بينما كنت أتسكّع في شوارع تويتر تفاجأت بوسم هزّني في العمق، وجدتني واقفة أحدّق بالوسم وما جاء به من فاجعة، ألِج إليه كمحاولة للتأكد من مصداقيته، أتجول بين تغريداته التي لم أتمكن من تصديقها لقلتها! قصدت العم غوغل فأكد لي الألم في بضع أخبار منشورة عن رحيل جوزيف حرب .. انتفضت روحي وشعرت بالاشمئزاز من عدم التجمهر حول روح شاعر بحجمه في ليلة رحيله! يموت شاعر فيموت معشر الشعراء معه .. تذبل القصائد الوردية على الشفاه .. يخفت الصوت الجهوري في مسامع الجماهير الشغوفة .. ترفض العصافير الغناء .. ترتدي الغيمات لون الفجيعة .. وتحيد الشمس عن ضيائها إلى حين. كنا ننتقد عدم الاحتفاء بالشعراء إلا بعد رحيلهم، وها نحن ننتقد استمرار تجاهل الشاعر حتى بعد رحيله .. وننتقد ذلك بشدة حين يكون الراحل أحد روّاد جيل الحداثة .. شاعر بيروت الفاتنة .. شاعر صوت فيروز .. شاعر الخبز والورد .. وشاعر الفخر بالعروبة رغم كل شيء. هكذا سكتت حناجرهم اليوم عن إبداء الألم، هو الذي أضاء حناجرهم بالأمس بقصائده الخالدة .. هكذا تركوه وحيداً في قبره بلا كلمة طيبة تربِّت على روحه .. هكذا رحل تاركاً خلفه إرثاً أدبياً شاهداً على مسيرة رمز من رموز الشعر اللبناني والعربي. يؤسفني أنني لم أقرأ له بما فيه الكفاية .. في الحقيقة تعرفت على جوزيف عن طريق صديقتي الشاعرة نجاة الظاهري حين أسمعتني أبياتاً رقراقة له، وأذكر أنني بتُّ أبحث عن دواوينه فلا أجدها، فأخبرتني أنها لا توجد إلا في معارض الكتب وفي جناح رياض الريّس تحديداً. قصدت جناح الريّس في معرض الكتاب الفائت فوجدت دواوينه واقتنيت أحدها كخطوة أولى لخوض غمار هذا الشاعر العذب .. تصفحته ثم وضعته بين مجموعة كتب أنوي قراءتها في الفترة الراهنة، لكنه رحل قبل أن أبدأ بقراءتي الموعودة! رحل وكأنه يقول لي: اقرئيه الآن يا أسماء، حالاً! وكما تعرفت على حرب عن طريق نجاة الظاهري، فقد تقاسمت معها ألم رحيله وأبديت لها استيائي من عدم الالتفاف حول روحه فقالت لي: «حزننا لنا وحدنا يا أسماء .. أرض الشعر أرض الغرباء». [email protected] The post وداعاً جوزيف appeared first on صحيفة الرؤية. الرؤية الاقتصادية