداث على الذاكرة، يبدو أن ذاكرته قد بدأت تفقد طريقها. فقد تلقفت وسائل الإعلام الإيرانية ما أدلى به في حوار مع شبكة CBC، والذي ادّعى فيه أنه كان حاضراً في المفاوضات بشأن جزرنا المحتلة في عهد جمال عبدالناصر في مصر والملك فيصل في السعودية، وأن الدول العربية وافقت على إجراء مبادلة بين الجزر الثلاث والبحرين، وأن الجزر الثلاث تنتمي إلى إيران! مجموعة من التصريحات الصادمة التي تسبح عكس تيار الحقيقة، غير أننا لو حاولنا قراءة ما بين سطورها جيداً لاتضحت أمامنا فظاعة الرسالة التي حاول هيكل إيصالها في هذا اللقاء، فزرع الفتنة بين الجميع، كنا حتى الوقت القريب نعتبره خصلة إخوانية حصرية، غير أننا قد نشك في تمدد السرطان الإخواني الخفي الذي تمكن من تدجين الكثير من العقول، واستغلالها منصّات إطلاق خفية خادعة، فهو هنا يحاول تصوير الجامعة العربية بالمجرم الأول الذي قام بمقايضة جزر الإمارات الثلاث مع إيران، وهي تهمة كبيرة لابد للجامعة العربية أن تعلن موقفها الصريح منها، فهذه التهمة التي رشقها بها هيكل ليست سهلة، وربما تفسّر لنا خمول الجامعة، وتخلّفها عن أداء دورها المنوط بها، فهيكل حاول تجريدها من الحقبة الوحيدة التي تعتز بتاريخها فيها، لأن حقبة السبعينيات هي الحقبة التي تفاخر الجامعة بنشاطها وتأثيرها فيها، وباتهام هيكل للجامعة بأنها طعنت دولة الإمارات من الخلف في بداية تأسيسها يترك العديد من علامات الاستفهام الحائرة بلا إجابات واضحة، لأن إيران احتلت الجزر في الوقت الذي كانت تستميت فيه لتعطيل إعلان اتحاد الدولة، وهو أيضاً يتهم السعودية ومصر بالتآمر على الإمارات، خاصة أن الجامعة العربية والسعودية ومصر، ظلّوا على الدوام يدعمون أحقية الإمارات في الجزر، ويؤازرونها في مطالبتها الدائمة بها. ثانية هذه الرسائل هي محاولة ادعاء تبعية البحرينلإيران، فهو يقول: إنها قامت بمقايضتها بالجزر الثلاث، بمعنى أن البحرين كانت مُلكاً لإيران تقايض بها من تشاء، وقد قال في هذا الشأن بالحرف كما أوردته الصحف: «إنهم أضفوا الشرعية على حكم الأقلية السنية لأغلبية شيعية في البحرين للاعتراف بها كدولة عربية، وأنه بدلا من الإصرار على فكرة أن الجزر تنتمي للإمارات يجب أن نقبل بتوازن القوى في المنطقة». وهو ادعاء بأن البحرينإيرانية وليست عربية. ولم يكتف هيكل بذلك، بل نصّب من نفسه داعية للقبول بتوازن القوى في السلطة، ونسيان أمر المطالبة بالجزر، وهو استخفاف غير مقبول بدولة وشعب الإمارات، وفي ذات الوقت يشكّل ترويجاً لإيران، وإعادةً لإنتاج لسان التنظيم الإخواني المتأسلم الذي بدأ يترنح في كل مكان، وهو سباحة ضدّ الرأي الخليجي العام الممتعض من هذا التقارب الذي نظرت إليه الكثير من دول العالم بعيون الريبة، عطفاً على المواقف الإيرانية المتكررة من المراوغات الهادفة لكسب الوقت، والمتكررة عبر تاريخها الطويل. وأغرب ما جاء في الحوار، هو اعتبار هيكل لأمر الجزر مجرد خلاف سياسي غير قائم على أساس، إذ يقول: «لماذا لم تجرؤ الدول العربية على إثارة موضوع الجزر الثلاث في عهد الشاه ولم تبدأ في إلقاء الضوء عليه إلا بعد ثورة 1979 وتستمر في نشر بذور الخلاف، وأن تشكك الإمارات في سيادة إيران على أبوموسى وطنب الكبرى وطنب الصغرى، بدأ كخلاف في 1974 بعد استقلال الإمارات بثلاث سنوات». وبالتأكيد يكون لكلمة «استقلال الإمارات»، والتي نقلتها عنه صحيفة الجمهورية الإسلامية الإيرانية، دلالات تفك شفرة كل رؤى ومطامع ونوايا إيران في المنطقة، واستخدامها لهيكل وأمثاله بتمهيد من جهات أخرى منحته مساحة لحرب تشكيك في حقوق الإمارات وسيادتها. وكون الصحفي محمد حسنين هيكل الذي تم تكريمه في الدولة باعتباره كادراً عربياً، سرعان ما يقوم بإسقاط ورقة التوت عنه، فتبين حقيقته التي بدأها بتشويه صورة عبدالناصر والملك فيصل، وحاول دائماً أن يثبت للآخرين أنه رجل وصحفي الحكومات الأول، ومخزن أسرار قادتها ومؤثّريها. في حقيقة الأمر تسنّى لهيكل في فترة من فترات مصر أن يكون قريباً من دوائر السلطة، لكن ذلك القرب لم يكن بالتأكيد يحمل هذا الحجم الترويجي الكبير الذي يحاول هيكل أن يرسمه انطباعاً ذهنياً عنه في الأذهان. ومن قراءتنا لسطور ما جاء في لقاء هيكل، نجد أنه يحاول محاولة مباشرة إصابة وتر الفتنة بين دول وشعوب، سمّى منها ثلاثة بالاسم «الإمارات، السعودية، مصر»، والدول الثلاث ليست على وفاق مع تنظيم الإخوان المتأسلمين ، وليست على وفاق كامل مع سياسات أميركا في المنطقة، وليست على وفاق كامل مع التقارب الإيراني الأميركي، فلماذا اختار الدول الثلاث يا ترى في تلميحه عن اتهامه عبدالناصر والملك فيصل، بما اتهمهم به في موضوع الجزر؟! ولم يكتف بذلك، بل تطاول على مملكة البحرين عندما اعتبرها وشعبها من رعايا الدولة الإيرانية في الأصل! ما غاب عن هيكل، ولم يقله في ذلك اللقاء، هو أن الإمارات لم تكن طرفاً فيما قاله ولم يكن لديها علم، ولو صحّ ذلك فإنه سيكون عطاء من لا يملك لمن لا يستحق، وليست الإمارات طرفاً في هذه الصفقة المزعومة التي ألّفها هيكل من بنات أفكاره، فهو لم ولن يجرؤ على القول بأن الإمارات باعت أو بادلت أو قايضت، ولن يتمكن من القول بأنها أرض غير إماراتية، لكنه ولعدم إتقانه حبك القصة وقع في خطأ كبير، ما كان مَن وراءه يريد له الوقوع فيه، وهو مربط فرس حقيقي في موضوع الجزر، فوسائل الإعلام الإيرانية التي تلقفت اللقاء، وأكّدت على صدق ما جاء فيه نسيت أن دولة الإمارات العربية المتحدة التي تعودت على عدم التّصرُف بانفعال ستقول في نهاية المطاف: شكراً محمد حسنين هيكل، وشكراً لكل وسائل الإعلام الإيرانية التي تناولت لقاءه، فقد أثبتتم جميعاً أن جزر أبوموسى وطنب الكبرى وطنب الصغرى جزر إماراتية، وإلا فكيف ستبادل إيرانالبحرين بجزر إيرانية؟! ايلاف