ارتبط مفهوم زراعة المفاصل في أذهان الكثير من الأشخاص بأنه إزالة المفصل الطبيعي وإحلال مفصل صناعي محله، وهذا ما نشر الذعر والخوف في نفوس العديد من المرضى الذين يعانون من اهتراء المفاصل واحتكاكها، وصرف أنظارهم عن علاجها خوفاً من الخطورة التي قد تلحق بهم جراء القيام بهذه العملية، وعلى الرغم من استفحال المشكلة لديهم وضرورة ترميم المفصل إلا أنهم يجدون الوضع الذي يعيشونه أفضل من الدخول في مغامرة تغير المفصل، وهذا ما عارضه الدكتور سميح الطرابيشي اخصائي الروماتيزم والمفاصل في دبي، والذي قال إن زراعة المفاصل لا تعني إزالة المفصل واستبداله بآخر، بل هو تلبيس المفصل الطبيعي بمادة مصنعة تساعده على استعادة الدور الحيوي الذي يقوم به، ليخلص المريض من الآلام ويمنحه سهولة في الحركة. وأضاف أن عمليات جراحة استبدال المفاصل وتركيب المفاصل الصناعية من العمليات الناجحة والشائعة في الغرب وفي الولاياتالمتحدة الأميركية، إذ تقدر الإحصائيات أن هناك أكثر من 500 ألف عملية تركيب مفصل صناعي سنوياً، وأكثر هذه العمليات تكون لمفصل الورك والركبة والكتف، ولم يقتصر ذلك على الدول الغربية بل أصبحت دبي إحدى الوجهات التي يقصدها الكثير من الأشخاص لإجراء عمليات المفاصل الصناعية، إذ يتم زراعة عشرات المفاصل أسبوعياً. ومعظم المرضى من دول مجلس التعاون الخليجي، وقد اكتسبت دبي سمعة عالمية في زراعة المفاصل، وحققت نجاحاً كبيراً في استقطاب المرضى. المفصل الطبيعي وأشار الدكتور الطرابيشي إلى أن المفصل الطبيعي يتكون من نهايتي عظمين ومحفظة تحيط بهما، إذ تكون نهاية العظمين مغطاة بغضاريف يرتكز دورها على تكوين سطوح ناعمة ومرنة، تسمح الحركة بسهولة للمفصل، وذلك لأن هذه الغضاريف تنزلق على بعضها البعض دون احتكاك، ويساعدها على ذلك وجود سائل لزج داخل المحفظة المحيطة بنهايتي العظمين، إضافة إلى ذلك تعمل هذه الغضاريف على امتصاص الصدمات. ولفت أخصائي الروماتيزم والمفاصل إلى أن الغضاريف التي تكون في المفاصل لها قدرة محدودة جداً للتجديد، فهي ليست كالجلد الذي يستطيع أن يلتئم ويجدد نفسه بشكل سريع بعد حصول الجرح، إذ إن ما يخسره الشخص من غضاريف لا يمكن أن يعود إلى حالته الطبيعية، مشيراً إلى أن المشكلة الرئيسية في الحالات المتقدمة من التهاب المفاصل أن المفصل يخسر الغضاريف التي تغطي العظم، وبذلك تصبح حركة المفصل محدودة ومؤلمة، وعند القيام بالفحوصات يتضح أن الغضاريف أصبحت خشنة، والعظم في بعض المناطق أصبح عارياً من الغضاريف، وبسبب الحركة المستمرة تهترئ نهاية العظم في مناطق الضغط، وبالتالي يتغير شكل نهايته ويتشوه المفصل. الألم الشديد وأوضح أن مثل هذا التشوه يؤدي إلى تغير شكل الساق، ففي الركبة مثلاً وفي حالة اهتراء العظم نجد أن الساق تصبح مقوسة، ويرافق هذا التدهور في الغضاريف عدة تغيرات في المفصل، إذ تقل سماكة المفصل بسبب الالتهاب ويظهر فيها الكثير من الندبات، مشيراً إلى أن التغيرات تحدث بشكل تدريجي، وتختلف شدة التغيرات حسب شدة المرض، وعادة تزداد في المراحل المتقدمة، ويتضح ظهور هذه التغيرات في صورة الأشعة بشكل واضح. وأما عن دواعي تركيب المفاصل الصناعية قال طرابيشي إن الألم الشديد الذي لا يستجيب للعلاجات كالأدوية والعلاج الطبيعي، يؤثر على حياة المريض ويجعله غير قادر في بعض الأحيان على المشي والقيام بواجبات الحياة اليومية، وحتى يستفيد المريض من مثل هذه العملية يجب أن يتأكد من الفحوص السريرية والأشعة أن سبب الألم اهتراء الغضاريف في المفصل، ولا علاقة لأسباب أخرى مثل نقص الدورة الدموية أو التهاب الأعصاب في ذلك. وأكد أن الفائدة الرئيسية للمفصل الصناعي هي التخلص من الألم، حيث يشعر المريض باختفاء الألم أو تناقصه بشكل كبير، وأن الحركة غير مؤلمة، وكثير من المرضى يلاحظون تحسناً في حركة المفصل، ففي حالة مفصل الكتف الصناعي يلاحظ المريض أنه يستطيع بعد العمل الجراحي تسريح شعر رأسه بدون صعوبة وبدون ألم، كما يلاحظ المريض أيضا أن نوعية حياته قد تحسنت فهو قادر على الاعتماد على نفسه والتمتع بأشياء لم يكن يقدر عليها من قبل، إضافة إلى أن هناك العديد من الفوائد الملحوظة أحياناً ومنها تحسن شكل الساق، وفي الحالات الشديدة من التهاب المفصل تكون الساق مقوسة وبعد العمل الجراحي تصبح الساق مستقيمة وذات منظر طبيعي. طبيعة المفصل أوضح الدكتور الطرابيشي أن وجود الآلام ومشكلات في المفاصل لا يعني أن ذلك يحتم على المريض زراعة مفاصل أو ترميمها، بل هناك طرق وأساليب لعلاج مثل هذه المشكلات وتكون نسبة الشفاء منها كبيرة، خصوصاً إذا كان المرض في بداية مراحله، مضيفاً أن فهم طبيعة المفصل ومكوناته وطريقة عمله تمنح الشخص مجالاً كبيراً في حماية هذا الجزء الحساس من جسمه. انخفاض حالات فشل زراعة المفاصل أوضح الدكتور سميح طرابيشي اختصاصي الروماتيزم والمفاصل أن المفصل الصناعي هو محاولة لتقليد المفصل الطبيعي، ففي الركبة الصناعية مثلاً نجد أن المفصل الصناعي يتكون من قشرتين معدنيتين إحداهما تغطي نهاية عظم الفخذ وتأخذ شكله، والثانية تغطي نهاية عظم الساق، وبين هذين السطحين المعدنيين يوضع عادة قرص مصنوع من مواد بلاستيكية خاصة "بولي إيثيلين" لمنع الاحتكاك بين السطوح المعدنية، وأثناء إجراء العملية الجراحية يقوم الجراح بقطع طبقة رقيقة من سطح العظم الخشن، ويكون هذا القطع محسوباً ليتناسب مع السطوح المعدنية الصناعية، بعبارة أخرى يستبدل الجراح هذه السطوح المهترئة بسطح معدني يغطي نهاية العظم، وبعد ذلك يضع قرصاً من مواد مرنة بين السطوح المعدنية لتخفيف الاحتكاك وتأمين حركة ناعمة للمفصل وبدون ألم. ثني الركبة وأشار إلى أن المشكلة التي تواجه المريض في مثل هذه الحالات سابقاً عدم قدرته على ثني الركبة بالكامل بعد إجراء عملية استبدال المفصل، وهي من الأمور التي وقفت عائقاً أمام كثير من المرضى في قبولهم لإجراء العملية، ولكن هذا الأمر لم يستمر طويلاً إذ أصبح بفضل التطورات الجديدة التي دخلت في تصميم المفصل بإمكان المريض ثني ركبته بالكامل بعد العملية بشرط أن يكون قادراً على فعل ذلك قبل إجراء الجراحة، في حالات خاصة وحين يكون الاهتراء في جزء واحد من مفصل الركبة فمن الممكن أن تغطى هذه المنطقة المهترئة بمفصل صناعي جزئي، وهذا تطور حديث ففي مثل هذه العمليات تكون فترة النقاهة قصيرة، كما أصبح بالإمكان إجراء مثل هذه العملية عن طريق جرح صغير لا يتجاوز 6 سم وذلك باستخدام أجهزة جراحية خاصة، مشيراً إلى أنه من الثورات الجديدة في هذا التخصص تفاعل العناصر الجديدة التي يتم إدخالها على المفاصل واستحسانها من قبل الأجزاء الأخرى مما يُخفّض حالات رفض أو فشل العملية. توضيح عملية الزرع ساعة واحدة فقط مضاعفات جراحة المفاصل لاتختلف عن مضاعفات اي عمل جراحي آخر وأوضح الدكتور سميح الطرابيشي أخصائي الروماتيزم والمفاصل، أنه قبيل القيام بالعمل الجراحي لزرع المفاصل يجرى لكل مريض وبشكل روتيني فحوصات مخبرية شاملة، وتخطيط للقلب وصورة شعاعية للصدر، كما يتم فحص المريض من قبل طبيب مختص بالأمراض الباطنية وطبيب التخدير للتأكد من ملاءمة صحته للعمل الجراحي، وتستغرق عملية استبدال المفصل حوالي الساعة فقط ولكن هناك فترة إعداد المريض في غرفة العمليات قبل الجراحة وتستغرق حوالي الساعة أيضا، وبعد العمل الجراحي ينقل المريض إلى غرفة الإنعاش، حيث يبقى فيها لمدة ساعة، ثم يغادر إلى غرفته أو ينقل للعناية الفائقة لمراقبته ويبقى فيها طوال اليوم. مراقبة المريض وأضاف أنه في اليوم الثاني يبدأ العلاج الطبيعي وبشكل يومي، حيث يسير المريض عادة بمساعدة مشاية، ويبقى في المستشفى حوالي سبعة أيام، وقد تصل الى حوالي عشرة أيام عند تبديل المفصلين بوقت واحد، وأثناء وجوده بالمستشفى تتم مراقبة المريض بدقة للتأكد من سلامته، ويعطى الأدوية المناسبة له، لافتا إلى أن العلاج يمتد إلى ما بعد مغادرة المستشفى، حيث يعطى المريض إرشادات معينة حول العناية بالجرح وحول التمارين التي يجب إجراؤها بالبيت، ويستطيع المريض بعد مغادرة المستشفى المشي بسهولة وبمساعدة المشاية وغالبا ما يستطيع الاعتماد على نفسه. وأكد أنه لا تختلف مضاعفات جراحة المفاصل عن مضاعفات أي عمل جراحي آخر، ففي كل عمل جراحي هنالك احتمال حصول التهابات جرثومية أو حدوث نزف أو تجلط في الأوردة، وقد طرأت تطورات عديدة حديثا للتقليل من هذه المضاعفات، فمثلاً للتقليل من حدوث الالتهابات تتخذ إجراءات خاصة في غرفة العمليات للتأكد من التعقيم الصحيح ويعطى المريض المضادات الحيوية، وللتقليل من تجلط الأوردة يعطى المريض مميعات الدم ويشجع على الحركة المبكرة، هذا بالإضافة إلى الطرق المتعددة المستخدمة للتحكم بالألم وتخفيفه. تصنيع أدوات خاصة وأشار أخصائي الروماتيزم والمفاصل إلى أن حجم العظام ودرجة التشوه في المفاصل الخاضعة للجراحة تختلف من مريض لآخر، بل ومن مفصل لآخر، لذا عادة ما يكون لدى الجراح عدة قياسات وأنواع من الأجهزة يستخدم منها أثناء العملية، وأن الطريقة التي يعتمدها الطب الحديث تصنيع أدوات خاصة بالمريض ومناسبة تماماً لمفصله، وذلك بتصوير المفصل بالرنين المغناطيسي أو التصوير الطبقي المحوسب، ثم معالجة الصور بالكمبيوتر وفق برامج خاصة تعطي قياسات دقيقة، يتم بناء عليها تصنيع أدوات خاصة ملائمة للمفصل بدقة عالية، ومتناسبة مع درجة تشوه المفصل، إذ تساهم هذه الجراحة في جعل الجراحة أسهل، ونتائجها أدق. فروقات عديدة أوضح الدكتور سميح الطرابيشي أن تصنيع المفاصل يتطلب مدة زمنية تصل إلى ثلاثين يوماً في بعض الأحيان، إذ إن هناك فروقات في مقاييس الركبة والزوايا الحركية خصوصاً بين سكان آسيا والغرب، لذلك كانت الإشكالية في تصنيع قياسات مفاصل وركب المرضى، فهناك نوعان من المفاصل أحدهما مشابه في هيئته للعظم الطبيعي وتساعده على النمو، أما النوع الآخر هو يتم تلبيسه للعظم الطبيعي، وينمو إليه العظم، إضافة إلى ذلك هناك فروق بين عظم الرجل وعظم المرأة، لذلك كانت البداية ب 6 مقاييس واليوم أصبحت تزيد على 32 مقياساً. ونوه الدكتور إلى أنه لا يوجد سقف معين من الأعمار لإجراء عملية زراعة المفاصل، بل هي متاحة لجميع الأعمار ولكن لا ينصح بإجرائها للصغار ومادامت العظام في مرحلة النمو. نصائح تناول الحليب والكالسيوم لتقوية العظام الحفاظ على العظام يُجنّب الشخص اللجوء إلى إجراء العمليات الجراحية، حيث يمكن الحفاظ على المفاصل من خلال تناول الأغذية التي تزيد من كثافتها ومتانتها ومنها الحليب والمواد الغنية بالكالسيوم والفيتامينات والحديد. ممارسة الرياضة لتقوية العضلات ممارسة الرياضة بصورة مستمرة ضرورية لتخفيض الوزن ولتقوية العضلات وتنشيط الدورة الدموية وكذلك الابتعاد عن حمل الأوزان التي تضغط على الغضاريف وتقلصها، وتعريض الجسم لأشعة الشمس في ساعات الصباح لكسب فيتامين د من أشعة الشمس. مراجعة الطبيب عند ظهور أعراض من الضروري عدم إهمال أي حالة من الحالات المرضية إذا يجب مراجعة الطبيب من أجل التشخيص الفوري للأمراض عند ظهور أعراضها. وبذلك يسهل علاجها وفي حال تأخر الكشف عنها يصعب علاجها مما يزيد آلام المريض وهو الذي يتجمل عناء ذلك. ويطلب عادة من الشخص التخلص من الوزن الزائد «البدانة» وهو أمر ضروري للحفاظ على سلامة المفاصل، كذلك الحال مع الكرش الذي يخزن بعض الدهون ويقوم بمد إفرازاته إلى غضاريف المفاصل ويعمل على تذويبها. البيان الاماراتية