فيما يستعد شباب من قطاع غزة، لإنجاز فيلم فلسطيني يحمل اسم «الوهم المتبدد»، يروي عملية أسر الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط، التي تعد حدثاً مهماً في تاريخ المقاومة الفلسطينية عندما أحرجت إسرائيل أمام العالم، وانتزعت ببراعة جندياً كان مثقاله أكثر من 1000 أسير فلسطيني. ويكشف الفيلم عن أسرار وخفايا خطف شاليط وصفقة وفاء الأحرار، التي لا يعلمها أحد، حيث كانت العملية تسير وفق تخطيط سري. كما يجسد الفيلم جميع الأحداث والمراحل التي أعقبت خطف شاليط على مدار سنوات عديدة، استنزفت خلالها طاقة الاحتلال وأفشلت جميع مخططاته للبحث عن الجندي المخطوف. وحضرت «الإمارات اليوم»، كواليس أحد مشاهد الفيلم، حيث بدأ طاقم العمل بتصوير مشاهده الأولى، التي تجسد كل ممارسات التعذيب والتي يمارسها الاحتلال بحق الأسرى، مروراً بتخطيط المقاومة لعملية الخطف والمراحل التي عقبتها، وصولاً إلى تحرير الأسرى. جيش مهزوم يجسّد الشاب محمد كريرة، دور الجندي الإسرائيلي شاليط في الفيلم الفلسطيني، حيث يبرع في إظهار الخوف الذي سيطر على شاليط أثناء اختطافه من قبل المقاومة. ويقول كريرة: «شاركت في الفيلم بدور شاليط حتى أظهر حجم الهزيمة الذي لحقت بإسرائيل، وأجسد مشهد المقاومة وهي تقتاده من دبابته، بينما يظهر وهو يتبول على نفسه من شدة الرعب الذي مر به». أما صالح السحلوب، أحد الممثلين في فيلم «الوهم المتبدد»، فيمثل دور أحد الضباط الإسرائيليين، وهو يجتمع بقيادات الجيش من أجل البحث عن شاليط في غزة. ويقول السحلوب: «إن المشهد الذي نصوره يتحدث عن قادة إسرائيليين استهتروا بالمقاومة الفلسطينية واعتبروها ضعيفة، ولكنها أثبتت جدارتها عندما اخترقت الحدود واقتحمت مواقع إسرائيلية محصنة». ويؤكد مخرج الفيلم السينمائي ماجد جندية، وجود مفاجآت كبيرة ستقدم للجمهور بعد الانتهاء من تصوير ومونتاج الفيلم، حيث سيكشف الفيلم اللثام عن بعض التفاصيل التي جرت في عملية «الوهم المتبدد». ويقول جندية ل«الإمارات اليوم»: «إن ما يكشف عنه الفيلم لم تعرضه الأفلام الوثائقية والتقارير الإخبارية السابقة، وحتى شاليط والمقاومة لم يتحدثوا عنها من قبل أمام العالم». ويوضح أن «الهدف من إنتاج الفيلم، هو إيجاد سينما فلسطينية مقاومة بعيداً عن أشكال التطبيع، أو السينما المموّلة من الجهات الغربية، التي تقدم تمويلاً مشروطاً مقابل صناعة أفلام لا تهاجم إسرائيل». وقال مخرج الفيلم متسائلاً: «لماذا لا توجد لدينا أعمال سينمائية تدعم المقاومة؟ هل هي محرمة علينا؟ ولماذا نمنع من المطالبة بحقوقنا في فلسطين ومقاومة الاحتلال حتى دحره عن أرضنا؟». وينقل الفيلم إلى العالم، بحسب جندية، واقع الأسرى الفلسطينيين داخل السجون الإسرائيلية، والكشف عن أساليب وممارسات التعذيب التي يمارسها الاحتلال بحقهم، لاسيما أن الدول العربية والأوروبية تدخلت وأجرت الوساطات، من أجل الإفراج عن شاليط، بينما لم تحرك ساكناً أمام ما يعاني منه الأسرى. ويقول مخرج الفيلم: «ما يميز الفيلم أنه يحاكي واقع عملية خطف شاليط، حيث يتحدث المشهد الأول عن مصطفى معمر أحد أفراد المقاومة، الذي اعتقل قبل تنفيذ عملية الوهم المتمدد ب36 ساعة، وهي ذاتها المدة الزمنية للفيلم». العمل الأول يعد فيلم «الوهم المتبدد» أول عمل سينمائي تنتجه شركة محلية في القطاع، فالوكالة الوطنية للإعلام بغزة وبإمكاناتها البسيطة، اتخذت على عاتقها إنجاز فيلم يحاكي الانتماء الوطني، ويكون الداعم الأساسي للسينما الفلسطينية، وإمدادها بأعمال محلية تعيدها إلى المشهدين العربي والعالمي. ويقول المدير العام للوكالة الوطنية للإعلام في غزة، مصطفى شحادة، ل«الإمارات اليوم»: «إن ما دفعنا لإنتاج الفيلم هو الانتماء الوطني الذي جمع السينما والمقاومة في طريق واحد، فعملية خطف شاليط التي أثبتت قوة الفصائل الفلسطينية وأحرجت إسرائيل أمام العالم، هي ذاتها التي ستعيد للسينما الفلسطينية مكانتها من جديد». ويضيف: «أقبلنا على إنتاج الفيلم من أجل الإرتقاء بالعمل السينمائي في فلسطين، خصوصاً في غزة، في ظل تغيب جميع الشركات الخاصة الإعلامية عن هذا الدور، الذي يعد دوراً مهماً في الدول العربية، ولكنه غائب لدينا». وتعمل الوكالة الوطنية، بحسب شحادة، بما يتوافر لديها من إمكانات وأدوات متواضعة، من أجل إنتاج عمل يليق بالسينما الفلسطينية، وذلك على الرغم من استمرار الحصار المفروض على القطاع، وعدم توافر معظم الإمكانات والمستلزمات، بفعل سيطرة إسرائيل عليها. أزمات وحصار وكهرباء أزمات الحصار التي أعقبت عملية أسر شاليط بعد عام 2006 هي ذاتها العقبة التي تعترض ممثلي ومنتجي فيلم «الوهم المتبدد» في غزة، إلا أنهم ينظرون إليها بنظرة التحدي، ويراوغون بإمكاناتهم البسيطة حتى تنتصر إرادتهم في إخراج عمل سينمائي يحمل الأفكار الوطنية، كما نجحت المقاومة في إخراج الأسرى من السجون. ويقول مخرج فيلم «الوهم المتبدد»: «إن أزمة انقطاع التيار الكهربائي في القطاع تؤرقنا بشدة، وتمنعنا من مواصلة العمل والتصوير لأيام متواصلة، كما تتسبب الأزمة بإعطاب وحرق كشافات الإضاءة، في ظل تكرار الانقطاع، فقد احترقت ثمانية كشافات على مدار 10 أيام من العمل والتصوير». ويضيف: «يصعب علينا شراء كشافات الإضاءة، وذلك لعدم وجودها في السوق المحلية، بينما نحتاج إلى استيرادها من الخارج عبر المعابر التي يسيطر عليها الاحتلال». الامارات اليوم