قال الدكتور أحمد عوض بن مبارك أمين عام مؤتمر الحوار الوطني في اليمن، إن أهم مخرجات الحوار الوطني اليمني تمثلت في التوافق على المبادىء الرئيسية للحكم في الدولة الجديدة، والالتزام بالحقوق والحريات، وكذا استقلالية الهيئات الرقابية والإعلامية والمدنية، موضحاً أنه لن تكون هناك وزارة "إعلام تتحكم في وسائل الإعلام"، كما هو معمول به في الدول المتقدمة. وأكد ابن مبارك في حوار مع "القدس العربي" في صنعاء أن الدولة الاتحادية أصبحت الخيار اليمني لتحديد ملامح الدولة الجديدة في البلاد. وأضاف أن المرحلة القادمة ستشهد "الاستفتاء على الدستور الجديد والإعداد للانتخابات القادمة واستكمال استحقاقات المبادرة والخليجية والحوار الوطني". وأكد المسؤول اليمني أن التغيير في الحكومة قد أصبح مؤكداً بعد أن تم التوافق بين أطراف العملية السياسية على ذلك. وذكر أن هناك قوى لا يسرها نجاح العملية السياسية وهي تعمل على إعاقة عملية التغيير، غير أنه قال -في رده على ما إذا كان يقصد النظام السابق إن هناك ‘قوى خيرة في النظام السابق" وهي يجب أن تكون جزءاً من يمن المستقبل. وقال ابن مبارك بخصوص ما قام به الحوثيون من تهجير لأبناء منطقة دماج السلفية في محافظة صعدة إنه ضد عملية التهجير، لأنه لا ينبغي ليمني أن يهجر يمنياً آخر من أرضه حسب تعبيره. ونوه إلى أن وثيقة ضمانات وحلول القضية الجنوبية أعطت للجنوبيين ما لم يحصلوا عليه في اتفاقية الوحدة، وما لم تعطه وثيقة العهد والاتفاق، وأن عليهم "أن يكونوا جزءاً من الحل"، مشيداً بمشاركتهم الإيجابية في مؤتمر الحوار الوطني. - أكملتم الحوار الوطني ما هي أهم النتائج؟ - وصلنا إلى عدد كبير من النتائج والمخرجات التفصيلية التي يمكن تلخيصها في: تحديد المبادئ الرئيسية للحكم في الدولة الجديدة، والالتزام بالحقوق والحريات، حيث إن ما تم التوصل إليه في هذا المجال يعد ثورة حقيقية، ثم أكدت النتائج على مبادئ استقلالية الهيئات الرقابية والإعلامية والمدنية. - لكن هذه الأمور كانت معروفة من قبل ضمن المنظومة القانونية والدستورية في الفترة الماضية. ما الجديد؟ - الجديد أننا الآن جعلنا ضمانات ضمن توازنات واضحة. فالهيئات الرقابية والإعلامية والمدنية لها استقلالية تامة عن سلطة الحكومة، وبالتالي فإن استقلالية هذه الهيئات ضامن لأدائها لعملها بعيداً عن تحكم الهيئات الحكومية. وذلك موجود لدى الدول المتقدمة التي لا تخضع مثل هذه الهيئات فيها لسيطرة الحكومة. - هل تقصد أنه مثلاً لن تكون هناك وزارة إعلام تتبع الحكومة؟ - نعم، لن تكون لدينا وزارة إعلام تتحكم في وسائل الإعلام، وإنما ستكون هناك هيئة تنظم العمل الإعلامي في الدولة، وتتخذ قراراتها، وتعين من تعين بشكل مستقل عن توجيهات الأجهزة الحكومية، وستكون لها مجالس إدارية فيها تمثيل نوعي يقره البرلمان كما في الدول المتقدمة في مجال الحقوق والحريات. - هل الجنوبيون راضون عما تم التوصل إليه من نتائج فيما يخص الجنوب؟ - تم الاتفاق على وثيقة حقوق وضمانات القضية الجنوبية، وأهم ما في هذه المسألة أن القضية الجنوبية أصبحت المدخل الصحيح لحل القضية الوطنية اليمنية برمتها، بحيث أصبحت القضية الجنوبية هي الرافعة القوية لطموحاتنا في دولة مدنية ديمقراطية اتحادية، في إطار الحفاظ على دولة الوحدة. والواقع أن الإشكالية تكمن في عدم وجود الثقة بين الأطراف المختلفة، أما ما عدا ذلك فإن القضية الجنوبية قد حظيت اليوم بحل سياسي واضح. - ما هو هذا الحل؟ الحل هو الدولة الاتحادية، الحل في آليات واضحة ومحددة في إدارة السلطة والثروة وتقاسمهما، الحل في آليات واضحة للرقابة فيما يخص تنفيذ مقررات ومخرجات الحوار، وهناك ملامح محددة للدولة الاتحادية واختصاصات المركز والأقاليم، وهناك آليات واضحة ومحددة تضمن للجنوبيين الشراكة الحقيقية في السلطة والثروة، في إطار وطني واسع. - هناك حديث عن تعديل وزاري وشيك، والرئيس هادي تحدث الثلاثاء الماضي عن قرارات قوية سيتخذها. ما هي ملامح هذا التعديل؟ - تحدث الأخ الرئيس عن قرارات قوية سيتم اتخاذها، وأعتقد انها ستخص الجانب الأمني. - يعني سيكون هناك تغيير في وزارة الداخلية؟ - التغيير حسبما فهمت من خطاب الرئيس سيكون فيما يخص الجانب الأمني. - الوضع الأمني في اليمن هش، الحوثيون يثيرون الحروب هنا وهناك، وقد اختطفوا محافظة صعدة بقوة السلاح ، وهم يضعون رجلاً في الحوار ويداً على الزناد. وهناك بعض فصائل الحراك الجنوبي التي بدأت تنتهج العمل المسلح. كيف ترى إمكانية تطبيق مخرجات الحوار على أرض الواقع في ظل تعقيدات الوضع الأمني؟ - هناك قوى مسلحة مثل الحوثيين وغيرهم موجودة على الأرض، ولن تتم معالجة إشكالية هذه القوى المسلحة إلا بإيجاد الدولة، ومحاولة حل هذه الإشكاليات قبل إنتاج الدولة التي ستحلها هي محاولة لوأد الدولة التي نحلم بها، إذ بوجود هذه الدولة سنكون قادرين على التعاطي مع مثل هذه الإشكاليات. وقد تم التوافق في فريق صعدة على ضرورة نزع أسلحة المجاميع المسلحة، وتجريم حمل السلاح لغير الدولة، وهذا بند من 69 بنداً تم التوافق عليها ضمن فريق قضية صعدة، والحوثيون موقعون على كل هذه المخرجات. - لكن الحوثيين وقعوا كذلك على بند يخص ضرورة عودة المهجرين جراء حروبهم السابقة مع النظام السابق. وعلى الرغم من توقيعهم على ذلك، قاموا بتهجير أبناء دماج من ديارهم قبل أيام، فإذا كانوا التزموا على الورق بعودة المهجرين الذين هجروهم منذ سنوات ، ثم هجروا موجة جديدة من المواطنين على أساس مذهبي بالأمس. فكيف نطمئن إلى أنهم سيفون بما وقعوا عليه من قبل؟ - الذي أعرفه أن الاتفاق بين الجانبين تم على أساس خروج الأجانب ومعهم خرج المواطنون... - لكنك عندما تخير شخصاً بين أن يبقى ويموت تحت حمم قذائف الدبابات ويموت تحت ركام منزله أو أن ينجو بنفسه، فأنت بذلك لا تعطيه خياراً، أليس كذلك؟ - نحن أولاً ضد تهجير أي مواطن يمني من أرضه، لكن هناك تعقيدات في هذا المشهد، والأصل هو حل النزاع، ووقف القتال، ونهر الدم الذي يتم توظيفه هنا وهناك تحت عناوين لها قداسة معينة مع أنها مجرد صراع سياسي علينا معالجته بالوسائل السياسية. - وماذا عن بعض فصائل الحراك التي انتهجت العمل المسلح؟ - لا، لا. ليس هناك انتهاج للعمل المسلح بصفة منظمة ضمن الحراك الجنوبي. الذي نعرفه أن الحراك انتهج السلمية في فعالياته، وليست هناك أعمال عنف منظمة ومقصودة. وقد كانت ردة فعل منعزلة لأعمال تحدث هنا وهناك. ونحن نأمل أن يظل الحراك على سلميته، لأن اللجوء للعمل العسكري سيفقده الكثير مما حصل عليه بانتهاجه النهج السلمي خلال الفترة الماضية. وأود هنا أن أوضح أن مطالب الحوار قد وجدت طريقها للحل ضمن الحوار، والقضية الجنوبية قد وجدت الحل العادل، وهذا الحل هو المدخل لحل المشكل الوطني بشكل أوسع، وليس للجنوب وحده، وأنا أدعو الجنوبيين-وأنا منهم-إلى أن يكونوا جزءاً من الحل، لأن وثيقة ضمانات القضية الجنوبية قد حققت للجنوبيين ما لم يحصلوا عليه حتى في اتفاقية دولة الوحدة عام 1990، وما لم يحصلوا عليه في وثيقة العهد والاتفاق قبيل حرب 1994، ولهذا فأنا أدعو كل أبناء الجنوب إلى النظر بإيجابية لما تحقق من مكاسب لقضيتهم، وللقضية الوطنية اليمنية برمتها. - دكتور أحمد: من يعبث بالأمن في اليمن إذن؟ - كان الرئيس هادي واضحاً في خطابه في الجلسة الختامية للحوار عن "قوى الشر". هناك مسيرة تغيير حقيقية في اليمن، وهناك ثورة وإرادات حقيقية للتغيير وتحقيق حلم اليمن الجديد، ومحاولة جادة لتحقيق الحرية والعدالة والمساواة والشراكة في السلطة والثروة، على أسس جديدة، وبالتالي هناك العديد من القوى التي لا يروقها هذا التغيير، لأنه يهدد مصالحها، وهي تسعى بكل وسيلة لتعطيل عملية التغيير، وذلك بخلق المزيد من بؤر التوتر الأمني في البلاد، وهذه هي العمليات التي أجادتها خلال الفترة الماضية، حيث نجحت في الاستمرار في إدارة الأزمات والصراعات لضمان استمرارها في السلطة عن طريق خلق الأزمات. - تقصد النظام السابق؟ - لا أتحدث هنا عن النظام السابق ككتلة متجانسة، بل إن هناك قوى كانت ضمن النظام السابق هي قوى وطنية خيرة، ويجب أن تكون جزءا من اليمن المستقبلي، لأن الاصطفاف الجديد ينبغي أن يكون على أساس عهد 18′ مارس′ (بداية المرحلة الانتقالية في اليمن) بمشروعية جديدة عنوانها الرئيسي التغيير، لبناء دولة جديدة مدنية ديمقراطية. - انهيتم الحوار الوطني، وخرجتم من مرحلة التأسيس للمستقبل. ما هي العناوين القادمة؟ - تم الاتفاق خلال الحوار على المحطات التالية: أولاً: الاستعداد للاستفتاء على الدستور. وثانياً الاستعداد للانتخابات. وثالثاً استكمال المهام والاستحقاقات المتبقية من المبادرة الخليجية، ومهام واستحقاقات الحوار الوطني. - حسم الأمر خلال فترة الحوار لصالح اعتماد الدولة الاتحادية بأقاليم وولايات. ما هي هذه الأقاليم، وما حدودها؟ - تم الاتفاق على تفويض الأخ رئيس الجمهورية بتشكيل لجنة لتحديد عدد وحدود واختصاصات الأقاليم، وهذه اللجنة ستشكل بعد الفراغ من الحوار الذي اختتمناه (الثلاثاء)، وسيكون هناك حفل رسمي بالمناسبة في 25 من الشهر الحالي. - وماذا بعد؟ - تم الاتفاق على خارطة طريق مستقبلية سجلت في وثيقة الحوار التي أقرها الأعضاء أمس وفيها: تفويض رئيس الجمهورية في إجراء تغيير في الحكومة، وتوسعة مجلس الشورى، وتوسعة لجنة التوفيق لتصبح هيئة رقابية لتنفيذ مخرجات مؤتمر الحوار الوطني، وستستمر المرحلة إلى أن تجري الانتخابات الرئاسية والنيابية وفقاً للدستور الجديد. مؤتمر الحوار الوطني اليمن