د. أحمد الصاوي (القاهرة)- كانت أوروبا تسعى إلى تسويق منتجاتها في الشرق العربي وفرض الذوق الفني لتلك المنتجات، واستجابت الأسر الكبيرة تدريجياً لهذا الغزو الحضاري في أواخر القرن 19م، بينما كانت المصانع الأوروبية التي تلبي احتياجات الأرستقراطية الصاعدة، تجند كل طاقاتها لمحاكاة التحف التطبيقية الإسلامية، خاصة في منتجات الخزف والزجاج والمعادن. والمسعى الأوروبي لمحاكاة وتقليد الفنون الإسلامية يعود لسنوات سابقة وبالتحديد إلى القرن 15 الميلادي، عندما شرعت البندقية الجمهورية الإيطالية التجارية في محاكاة بعض المشكاوات الزجاجية، التي اشتهرت مصر والشام بإنتاجها في العصر المملوكي، وكذلك المنتجات المعدنية ونجحت في أن تغزو بها أسواق الشرق لرخص أسعارها، قبل أن يكتشف الناس أنها مقلدة. ولكن المحاولات الأوروبية لتقليد الخزف والزجاج والمعادن الإسلامية اضطلعت بها مصانع خاصة تركزت غالبا في المدن الفرنسية، مثل نيفار وبوردو وباريس مع مصانع أقل شهرة في إيطاليا والنمسا، ووضعت نصب عينيها إنتاج تحف لقصور النخب الأوروبية الصاعدة، والتي كانت تدفع آنذاك مبالغ ضخمة لتجار العاديات الشرقية نظير شراء التحف الإسلامية. التحف المقلدة وثمة شكوك حول حدوث عمليات نصب واسعة في سوق المشتريات المباشرة بيعت خلالها تلك التحف الأوروبية المقلدة لبعض هواة جمع التحف حديثي العهد بهذا المجال، بل ولعدد من المتاحف الناشئة. وأصبحت تلك التحف الأوروبية رائجة في صالات المزادات العالمية وقد يباع بعضها بأثمان تفوق التحف الإسلامية الأصلية، إذا حملت توقيع الفنان أو المصمم الذي قام بعملها لتلك المصانع. ومن أشهر المصانع الأوروبية التي بدأت مبكراً تقليد الخزف الإسلامي، الورشة التي أنشأها ثيودور ديك في عام 1856 م وهو في الأصل بحار منحته جولاته قبل العشرين في البحار الشرقية خبرة تجارية بالعاديات الشرقية، فاستقر بباريس وأنشأ بها ورشته للخزف وتعاون مع كبار الخزافين الفرنسيين آنذاك من أمثال رفاييل كولين، وظل المصنع يعمل بنشاط في تقليد خزف مدينة إزنيك التركية بوجه خاص حتى بعد وفاة جوزيف ثيودور ديك في عام 1891م. ... المزيد الاتحاد الاماراتية