حقق ثوار سوريا مكاسب عديدة في الآونة الأخيرة، خصوصًا في دمشق ومحيط مطارها، بفضل سلاح نوعي هُرِّب إليهم، كالصواريخ المضادة للطائرات، ما ساهم في انهيار معنويات الجيش النظامي وتراجع قياداته عن خوض المواجهات. أشرف أبو جلالة من القاهرة: تشهد آلة الحرب الخاصة بالنظام السوري حالة من التصدع، في الوقت الذي بدأ يعزز فيه الثوار من وضعيتهم عبر استحواذهم على مزيد من القواعد والمطارات، وإجبارهم وحدات الجيش على التراجع خلف الخطوط الدفاعية في المدن الكبرى، وفقًا لما نقلته صحيفة واشنطن بوست الأميركية عن محللين عسكريين ومسؤولين غربيين. فقد نجحت قوى المعارضة، التي تحظى بالدعم الخارجي من خلال التدفق المتواصل للأسلحة من داعمين خارجيين، في تحقيق سلسلة من الانتصارات التكتيكية في ضواحي دمشق خلال الأيام الأخيرة، وفي التقدم بثبات باتجاه مطار دمشق الدولي، مثبتًا ما يقول محللون عن شعور بالزخم يتنامى منذ الصيف الماضي. النظام لا يدافع قال مسؤولون إن الأسلحة القوية المضادة للدبابات والطائرات ساعدت على إرساء معادلة متوازنة كانت متعذرة من قبل، ما وضع قادة الجيش في وضع غير القادر أو غير الراغب في مواجهة هجمات الثوار على القواعد العسكرية الكبرى على مشارف العاصمة. ونقلت واشنطن بوست عن جيفري وايت، وهو محلل عسكري سابق متخصص في شؤون الشرق الأوسط لدى وكالة الاستخبارات الدفاعية في البنتاغون، قوله: "النظام لا يدافع عن مواقعه، ومتى حاول التصدي للهجمات أخفق". ولفتت الصحيفة إلى أن جماعات إرهابية في صفوف المعارضة تقف وراء بعض المكاسب التي تتحقق، فيما أشار بعض قادة الثوار ومحللون خارجيون إلى أن قوة تلك الجماعات تنامت خلال الأشهر الأخيرة، بسبب تدفق الأسلحة والتمويل من متبرعين عرب أثرياء في منطقة الخليج، ومن رجال أعمال سوريين مقيمين في الخارج. ونجحت إحدى الميليشيات الإسلامية، التي يشتبه في صلتها بتنظيم القاعدة، في الاستيلاء على قاعدتين عسكريتين حكوميتين خلال الأسبوعين الماضيين. تهريب صواريخ نوه العديد من الخبراء العسكريين المستقلين بالتحول الملموس في حظوظ الثوار منذ منتصف تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي، تزامنًا مع ورود تقارير تتحدث عن نجاح الثوار في إسقاط طائرات ومروحيات سورية بصواريخ تطلق عن الكتف. وأوضح مسؤولون استخباراتيون غربيون وشرق أوسطيون أن ما يصل إلى 40 صاروخًا محمولًا أدخلت تهريبًا إلى مناطق يستحوذ عليها الثوار منذ أواخر الصيف الماضي. غير أن محللين أوضحوا أن نجاحات المعارضة تعكس أيضًا الحالة المتردية للجيش السوري، الذي يبدو أنه يعاني نقصًا في الروح المعنوية والإمدادات. يقول وايت إن الثوار يحققون نتائج أفضل بفضل التجهيزات والمعدات الجيدة التي بحوزتهم وغيرها من الأمور، وذلك في الوقت الذي تتدهو حالة القوات الحكومية. شهورٌ أو سنوات حذر خبراء عسكريون من احتمالية أن يتواصل القتال، باستثناء حدوث تطور مفاجئ، كاغتيال الرئيس بشار الأسد أو تنازله عن السلطة. وقال جوزيف هوليداي، الضابط السابق بالجيش الأميركي والباحث البارز لدى معهد دراسة الحرب، إن تحقيق انتصار حاسم "أمر سيحتاج شهورًا إن لم نقل سنوات". أضاف: "أظهرت فرق الثوار مهارات تكتيكية متزايدة، وقامت بنشر أسلحة متغيرة الزخم، من بينها القنابل التي يتم زرعها على جانبي الطريق والصواريخ المضادة للطائرات، بينما نرى تقلصًا من جانب النظام، إذ نجح الثوار في إجباره على التخلي عن قواعد أمامية مهمة". وإذ لفتت الصحيفة إلى مشاعر القلق المتنامية لدى إدارة باراك أوباما نظرًا إلى عدم توحد جماعات المعارضة في سوريا في جبهة واحدة، شددت على أن التنافس للحصول على الأسلحة والأموال أدى إلى تعمق الصدع بين الجماعات الإسلامية والعلمانية في صفوف الثوار.